عقب إعلان تجمع "بريكس" عن دعوة مصر للانضمام لعضويته اعتباراً من يناير 2024، أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلاً جديداً سلَّط من خلاله الضوء على "قمة تجمع البريكس الأخيرة التي تعقد بجنوب إفريقيا في أغسطس 2023" حيث شهدت القمة مشاركة لمسئولي عدد كبير من الدول، بما في ذلك مصر، حيث يحضر الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، نيابة عن الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية.

وأشار مركز المعلومات إلى أن البريكس هو تكتل اقتصادي عالمي بدأت فكرة تأسيسه في عام 2006، وبعد سلسلة من الاجتماعات حول تأسيس التكتل أُطلِقَ وعُقِد اجتماعه الأول في عام 2008 باليابان على هامش قمة مجموعة الثماني G8؛ حيث كان مكونًا من أربع دول، وهي: البرازيل وروسيا والهند والصين، وسُمِي -آنذاك- بالـ"بريك" (BRIC)، إلى أن انضمت إليه دولة جنوب إفريقيا في 24 ديسمبر 2010، فأصبح يُسمَّى "بريكس" (BRICS)، وهي الأحرف الأولى لأسماء دوله بالإنجليزية، وما يميز هذا التكتل عن غيره من باقي التكتلات العالمية، هو أنه غير تقليدي؛ فدوله لا تشترك في النطاق الجغرافي، بل تنتشر في أربع قارات (آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية وأوروبا)، وبالتالي لا تشترك في التراث الثقافي والتاريخي ولا الهيكل الإنتاجي، إنما تشترك في كونها دولًا نامية وناشئة، تسعى لتحسين الوضع والثقل العالمي للدول النامية، وهو الهدف الرئيس الذي دفعها لتأسيس هذا التكتل.

وأضاف المركز في تحليله أنه رغم حداثة عهد تكتل بريكس وصغر عدد أعضائه مقارنة بنظرائه من التكتلات الاقتصادية كالاتحاد الأوروبي والآسيان، فإن بريكس أصبح اليوم أحد أهم التكتلات الاقتصادية في العالم؛ نظرًا للثقل الاقتصادي لدوله في ظل ما تتمتع به من إمكانات بشرية وصناعية وزراعية، بما جعل قراراته محط اهتمام وتأثير عالميين، وذلك على النحو التالي:

- الحصة من الناتج الإجمالي العالمي: حيث يشكل مجموع الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء في البريكس نحو 25.9 تريليون دولار خلال عام 2022 أي بما نسبته 25.6% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي البالغ نحو 101 تريليون دولار في عام 2022، كما تُعَد دوله من الدول التي شهدت معدلات نمو اقتصادي سريعة؛ ما جعلها من أكبر الاقتصادات العالمية، كالصين الاقتصاد الثاني الأكبر عالميًّا بعد الولايات المتحدة الأمريكية.

- المساهمة في التجارة العالمية: بالنظر إلى الثقل التجاري العالمي لتكتل البريكس في عام 2022، وجد أن الصين تتصدر دول العالم بحصة تصديرية تبلغ نحو 15% من إجمالي الصادرات العالمية، وتأتي في المرتبة الثانية من حيث الاستيراد بحصة عالمية تجاوزت 11%، ولم يقتصر الثقل على الصين وحسب، فهناك روسيا -الثانية عالميًّا في تصدير الوقود- تأتي في الترتيب 15 عالميًّا من حيث الصادرات، فيما تحتل الهند المرتبة 21 على مستوى التصدير عالميًّا والـ 17 عالميًّا من حيث الاستيراد.

- الثروة البشرية: بجانب اتساع المساحة الجغرافية لدول بريكس التي تشكل مجتمعه نحو 26% من مساحة العالم، تمتلك أيضًا نحو 40.9% من إجمالي تعداد سكان العالم بإجمالي 3.25 مليار نسمة من الإجمالي العالمي البالغ نحو 7.95 مليار نسمة خلال عام 2022، بما يجعلها سوقًا عالمية هائلة من حيث قوة العمل والإنتاج وكذلك التوزيع والاستهلاك.

