توفيق الآنسي
لا غرابة أن يعود العدوّ الإسرائيلي ومعه الأمريكي إلى حرب الإبادة والحصار والتجويع والدمار في غزة وفلسطين، فهم لا عهد لهم ولا ميثاق، وقد أخبرنا القرآن بذلك في قوله تعالى: (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أكثرهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ).
ولا غرابة أن يتفنَّن العدوّ الإسرائيلي ومعه الأمريكي في حربه الشاملة على غزة وفلسطين، فقد شجعهم على ذلك تخاذل أهل الحق عن حقهم وسكوتهم عن مقدساتهم وحرماتهم.
ولا غرابة أن تتخاذل وتسكت وتتفرَّج الأنظمة العربية دون أن تحَرّك ساكنًا، فهم أشد كفرًا ونفاقًا، وقد أخبرنا القرآن بذلك في قوله تعالى: (الْأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلَّا يَعْلَمُوا حُدُودَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، فهم لا دين لهم ولا إنسانية فيهم.
ولا غرابة أن يقف ويصمد ويضحي اليمن في مساندته لغزة وفلسطين بكل ما يملك؛ لأَنَّهم أهل الإيمان والحكمة، فهم من قال عنهم رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-: “الإيمان يمانٍ، والحكمة يمانية”.
فلم تكن حرب الإبادة التي يشنها العدوّ الصهيوني على غزة وفلسطين هذه الأيّام إلا امتدادا لسلسلة الجرائم التي ارتكبها منذ اغتصاب الأرض المباركة، مدعومًا بآلة القتل الأمريكية التي لا تتوقف عن تزويده بالسلاح والحماية السياسية. فما يحدث اليوم من مجازر وحصار وتجويع ليس جديدًا، بل هو تكرار لحلقات سابقة من العدوان، ولكن هذه المرة بعنف أشد وإجرام أوضح، في ظل عالم أعمى وأصم عن آهات الضحايا وصرخات المستضعفين.
لكن كما كان للعدو عودته في الإجرام، فَــإنَّ للأحرار عودتهم في المقاومة، فمن غزة التي لم تنكسر إلى اليمن الصامد، تتجلى معادلة “وإن عدتم عدنا” في أوضح صورها.
فاليمن ثابت على العهد رغم الحصار والتآمر، ورغم العدوان الأمريكي المباشر الذي استهدفه عقابًا له على موقفه المشرف في مساندة إخوانه في غزة وفلسطين، فلم يتغير موقفه قيد أنملة. فصواريخ اليمن ومسيراته اليوم ليست إلا ترجمة حقيقية لموقف ثابت لم يتغير منذ أن بدأت المعركة مع المحتلّ الصهيوني.
فلطالما توهمت أمريكا والغرب أن سياسة التهديدات والعقوبات يمكن أن ترهب الأحرار، لكن اليمن أثبت العكس. فسواء جاءت التهديدات من واشنطن أَو تل أبيب، وسواء صرَّح بها السفاح نتنياهو أَو الطاغية ترامب، فَــإنَّها لا تزيد اليمنيين إلا يقينًا بأن موقفهم في الاتّجاه الصحيح.
فرغم عدوانهم على اليمن، فَــإنَّ الشعب اليمني يقولها بكل وضوح: “إن كان دعمنا لغزة وفلسطين يعني حربكم علينا، فمرحبًا بالحرب، ولن نتراجع عن موقفنا”.
إنه الموقف الذي ينطلق من الهُوية الإيمانية الصُّلبة، فمن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: “الإيمان يمانٍ، والحكمة يمانية”، لا يمكن أن يكونوا إلا في مقدمة الصفوف دفاعًا عن الأُمَّــة ومقدساتها.
فما يفعله اليمن اليوم من ضربات حيدرية يؤكّـد أن زمن العربدة الصهيونية قد انتهى، وأن “إسرائيل” لم تعد قادرة على التحَرّك بحرية كما في السابق.
فهي رسالة واضحة لكل الطغاة: إن كانت حربكم وحصاركم على غزة مُستمرّة، فَــإنَّ ساحة المعركة ستتسع، وإن كان دعمكم للكيان الصهيوني بلا حدود، فَــإنَّ مقاومة الأحرار من أبناء هذه الأُمَّــة لهذا العدوان ستكون أَيْـضًا بلا حدود.
