في حادثة تجمع بين العبث والقلق، تلقّى صحفي معروف في مجلة ذا أتلانتيك الأمريكية وثائق عسكرية حساسة عبر تطبيق «سيغنال» من مسؤولين حاليين في إدارة ترامب. الوثائق تحتوى على تفاصيل خطط أمريكية لضرب الحوثيين في اليمن، في ظل تصاعد التوترات في البحر الأحمر. لكن المفارقة الكبرى لم تكن في محتوى الوثائق، بل في الطريقة التي تسربت بها: ضم صحافي بالخطأ إلى مجموعة تناقش عبر «سيغنال» تفاصيل تخص توجيه هذه الضربة.
هذا ليس مشهداً من فيلم خيالي، بل واقع يكشف أن القرارات الكبرى في أكبر قوة عسكرية في العالم قد تُناقش وتُتداول عبر تطبيقات رسائل خاصة، خارج القنوات الرسمية والبروتوكولات الصارمة. إنها إشارة مقلقة: الاحتراف المؤسسي داخل النخبة الحاكمة في واشنطن يتآكل، أما الأسوأ فهو أن الاكتراث بوجوده من الأصل لم يعد قيد الاهتمام. وهو الأمر الذي أكدته تصريحات ترامب وماسك وهيغسيث، وزير الدفاع الأمريكي، تلك التي سفّهت من الأمر كثيراً، ولم تأخذه على محمل الجد.
والحقيقة هي أن هذا الحدث إن دلَّ على شيء فهو يدل على حالة اللامبالاة المؤسّسية؛ وهو يثير تساؤلات مفصلية حول مدى انتشارها في كل أركان الدولة، فإذا كان كبار الضباط والمسؤولين لا يتبعون الإجراءات الأمنية، حتى في أكثر القضايا حساسية، فماذا عن بقية مفاصل الدولة؟ فعلياً، تفتح هذه الواقعة باباً واسعاً أمام حلفاء الولايات المتحدة قبل خصومها للتشكيك في قدرة واشنطن على إدارة شؤونها، ناهيك عن قيادة العالم، فإذا كانت أمريكا لا تستطيع حماية أسرارها من نفسها، فكيف يمكن للعالم أن يثق بقدرتها على حماية النظام الدولي؟ ببساطة، ما حدث يعطى انطباعاً بأن واشنطن، رغم سطوتها، باتت أكثر فوضوية مما تدّعى، خاصة أن الأمر لا يتعلق فقط بزلة فردية، بل بمنظومة تعانى ارتباكاً إدارياً ولامبالاة خطيرة.
نعم، أثار هذا التسريب قلقاً داخل الولايات المتحدة، فرأينا مثلاً زعيم الأقلية في مجلس النواب، حكيم جيفريز، يطالب بإجراء تحقيق في الكونغرس لفهم كيفية حدوث هذا الخرق الأمني. أما في الحزب الجمهوري فتراوحت ردود الأفعال بين التقليل من أهمية الحدث والاعتراف بخطورته. إلا أننا لو كنا في دولة تتمتع بقدر معقول من المهنية والجدية، فمن المفروض أن يؤدي هذا التسريب إلى تحقيقات، وربما استقالات، فهل سنرى ذلك؟ دعونا ننتظر ونتابع، إلا أن المؤشرات الأولية لا ترجح، للأسف، أن الأمر يتم التعامل معه بالجدية المطلوبة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية ترامب
إقرأ أيضاً:
300 متحدث وخبير بالقمة الشرطية العالمية
دبي: سومية سعد
برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، تنطلق غداً الثلاثاء، النسخة الرابعة من القمة الشرطية العالمية، وذلك في مركز دبي التجاري العالمي، بتنظيم من شرطة دبي.
وتُعد القمة منصة رائدة لاستشراف مستقبل العمل الشرطي وتعزيز التعاون الدولي في إنفاذ القانون، حيث تشهد مشاركة أكثر من 300 متحدث وخبير دولي، إلى جانب 130 من قادة الفكر العالميين، وتوسّعاً في محاورها إلى 12 مساراً تغطي موضوعات حيوية مثل الذكاء الاصطناعي، والتهديدات السيبرانية، والابتكار التكنولوجي.
وأكد العميد الدكتور صالح راشد الحمراني، نائب مدير الإدارة العامة للتميز والريادة بشرطة دبي أن القمة تمثل منصة استراتيجية لتعزيز الأمن المجتمعي وتطوير القدرات الأمنية، مشيراً إلى أنها تشهد نمواً مستمراً في الحضور والمشاركة العالمية، بنسبة تصل إلى 25% سنوياً.
من جهته، قال المقدم الدكتور راشد حمدان الغافري، رئيس الأمانة العامة للقمة، إن الحدث يجسد التزام شرطة دبي بتعزيز الحوار الدولي وتحفيز الابتكار في العمل الأمني، ويمثل فرصة فريدة لتبادل أفضل الممارسات وبناء الشراكات لمستقبل أكثر أمناً.
ويتضمن برنامج القمة ورش عمل وجلسات تفاعلية، إلى جانب معرض لأحدث الابتكارات الأمنية، من بينها تقنيات مستقبلية يتم الكشف عنها للمرة الأولى.
ويجمع هذا الحدث جهات مرموقة تمثل أكثر من 138 دولة، منها مكتب التحقيقات الفيدرالي، وشرطة نيويورك، والإنتربول، والشرطة الفيدرالية الأسترالية، ووكالة الشرطة الوطنية الكورية، وشرطة العاصمة.
وتقدم القمة فرصاً لا مثيل لها لجميع المشاركين، سواءً في تكنولوجيا العمل الشرطي، أو الأمن السيبراني والتجاري، أو السلامة على الطرق.