23 مارس، 2025

بغداد/المسلة: تتصدر القنوات التلفزيونية العراقية المشهد الإعلامي خلال شهر رمضان ببرامج تضم مقابلات مع “البلوكرات” وشخصيات مواقع التواصل الاجتماعي المعروفة بـ”الفاشنستات”، حيث تسلط هذه اللقاءات الضوء على أنماط حياة مليئة بالمظاهر الاستهلاكية والتفاصيل الشخصية.

ويثير هذا التوجه نقاشاً حاداً حول دوره في تعزيز ثقافة المظهر على حساب القيم العلمية والعملية في المجتمع العراقي.

يبرز المحتوى الحواري لهذه البرامج تركيزاً واضحاً على تفاصيل تتعلق بالأزياء، السيارات الفارهة، وحتى العلاقات الخاصة، بعيداً عن أي مضمون فكري أو علمي يمكن أن يقدم قيمة مضافة.

ويظهر ذلك بوضوح في استعراض “البلوكرات” لمستويات معيشية فاخرة، تتضمن الحديث عن مئات الآلاف من الدولارات، مما يرسم صورة تبدو بعيدة كل البعد عن واقع الطبقة العاملة أو الطالبات اللواتي يسعين لتحقيق ذواتهن عبر التعليم والعمل الجاد.

يحذر الناشط الرقمي علاء الكعبي من أن هذا النوع من المقابلات يمثل “خطأً كبيراً” قد يؤدي إلى انهيار الخطاب الإعلامي الرصين.

ويرى الكعبي، في تصريحات أن الترويج لهذه الشخصيات يحفز الفتيات على محاكاة تجاربهن بدافع الثراء السريع، مما يعزز من انتشار المحتوى الهابط ويضعف مكانة النماذج الإيجابية كالعالمات والمدرسات.
تتجلى تداعيات هذا التوجه في رسائل محبطة تصل إلى الشابات المتفوقات أكاديمياً، حيث يواجهن تساؤلات عميقة حول جدوى الجهد الدراسي في ظل تفوق مادي واضح لشخصيات تعتمد على المظهر والشهرة الرقمية.

وتكشف هذه الفجوة عن أزمة قيمية تحتاج إلى معالجة فورية، خاصة في ظل غياب معايير واضحة لاختيار الضيوف وصياغة المحتوى الإعلامي.

يدعو الكعبي الجهات الرقابية، وعلى رأسها هيئة الإعلام والاتصالات، إلى التدخل العاجل عبر إصدار تعليمات صارمة تمنع عرض مثل هذه المقابلات. ويؤكد أن استمرار هذا النمط قد يفاقم مشكلة تدني المحتوى الإعلامي، مشيراً إلى ضرورة حماية الجيل الجديد من الانجراف وراء نماذج تعتمد على الاستهلاك بدلاً من الإنتاج الفكري أو المهني.

تتزامن هذه الدعوة مع منشورات حديثة على منصة “إكس” تعكس استياءً شعبياً من هذا التوجه. وتشير تغريدة لـ”@alforatnews18 إلى أن الخبير الكعبي يرى في هذه المقابلات تهديداً مباشراً للفتيات، محذراً من تحفيزهن على السعي نحو الشهرة السطحية. وتدعم هذه الرؤية آراء ناشطين آخرين يطالبون بإعادة تقييم السياسات الإعلامية في العراق.

وتظهر إحصائيات حديثة، وفقاً لتقارير غير رسمية نشرت في 2024، أن نسبة المشاهدات للمحتوى الاستهلاكي على منصات التواصل في العراق ارتفعت بنسبة 35% خلال الأعوام الأخيرة، مما يعكس تحولاً في اهتمامات الجمهور قد تستغله القنوات التلفزيونية لجذب المزيد من المشاهدين خلال رمضان. لكن هذا الارتفاع يثير قلق الخبراء حول تأثيره على المدى الطويل.

