حكمت الصري "عمان": قالت ايناس حسن (32) عامًا، وهى تحمل بيدها بعض الأدوية لطفلها الذى تدهورت حالته الصحية بعد اصابته في قصف خيمتهم في بيت حانون شمال قطاع غزه الاسبوع الماضي " يحلّ على العالم الإسلامي عيد الفطر المبارك، لكنه لم يعد العيد الذي يجلب الفرح والسعادة في قلوبنا في غزة في ظل استمرار الحرب والنزوح ، مجىء العيد يقلّب مواجعنا ويضاعف آلامنا، هذا العيد الثالث الذي يأتي في ظل الحرب ، لا سلع ولا رواتب ولا ملابس لاطفالنا الصغار الذين باتوا ضحية لهذه الحرب التى قتلتهم وقتلت أحلامهم وامالهم ومستقبلهم ".

وأضافت إيناس وقد بدت على وجهها علامات التعب والحسرة وهى تنظر الى طفلها الذي يبلغ من العمر خمس سنوات وهو ملقى على سرير مستشفى الاندونيسي يئن ويتألم بعد أن بترت قدمه بسبب القصف ؛ لتصف كيف كانت تستقبل العيد بتحضير الكعك والمعمول وشراء الملابس لأطفالها.

"حالياً حُرمنا من معنى الحياة ، حرمنا من الشعور بالأمان لا نعلم إن كان سيأتي العيد ونحن على قيد الحياة في ظل القصف المتواصل والجوع الشديد ، لقد حٌرمنا نحن واطفالنا من أن نكون بخير ، الحرب أتعبتنا لدرجة أننا نسينا معنى أن نكون بخير".

وتابعت حديثها بالقول : "غزة دمرت وبيوتنا دمرت وعائلاتنا تشتت وفقدنا الكثير من الأهل والأحبة، لا أحد في غزة بخير ولا مكان لجملة كل عام وأنت بخير، فنحن لسنا بخير ، انظري الى طفلى الذي كان يحلم بشراء ملابس العيد ، أيعقل ان يعيش حياته مبثور القدم بسبب الحرب ؟ أي مسقبل ينتظره ؟!".

ساد الصمت المكان وبكت العيون على الحال الصعب الذي وصل إليه سكان قطاع غزة، الذين عاشوا ما بين ويلات الحرب والدمار والنزوح والإبادة والتجويع.

أن الاحتفال بأي مناسبة في غزة توقف منذ السابع من أكتوبر 2023، حيث قضى العدوان الإسرائيلي على فرحة الناس في استقبال كل المناسبات أو المواسم، بسبب القلق والفقد، وبسبب الحرمان وتردي الأوضاع الاقتصادية.

لكن مع توقيع اتفاق التهدئة في 19 يناير 2025، وعودة الهدوء الى قطاع غزة ، عاد النازحين من شمال قطاع غزة الى بيوتهم المدمرة ، وحاولوا رغم الدمار والخراب الذي خلفته الحرب، بدايه حياتهم من جديد بالتزامن مع تدفق الشاحنات المحملة بالمساعدات إلى قطاع غزة، ادى ذلك الى انخفاض أسعار بعض السلع؛ غير أن هذا الانخفاض لم يدم طويلاً، حيث عادت الأسعار إلى الارتفاع بشكلٍ حادّ بعد إعادة إغلاق المعابر من قبل الاحتلال خلال التصعيد العسكري للجيش الإسرائيلي على القطاع ، ارتفاع أسعار السلع الأساسية خلال هذه الأيام تسبب بنقص حادّ في الإمدادات. هذا النقص في السلع انعكس بشكل مباشر على حياة السكان الذين يعانون تدهور اقتصادي كبير جرّاء الحرب الإسرائيلية الأخيرة التي امتدت خمسة عشر شهرًا.

ومن وجهة نظر ام حسام السيد (55) عامًا ، فإن موسم عيد الفطر كان مرتبطاً بشراء الملابس الجديدة للأطفال وتزيين المنزل وصناعة الكعك والاكلات الشعبية الفلسطينية ، قالت وهى تجلس أمام خيمتها ، داخل مخيم يعج بالنازحين " هذا العام الوضع مختلف، فالأسعار مرتفعة للغاية، والمصاريف تزداد بشكل كبير، إلى جانب القصف والخوف الذي يجعل من الصعب التفكير في أي تجهيزات احتفالية تخص العيد ، عشنا شهر رمضان ونحن نعانى من التقشف والعوز ".

توقفت عن الحديث ثم أضافت بنبرة مليئة بالأسى: "في السنوات السابقة كنا ننتظر قدوم العيد، ونتجهز له ، كانت الأجواء مميزة ، كنا نتوجه للسوق، ونشتري الملابس ، اليوم نعيش أجواء مأساوية.. لسنا قادرين على استقبال العيد، ولا قدرة لنا على أن نكون بخير".

على مقربة من خيمتها كان يقف السيد زياد عرفات (54) عاما ، الذي يعمل مسعف منذ اليوم الأول للحرب على قطاع غزة ، وقد لخص بعبارات يائسة من فم أب راحت منه أسرته في شهور الحرب.