فكما قال الله تعالى: (وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا)، فهذا وعد الله للمستكبرين، وهذا وعد الأحرار للظالمين.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: غزة وفلسطین ف ــإن
إقرأ أيضاً:
اليمن تسجّل قطع أثرية مسروقة في بيانات الإنتربول بعد عقود من الإهمال
في خطوةٍ وُصفت بأنها الأولى من نوعها منذ نحو عقدين، نجحت اليمن في تسجيل عشر قطع من آثارها المنهوبة ضمن قاعدة بيانات الإنتربول للأعمال الفنية المسروقة، في محاولةٍ لاستعادة ما يمكن من إرثها الحضاري الذي تعرّض للنهب والتهريب المنظم خلال سنوات الحرب والفوضى. وتأتي هذه الخطوة بعد فقدان آلاف القطع الأثرية من المتاحف والمواقع التاريخية في عدد من المحافظات اليمنية، ما مثّل واحدة من أكبر الكوارث الثقافية في تاريخ البلاد الحديث.
وقال الباحث والمتخصص في شؤون الآثار اليمنية عبدالله محسن، في منشورٍ على صفحته في "فيسبوك"، إن تسجيل هذه القطع تمّ بتضافر جهود وطنية ودبلوماسية، بمشاركة سفارة اليمن في اليونسكو وهيئة الآثار والمتاحف والنيابة العامة ومكتب الإنتربول اليمني، مؤكداً أن هذه الخطوة تمهّد لإدراجها ضمن متحف اليونسكو الافتراضي الذي يعرض صوراً ثلاثية الأبعاد لأكثر من 600 قطعة مسروقة من مختلف دول العالم، بتمويلٍ سعودي قُدّر بنحو 2.5 مليون دولار.
وأشار محسن إلى أن هذه هي المرة الأولى منذ 17 عاماً التي تُسجّل فيها اليمن قطعاً أثرية جديدة في قاعدة بيانات الإنتربول، بعد أن كان آخر ما تمّ إدراجه تمثال المرأة البرونزية الجاثية على ركبتيها والمعروف إعلامياً باسم "تمثال الراقصة"، والذي يعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد.
ووصف الباحث تأخّر اليمن في هذه الخطوة بأنه "أمر معيب"، مشيراً إلى أن أكثر من 30 عاماً مرّت منذ سرقة متحف عدن الوطني دون أن تُتخذ إجراءات رسمية للإعلان عن المسروقات أو توزيع نشرات تعريفية بها على المنافذ الجمركية والجهات المختصة.
وأعرب محسن عن شكره لكل من أسهم في هذا الإنجاز، وفي مقدمتهم السفير اليمني في اليونسكو الدكتور محمد جميح، ورئيس هيئة الآثار الدكتور أحمد باطايع، والأستاذ محمد السقاف، والقاضي قاهر مصطفى النائب العام، والعميد د. عبدالخالق الصلوي مدير مكتب الإنتربول اليمني، مؤكداً أن هذه الجهود "تستحق التقدير رغم شحّ الإمكانات الرسمية وضعف الاهتمام الحكومي".
ودعا الباحث إلى مواصلة العمل لتوثيق وتسجيل بقية القطع المفقودة من متاحف عدن وزنجبار وعتق وسيئون وظفار، معتبراً أن توثيقها في المنصات الدولية "يمثل الخطوة الأولى في طريق استعادتها وحماية هوية اليمن الثقافية".
وتضم القطع العشر المسجلة تماثيل حجرية ولوحات رخامية ومشغولات ذهبية نادرة، بينها تمثال لإنسان واقف من الحجر الجيري ورأس إنسان بلحية ومذبح عليه وجه ثور بارز، إلى جانب خمس وأربعين قطعة ذهبية كانت محفوظة في متحف عدن وسُرقت عام 2010.
وختم محسن بالقول إن هذه الخطوة تمثل "بداية لاستعادة الوعي بقيمة التراث اليمني المنهوب"، مؤكداً أن الحفاظ على الآثار مسؤولية وطنية وأخلاقية تتجاوز حدود المؤسسات الرسمية.