موقع 24:
2025-05-23@10:10:55 GMT

أصعب أيام المرشد

تاريخ النشر: 31st, March 2025 GMT

أصعب أيام المرشد

إيران دولة كبيرة وعريقة. للإقليم مصلحة في رؤيتها مستقرة ومزدهرة بعيداً عن لغة التهديد بإغلاق مضيق هرمز ورعاية الصواريخ الحوثية في البحر الأحمر.

لم تكن ثورة الخميني مجرد انقلاب كبير في إيران. حملت في دستورها مشروع انقلاب على توازنات المنطقة، وكان بند تصدير الثورة واضحاً. لا مبالغة في القول إنَّ الشرق الأوسط يعيش منذ انتصار الثورة في 1979 أطولَ انقلاب في تاريخه.

أوقفتِ الحرب العراقية - الإيرانية الانقلابَ على مدى ثماني سنوات، ثم عاود انطلاقه. كان صدام حسين يقول إنَّ سقوط الجدار العراقي سيوصل النفوذ الإيراني إلى حدود المغرب. 
ولدت ثورة الخميني على خط التماس مع «الشيطان الأكبر». يتذكر المرشد علي خامنئي بالتأكيد المشاهد القديمة. اقتحم أبناء الثورة السفارة الأمريكية في طهران وأذلّوا «الجبار الأمريكي» في أطول عملية احتجاز رهائن. يمكن أن يتذكر أيضاً في 1983 كيف استيقظت بيروت على دوي هائل. انفجاران استهدفا مقر المارينز والوحدة الفرنسية في القوة المتعددة الجنسيات وأسفرا عن مئات القتلى. حمل «الشيطان الأكبر» جثث جنوده وابتعد عن لبنان. ولا يغيب عن باله ما حصل في 2006. حرب بين «حزب الله» اللبناني وإسرائيل شارك الجنرال قاسم سليماني في إدارتها من الأراضي اللبنانية. أدّت الحرب إلى كسر الحصار الذي ضُرب حول «حزب الله» وسوريا بعد اغتيال رفيق الحريري. يتذكر أيضاً أن سليماني أدار عملية استنزاف الاحتلال الأمريكي للعراق وأطلق في بغداد زمن الفصائل. يستطيع خامنئي تذكّر نجاحات كثيرة بينها النجاح في إنقاذ الرئيس بشار الأسد من المصير الذي لحق بمعمر القذافي وعلي عبد الله صالح وحسني مبارك وزين العابدين بن علي. وهو نفسه سمع جنرالاته يفاخرون بأن مفاتيح أربع عواصم عربية تقيم في طهران.

باستطاعة المرشد أن يتذكّر مشاهد أخرى. كان باراك أوباما متعطشاً لإبرام اتفاق نووي مع إيران. نجح المفاوض الإيراني في استثناء النشاط الإقليمي والترسانة الصاروخية من المفاوضات. تابعت إيران محطات الانقلاب الكبير، ومهّد سقوط صدام حسين الطريق لتعبيد طريق سليماني من طهران إلى بيروت مروراً ببغداد ودمشق. قتلُ سليماني بأمر من دونالد ترمب في ولايته الأولى كان ضربة موجعة، لكنها لم توقف مشروع الانقلاب ولم تقطع الطريق.

على الرغم من متاعبها الاقتصادية، لم تبخل إيران على أذرعها بالسلاح والتمويل. ابتهجت بتطويق خرائط ومناطق بالصواريخ والمسيّرات. ساد في طهران شعور بأنَّ إمبراطورية الفصائل باتت خارج التهديد وموعودة بالتمدد. اعتقدت أنَّ إسرائيل غير قادرة على دفع أثمان حرب كبيرة. وتردد في أروقة الممانعة أنَّ «الضربة الكبرى» ستفاجئ الدولة العبرية ذات يوم وستكشف أنَّها أوهى من بيت العنكبوت. اعتقدت أيضاً أنَّ أمريكا المهمومة بالصعود الصيني لن تنخرط في انقلاب كبير مكلف في الشرق الأوسط. أساءت إيران مع حلفائها تقدير عمق الالتزام الأمريكي بأمن إسرائيل. وحين أطلق يحيى السنوار «طوفان الأقصى» وتبعه حسن نصر الله في إطلاق «جبهة المساندة»، ساد الاعتقاد أنَّ «الضربة الكبرى» قد انطلقت.

الدهر يومان. يوم لك ويوم عليك. وفجأة وجدت إيران نفسها أمام اليوم الآخر. مشاهد مروّعة وأخبار مؤلمة. ليس بسيطاً أن تغتال إسرائيل زعيم حركة «حماس» إسماعيل هنية في طهران نفسها. وليس بسيطاً أن تسبح غزة في دمها ولا تستطيع إيران إنقاذها. وأوجع من ذلك أن يُغتال نصر الله في بيروت وتعجز إيران عن إنقاذ «حزب الله». تحركت الصواريخ الحوثية لكنَّها لم تنقذ لا في غزة ولا في لبنان. رأت إيران خطوط دفاعها الإقليمية تتهاوى. تعرضت «حماس» لضربة كبرى. الأمر نفسه بالنسبة لـ«حزب الله». وكانت خسارة الحلقة السورية فادحة أو أكثر. أغارت الطائرات الإسرائيلية على إيران ودمّرت دفاعاتها الجوية، واكتشفت طهران أن الاستمرار في تبادل الضربات يشبه الذهاب إلى فخ سعت دائماً إلى تفاديه وهو الحرب مع أمريكا.

