لجريدة عمان:
2025-06-10@20:21:57 GMT

الكتابة بصفتها تلبية للاستغاثة

تاريخ النشر: 26th, March 2025 GMT

الكتابة بصفتها تلبية للاستغاثة

(الكتابة بين الجثث – قبلة على جبين غزة) كتاب جديد مهدى الى غزة الشهيدة الذبيحة المقاومة، صدر قبل أيام فقط عن دار طباق للنشر والتوزيع برام الله للكاتب والمناضل الفلسطيني عيسى قراقع، جاء الكتاب في 218 صفحة من القطع المتوسط، بلوحة غلاف فاتنة للفنان الفلسطيني الشاب العزيز عاطف، الكتاب عبارة عن نصوص تمزج بين الأدب والحدث التوثيقي السياسي والوطني، وتدور معظم النصوص في فضاء الجريمة الصهيونية المتواصلة ضد غزة شعبا وأرضا وبيوتا وتراثا وفكرة.

يتذكر جيلي جيدا نصوص عيسى قراقع في جريدة القدس، التي نشرها هي مدار سنوات طويلة في حقبة التسعينيات، وقد كوّنت مع أصدقائي الكتّاب الشبان استنتاجا قويا تجاه هذه النصوص الملهمة التي تعلمنا منها، وقلدناها، كانت كتابات قراقع بمثابة ابتكار لمنطقة جديدة في الكتابة الفلسطينية ونوع جديد من الأدب، نوع لا يتجاهل الحدث الوطني الواقعي لكنه أيضا يحتفي بالأدب لغة وصورا ومخيالا، فينتج عن ذلك نصا مدهشا مؤثرا يمنحنا ذاكرة و لغز البلاد ونعمة الحنين ومتعة الجمال الأدبي، كنت مع جيلي أوائل التسعينيات نحلم بانشقاق علني عن طريقة الكتابة الفلسطينية التي امتلأت بالحجارة والصراخ، كنا بحاجة إلى مقاربة جديدة للألم في فلسطين، وكان عيسى قراقع ملهمنا ومرشدنا في ذلك، صحيح أنه كان كاتبا سياسيا، مشغولا بالهم الوطني ومنتميا لحزب، ويكتب في الشأن العام، وصحيح أن نصوصه لم تكن مجنونة بالكامل كما نشتهي ونحلم، لكنها في شقها الجمالي أعطتنا ضوءا لطريق جديدا شققنا أقدامنا فيه، وأهدتنا إلهاما لنهج إبداعي جديد على الخارطة الأدبية الفلسطينية.

يعرف عيسى بالسارد الوفي لقصص الاسرى، فبصفته السابقة وزيرا للأسرى ولدية تجربة أسر قوية، وكان يوما ما مديرا لجمعية نادي الاسير، كتب الكثير من النصوص عن سير الأسرى وقصصهم، بلغة فائقة الجودة وعالية الخيال وتقترب أحيانا من الشعر، قصص الاسرى هذه كما كتبها هي التي لفتت انتباهنا نحن جيل التسعينيات، إلى لغته الخاصة بعبارتها الشفافة والمؤثرة، والصورة الأدبية المغرقة في المجاز.

يكتب الشاعر مراد السوداني رئيس اتحاد الكتاب الفلسطينيين عن الكتاب: (يوثق قراقع بدقة جراحية الكثير من التفاصيل والتجارب ويسرد يوميات الاسرى، وما يلاقونه من عذابات ويوجهونها بصمود وصلابة، نادرين، إذ يحولون الزمن العام الى زمن خاص، له خصوصيته وملامحه التي يجترحونها بإبداع مختلف، وطرائق فريدة، تعبر عن إصرارهم على حراسة الحلم.)

