قصة فرنسا مع الأقليات والطائفية السياسية في سوريا
تاريخ النشر: 8th, April 2025 GMT
يبدي السوريون مخاوف عميقة، من دعوات أطلقتها شخصيات تنتمي لأقليات دينية، تدعو فيها إلى رسم خريطة جديدة للبلاد تتطابق إلى حد ما، مع خريطة الربع الأول من القرن الـ20، عندما أسست سياسة الاستعمار الفرنسي في سوريا التوجهات الانفصالية لدى بعض الطوائف، وشجعتها للمطالبة بالاستقلال عن حكومة دمشق، بعد إنشاء حكومات خاصة بها، تحولت تباعا إلى كيانات ودول مصطنعة لم تعمر طويلا.
ورأى خبراء أن ما يجري من تمرد على النظام الجديد تقوده فئات ممن فقدوا مكتسباتهم بسقوط نظام بشار الأسد المخلوع، إنما ينم عن رغبة للعودة بعقارب الساعة إلى الوراء، وإنتاج كيانات مستقلة، على غرار ما شهدته سوريا في ظل الاحتلال الفرنسي قبل 100 عام.
يستعرض هذا التقرير دور الاستعمار الفرنسي في زرع بذور الطائفية في المجتمع السوري وتوظيفها في تحقيق أهدافها الإستراتيجية حتى بعد زوال الاستعمار العسكري، وتأثير ذلك على مستقبل البلاد.
تتحمل باريس إلى اليوم -حسب الكاتب الفرنسي كريستيان دو مولينر- قدرا كبيرا من المسؤولية، تجاه ما يجري في سوريا منذ عام 2011.
فقد اتسمت الحرب التي بدأها بشار الأسد في ذلك العام -وفق تحليله- ببعد ديني لا يقبل الجدل، ومع أنه ليس السبب الوحيد، لكنه أساسي، فقد تدخل حزب الله وإيران بشكل حاسم إلى جانبه لأنه علوي، وبالتالي فهو محسوب على الشيعة، وإن كان هناك من يطعن في هذا الانتماء.
ردّ مولينر في مقاله المنشور بصحيفة "لو فيغارو" الفرنسية على الصراعات التي شهدتها الساحة السورية، مُرجعًا أسبابها إلى جذور تاريخية تعود لنهاية الحرب العالمية الأولى، حيث حصلت فرنسا على تفويض من عصبة الأمم يتيح لها انتداب سوريا ولبنان بهدف تنظيمهما وتأهيلهما لتحقيق الاستقلال في أسرع وقت ممكن.
إعلانلكن ما فعلته باريس أولا هو أن مزقت المنطقة التي أوكلت إليها، حسب مولينر، فأنشأت منطقة علوية على ساحل البحر الأبيض المتوسط، ودولة عاصمتها حلب، ودولة أخرى مركزها دمشق، وأخيرا دولة درزية.
وأضاف "إذا كان المسيحيون والعلويون ينظرون إلى هذا التدخل بشكل إيجابي، فإن الأمر لم يكن كذلك مع المسلمين الآخرين. فقد فضل أولئك إنشاء مملكة يحكمها الأمير الهاشمي فيصل، وكان على فرنسا شن حرب دموية ضد دمشق. ولو كنا بين عامي 1920-1925 احترمنا الانتماءات الوطنية، وشكلنا تلك البلاد على أساس الشعور بالانتماء للمجتمع، لكنا بلا شك قد أنقذنا حياة 300 ألف إنسان في القرن الـ21".
ذريعة الدفاع عن الأقليات
في سياق التاريخ، ستظل باريس حاضرة في المشهد السوري، رغم مضي نحو 80 عاما على رحيل آخر جندي فرنسي عن البلاد. فمنذ أن وطئت جيوشها الأراضي السورية، بررت احتلالها للبلاد وتقسيمها بمبررات الدفاع عن الأقليات.
وفي هذا الصدد، يؤكد الباحث السوري من الطائفة العلوية محمد هواش أن دفاع باريس عن الأقليات، لم يأت عبثا، فقد كان يرمي إلى هدفين:
أولهما مجابهة القومية العربية التي ينادي دعاتها بالاستقلال التام. وثانيهما تقوية العناصر الموالية لها تقليديا، أو التي يحتمل ولاؤها كالمسيحيين والعلويين والدروز.وأشار في كتابه "عن العلويين ودولتهم المستقلة" إلى أن وثائق الخارجية الفرنسية لعام 1920 أكدت صراحة أن أقاليم اللاذقية وجبل الدروز في السويداء، لم تكن تصلح لتكون دولا بالمعنى المتعارف عليه دوليا. غير أن إصرار القيادة الفرنسية على إنشائها، وتوحيدها لاحقا مع دولة دمشق وحلب في عام 1922 كان بسبب حاجتها إلى إقرار دستور، يضمن للمسيحيين وطنا قوميا في لبنان.