واضح اليوم أنَّ أمريكا وإسرائيل ردتا على الحلقة الأخيرة من الانقلاب الإيراني بانقلاب كبير لكسر التوازنات السابقة في المنطقة. وها هي طهران تسمع وزير الدفاع الإسرائيلي يرهن أمن بيروت بأمن الجليل. لا يستطيع «حزب الله» العودة إلى الحرب. ليس فقط بسبب ما تعرّض له ومطالبة أكثرية اللبنانيين بحصر السلاح في يد الدولة بل أيضاً لأنَّ اسم الجالس في قصر الرئاسة السوري أحمد الشرع وليس بشار الأسد.

أصعب أيام المرشد. ترمب يطالبه برد على رسالته خلال أسابيع. يعرض عملياً على إيران العودة إلى إيران. الغارات الأمريكية الكثيفة على مواقع الحوثيين رسائل يومية ساخنة موجهة إلى المرشد وبلاده. لم يتحدث ترمب عن إسقاط النظام الإيراني. يطالب إيران فقط بالعودة إلى إيران والتنازل عن حلم القنبلة والجيوش الموازية التي كانت تحرّكها في الإقليم. قد لا تتنازل «حماس» عن سلاحها، لكنَّها مضطرة إلى الخروج لسنوات من الشق العسكري في النزاع. «حزب الله» يواجه خيارات صعبة مشابهة. ترمب ينتظر رد المرشد ويلوّح بـ«أمور سيّئة ستحصل لإيران» و«قصف لا سابق له» إن كان ردها سلبياً.

أصعب أيام المرشد. صورة بلاده في المنطقة اليوم غير ما كانت عليه قبل «الطوفان». قراره يعني بلاده والمنطقة والتوازنات الجديدة ليست لمصلحة طهران. ذات يوم وافق الخميني على تجرّع كأس السمّ وقَبِل وقف إطلاق النار متنازلاً عن حلم «إسقاط النظام البعثي الكافر في العراق». هل يوافق خامنئي على تجرّع سمّ القبول بعودة إيران إلى إيران بلا قنبلة وبلا أذرع؟

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: وقف الأب رمضان 2025 عام المجتمع اتفاق غزة إيران وإسرائيل عيد الفطر غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إيران وإسرائيل فی طهران حزب الله

إقرأ أيضاً:

إيران تعتبر عقوبات أميركا الجديدة تقويضا لفرص الدبلوماسية

علّقت الخارجية الإيرانية، اليوم الجمعة، على العقوبات الأميركية الجديدة التي فرضتها واشنطن على طهران.

أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الخميس، أنها فرضت عقوبات على قطاع البناء والتشييد في إيران، بالإضافة إلى 10 مواد صناعية ذات تطبيقات عسكرية.

وردا على ذلك قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إن "العقوبات الأميركية الجديدة على طهران تلقي بمزيد من الشكوك على استعداد واشنطن للانخراط في الدبلوماسية".

ووصف بقائي العقوبات بأنها "غير قانونية وعدائية ضد الشعب الإيراني".

وأضاف: "إن هذا التصرف مستفز بقدر ما هو غير قانوني وغير إنساني. فالعقوبات متعددة الطبقات والإجراءات القسرية التي تفرضها الولايات المتحدة على إيران صُممت بعناية لحرمان كل مواطن إيراني من حقوقه الإنسانية الأساسية".

واختتم بقائي تصريحاته قائلا إن "هذه العقوبات، التي أُعلنت عشية الجولة الخامسة من المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، تُلقي بمزيد من الشكوك على جدية واشنطن واستعدادها الحقيقي للانخراط في الدبلوماسية".

ويتوجه المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف إلى روما، الجمعة، لعقد جولة جديدة من المحادثات مع وفد إيراني بشأن برنامج طهران النووي، وستكون هذه هي الجولة الخامسة من المحادثات.

وفي الوقت نفسه، ناقش الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المفاوضات مع إيران خلال اتصال هاتفي، الخميس، في أعقاب مقتل اثنين من موظفي السفارة الإسرائيلية في واشنطن.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت للصحفيين خلال تقديم تفاصيل مكالمة ترامب ونتنياهو إن الرئيس الأميركي يعتقد أن المفاوضات مع إيران "تسير في الاتجاه الصحيح".

مقالات مشابهة

  • إيران تعتبر عقوبات أميركا الجديدة تقويضا لفرص الدبلوماسية
  • إيران تتوعد برد مدمر على أي تصرف إسرائيلي "متهور"
  • مناورات إيران وأذربيجان العسكرية.. تعاون أمني أم رسائل إستراتيجية؟
  • مدير عام «الإمارات للدراسات» يلتقي مستشار المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية
  • واشنطن: ترامب ونتنياهو بحثا اتفاقا محتملا مع إيران
  • مفاوضات إيران وأمريكا تعود من بوابة روما
  • بتكوين إيران يستهلك طاقة 4 محطات نووية.. طهران تستعد لانقطاعات كهربائية
  • الرئيس الفلسطيني يصل إلى مطار بيروت في زيارة للبنان تستمرّ 3 أيام
  • محمود عباس في بيروت بزيارة رسمية تستمر ثلاثة أيام
  • خامنئي يقيم المفاوضات النووية مع أمريكا.. ماذا قال عن وقف تخصيب اليورانيوم؟