حيدر بن عبدالرضا اللواتي

haiderdawood@hotmail.com

 

اختُتمت الأمسيات الرمضانية لغرفة تجارة وصناعة عُمان، قبل أيام، بطرح موضوع اقتصادي مُهم وحيوي يمس الاقتصاد العُماني من مُختلف جوانبه، ناهيك عن أهميته الكبيرة للقوى العاملة والكوادر البشرية وأصحاب المؤسسات الصغيرة ورواد الأعمال بصورة عامة؛ إذ شهدت الأمسية الأخيرة تسليط الضوء على موضوع المحتوى المحلي من مسؤولي بعض أجهزة الدراسات التنموية الاقتصادية وهيئة المؤسسات الصغيرة ومجلس المناقصات وكيفية استفادة المؤسسات والأفراد ورواد الأعمال من الفرص المتاحة في القطاعات الاقتصادية والمناقصات التي يتم طرحها من قبل المؤسسات الحكومية في مختلف المشاريع وعلاقتها بالمناقصات السنوية.

والمحتوى المحلي في الاقتصاد العُماني يهدف إلى زيادة نسبة المكونات المحلية، وتعزيز مشاركة الشركات العُمانية الصغيرة والمتوسطة في مختلف القطاعات، وتحفيزها في عمليات الإنتاج والتصنيع والحصول على المناقصات التي تطرح بين الفينة والأخرى. وبدأ تطبيق سياسة المحتوى المحلي في عُمان منذ عدة سنوات مضت، وبالتحديد في عام 2012 في القطاع النفطي والغاز، وتطورت العلمية تدريجيًا، إلّا أنها تسارعت منذ عام 2022 في عدة قطاعات اقتصادية أخرى. وقد تم إدراجها كجزء من الاستراتيجيات التنموية للدولة، وخاصة لتحقيق المزيد من التنمية في الاقتصاد العُماني في إطار رؤية "عُمان 2040".

وتستهدف سياسة المحتوى المحلي في البلاد الاستفادة من قطاعات النفط والغاز؛ حيث يعتبر ذلك من أولويات المحتوى المحلي؛ إذ أُعطيت الأولوية لهذه القطاعات في البداية بسبب مساهمتها الكبيرة في الناتج المحلي الاجمالي، إضافة إلى أهميتها في الاستثمارات والمستخرجات.

وتهدف السياسة الحالية والمقبلة التوجه إلى القطاعات الأخرى، حيث تجرى الدراسات بهذا الشأن من أجل تحقيق التكاملية بين مشاريع القطاعين العام والخاص للاستفادة من الفرص المتاحة في تلك القطاعات، وتنفيذها على أرص الواقع. كما يتم الترويج لهذه القطاعات مع المستثمرين والأخذ بآرائهم من أجل طرح المناقصات للمؤسسات الراغبة. وفي حال عدم وجود قدرات لدى المؤسسات العُمانية في الحصول على تلك المناقصات فانه يتم الاستعانة بخبرات لمؤسسات خارجية أجنبية مماثلة، وبناء شراكات مع مؤسسات وطنية في تنفيذ المشاريع المطلوبة. كما يتم تأهيل المؤسسات الصغيرة للقيام بتنفيذ تلك المشاريع في حال عدم استيفائها للمعايير المطلوبة؛ حيث يتم تطوير أعمال الموردين المحليين للدخول في هذه المشاريع. وهذا يؤدي إلى تعزيز المحتوى المحلي للمؤسسات الصغيرة غير المؤهلة والتكامل فيما بينها للدخول في المشاريع والحصول على المناقصات؛ الأمر الذي يؤدي إلى الاستمرارية والاستدامة في مشاريع ومناقصات العقود وفي المشتريات، بحيث تتمكن هذه المؤسسات الصغيرة للحصول على المناقصات في حدود 25 ألف ريال عُماني.

وتعمل الجهات المعنية على تحقيق نسب أكبر في المحتوى المحلي للقطاعات الاقتصادية المتاحة لدى تلك المؤسسات خلال الفترة المقبلة. ومنذ ثلاث سنوات مضت شهدت هذه العملية تحركاً جيداً في المحتوى المحلي؛ الأمر الذي يتطلب التركيز على القطاعات التي يمكن الاستفادة منها، والتركيز على المؤسسات التي يديرها المواطنون بدلًا من أن تتوجه هذه المناقصات إلى المؤسسات التي يُديرها الوافدون. ولا شك أن وجود المكتب الوطني للمحتوى المحلي يساعد على تعزيز التكاملية والعمل والمتابعة والاتصالات مع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتطوير قدراتها لتحقيق الأعمال التي تهم عدة قطاعات كالأمن الغذائي والصحي والطبي وتوفير الأدوية، واحتياجات التعليم والتدريب، إضافة إلى تعزيز القدرات والشراكات مع القطاع النفطي والغاز وغيره كقطاع الطاقة ومشاريع الطاقة المتجددة. وتعمل الجهات المعنية على توفير منصة خاصة للعُمانيين لتحقيق المزيد من المنافع لمشاريعهم، إضافة إلى إصدار شهادة جديدة للمحتوى المحلي لإعطاء فرص لمؤسساتهم في الحصول على المناقصات.

