يوسف عوض العازمي
@ alzmi1969
"وصلنا الطائف فكأني كنت أبشر، وكأن قلبي ينضج بالسرور ولا أجد لذلك سبباً إلّا انفساح حدها وطيب نسمتها" الأصمعي.
*****
قبل أكثر من يومين، وفي نسمات أنفاس مدينة الطائف التي تجتمع بها بوادر التاريخ، وعراقة الاسم، وشهرتها كإحدى مزارات السياحة خاصة في فصل الصيف، حيث الأجواء الماطرة، وخضرة الأرض، والنسيم العليل، وفي ليلة اجتمع بها الكرم المالكي، وعبق أجواء الطائف، وأحاديث تراوحت ما بين تاريخ ماض، وتراث لم يندثر، وبعضا من قصص التجارة في العقار، تخللها كرم المضيف الذي تكرم بالترحيب والنفس الطيبة، وإكرام ضيوف الجلسة بتقديم حليب الأبل الذي يوضع فيه حجر المرو، وهو أشبه بالجمرة التي توضع وسط الحليب.
تصور أن يُقدَّم لك إناء به حليب الأبل (حليب الخلفات) ويضع المضيف داخل الإناء حجر يأخذ من منقل معدني أوقد فيه بعضا من قطع الفحم والحجر على النار، سألت المضيف الكريم أبا مصعب وهومن قبيلة بني مالك العريقة عن سر ومعنى هذا الأمر، فقال أنه تقليد وعادة جبل عليها أهل بلاد بني مالك منذ الأزمنة، والحقيقة أن رائحة الحجر النفاذة التي اختلطت بالحليب الساخن كانت تحمل من اللذة الكثير.
وفي أثناء الأحاديث الشيقة، تحدث أبا مصعب عن ضروريات البيت في بلاد بني مالك والتي تقع جغرافيا حول مدينة الباحة في غرب المملكة العربية السعودية حفظها الله، إذ قال بأن الكثير من أهل بني مالك لابد أن يحتفظوا بالبيت بثلاثة أشياء ضرورية لا يمكن أن تجد بيتا يخلو منها وهي الرمان والعسل والسمن (سمن الأغنام أو البقر)، وهي تستخدم للعلاجات الشعبية غير أن كونها غذاءً مفضلًا، وهذا يثبت بأن الناس منذ عقود زمنية طويلة يستخدمون ويعرفون كيفية الاستخدام الأمثل للمنتجات الغذائية التي تتميز بها بلادهم، فهم أي أهل بني مالك كانوا يستخدمون بعض الأغذية كغذاء ودواء أيضا، ومما لفت نظري أن أبي مصعب شدد على أنه لا يتم وضع قطع الرمان متلاصقتين بجانب بعض؛ حيث إن الناس يعتقدون أن الأفضل فصلهما عن بعض، ولاشك لهذا التصرف غاية يفهمها هؤلاء الطيبين، وممكن عن ممارسة أو تجارب مسبقة.
كانت الجلسة تضم الصديق أبا ناصر رفيق السفر، والأخ مشاري ابن أبو مصعب، وكانت الجلسة ممتعة بأجوائها الشتوية الطائفية، ومفيدة في المعلومات التراثية والتاريخية، ولاشك ظروف المكان حيث تواجدنا بمزرعة بمنطقة الواصلية بالطائف بها من الشجر والأبل، وظروف الزمان؛ حيث نعايش الأيام العشر الأواخر المباركة من الشهر الفضيل قد أعطت للجلسة وللقاء جوًا وديًا سيطرت نفحاته على الجلسة.
لمدينة الطائف أو "الطائف المأنوس" كما يلقبها محبوها، أجواؤها الجميلة في كل فصول السنة، فهي مدينة كل الفصول، وفي زيارتي هذه لاحظت التطور الواضح فيها، من خلال الإنشاءات الجديدة من مرافق وأسواق حديثة، وأعتقد شخصيًا أننا في الحليج نملك عدة مدن لو تم استغلالها سياحيًا بالشكل الأمثل من تقديم خدمات متطورة ومطارات حديثة، وبنية تحتية ممتازة، وفنادق على أعلى مستوى، وكذلك تقديم الأسعار المنافسة، أتوقع أن الكثير سيتوجه لها، لدينا مدن سياحية بها مقومات تضاهي العديد من المناطق التي يجوبها السياح في العالم، وهي في الحقيقة ثروات ضخمة للدول وشعوبها، فقط تحتاج لاهتمام أكثر، ونظرة أعمق لتطويرها وفق خطط واقعية طموحة طويلة الأجل، فباستطاعتها تعزيز الناتج القومي، وبناء اقتصاد مستدام منتج ومنجز، وتوفير فرص عمل للعمالة الوطنية.
الجلسة في مزرعة الواصلية، وأحاديث التراث والتاريخ، ذكرى طيبة لا تنسى، أسأل الله جل في علاه في هذه الأيام والليالي المباركة أن يجعلنا من العتقاء من النار، ويكتب لنا الأجر الطيب، ويتجاوز عنا في هذا الشهر المبارك الذي أوله رحمة وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بنك عُمان العربي يُلهم قادة المستقبل في جلسة حصرية لتعزيز الابتكار والتغيير الإيجابي
مسقط- الرؤية
استضاف بنك عُمان العربي اليوم جلسة مميزة شارك فيها السيد خالد بن حمد البوسعيدي، أحد أبرز القادة وأصحاب الرؤى في التفكير الاستراتيجي والقيادة التحويلية. وشهدت الجلسة التي أُقيمت في قاعة البنك حضور العديد من الأفراد إلى جانب عدد من الموظفين والقادة، الذين حرصوا على التفاعل في هذه التجربة القيادية.
كانت الجلسة فرصة فريدة للمشاركين للاستفادة من التجارب الشخصية للسيد خالد في مجالات القيادة، والمرونة، والتنفيذ الواعي، كما ألهمت رؤيته القيادية الحضور للتفكير بمنهجية أعمق، واتخاذ قرارات أكثر جرأة، وممارسة القيادة بوعي ومسؤولية لتحقيق الأهداف المنشودة.
وقال سليمان الحارثي الرئيس التنفيذي لبنك عُمان العربي: "يُشرفنا استضافة السيد خالد بن حمد البوسعيدي، إذ تنسجم مسيرته الرائدة في القيادة والتحول مع القيم الأساسية التي نؤمن بها في بنك عُمان العربي، فنحن ملتزمون باحتضان واستقطاب القادة أصحاب الرؤية الذين يسهمون في إحداث تغيير إيجابي في مجتمعنا، وتُجسد رؤى السيد خالد تذكيرًا قويًا لنا جميعًا بتأثير القرارات الجريئة عند اتخاذها في اللحظة المناسبة، ويأتي هذا الحدث في إطار جهودنا المستمرة لإلهام وتمكين الجيل القادم من القادة الواعدين."
وتناولت الفعالية مجموعة من المحاور المهمة، شملت أهمية الابتكار، ودور القيادة في مواجهة حالات عدم اليقين، وسبل تعزيز ثقافة المرونة والإبداع داخل المؤسسات. وقد دعا السيد خالد الحضور إلى النظر إلى التحديات كفرص للنمو والتطور، مشددًا على أهمية التفكير خارج الأطر التقليدية.
وفي سياق التزامه بتطوير القيادات الداخلية، شكّلت هذه الجلسة محطةً بارزة في ترسيخ ثقافة الابتكار والتغيير الإيجابي داخل بنك عُمان العربي، إذ يواصل البنك جهوده في دعم تنمية القيادات وتحفيز الأفراد على ممارسة القيادة بشجاعة ونزاهة، بما يعزز مسيرة التقدم ويُسهم في إحداث أثر إيجابي مستدام على مستوى السلطنة.