واستند في تعزيز رأيه، إلى وثائق ومحفوظات من الأرشيف الفرنسي تكشف وجود تعليمات إلى المفوضية الفرنسية في الشرق، تنص على إنشاء دولة مسيحية في لبنان مقابل الدولة السورية وعلى حسابها إذا اقتضى الأمر. في حين وقعت الأقليات المذهبية والعرقية وعلى رأسها العلويون -بحسب هواش- ضحية، وغدت عنصرا من عناصر المساومة.
إعلانوألمح إلى أن العلويين الذين يميلون بطبعهم إلى تصديق ما يوعدون به، علاوة على سذاجتهم السياسية، وقعوا في الفخ، عندما منحهم الانتداب كيانا وأبرز شخصياتهم، مقابل أن يضطلعوا إلى جانب الدروز وسكان الجزيرة السورية (الأكراد) بمسؤولية الانفصال عن الكيان السوري. مؤكدا أنه "لم تكن دولة العلويين في الواقع سوى حجة أو ذريعة لسلطات الانتداب الفرنسي، كي تتمكن من تقسيم وتمزيق سوريا كما تشاء، واستخدامها للمقايضة عندما تقتضي مصالحهم".
يرى هواش أن دولة العلويين ودولة جبل الدروز لم تكونا -بأفضل الأحوال- أكثر من عملة للمقايضة. وينطبق الأمر بصورة خاصة، على الدولة العلوية التي "أوجدها الانتداب، وأدارها الانتداب، ودفنها الانتداب لمصلحته" كما يقول.
وفق المصدر، لم تخف باريس -على الرغم من تجميل سياستها الاستعمارية برعايتها للأقليات والطوائف- تفضيلها للمسيحيين، مما أثار هواجس الأغلبية المسلمة، وضاعف من مخاوفها، وزد على ذلك، أن الأقليات بحد ذاتها لم تكن كلها، ثقافيا واجتماعيا، معدة للمساهمة في اللعبة الفرنسية التي تجاوزت قدراتها.
وتكمن المشكلة في أن أجهزة الانتداب استطاعت أن تغرس في أذهان معظم المواطنين وهمَ بقائها الدائم في البلاد، ورأى هواش أن من البديهي أن يؤخذ العلويون بهذا الوهم، الذي منحهم شبه دولة يحكمها ضباط فرنسيون من قمة الهرم إلى قاعدته.
في المحصلة لم يكن العلويون المأخوذون بالوهم الفرنسي سواء، فقد أشار الباحث هواش إلى أن وثائق الخارجية الفرنسية -التي ترجمها خلال إقامته في باريس وضمنها في الكتاب- تؤكد أنه مقابل من كان يسعى من العلويين للانفصال عن سوريا، ويدعمه بكل قوة، كانت زعامات علوية أخرى، وطنية ووحدوية، تمتلك رغبة أكيدة للاتحاد مع الدولة، والعودة إلى حضنها، مضيفا "ثمة علويون بارزون كانوا يعملون بلا كلل عندما اتضحت الحقائق، للانضمام للدولة السورية".
إعلانونقل عن محفوظات الخارجية الفرنسية، نص برقية موجهة إلى وزير الخارجية الفرنسي (الأرشيف، سوريا ولبنان، المجلد 492) وقعها زعماء عدة عشائر علوية في الساحل السوري عام 1936 -وهو العام الذي كانت المفاوضات السورية الفرنسية في باريس جارية خلاله على قدم وساق من أجل إعلان استقلال البلاد ووحدة أراضيها- أعلنوا فيها نفاد صبرهم من سياسة التفرقة المشؤومة التي ينتهجها ممثلو فرنسا، ومحاربتهم كل مبادرة لتوحيد سكان البلد الواحد.
وقالت البرقية "إن الحجج والذرائع التي يسوقها أنصار فرنسا لتبرير انفصالهم عن سوريا، بدعم خفي من الحاكم شوفلير وضابط الاستخبارات الكابتن فيللو، باتت مكشوفة، ومن السهل إثبات بطلانها، عدا عن أنها تتنكر لوطنهم وأصلهم بهدف تأمين المصالح والامتيازات الزائلة، التي يلوح لهم بها الحكام".
من يطالب بحماية الأقليات؟
وتتعرض سوريا في مرحلة ما بعد الأسد، لهجمات إعلامية تقودها حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، تتعلق بحقوق الأقليات، على الرغم من التصريحات التي أدلت بها الحكومة الحالية، تؤكد فيها حرصها على احترام التنوع في سوريا، وعدم المساس به، أو بحقوقه، وحمايته كجزء لا يتجزأ من المجتمع.
وشهد مصطلح حماية الأقليات، الذي تتبناه إلى جانب بعض القوى المحلية قوى خارجية، انتشارا واسعا عشية التمرد المسلح الذي قادته فلول الأسد للسيطرة على مدن الساحل السوري، بالتزامن مع تصريحات إعلامية، لشخصيات بارزة في محيطها الديني والاجتماعي.