يقول: "أيام ونستقبل العيد ووضعنا مأساوي ومصيرنا مجهول لا نعلم ما القادم، ولا ندري ما الذي ينتظرنا ، بت وحيدًا بدون اسرتي ، بقيت ذكرياتهم الجميلة وضحكاتهم التى لن انساها ".

اضاف هو يقلب بعض صور احفاده عبر هاتف يحمله في يده : " كنت على رأس عملى داخل المستشفى عندما توجهت الى مكان القصف في بيت لاهيا ، كنت اتلقى العنوان من زميلى وانا اسير بالاسعاف مسرعًا لإنقاذ المصابين، تفاجأت اننى اقف امام منزلى المدمر بالكامل وفيه زوجتى وابنائي واحفادي ، كنت احاول انقاذ حياتهم لكنهم غادروا جميعًا وتركوني وحيدًا ، لا أحد في قطاع غزة بخير ، نحن ننتظر مصيرنا المجهول. فقدنا أحبتنا وبيوتنا، سنفتقد أجواء العيد وصلاة العيد، فقدت دفء العائلة وعيدية الأطفال وأصواتهم وفرحتهم بالعيد، وشراء الملابس وكعك العيد".

لم يكن حال الشاب عبود الحداد (31) عامًا بائع الملابس أفضل، فقد حُرق محل الملابس الذي كان يمتلكه بالكامل جراء القصف الإسرائيلي مما اضطره لفتح بسطه في السوق الشعبي بشارع عمر المختار.

وقد وصف عبود الوضع داخل السوق خلال الأسبوع الاخير من شهر رمضان قائلًا " اضطر لإغلاق بسطة الملابس قبيل أذان المغرب بسبب الأوضاع غير المستقرة، بعد ان فقدت كل شيء أصبحت مضطر للعمل فقط من أجل توفير قوت أسرتى واحتياجاتها الأساسية، أن التجهيز للعيد والأجواء المترافقة معه باتت خارج حسابات الأسرة بسبب الوضع الاقتصادي السيء" .

ويبين الحداد أنه بدأ بالعمل على البسطة بفعل عدم قدرته على ترميم محله التجاري خلال الفترة الحالية بسبب عدم استقرار الأوضاع إلى جانب الأسعار الخيالية لمواد البناء، موضحاً أن عمله الحالي لسد الرمق، ولا يتعلق بالموسم صاحب الاحتياجات والتجهيزات المختلفة. ويلقي تجدد الحرب في غزة بظلاله الثقيلة على موسم عيد الفطر لهذا العام، حيث تم تقليص التجهيزات وتضررت الأسواق بشكل كبير، جراء القصف ومشاهد الدمار، وما تلاها من أوضاع اقتصادية صعبة، ما أثر على الأجواء الاحتفالية المعتادة في الأيام العشرة الأخيرة من شهر الصوم.

وفي تصريح صدر عن برنامج الأغذية العالمي جاء فيه أن "الجوع يلوح في الأفق مرة أخرى في قطاع غزة مع بدء نفاد مخزونات الغذاء لدينا ".

وأضاف المصدر انه لم تدخل أي إمدادات غذائية إلى غزة منذ أكثر من 3 أسابيع ، وان المخزونات الغذائية كافية للأسبوعين المقبلين فقط. اضافة الي ان مئات الآلاف في غزة معرضون مرة أخرى لخطر الجوع الشديد وسوء التغذية.

فيما ورد في التصريح ايضا ان النشاط العسكري الواسع في غزة يعطل بشدة عمليات المساعدات ويعرض حياة عمال الإغاثة للخطر.

وفي سياق متصل أوضح المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا في تصريح صحفى له انه لم تدخل أي مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة منذ أكثر من 3 أسابيع، وهذه أطول فترة يعيشها القطاع بدون أي إمدادات منذ بدء الحرب وان الآباء لا يستطيعون إيجاد طعام لأطفالهم والمرضى بلا دواء في غزة فيما يستمر منحى الجوع بالتزايد في غزة بينما يلوح في الأفق خطر انتشار الأمراض ويستمر القصــ.ـف الإسرائيلي فيما أكثر من 140 ألف شخص في غزة اضطروا إلى النزوح بسبب أوامر الإخلاء التي أصدرتها إسرائيل.

وحسب ما ورد عن وزارة الصحة بغزة فإن هناك ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 50,208 شهداء و113,910 إصابات وذلك منذ السابع من أكتوبر عام 2023

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

تقرير أممي: أسوأ سيناريو مجاعة يحصل الآن" في قطاع غزة

أعلن المرصد الرئيسي للأمن الغذائي في العالم الثلاثاء أن « أسوأ سيناريو مجاعة يحصل الآن » في قطاع غزة المحاصر والمدمر بفعل الحرب المستمرة منذ 21 شهرا بين إسرائيل وحركة حماس.

وحذر « التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي » IPC الذي وضعته الأمم المتحدة والصادر الثلاثاء بأن الأزمة الإنسانية « بلغت نقطة تحول مثيرة للقلق الشديد وفتاكة ».