ويرى الكثيرون أن هناك فرصًا عديدة يمكن أن تستفيد منها المؤسسات العُمانية في تأسيس مشاريع طبية وصحية بجانب مشاريع الادوية والمختبرات وتصنيع السيارات الطبية والأَسِرِّة لتلبية احتياجات المستشفيات والمراكز الصحية؛ الأمر الذي يتطلب تسهيل الإجراءات والتقليل من البيروقراطية وإعطاء المجال للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وعدم ضياع وقتها بين تلك الاجراءات، إضافة إلى تعزيز ثقافة القيمة المضافة المحلية، والاستفادة من الفرص التي يمكن تحقيقها عل أرض الواقع، خاصة في حال الأزمات التي تتعرض لها الدول كمثل تلك التي شهدها العالم في أزمة "كوفيد-19"، وما يجرى حاليًا من المقاطعة الاقتصادية للشركات الأجنبية التي تدعم الاقتصاد الصهيوني بسبب الاعتداءات المتكررة على الأراضي الفلسطينية.

إنَّ الجهود المبذولة في مجال المحتوى المحلي تتحقق بسبب مبدأ التكاملية وعمل مشاريع محلية في المنتجات التي يحتاج إليها المجتمع العُماني، إضافة إلى تعزيز عمليات التصدير إلى الخارج. وفي هذا الشأن، من المهم جدًا أن تتوافر البيانات اللازمة لتتمكن الجهات المعنية من تجويد التشريعات التي تهم المحتوى المحلي والاقتصاد العُماني بصورة عامة، ووضع الضوابط للمحتوى المحلي للشركات الصغيرة والمتوسطة في البلاد.

 

إنَّ غرفة تجارة وصناعة عُمان والقطاع الخاص عمومًا، يعملان على زيادة نسبة التعاقدات مع شركات محلية ووضع إطار للاستفادة من قطاع البناء والتشييد، بحيث يشمل ذلك تضمين المواد والخدمات المحلية في المشاريع الكبيرة، وكذلك تعزيز المحتوى المحلي للصناعات التحويلية، ودعم الصناعات المحلية لتوسيع قاعدة الإنتاج والخدمات، واعطاء دور أكبر لتعزيز تقديم العطاءات للشركات المحلية العاملة في هذه في المجالات. وهذه الأعمال ستعمل على تعزيز المساهمة في خلق وظائف جديدة للباحثين عن الاعمال، وتحقيق مزيد من التنمية الاقتصادية المستدامة للاقتصاد العُماني، إضافة الى زيادة القدرة التنافسية للقطاع الخاص؛ سواءً على المستوى المحلي أو الإقليمي؛ الأمر الذي يتطلب تعزيز الثقافة والتوعية بكل ما هو مرتبط بمفهوم المحتوى المحلي من قِبل أصحاب المؤسسات العُمانية الصغيرة والمتوسطة.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

انقطاع أرباحهم المالية وحجب يمن نت إعلانات جوجل يثيران غضب صناع المحتوى في اليمن

"قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق".. بهذه العبارة لخّص صناع المحتوى اليمنيين مشكلة انقطاع أرباحهم المالية بعد توقيف بعض البنوك الأمريكية التعامل مع البنوك اليمنية، على خلفية العقوبات المفروضة على جماعة الحوثي، إلى جانب إيقاف شركة يمن نت الخاضعة لسيطرة الحوثيين إعلانات جوجل.

 

وأقدمت شركة "يمن نت" المزود الرئيسي لخدمة الانترنت في اليمن الخاضعة لسيطرة جماعة الحوثي على حجب إعلانات جوجل ويوتيوب، التي يعتمد عليها آلاف اليمنيين كمصدر دخل في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية.

 

وأثارت تلك الإجراءات موجة غضب واسعة في أوساط صناع المحتوى اليمنيين خصوصًا في المناطق التي تعاني من انهيار في البنية التحتية وتدهور كبير في الخدمات العامة، على منصات التواصل الاجتماعي ومنها "يوتيوب" كمصدر أساسي للدخل، من خلال نشر مقاطع فيديو تعليمية وهادفة وترفيهية، وتحقيق عائد مادي بسيط عبر الإعلانات المرفقة بتلك المقاطع.

 

كما يأتي اجراء "يمن نت" بعد قرارات سابقة بمنع أي إنتاج أو تصوير دون ترخيص من وزارة الإعلام التابعة للجماعة، ما يعزز المخاوف من توجه الجماعة نحو تسجيل صناع المحتوى وفرض رسوم أو نسب من أرباحهم.