ويقول الكاتب قراقع في حوار مع تلفزيون فلسطين ردا على سؤال لماذا اخترت عنوان( الكتابة بين الجثث) : لأننا ما زلنا نفتش تحت أنقاض بيوتنا عن جثث أعزائنا، ونسمع صوت الاستغاثات ولم يستجب العالم، العالم صامت، لذلك كتبت عن هذه النكبة، لعل هذه الكتابة تشكل طريقة لتلبية نداء الاستغاثة، نكتب بين الجثث لنرى صورتنا فيها ، القارىء والكاتب ، القاتل والمقتول ، جميعهم يلتقون في نص غزة ، القارىء عليه أن يعيش النص ليخلقه وينتجه من جديد وعياً وفكراً وممارسة ، إنها فاعلية الكتابة وسط الجحيم والخراب في غزة ، نكتب بالنيران المشتعلة في أصابعنا ، نرفض الموت لهذا نكتب ، نحرك الكلمات حتى لا يتحول النص الى تابوت ، نحرك جثثنا في الكتابة كي يتحرك الهواء من حولنا).

من خلال عناوين الكتاب نقدر على استنتاج المشهد العام او الفضاء الواسع للكتاب: اعتقال الجنرال، أحمل جمجمتي وأركض في شوارع غزة، عقول من غبار، سيدي يسوع أنا متأسف، أجمل أمرأة في العالم، لماذا لا ترقص، الطفلة هند تعالوا خذوني، هناك من يأكلني، محكمة يوم القيامة، وغيرها من العناوين التي تظهر فيها الابعاد الأبية الجمالية.

هذا كتاب ينضاف بفخر الى المكتبة، ويوزع في المدارس، ويعلم طلاب الكتابة الإبداعية في الجامعات، ويترجم الى كل لغات العالم ففيه اختصار للوجع الفلسطيني والأمل الفلسطيني والأهم من كل ذلك فيه توثيق لما يحدث في بلادنا العزيزة.

المؤلف في سطور

ولد عيسى أحمد عبد الحميد قراقع يوم 27 ديسمبر 1961 في مدينة بيت لحم، والتحق بمدارس وكالة الغوث وأتم فيها الدراسة الأساسية، ثم انتقل إلى لمدارس الثانوية الحكومية وحصل على الثانوية العامة، وأكمل دراسته الجامعية الأولى في جامعة بيت لحم، ثم حصل على ماجستير في الدراسات العربية من جامعة بيرزيت.

ترأس جمعية نادي الأسير الفلسطيني بين 1993 و2006، وفاز بعضوية المجلس التشريعي الفلسطيني في انتخابات 2006، واستلم لجنة الأسرى في المجلس، وفي عام 2009 عين وزيرا لشؤون الأسرى والمحررين.

في رصيده الإبداعي: الحب والحياة في سجون الاحتلال، الدهيشي، والكتابة بين الجثث.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: بین الجثث

إقرأ أيضاً:

الصمود الفلسطيني والدعم المصري

إن صمود الشعب الفلسطيني الذي أذهل العالم ليس بجديد، فمنذ وطأت أقدام المحتل الإسرائيلي الغاصب أرض فلسطين، والشعب الفلسطيني يسطر أروع أمثلة الصمود والتضحية في سبيل الحفاظ على هويته ووطنه، ورغم كل المؤامرات التي حيكت وتحاك لتهجيره عن أرضه، يبقى الفلسطيني متمسكا بتراب وطنه، رافضا كل مخططات الاقتلاع والتهجير.

إن هذا الصمود المشهود الآن، هو نتاج تاريخ طويل من النضال والتضحيات، فمنذ النكبة عام 1948، التي شهدت تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من ديارهم، لم يتوان الشعب الفلسطيني عن مواجهة كل محاولات تذويب هويته وطمس وجوده، ومخططات التهجير أيضا ليست جديدة، بل هي سياسة إسرائيلية ثابتة تسعى إلى تحقيقها منذ قيامها على الأرض المغتصبة من دولة فلسطين.

وقد تزايدت هذه المخططات في الآونة الأخيرة، تحت مسميات مختلفة، مثل «صفقة القرن» و«التبادل السكاني»، إلا أن الشعب الفلسطيني، بوعيه وإيمانه بعدالة قضيته، يقف سدا منيعا في وجه هذه المخططات، مؤكدا على تمسكه بحقه في أرضه ووطنه، ورفضه لأي شكل من أشكال التهجير.

إن الشعب الفلسطيني ليس وحده في معركته ضد التهجير، بل يحظى بدعم مصري وعربي ودولي واسع، فقد أدانت العديد من الدول العربية والإسلامية والأجنبية مخططات التهجير، واعتبرتها انتهاكا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة.