وأكد هذا المرصد الذي تساهم فيه وكالات أممية متخصصة ومنظمات غير حكومية وهيئات محلية، أن عمليات إلقاء المساعدات فوق القطاع « لن تكون كافية لوقف الكارثة الإنسانية »، مشددا على أن عمليات إدخال المساعدات بر ا « أكثر فاعلية وأمانا وسرعة ».

وطالب بالسماح بوصول المساعدات الإنسانية بصورة « فورية وبدون عقبات » مشددا على أنها الوسيلة الوحيدة لوقف « الجوع والموت » اللذين يتصاعدان بسرعة.

وصدر هذا التحذير بعدما نبهت عدة منظمات إنسانية في الأيام الأخيرة من وفيات على ارتباط بالجوع في القطاع.

وذكر التصيف استنادا إلى بياناته الأخيرة أنه تم بلوغ « عتبة المجاعة » في « معظم أنحاء قطاع غزة »، مشيرا إلى تزايد الوفيات بين الأطفال.

وجاء في التقرير أنه « تم نقل ما يزيد عن 20 ألف طفل لتلقي العلاج جراء إصابتهم بسوء تغذية حاد بين أبريل ومنتصف يوليوز، وأكثر من ثلاثة آلاف منهم يعانون من سوء تغذية وخيم ».

وأفاد عن تزايد الوفيات بسبب الجوع بين الأطفال الصغار.

وذكر التقرير أن « أدلة متزايدة تظهر أن تفشي المجاعة وسوء التغذية والأمراض تتسبب بزيادة في الوفيات المرتبطة بالجوع ».

وحذر التقرير من أن « وصول المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة من دون عوائق » هو السبيل الوحيد لوقف تزايد الوفيات.

وأضاف أن « الفشل في التحرك الآن سيؤدي إلى انتشار واسع للموت في معظم أنحاء القطاع ».

وفي ظل ضغوط دولية مكثفة، أعلنت إسرائيل الأحد عن « تعليقا تكتيكيا » يوميا لم تحدد إلى متى ستستمر، من العاشرة صباحا حتى الثامنة مساء، في مناطق محددة من غزة لأغراض إنسانية، مشيرة إلى دخول أكثر من 120 شاحنة محملة بالمواد الغذائية، فيما قامت بعض الدول مثل الأردن والإمارات بإلقاء مساعدات غذائية جوا فوق القطاع.

لكن المرصد لفت إلى أن عمليات الإلقاء من الجو لن تكون كافية « لوقف الكارثة الإنسانية » فضلا عن أنها باهظة الكلفة وتنطوي على مخاطر.

وأكد أن تسليم المساعدات برا « أكثر فاعلية وأمانا وسرعة ».

وشدد على أن السكان الأكثر ضعفا الذين يعانون من سوء تغذية حاد وبينهم أطفال « بحاجة للحصول على علاج منقذ للحياة بصورة متواصلة » من أجل التعافي.

ولفت إلى أنه « بدون تحرك فوري، سيستمر الجوع والموت في الانتشار بسرعة وبدون توقف ».

وقال المرصد إن تحذيره لا يعتبر بمثابة تصنيف جديد للمجاعة، بل يهدف إلى لفت الانتباه إلى الأزمة بناء على « آخر الأدلة المتوافرة » حتى 25 يوليوز.

وأكد أنه يعمل على « توصية » أكثر دقة يصدرها في أسرع وقت ممكن ويضمنها تصنيفاته.

وكان التصنيف المرحلي المتكامل أفاد في تقرير في ماي بأن قطاع غزة يواجه مستوى « حرجا » من خطر المجاعة فيما 22% من سكانه مهددون بأن يعانوا من وضع « كارثي ».

 

 

امس-اك/دص/غ ر

 

كلمات دلالية الأمم المتحدة المجاعة تصنيف تقرير غزة

مقالات مشابهة

  • هل الخيار المتطرف الذي تبحثه إسرائيل في غزة قابل للتنفيذ؟
  • الحسان: الأمم المتحدة تجاهد لتطبيق اتفاقية سنجار ولا موعد نهائي لحسم ملف النزوح
  • بالصور: خيوط النجاة في مراكز الإيواء
  • تقرير أمني ايراني يكشف عن خسائر اسرائيل في الحرب
  • تقرير عبري: طرد السفير الإسرائيلي لدى الإمارات بسبب سلوك مهين
  • جيمي لي كورتيس تتحدث عن الضرر الذي لحق بالنساء بسبب صناعة التجميل
  • تقرير: نتنياهو يدرس ضم أراض في غزة حال فشلت مفاوضات وقف إطلاق النار
  • تقرير أممي: أسوأ سيناريو مجاعة يحصل الآن" في قطاع غزة
  • تقرير يحذر من أزمة شوكولاتة في أوروبا بسبب الانهيار المناخي
  • منظمات المجتمع المدني بغزة: تقرير "بتسيلم" خطوة مهمة لمحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين