يمانيون|

في خطوة لافتة، كشف تقرير من شبكة “سي إن إن” عن التكلفة الإجمالية للهجوم الأمريكي على حركة أنصار الله في اليمن، والتي تقترب من مليار دولار في فترة زمنية قصيرة، لا تتجاوز الثلاثة أسابيع، على الرغم من هذا الإنفاق الضخم، تُظهر التقارير أن التأثير على قدرات الحركة كان محدودًا جدًا.

العملية العسكرية، التي بدأت في الـ 15 من مارس الماضي، شهدت استخدام ذخائر متطورة تبلغ قيمتها مئات الملايين من الدولارات، من بين هذه الأسلحة، صواريخ جاسم (JASSM) وصواريخ توماهوك، بالإضافة إلى القنابل الموجهة عبر نظام تحديد المواقع العالمي(GPS)، وهي أسلحة دقيقة بعيدة المدى صممت لتحقيق إصابات قاتلة، ومع ذلك، فإن هذا الهجوم، الذي من المفترض أن يكون ضربة مدمرة للحركة، لم يُسهم إلا في الحد الأدنى من تدمير البنية العسكرية للحركة، بل لم يقضِ على مخزون الأسلحة الكبير الذي تحتفظ به الحركة في مواقع مخفية تحت الأرض.

مقاومة حديدية
أحد النقاط المثيرة للاهتمام في العملية هو استخدامها للأسلحة الموجهة بدقة عالية مثل قاذفات B-2 والصواريخ المجنحة من نوع JASSM ولكن، مع كل هذه القوة الجوية، تظل حركة أنصار الله قادرة على استمرار عملياتها العسكرية بفعالية، كما يظهر في إطلاقها المتواصل للصواريخ والطائرات المسيرة ضد السفن في البحر الأحمر، صحيح أن الضربات الجوية دمرت بعض المواقع العسكرية التابعة للحركة، ولكن القوة الحقيقية التي تمتلكها الحركة لا تزال قائمة، بل إن الهجوم الأمريكي لم يكن قادرًا على الحد من هذه الأنشطة.

من الناحية العسكرية، حركة أنصار الله تعتمد على أساليب تكتيكية معقدة، مثل اختباء قياداتها في مواقع تحت الأرض، ما يجعل من الصعب على الطائرات الأمريكية تدمير هذه البنى التحتية، ولعل أكثر ما يثير الدهشة هو استمرار الحركة في إطلاق الطائرات المسيرة وتوجيهها نحو أهداف بحرية أمريكية بالرغم من الضربات المستمرة، هذه القدرة على التعافي السريع تعتبر علامة فارقة في استراتيجية حركة أنصار الله، ما يطرح تساؤلات حول فعالية الهجمات العسكرية الأمريكية.

التكلفة الباهظة.. من أين يأتي الدعم؟
قد تكون الأسلحة الدقيقة التي استخدمتها الولايات المتحدة قد ساهمت في الحد من الأضرار الجانبية، إلا أن تكلفة العملية العسكرية تجعلها أكثر تعقيدًا في استدامتها، استخدام الأسلحة بعيدة المدى مثل صواريخ توماهوك، والتي تعتبر من الأسلحة باهظة التكلفة، كان له أثر واضح في استنزاف المخزون العسكري الأمريكي، ما يعني أنه قد يتعين على الولايات المتحدة طلب تمويل إضافي من الكونغرس لمواصلة العملية.

لا يقتصر القلق على استنزاف الذخائر فحسب، بل يتعدى ذلك إلى القلق من تأثير الحملة العسكرية على الاستعداد العسكري الأمريكي في مناطق أخرى، وخاصة في منطقة المحيط الهادئ، الهجوم المستمر ضد حركة أنصار الله قد يضع عبئًا كبيرًا على الاستراتيجية الأمريكية في آسيا، ما يؤدي إلى تأخير أو إضعاف الجاهزية في مواجهة تحديات قد تنشأ في أماكن أخرى مثل بحر الصين الجنوبي أو منطقة المحيط الهادئ.

أهداف غير واضحة ونتائج غير مؤكدة
من بين النقاط المثيرة للجدل في العملية العسكرية، هو غياب استراتيجية واضحة بشأن الهدف النهائي للهجوم، في بداية الهجوم، أعلنت الولايات المتحدة عن أهداف واضحة مثل وقف الهجمات على السفن في البحر الأحمر، ومع مرور الأسابيع، بدا أن هذه الأهداف أصبحت أقل وضوحًا، ما يثير تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الحملة العسكرية هي مجرد استجابة تكتيكية قصيرة الأمد أو بداية تصعيد طويل الأمد في المنطقة.

لا يزال من غير الواضح ما هي نهاية هذا التصعيد، فحتى مع الضغط العسكري المستمر، لا تزال حركة أنصار الله قادرة على مواصلة عملياتها العسكرية، كما تبين من خلال إسقاط الطائرات الأمريكية مؤخراً، من هنا، فإن الاستمرار في هذه الحملة من دون تحديد هدف استراتيجي واضح قد يؤدي إلى استنزاف عسكري بلا نتائج ملموسة على الأرض، ما يزيد من تعقيد الأمور بالنسبة للولايات المتحدة.

تحولات السياسة العسكرية
في الآونة الأخيرة، تم تسجيل تحول في القيادة العسكرية الأمريكية، حيث أصبح من الممكن للقادة العسكريين اتخاذ قرارات تنفيذ الضربات الجوية دون الحاجة إلى موافقة مباشرة من البيت الأبيض، هذا التحول يشير إلى عودة أسلوب الإدارة الأمريكية السابقة في اتخاذ قرارات عسكرية سريعة بدلاً من السياسة الدقيقة التي اعتمدتها إدارة بايدن.

هذا التغيير في سياسة اتخاذ القرارات يعكس ضغوطًا على القيادة العسكرية للحد من الضغوط السياسية وتوجيه الضربات العسكرية حسب ما يراه القادة العسكريون مناسبًا، ومع ذلك، يبقى التساؤل الأهم هل ستستمر هذه الضربات في تحقيق تأثير استراتيجي؟ أم إنها ستستنزف الموارد الأمريكية بشكل غير مجدٍ؟ كما أن استمرار الهجمات رغم تأثرها المحدود قد يطرح تساؤلات حول ما إذا كانت هذه الهجمات هي جزء من استراتيجية أوسع أم إنها مجرد رد فعل عسكري طارئ.

إسقاط الطائرات الأمريكية
في تطور مفاجئ يضع الولايات المتحدة في مأزق عسكري غير متوقع، أعلنت القوات المسلحة اليمنية عن إسقاط 21 طائرة أمريكية من طرازMQ-9 ، وهو إنجاز غير مسبوق يعكس قدرة الدفاع اليمني على التصدي لأحدث التقنيات العسكرية الأمريكية، هذه الطائرات، التي تُعد من بين الأكثر تطورًا في العالم، صُممت لأغراض التجسس والعمليات الهجومية الدقيقة، ولكنها أصبحت ضحايا لأيدي الدفاع اليمني.

من خلال هذا الإنجاز، تُثبت اليمن أن سماءها لم تعد تحت سيطرة القوات الأمريكية أو حلفائها في التحالف السعودي الأمريكي، إن إسقاط الطائرات، التي تقدّر تكلفة الطائرة الواحدة منها بـ 32 مليون دولار، هو ضربة اقتصادية استراتيجية تلحق بأكبر صناعة سلاح في العالم، الخسائر الأمريكية التي تقدر بـ 670 مليون دولار ليست مجرد خسائر مالية، بل تشير إلى فشل ذريع للمنظومات العسكرية الأمريكية في التصدي للقدرات الدفاعية اليمنية المتنامية.

لكن ما هو أكثر إثارة في هذا الإنجاز هو السياق السياسي والرمزي الذي حمله، فالإسقاطات كانت جزءًا من عملية “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، التي أُطلقت لدعم غزة في مقاومة الاحتلال، اليمن بذلك لا يرسل رسالة للمجتمع الدولي فحسب، بل يؤكد دوره في معركة الأمة ضد الهيمنة الأمريكية، ويدعو إلى موقف ميداني حازم ضد القوى الاستعمارية.

لقد تبين أن العمليات العسكرية، التي كانت تهدف إلى تعزيز وجود التحالف الأمريكي في المنطقة، قد انقلبت ضد مصالح أمريكا، حيث أصبح اليمن قادرًا على ردع الطائرات التجسسية بل إسقاطها بشكل دقيق ومتسلسل في مختلف مناطق البلاد، من مأرب إلى صعدة وصولًا إلى الحديدة.

إن هذا التطور يُظهر أن الولايات المتحدة لم تعد في مأمن، وأن الهيمنة العسكرية الأمريكية على المنطقة تواجه تحديات غير مسبوقة، فإن كان سقوط 21 طائرة قد شكل ضربة معنوية وعسكرية كبيرة، فإن استمرار المقاومة اليمنية سيكون بمثابة رسالة للعالم بأسره: إن “اللعب فوق اليمن” لم يعد بلا ثمن.

في الختام، من الواضح أن الهجوم العسكري الأمريكي على حركة أنصار الله قد تخللته العديد من التحديات العسكرية والسياسية، بينما تحقق الولايات المتحدة بعض الانتصارات التكتيكية، فإن التأثير الاستراتيجي للحملة العسكرية يظل ضعيفًا مقارنةً بالتكلفة العالية التي يتم دفعها.