إن الشعب الفلسطيني، من خلال صموده ورفضه للتهجير، يوجه رسالة قوية إلى العالم أجمع، مفادها أن الحق لا يموت، وأن الشعب الفلسطيني لن يستسلم حتى يستعيد أرضه، وينال حريته، ويقيم دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

أما موقف مصر من تهجير الفلسطينيين من أرضهم فواضح وثابت، وهو الرفض القاطع لكل محاولات التهجير، والتأكيد على ضرورة بقاء الشعب الفلسطيني على أرضه، ويأتي هذا الموقف المصري انطلاقًا من المسؤولية التاريخية تجاه القضية الفلسطينية، فهي تقف دائمًا إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل الحرية والاستقلال، ورفضت كل مخططات تهجيره عن أرضه، وقد تجلى هذا الموقف على مر التاريخ، بدءًا من حرب 1948 التي شهدت لجوء مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى مصر، مرورا بالعدوان الثلاثي عام 1956، وحرب 1967 التي أسفرت عن احتلال سيناء وتهجير المزيد من الفلسطينيين، وصولا إلى يومنا هذا.

إن مصر تعتبر تهجير الفلسطينيين من أرضهم جريمة ضد الإنسانية، وانتهاكا صارخا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وتؤكد أن أي محاولة لتهجير الفلسطينيين، سواء كانت تحت مسمى «صفقة القرن» أو غيرها، هي محاولة لتصفية القضية الفلسطينية، وتقويض حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، بل هو «ظلم لا يمكن لمصر أن تشارك فيه»، وهي العبارة التي قالها الرئيس السيسي بكل وضوح في وجه المخطط «النتنياوى الترامبي» الرامي لتصفية القضية الفلسطينية وسرقة أراضيها.

ولا تكتفي مصر برفض مخططات التهجير، بل تعمل أيضًا على دعم صمود الشعب الفلسطيني على أرضه، من خلال تقديم المساعدات الإنسانية والإغاثية، ومحاولة تحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين، كما تسعى مصر جاهدة لتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، باعتبارها السبيل الأمثل لمواجهة التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية، وعلى رأسها مخططات التهجير.

وتدعو مصر المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في حماية الشعب الفلسطيني من المجازر التي يرتكبها المحتل الإسرائيلي الغاصب، وحمايته أيضا من خطر التهجير، وتطالب بالضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها لحقوق الإنسان، وتؤكد أن تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة الذي يضمن للشعب الفلسطيني حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، هو الضمان الوحيد لعدم تكرار مأساة العدوان الإسرائيلي على المدنيين العزل من الأطفال والنساء والشيوخ الذى يتضاءل وصفه بالوحشي، لأن الوحوش والحيوانات تأبي أن تفعل ما يفعله الكيان الصهيوني في الشعب الفلسطيني.

اقرأ أيضاًكل أسبوع.. «الأضحية» تكافل وتراحم وصلة

متحدث فتح: نسعى بكل ما نستطيع لإنقاذ الشعب الفلسطيني ووقف الحرب على غزة

ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال على غزة إلى 54981 شهيدًا و126920 مصابًا

مقالات مشابهة

  • خلال لقائه رئيس مجلس الشورى في دولة قطر: رئيس البرلمان العربي يشيد بالجهود التي يقوم بها أمير دولة قطر لوقف حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني
  • عيسى الخوري عرض مع سفيرة سويسرا تأثير التغيرات في المنطقة على لبنان
  • الصمود الفلسطيني والدعم المصري
  • عيسى: البعثة الأممية أخفقت في تحقيق أي تقدم حقيقي
  • إسرائيل تجدد مطالبتها بإخلاء مواني الحديدة والصليف ورأس عيسى
  • تلبية لدعوة الملك الأردني... الرئيس عون يتجه إلى عمّان غداً
  • تشييع الشهيد فضل عباس عيسى في حومين التحتا
  • عيسى: هناك نضوج دولي وإقليمي لإنهاء الانقسام وتشكيل حكومة موحدة جديدة
  • الاذاعي المخضرم عيسى المحادين في ذمة الله
  • عباس شومان يرد على «إبراهيم عيسى» بعد استنكاره صلاة العيد بالخلاء وطاعة الوالدين