وتقترح الرؤية التحليلية ضرورة إعادة توجيه البوصلة الإعلامية نحو برامج تعزز الإبداع والعلم، مع التركيز على شخصيات ملهمة كالعالمات والمبدعات بدلاً من الترويج لنماذج تعتمد على الظهور الخارجي. ويبقى السؤال: هل ستستجيب الجهات الرقابية لدعوات الإصلاح أم أن السباق نحو الربحية سيظل هو المحرك الأساسي؟
 

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

المصدر: المسلة

إقرأ أيضاً:

لماذا ينتشر المحتوى التحريضي بشكل أكبر من التوعوي؟.. ياسر شورى يجيب (فيديو)

رد الكاتب الصحفي ياسر شورى، رئيس تحرير بوابة الوفد الإلكترونية،  على سؤال الإعلامي محمد موسى: “لماذا ينتشر المحتوى التحريضي بشكل أكبر من التوعوي؟”، قائلا: "المحتوى التحريضي يلعب على غرائز الناس واحتياجاتها لأن الإنسان دائما لديه احتياجات أكثر طوال الوقت

ياسر شورى: الوعي السياسي لدى الشباب على “السوشيال ميديا” معدوم (فيديو) ياسر شوري: غياب الوعي السياسي يجعلنا على "فوهة بركان" وحماية الوطن مسئولية الجميع المحتوى التحريضي يثير شحنات الغضب لدى الأشخاص

وأضاف ياسر شورى خلال مشاركته في برنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم،  أن المحتوى التحريضي يثير شحنات الغضب لدى الأشخاص ثم يقوده لأعمال العنف والتخريب أو الوصول لتخريب عقله وتحويله لإنسان ناقم طوال الوقت ليصبح خطر على نفسه وعلى المجتمع"

وتابع: "حتى إذا لم يقم هذا الشخص بأعمال عنف وتخريب فإن المستهدف الوصول لتخريب عقله وجعله قنبلة موقوته داخل المجتمع:

أكد الكاتب الصحفي ياسر شورى، رئيس تحرير بوابة الوفد الإلكترونية، أن ضعف الوعي السياسي يمثل أحد الأسباب الرئيسية لانتشار الشائعات والانجرار وراء الدعوات التحريضية، مشددًا على أن امتلاك المواطن لحصانة فكرية ومعرفة سياسية كافية يجعله بمنأى عن الوقوع في فخ الأكاذيب، مهما بدت مثيرة أو واقعية.


وأشار شوري خلال مشاركته في برنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة "الحدث اليوم"، إلى مثال لفيديو مفبرك بتقنية الذكاء الاصطناعي حول "ابتلاع حوت لمدربه"، الذي أثار تفاعلًا واسعًا رغم أنه محض خيال من العالم الافتراضي، موضحًا أن امتلاك ثقافة سياسية وإدراك حقيقي للأحداث كفيل بتمييز الحقيقة عن الوهم.


وأضاف أن الشعب المصري بطبيعته شعب "مسيس" منذ فجر التاريخ، وضرب مثالًا بالمزارع المصري الذي يمتلك وعيًا سياسيًا يفوق أحيانًا كبار الساسة في المنطقة، مستشهدًا بقصة "الفلاح الفصيح" وموروثات الحضارة الفرعونية التي كانت تحض على الحفاظ على الموارد، مثل المقولة التاريخية: "لا تبصق في النهر فقد تشرب منه أمك".

ولفت إلى المفارقة بين وعي الأجداد وسلوكيات بعض الأجيال الحالية، التي رغم الإرث التاريخي القوي، صارت أكثر عرضة للتأثر بالدعوات الهدامة والشائعات، مؤكدًا أن غياب الوعي السياسي يجعل أي مجتمع فريسة سهلة للتحريض، حتى يصل الأمر إلى الإيمان بقضايا باطلة والعمل ضد مصلحة الوطن دون إدراك.