 

 

وطالب العديد من صناع المحتوى عبر منصات التواصل الاجتماعي بإلغاء قرار "يمن نت" وإعادة النظر في القرار، محذرين من العواقب الوخيمة التي قد تترتب عليه، خصوصًا على الجوانب الاقتصادية والإبداعية.

 

وحذر ناشطون من أن استمرار الحجب قد يؤدي إلى فقدان مئات الشباب اليمنيين مصدر دخلهم الوحيد، في وقت تشهد فيه البلاد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية في تاريخها الحديث.

 

يُذكر أن جماعة الحوثي تواصل فرض مزيد من القيود والإتاوات على مختلف قطاعات النشاط الاقتصادي في اليمن، في إطار سياسة جباية ممنهجة أثقلت كاهل المواطنين.

 

حول ذلك قال اليوتيوبر اليمني الشهير، عبداللطيف الزيلعي شكا من توقف الأرباح المالية عبر البنوك اليمنية وقال "قطع الاعناق ولا قطع الأرزاق، يوتيوب ويمن نت قطعوا علينا استلام الأرباح".


 

 

وأضاف "آخر أمل كان بنك التضامن، قرح هذا الشهر، ومن داخل قطعوا علينا الإعلانات"، في إشارة إلى شركة يمن نت.

 

صانع المحتوى صدام العزي، كتب "قبل أسابيع البنوك الوسيطة في أمريكا بطلت تتعامل مع البنوك اليمنية بحجة الأوضاع السياسية في البلاد، وبسبب هذا الأجراء لم تصل أرباح الشهر السابق لصناع المحتوى، من أصحاب قنوات وتطبيقات ومواقع، والذي كانت هذه الارباح مصدر رزق لهم ولأطفالهم".

 

وأضاف "طبعا من المنطق أن المسؤولين والدولة ومن هم أولياء على الشعب والشعب بذمتهم، يفترض ان يتحركوا للتحاور مع شركة "يوتيوب" أو مع البنوك الوسيطة وحل هذه الإشكالية، ولكي لا ينقطع باب رزق تقتات منه مئات الأسر، وهذا طبعا من واجبهم الديني والوطني تجاه شعبهم ورعيتهم، وبدلا من أن يحدث هذا، قامت يمن نت بحظر إعلانات جوجل".

 

 

وتابع العزي "أصبح المواطن المسكين الذي قوته وقوت عياله من الإعلانات، وكأنه وسط كماشة وكل واحد يخنقه من جهة".

 

وأردف مخاطبا الحوثيين كونهم سلطة الأمر الواقع في صنعاء "صحيح رزقنا بيد الله، ووالله لا أحد يقدر يمنعه او يحجبه، ولكن الظلم نهايته وخيمة يا دولتنا".

 

وزاد "إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة".

 

أكرم الراسني، شارك مقطع فيديو للفنان اليمني الكوميدي محمد الأضرعي الذي يشرح فيه الوضه المعيشي لحال المواطنين في مناطق سيطرة الحوثيين بعد فرض الأخيرين جبايات وإتاوات وسط انقطاع الرواتب.

 

 

وقال الراسني "حال صناع المحتوى واليوتيوبرز في اليمن بعد حظر إعلانات جوجل من شركة "يمن نت".

 

احمد الجيشي قال إن "انخفاضا كبيرا في أرباح صناع المحتوى بنسبة تصل إلى 70 ٪؜ بسبب حظر اعلانات جوجل من قبل يمن زفت" حد قوله.

 

وقال "احتمال كبير نتوقف عن صناعة المحتوى لأنه لم يعد هناك فائدة، أصبحت الخسارة أكثر من الربح".

 

 

وختم الجيشي منشوره بالقول "أمركم إلى الله، والله يقطع أرزاقكم مثل ما قطعتوا أرزاق الكثير من الشباب الذين بيترزقوا من النت سواء عن طريق صناعة المحتوى أو المواقع الإلكترونية أو التطبيقات".

 

 

 


مقالات مشابهة

  • تقرير: يوتيوب أضاف 55 مليار دولار للناتج المحلي بأميركا خلال 2024
  • البراغي الصغيرة.. واحدة من عقبات كثيرة تعترض تصنيع آيفون في أمريكا
  • انقطاع أرباحهم المالية وحجب يمن نت إعلانات جوجل يثيران غضب صناع المحتوى في اليمن
  • ضبط مخالف لنقله 2.16 متر مكعب من الفحم المحلي في جازان
  • “غزة الصغيرة”.. مشروع التصفية الكبرى؟
  • بولبينة وخاسف يقودان المنتخب المحلي للفوز على رواندا
  • المنتخب الوطني المحلي يحقق فوزا معنويا أمام رواندا
  • هل تُحجب منصة إكس في فرنسا بسبب المحتوى الإباحي؟
  • مادلين: جدوى السفينة الصغيرة في مواجهة الاحتلال
  • «هيئة الإحصاء»: نمو الناتج المحلي 3.4% في الربع الأول 2025