- تنوع الهيكل الإنتاجي: تميَّز الهيكل السلعي لصادرات دول البريكس عام 2022 بالتنوع؛ وذلك نتيجة تنوع هيكلها الإنتاجي بما يمنح تلك الدول فرصًا كبرى للتجارة البينية وتكامل سلاسل التوريد والإنتاج بينها، فعلى سبيل المثال: تمتلك روسيا قوة إنتاجية هائلة من النفط والغاز الطبيعي، وهي الثانية عالميًّا في تصدير الوقود، وكذلك الأولى عالميًّا في تصدير الأسمدة، والثالثة في تصدير النيكل ومصنوعاته، هذا بخلاف تميزها في عدد من الصناعات الثقيلة، فيما تتميز الصين بتنوع هيكلها الإنتاجي الصناعي غير النفطي وتتصدر العالم في تصدير العديد من المنتجات الصناعية الثقيلة والخفيفة، فيما تتميز جنوب إفريقيا بصناعة واستخراج المعادن والأحجار الكريمة ولا سيما اللؤلؤ؛ ولذلك كانت الخامسة عالميًّا في تصدير خامات المعادن عام 2022، بينما تتميز البرازيل بمنتجاتها الزراعية كاللحوم والسكر والبن والشاي والحبوب، فيما كانت الملابس والمنسوجات الصادرات الأبرز لدى الهند التي تمتلك صناعة برمجيات متطورة.

وأوضح المركز في تحليله أن من أهداف التكتل تعزيز مكانة أعضائه العالمية عبر تعزيز التعاون بينها في كل المجالات، بما يضمن تحقيق نمو اقتصادي يكفل تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحسين نوعية النمو عن طريق تشجيع التنمية الاقتصادية المبتكرة القائمة على التكنولوجيا المتقدمة وتنمية المهارات، بجانب السعي إلى زيادة المشاركة والتعاون مع بلدان العالم لتحسين وضع الدول النامية والناشئة سواء من حيث تمثيلها في المؤسسات المالية الدولية، وكذلك تحسين أداء النظم التجارية متعددة الأطراف والتجارة الدولية وبيئة الاستثمار بما يضمن وجود نظام عالمي متعدد الأقطاب.

وتفعيلًا لهذه المستهدفات الرئيسة، كان من أهم نتائج اجتماعات التكتل خلال السنوات الماضية:
- توقيع مذكرة تعاون تقضي بتيسير التحويلات النقدية الدولية، كخطوة نحو تشكيل منظومة مصرفية موحدة للتكتل.

- توقيع اتفاقية لمد التسهيلات الائتمانية بالعملة المحلية وخفض تكلفة التحويلات، والاتفاق على التعامل بالعملة النقدية لدول التكتل والاحتفاظ باحتياطات هائلة من العملات لمساعدة دوله إذا اقتضت الحاجة، بما يصب في صالح تعزيز التجارة البينية للدول الأعضاء.

- الإعلان عن تشكيل مجلس أعمال لإدارة الاستثمارات، ووكالة تصنيف ائتماني، وبنك للتنمية خاص بالتكتل، وكذلك صندوق احتياطي خاص بالطوارئ له، كخطوة نحو تجنُّب هيمنة المؤسسات المالية الدولية.

- دعوة الدول الأخرى إلى مواجهة جميع أشكال الحماية التجارية.

ولا شك أن انضمام مصر للبريكس وموافقة بنك التنمية الجديد الخاص بالبريكس في ديسمبر 2021 على قبول مصر كرابع الأعضاء الجدد للبنك بعد الإمارات وبنجلاديش وأوروجواي، تحمل العديد من الأبعاد كما تُعَد تأكيدًا على متانة العلاقات الاقتصادية والسياسية الجيدة بين مصر ودول التكتل، وعلى مكانتها الاقتصادية والجيوسياسية بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بحيث يمثل التقارب من التكتل، استفادة من تعزيز التعاون البناء بين دوله لدعم جهودها للتنمية المستدامة، مع الترويج للإصلاحات التي شهدتها البيئة المصرية الاقتصادية والاستثمارية في السنوات الأخيرة، بالصورة التي ترفع من فرص مصر لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية.