وشدد على أن المرحلة الراهنة التي تمر بها المنطقة العربية، وفي القلب منها مصر، مرحلة مفصلية شديدة الخطورة، حيث يقف الوطن العربي كله على "فوهة بركان"، مستهدفًا من الداخل والخارج، مشيرًا إلى أن أي تهديد لدولة عربية، سواء كانت في الخليج أو في مصر، هو تهديد للأمة العربية كلها.

وطالب شوري المواطنين بضرورة إدراك خطورة اللحظة، والتعامل معها بوعي، من خلال متابعة الأخبار من مصادر موثوقة ووسائل إعلام تحظى بالمصداقية، وعدم الانسياق وراء المعلومات المجهولة المصدر. 
وأوضح أن الأمر لا يتطلب التعمق في قراءة كتب السياسة، وإنما يكفي اختيار الوسائل الإعلامية الموثوقة التي تقدم المعلومات الصحيحة، بعد التأكد من نزاهتها ومصداقيتها.

ونوه إلى أن ضعف الوعي السياسي لدى بعض فئات المجتمع يعد من أهم أسباب تصديق الشائعات والانجرار وراء الدعوات التحريضية، مشيرًا إلى أن الوعي السياسي يمثل "حصانة فكرية" تحمي الأفراد من الوقوع في فخ الأكاذيب.

وأوضح أن واقعة انتشار فيديو مفبرك صُنع بتقنيات الذكاء الاصطناعي يظهر فيه " هجوم حوت قاتل من نوع "الأوركا" على مدربة بحرية تُدعى جيسيكا رادكليف"، تعكس حجم التحديات التي تواجه المجتمع في عصر المعلومات المضللة، حيث تفاعل معه كثيرون رغم كونه مشهدًا افتراضيًا بالكامل.

وأضاف أن الشعب المصري بطبيعته "شعب مسيّس" منذ فجر التاريخ، إلا أن تراجع الوعي في بعض المراحل يجعل المجتمع أكثر عرضة للتأثر بالشائعات، مؤكدًا أن غياب الإدراك السياسي يجعل الأفراد فريسة سهلة للتوجيه نحو أهداف تخريبية دون وعي منهم.

وشدد شوري على ضرورة إدراك خطورة المرحلة الراهنة، ليس فقط في مصر بل في المنطقة العربية بأكملها، التي وصفها بأنها "على فوهة بركان" وتواجه تهديدات مشتركة، لافتًا إلى أن أي تهديد لدولة عربية هو تهديد لبقية الدول.

واختتم رئيس تحرير الوفد حديثه بالتأكيد على أهمية تلقي المعلومات من وسائل إعلام موثوقة، داعيًا المواطنين إلى تحري الدقة ومتابعة المصادر الجديرة بالثقة، لتفادي الوقوع ضحية للأخبار الزائفة والمحتوى المفبرك الذي قد يضر بمصالح الوطن.

مقالات مشابهة

  • جوجل توسع ميزة تحذيرات المحتوى الحساس في تطبيق الرسائل على أندرويد
  • تيك توك يستعد لتحديث إرشادات المجتمع مع تركيز أكبر على التخصيص.. تفاصيل
  • صدى الإلكترونية… الأولى في المملكة والوطن العربي في تقديم المحتوى الإعلامي بالذكاء الاصطناعي
  • “الإعلامي الحكومي”: 136 شاحنة مساعدات دخلت غزة خلال يومين وتعرضت للنهب
  • ضبط 29 كجم “كوكايين” مخبأة في إرسالية لحوم مجمدة بميناء جدة الإسلامي
  • “زاتكا”: احباط تهريب 28 كجم من مادة الكوكايين المخدر في ميناء جدة
  • تجديد حبس البلوغر “مونلي” وصديقته الأردنية سوزي في قضايا المحتوى الرقمي
  • لماذا ينتشر المحتوى التحريضي بشكل أكبر من التوعوي؟.. ياسر شورى يجيب (فيديو)
  • إيران تدين ادعاءات نتنياهو بشأن “إسرائيل الكبرى” وتطالب بتحرك دولي
  • ماسك يتهم “آبل” بتفضيل “أوبن إيه آي”