وفي ضوء ذلك، يبدو أن الولايات المتحدة بحاجة إلى إعادة النظر في استراتيجيتها في اليمن، فاستمرار الهجوم من دون تحديد أهداف استراتيجية واضحة قد يؤدي إلى استنزاف طويل الأمد، دون أن يحدث تأثيرًا حاسمًا على الميدان، كما أن التركيز على الحلول السياسية بالتوازي مع الإجراءات العسكرية قد يكون أكثر فاعلية في تحقيق استقرار طويل الأمد في المنطقة.
——–

* المادة نقلت حرفيا من موقع الوقت

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: العسکریة الأمریکیة الولایات المتحدة حرکة أنصار الله

إقرأ أيضاً:

إصابة 14 شخصاً في حادث طعن في الولايات المتحدة

نيويورك-سانا

أصيب ما لا يقل عن 14 شخصاً في حادث طعن في أحد متاجر وول مارت بمدينة ترافيرس سيتي، في الجزء الشمالي من ولاية ميشيغان الأمريكية.

ونقلت شبكة إيه بي سي نيوز الأمريكية اليوم عن قائد شرطة مقاطعة جراند ترافيرس مايكل شيا قوله للصحفيين: “إن رجلاً يبلغ 42 عاماً دخل المتجر واستخدم سكيناً قابلاً للطي وطعن عدداً من الأشخاص، مشيراً إلى أن المشتبه به قيد الاحتجاز، وأن الهجوم يبدو عشوائياً”.

بدورها أفادت شركة مونسون للرعاية الصحية في بيان بأن ثلاثة أشخاص خضعوا لعملية جراحية في مركزها الطبي، بينما يرقد 11 آخرون من الضحايا في حالة خطرة إلى حرجة.

حادث طعن في بمدينة ترافيرس سيتي 2025-07-27najwaسابق الأجندة الثقافية في سوريا ليوم الأحد الـ 27 من تموز 2025التالي 271 قتيلاً جراء الأمطار الغزيرة في باكستانآخر الأخبار 2025-07-27271 قتيلاً جراء الأمطار الغزيرة في باكستان 2025-07-27إصابة 14 شخصاً في حادث طعن في الولايات المتحدة 2025-07-27الأجندة الثقافية في سوريا ليوم الأحد الـ 27 من تموز 2025 2025-07-27قيادة الأمن الداخلي في محافظة اللاذقية تقبض على المجرم وضاح سهيل إبراهيم، أحد قادة المجموعات الخارجة عن القانون، المتورطين بتنفيذ اعتداءات على حواجز أمنية ونقاط عسكرية خلال آذار الماضي 2025-07-27الأمن الداخلي في اللاذقية ينفذ عمليات نوعية ضد خلايا إرهابية ويلقي القبض على بعض عناصرها 2025-07-27مديرية الأمن الداخلي في منطقة جبلة تقبض على أحد قادة المجموعات الخارجة عن القانون، المجرم إبراهيم نضال عثمان، بالإضافة إلى المجرمين ماهر نضال عثمان وماهر حسين أحمد علي من المجموعة نفسها، وذلك لتورطهم بتنفيذ عمليات إرهابية استهدفت مواقع عسكرية وأمنية في الـ 6 من آذار الماضي 2025-07-26قوات الاحتلال الإسرائيلي تستولي على سفينة “حنظلة” المتجهة إلى غزة 2025-07-2679 مركز إيواء وآلاف الوافدين من السويداء… وزارة الطوارئ تواصل تقديم الاستجابة الشاملة 2025-07-26الرئيس الشرع يتسلّم النسخة النهائية من النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب 2025-07-26اقتصاديون أردنيون: العلاقات السورية الأردنية تشهد تحولاً نحو الانفتاح والتكامل

صور من سورية منوعات أمازون تغلق مختبرها للذكاء الاصطناعي بالصين 2025-07-25 بحث جديد: جلد القرش الأزرق يخفي تراكيب نانوية تساعده على تغيير لونه 2025-07-25
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • وزير الدفاع اليمني يكشف عن خطة استراتيجية بمشاوكة أربع دول لإقتلاع الحوثيين من اليمن لكنه أصيب بالصدمة .. عاجل
  • تفاصيل مباحثات وزير الداخلية مع السفارة الأمريكية في اليمن
  • الحوثيون يعلنون احتجاز 10 أفراد من طاقم سفينة أغرقوها قبالة سواحل اليمن
  • رابطة الدوري الأمريكي لكرة القدم تسعى لاستقطاب مولر إلى الولايات المتحدة
  • سي إن إن:الولايات المتحدة استنفدت نحو ربع مخزونها من صواريخ ثاد خلال حرب إسرائيل مع إيران
  • مستنقع اليمن.. لماذا لا تنتصر القوة الأمريكية على الحوثيين؟ (ترجمة خاصة)
  • جنرال أمريكي: هجمات الحوثيين في البحر الأحمر ساهمت في تطوير التكتيكات العسكرية الأمريكية
  • عطاف يستقبل المستشار الرفيع لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية لإفريقيا
  • ما هي الخيارات الأخرى التي تدرسها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد حماس؟
  • إصابة 14 شخصاً في حادث طعن في الولايات المتحدة