إلحاح ترامب على حلول سريعة يصطدم بالوقائع الديبلوماسية
تاريخ النشر: 23rd, March 2025 GMT
في النزاعات الدولية، يكون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في عجلة من أمره. وحتى قبل أتسلم ولايته الثانية، ادعى فضله في "وقف النار الملحمي" في غزة. وسارع إلى الحصول على موافقة أوكرانيا وروسيا على هدنة، وبالنسبة لإيران، يريد ترامب اتفاقاً في غضون شهرين، لمنع طهران من تطوير سلاح نووي.
ترامب غير مهتم بحلول على المدى البعيد، وإنما بالمنافع السياسية
وكتب مايكل شير في "نيويورك تايمز" الأمريكية، أن النسخة التي يتبعها ترامب في السياسة الخارجية مستمدة من اصطلاح "إغراق المنطقة" الذي استخدمه في واشنطن، حيث لجأ هو ومساعدوه إلى تكتيكاتٍ شبيهةٍ بالحرب الخاطفة لتفكيك البيروقراطية، وترسيخ السلطة التنفيذية، ومهاجمة خصومه السياسيين.
لكن نفاد صبره الدبلوماسي يصطدم الآن بتعقيدات الحرب والسلام، ما يثير تساؤلات عن ديمومة ما حققه حتى الآن. فقد انهار وقف النار بين غزة وإسرائيل، ورفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اقتراحه وقف نار فوري لمدة 30 يوماً. ويبدو أن الاتفاق النووي الإيراني، الذي يشبه الاتفاق الذي انسحب منه في ولايته الأولى، لا يزال بعيد المنال رغم سعيه للتوصل إلى اتفاق سريع.
وقال المفاوض السابق في شؤون الشرق الأوسط والزميل الباحث في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي آرون ديفيد ميلر : "أسلوب ترامب هو أن يكون دائماً في عجلة من أمره، يبحث عن الصفقة، عن الأمر المؤقت، عن اللحظة الراهنة".
Trump’s Attempts to Resolve Global Conflicts Quickly Face Diplomatic Reality https://t.co/VURFqoNOxh
— Tarık Oğuzlu (@TarikOguzlu) March 23, 2025
وأضاف "السياسة الأمريكية في أوكرانيا وغزة وإيران، لا تقاس بعمر الإدارات الأمريكية. وإنما بالأجيال". وأوضح أن التسرع في إيجاد حلول ينطوي على مخاطر "لأن من شأن الإلحاح في الوصول إلى نتائج، أن يتسبب في سوء تشخيص المشكلة". ويرفض حلفاء الرئيس هذا التقييم. ويقولون إن أسلوبه يعتمد على توليد زخم لتبديد ما يصفونه بـ"النظام الدولي المستند إلى قواعد" سيطرت على السياسة الخارجية لعقود. وفضلاً عن إيران وإسرائيل وأوكرانيا، لاحظ حلفاء الرئيس أن ترامب صدم العالم بتهديداته باستخدام القوة للسيطرة على غرينلاند، وقناة بنما.
وحسب ستيفن بانون، أحد واضعي الاستراتيجيات في إدارة ترامب السابقة "من الناحية الجيوسياسية، فإن الأمر يتعلق كله بالغاز، ولا توجد كوابح". وأضاف أن الرئيس يبعث بمساعدين-في ما يصفه "بقوات الصدم" ليواجه بسرعة النزاعات العالمية بالطريقة ذاتها التي نشر بها إيلون ماسك ووزارته للكفاءات الحكومية داخل الحكومة الفيديرالية.
ورأى أن "ما يفعله جيوسياسياً وجيواقتصادياً، تجاوز كثيراً ما يفعله محلياً.وإذا نظرت إلى المشهد برمته، فإن هذه الطريقة سيكون لها تأثير كبير على كل شيء".
لقد كان اندفاع الرئيس للحصول على زخم، في صلب مقاربته لنزاعين هما الأكثر حدة في الزمن الحديث، القتال الذي امتد سنة بين حماس وإسرائيل في غزة، والحرب التي مضىت عليها ثلاثة أعوام والتي بدأت عندما غزت روسيا أوكرانيا.
وفي الحالتين، يكرر ترامب لوم الرئيس السابق جو بايدن على إخفاقه في منعهما، ومن ثم يتحرك بسرعة لاتخاذ القرار، لحل النزاعين. وفي خطابه أمام الجلسة المشتركة للكونغرس في وقت سابق من الشهر الجاري، قال: "إن كثيراً من الأمور تحدث في الشرق الأوسط". وعن النزاع الأوكراني، أعلن نفاد صبره قائلاً: "حان الوقت لوقف هذا الجنون. وحان الوقت لوقف القتل. وحان الوقت لوقف حرب لا معنى لها".
واستناداً إلى كليفورد د. ماي الذي أسس مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات، فإن ترامب يريد تخطي الأزمات العالمية ليتمكن من التركيز على قضايا أخرى. لكنه قال إن مساعي الرئيس لإيجاد حل في أوكرانيا "واجهت عقبة كبيرة" تمثلت في بوتين. ففي مكالمة هاتفية الثلاثاء، عرقل الزعيم الروسي رغبة ترامب في التوصل إلى اتفاق سريع لوقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا، ووافق فقط على وقف الهجمات على البنى التحتية للطاقة.
Trump’s Attempts to Resolve Global Conflicts Quickly Face Diplomatic Reality https://t.co/xlktPJwzF3
— David (@mawby) March 22, 2025وفي إسرائيل، استخدم ترامب منصته للتواصل الاجتماعي للدفع نحو هدنة سريعة قبل أيام من توليه منصبه. وحتى مع استئناف الهجمات الإسرائيلية على غزة هذا الأسبوع، أشاد الرئيس بجهوده في صنع السلام، إلى درجة قوله للصحافيين إنه يستحق جائزة نوبل للسلام تقديراً لعمله. وما لبث أن استدرك قائلاً: "لن يمنحوني إياها".
ورفض بانون فكرة أن انهيار وقف النار في غزة دليل على أن رغبة الرئيس في حل سريع في المنطقة، هي التي أدت إلى استئناف القتال. وقال إن دعم ترامب لإسرائيل، وإدانته القاطعة لحماس في غزة، منح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، مزيداً من الحرية في إدارة الحرب.
أما الأستاذ الفخري لدراسات الحرب في كينغز كوليدج بلندن لورانس فريدمان، فيرى أن المشكلة تكمن في أن استعجال ترامب يقلل العمل التفصيلي والمضني في كثير من الأحيان، المطلوب عادة للتوصل إلى حل طويل الأمد للحروب.
وبدوره، لفت ميلر إلى أن ترامب غير مهتم بحلول على المدى البعيد، وإنما بالمنافع السياسية التي يجنيها على المدى القصير، بإعلان انجازات ديبلوماسية.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل يوم زايد للعمل الإنساني غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية ترامب فی غزة
إقرأ أيضاً:
بعد قرار البرلماني الإيراني إغلاق مضيق هرمز.. باحث أمريكي: طهران تحارب ترامب باللغة التي يفهمها
على عكس ما كان متوقعا، هاجمت واشنطن المواقع النووية في طهران، الشرق الأوسط بات على شفا حفرة من النار، أو بالأحرى هو ساكن النيران الحالي، كل التوقعات ضربت عرض الحائط، وأمسى توقع قدوم الحرب العالمية يتصاعد يوما بعد يوم، كل السيناريوهات صارت متاحة، وهاهي إيران تعلن اليوم، عن موافقة برلمانها بغلق مضيق هرمز، فهل ستكون هذه ورقة نصر تراهن بها إيران، أم أن حلم النصر الإيراني تغازله المنايا؟
في هذه السياق، أكد الدكتور مايكل مورجان، الإعلامي الأمريكي والباحث السياسي في مركز لندن للبحوث السياسية والاستراتيجية، في تصريحات خاصة لـ «الأسبوع»، أنه لو تم إغلاق مضيق هرمز فستكون هذه ضربة قوية للتجارة العالمية بشكل كبير جدا، لافتا إلى أن هذا تصعيد اقتصادي كبير ضد الولايات المتحدة الأمريكية، مع العلم بأن هذه هي اللغة التي يفهمها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب.
وأشار «مورجان» إلى أنه لا بد من دراسة هذا التصعيد الخطير، قبل تنفيذ إيران لهذا القرار، فهذا ليس إعلان حرب اقتصادية كبيرة على الولايات المتحدة فقط، وإنما هو إعلان حرب تجارية على العالم كله.
وأضاف الباحث: «أعتقد إن إيران من الممكن أن تخسر أي تعاطف دولي معها، خصوصا من قبل الدول التي سوف تعاني من إغلاق هذا المضيق»، لافتا إلى أن إغلاق المضيق سيؤثر بشكل سلبي على الاقتصادي العالمي، وإن استمر هذا الإغلاق سيتسبب في تضخم هائل وغلاء أسعار رهيب، ومن الممكن أن يؤدي لإفلاس الكثير من الشركات، وليس بالقليل أن نقول أن هذا سيتسبب في أزمة اقتصادية لم يشهدها العالم من قبل.
وحول الرد الإيراني على الهجمات الأمريكية، ذكر مورجان أن الهجمات الإيرانية المكثفة والقوية على الداخل الإسرائيلي في الوقت الحالي، تعد الرد الأولي لإيران، والخيار الأفضل المتاح لها حاليا.
مواجهة إسرائيل وإيرانالهجوم الأمريكي على إيران
وصباح اليوم الأحد، استهدفت الولايات المتحدة الأمريكية، المفاعلات النووية الثلاثة الكبار في أصفهان، مفاعل «نطنز و«أصفهان»، ومركز التخصيب النووي في «فوردو»،
وكتب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بعد تنفيذ الهجوم بدقائق، على منصة «تروث سوشيال»، أن الطائرات الحربية الأميركية نفّذت هجوما ناجحا للغاية على منشآت إيران النووية الثلاثة فوردو ونطنز وأصفهان.
وأضاف أن الطائرات الحربية باتت خارج المجال الجوي الإيراني، وأنها آمنة في طريق العودة بعد أن ألقت حمولة كبيرة من القنابل على فوردو.
وأشار إلى أنه لا يوجد قوة عسكرية بالعالم تستطيع فعل ما قامت به القوات الأميركية، معلناً أنه: "حان وقت السلام".
وفي مؤتمر صحفي اليوم، قال ترامب إن بلاده حرمت إيران من القنبلة النووية، مضيفا: «أنها حققنا أمس نجاحا عسكريا باهرا في إيران»، مشيرا إلى أن «إيران قتلت وأضرت بآلاف الأمريكيين واستولت على سفارتنا بطهران في عهد إدارة الرئيس كارتر».
بداية الهجمات الإسرائيلية على طهران
وشنت إسرائيل هجمات واسعة النطاق في 13 يونيو 2025، استهدفت فيها المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية، واستخدمت الطائرات الحربية والطائرات المسيرة، وأسفرت وقتها عن مقتل عدد من كبار القادة والعلماء الإيرانيين، لترد إيران في نفس الليلة، وتطلق وابلا من الصواريخ والطائرات المسيرة على الأراضي الإسرائيلية، وخلال الأيام الماضية استهدفت مواقع في حيفا وتل أبيب ومناطق سكنية.
الحوثي يدخل خط المواجهة
وتطور الوضع في 15 من يونيو، حيث دخلت جماعة أنصار الله الحوثي في اليمن على خط النار، ونفذت هجمات صاروخية باليستية «بما في ذلك صواريخ فرط صوتية» على أهداف إسرائيلية في مدينة يافا ووسط إسرائيل، لتتسع بذلك رقعة الصراع، وفقا لوسائل عالمية.
استهداف أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية
وهاجمت إيران أجهزة الاستخبارات التابعة للاحتلال الإسرائيلي «المخابرات العسكرية والموساد»، في يوم الثلاثاء الموافق 17 يونيو 2025.
وذكرت وكالة «تسنيم» الإيرانية، بأن مصادر دفاعية إيرانية أكدت مقتل عدد كبير من الضباط والقادة الكبار في هذه الأجهزة.
تفصيلا، نفذت قوات الجو - فضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني هجوما صاروخيا على مراكز أمنية واستخباراتية في شمال تل أبيب باستخدام صاروخ متطوّر جديد، استهدفت خلال هذا الهجوم مركزين استخباريين رئيسيين هما، «أمان» «الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية» و«الموساد» «جهاز العمليات والتجسس الخارجي».
استهداف مبنى Gav-Yam 4
واستهدفت إيران أمس الجمعة، مبنى Gav-Yam 4، وهو مركز تقني ضخم يقدّم خدمات تجسس وذكاء اصطناعي لصالح الجيش الإسرائيلي، ويعمل فيه موظفون تابعون لشركات عالمية مثل مايكروسوفت وIBM، وضباط تقنيون تابعون لوحدات الحرب الإلكترونية في الجيش الإسرائيلي، وفي هذا المبنى يتم تدريب عناصر الاستخبارات الإسرائيلية على استخدام الطيارات المسيرة، وبه مكاتب مرتبطة بأعمال التجسس التابعة لوحدات الجيش والأمن الداخلي الإسرائيلي.
وفي نفس المنطقة التي يتواجد فيها المبنى، والتي استهدفتها إيران بصاروخ يحمل حوالي 300 كيلو متفجرات، هناك أيضا مجمع استخبارات عسكري ضخم تابع للجيش الإسرائيلي، يضم وحدة «أوفك» التكنولوجية التابعة لسلاح الجو، ومراكز تكنولوجيا سيبرانية أخرى، وقيادة منطقة الجنوب العسكرية بالكامل.
إيران تتسبب في دمار هائل بإسرائيل
وأمس السبت شنت إسرائيل غارات جوية انتقامية مركزة على العمق الإيراني، استهدفت مدن: «أصفهان- شيراز - قم - سمنان»، وتسببت في دمار هائل في هذه الأماكن.
وفي التفاصيل، شنت حوالي 15 طائرة إسرائيلية هجوما قويا على نفق ضخم يقع غرب إيران كان يتم فيه تخزين صواريخ، وهناك 50 طائرة أخرى قصفت أصفهان واستهدفت المباني المدنية ومواقع الدفاع الجوي والمنشآت النووية، وفقا لـ وكالة Associated Press وReuters.
فقدت إيران في هذه الضربات حوالي 44 منصة صواريخ، ومنذ بداية الحرب إلى الآن سقط أكثر من 639 شهيد مدني، منهم العالم النووي الإيراني، إيثار طبطبائي، الذي اغتالته إسرائيل وزوجته بطائرة مسيرة أثناء الغارات، وفقا لـ وكالة مهر الإيرانية.
وردت إيران على هذا الاعتداء بقوة، وأطلقت رشقة صاروخية جديدة استهدفت خلالها تل أبيب وهولون ومناطق أخرى، وتأتي هذه الإصابات نتيجة استنزاف ذخيرة الدفاع الجوي للاحتلال.
وحتى هذه اللحظة لازالت الهجمات مستمرة من كلا الجانبين.
اقرأ أيضاًلماذا تنقل أمريكا مقاتلاتها وحاملات الطائرات إلى الشرق الأوسط؟ باحث أمريكي يجيب «الأسبوع»
باحث أمريكي يكشف لـ «الأسبوع» مصير المفاوضات القادمة بعد استئناف العملية البرية الإسرائيلية في غزة
«باحث أمريكي»: الإعلام الإسرائيلي يهدف إلى شق الصف العربي بترويج قبول دول استقبال الفلسطينيين