وأضاف التحليل أن استهداف التكتل تقليل التعاملات البينية بالدولار الأمريكي سيخفف من الضغط على النقد الأجنبي في مصر الذي يمثل الدولار الحصة الكبرى منه، وهو ما يصب في صالح تحسين عدد من المؤشرات الاقتصادية المحلية، علاوة على أن وجود مصر كدولة عضو ببنك التنمية التابع لتكتل البريكس سيمنح فرصًا للحصول على تمويلات ميسرة لمشروعاتها التنموية، بالإضافة إلى أن وجودها داخل التكتل يعني استفادتها من ثمار نجاح مستهدفاته التي تقترب من التحقق، فيما يخص خلق نظام عالمي يمنح مزيدًا من الثقل للدول النامية والناشئة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: تجمع بريكس انضمام مصر للبريكس ا فی تصدیر فی عام عام 2022 من حیث

إقرأ أيضاً:

الشئون الاقتصادية السويسرية: تسارع تدريجي في النمو العالمي خلال 2026

شهدت التوقعات الاقتصادية في سويسرا قتامة منذ دخول الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة حيز التنفيذ ، وقد رفعت توقعات النمو لعام ٢٠٢٦ بشكل كبير، وفقا لما أعلنته أمانة الدولة للشؤون الاقتصادية اليوم الخميس.


ونقل راديو /لاك/ السويسري - عن بيان أمانة الدولة للشئون الاقتصادية - انه من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0,9٪ في عام 2026، بينما توقعت آخر تقديرات يونيو زيادة قدرها 1,2٪. وجاء في نص البيان :"علينا التحلي بالصبر قبل أن نشهد تسارعا تدريجيا في النمو العالمي خلال العام المقبل، مما يدعم قطاع التصدير السويسري ."


ومن المتوقع أن ينتهي النصف الثاني من العام الجاري بنمو بطيء، إلا أن النمو الأفضل قليلا في النصف الأول من العام سيعوض ذلك، مما يسمح لامانة الدولة للشئون الاقتصادية بتأكيد توقعاتها للنمو بنسبة 1,3% في عام 2025 .


وسيؤثر ضعف النمو سلبا على سوق العمل. ومن المتوقع أن يرتفع معدل البطالة إلى 3,2% في عام 2026، بعد أن كان 2,9% في عام 2025، وفقا لتقديرات امانة الدولة للشئون الاقتصادية.
ويعد نمو التضخم ضئيلا، حيث من المتوقع أن يصل إلى 0,2% في عام 2025، في مقابل 0,1% في توقعات يونيو. ولا يزال من المتوقع أن يصل التضخم لعام 2026 إلى 0,5% .


وأشارت أمانة الدولة للشئون الاقتصادية إلى أن مخاطر مختلفة قد تدفع الفرنك السويسري إلى الارتفاع ، ومن المتوقع أن يتزايد القلق من تدهور البيئة الدولية، والتصحيحات المحتملة في الأسواق المالية، بالإضافة إلى المخاطر المتعلقة بالديون الدولية، وخاصة ديون الحكومات ، بالإضافة إلى ذلك، لا تزال مخاطر الميزانية العمومية التي تواجه المؤسسات المالية وأسواق العقارات قائمة. وتشكل الصراعات المسلحة المستمرة أيضا مخاطر جيوسياسية.

طباعة شارك التوقعات الاقتصادية في سويسرا الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة أمانة الدولة للشؤون الاقتصادية قطاع التصدير السويسري

مقالات مشابهة

  • الشئون الاقتصادية السويسرية: تسارع تدريجي في النمو العالمي خلال 2026
  • الزراعة" تُحدّث بيانات الوضع الوبائي لمصر في نظام الصحة الحيوانية العالمي
  • «الزراعة» تُحدّث بيانات الوضع الوبائي لمصر في نظام الصحة الحيوانية العالمي
  • مؤسسة النفط تعلن خطوات إنشاء مركز لـ«أمن المعلومات»
  • السعودية مركز عالمي للخدمات اللوجستية
  • «العالمي للتسامح والسلام»: الوضع الإنساني في غزة لا يزال مأساوياً رغم وقف الحرب
  • تجمع القبائل والعشائر: نرفض كل مظاهر الفوضى التي ارتكبتها جهات مارقة بغزة
  • النقد الدولي يحذر من تهديد للاستقرار المالي العالمي بسبب ديون الاقتصادات النامية
  • وزير الاتصالات: الذكاء الاصطناعي أداة للتعليم والمعلم يظل البوصلة التي توجه المستقبل
  • ترامب: ممتن للدول العربية والإسلامية التي ساهمت في اتفاق السلام لإنهاء الأزمة في غزة