في مقدمة تلك الشخصيات الزعيم الروحي للطائفة الدرزية الشيخ حكمت الهجري، الذي علق بشكل سلبي على تطورات المشهد السوري لا سيما بالتزامن مع تحرك الفلول في الساحل السوري في 7 مارس/آذار الماضي، مما استدعى ردود فعل مؤيدة ومعارضة، كشف تحليلها ظهور مستويات عالية لخطاب الكراهية، وتصاعد استخدام مصطلحي الأغلبية والأقلية.
إعلانوكذلك الشيخ وفيق أسعد رجب، وهو شخصية بارزة في الطائفة العلوية، وكان قد طالب -في بيان له- المنظمات الدولية بالتدخل لحماية المجتمع العلوي.
والراهبة أغنيس مريم دي لاكروا، رئيسة دير القديس مار يعقوب للروم الكاثوليك في ريف دمشق، التي ورد على لسانها ما هو أشد خطورة، حين طلبت من إسرائيل التدخل لحماية الأقليات في سوريا، قائلة "إذا أرادت إسرائيل، التي أعلنت بالفعل قربها من الدروز، أن تأتي إلينا للحماية، سوف نكون راضين جدا".
واعتبر السياسي السوري، عماد غليون، أن أي حديث طائفي أو أقلي، كالذي يجري بصراحة على ألسنة بعض الفئات المتضررة من سقوط النظام المخلوع، هو عصيان يمثل حالة انقلابية على الدولة.
وأضاف غليون في حديث للجزيرة نت أن هذه الحالة تشجعها في الواقع قوى إقليمية، تطمح اليوم للعودة إلى المشهد السياسي السوري، عن طريق أشخاص يستغلون منصات التواصل الاجتماعي، لتزييف الواقع بهدف تضليل الرأي العام الداخلي والخارجي، واستجلاب التعاطف الدولي.
وانتقد غليون عملية تأجيج الرأي العام ضد القيادة الجديدة، وإشاعة حالة من عدم اليقين، في وقت تحتاج البلاد فيه إلى قوى إيجابية تساعد على نهوضها، ورأب التصدعات التي خلفها النظام السابق على الصعد الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ومواصلة بناء دولة ديمقراطية حرة يحكمها القانون، بعد عقود من الاستبداد والإقصاء.
طائفتان لا ثالث لهما
في السياق ذاته، وصف الكاتب السوري سمير سطوف، وهو مسيحي معارض سابق لنظام الأسد، المظلومية التي تدعيها بعض الأقليات، بالتعصب القاتل.
وكتب على منصة فيسبوك منتقدا ما تدعو إليه بالقول "في الساحل السوري، وفي شرق الفرات، وفي جبل العرب، وفي عموم سوريا، هناك طائفتان".
وشرح ذلك قائلا "الطائفة السورية المؤمنة بوحدة سوريا شعبيا ومجتمعيا وجغرافيا، وهي الطائفة الحريصة على استقرار البلد، والمضي به إلى دولة المواطنة والحرية والديمقراطية، وفصل السلطات واستقلالية القضاء، والطائفة الأسدية المجرمة، التي يتفرع عنها تفريخا، أطراف قوى الثورة المضادة، وبعضهم يريد استكمال دورة الإجرام الأسدي، بغض النظر عن طروحاته وشعاراته المزيفة إن كانت عن وعي أو عن جهل".
إعلانوأشار إلى أن المصطلحات المتداولة عن سنة أكثرية، أو عن أقليات مسيحية، أو علوية أو درزية أو إسماعيلية أو كردية أو آشورية، ليس سوى حرف لمسارات الواقع الثوري والوطني، عن المنحى الذي يؤدي إلى بناء بلد عابر للطوائف والأعراق، تطمح للوصول إليه الأكثرية الساحقة من السوريين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الخارجیة الفرنسی فی الساحل السوری فی سوریا إلى أن
إقرأ أيضاً:
لماذا اعترف ماكرون بفلسطين الآن؟
قبل أيام، تحديدا في 24 يوليو/تموز الحالي أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه سيعلن اعتراف بلاده رسميا بدولة فلسطين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل.
وبذلك يكون ماكرون في طريقه للوفاء بالتعهد الذي قطعه منذ أشهر، والذي أشار خلاله مرارا بوضوح أحيانا وخفية في أحيان أخرى إلى أن بلاده ستعترف بدولة فلسطين، وذلك رغم الغضب الكبير الذي قابلت به إسرائيل ومسؤوليها تلميحات وتصريحات ماكرون المتكررة بشأن تلك المسألة، والذي بلغ درجة توجيه الشتائم إلى الرئيس الفرنسي من قبل يائير نتنياهو نجل رئيس الوزراء الإسرائيلي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الهزائم العسكرية العجيبة.. لماذا نتفاجأ مما نعرفه؟list 2 of 2البروفيسور كيوهان لـ”الجزيرة نت”: ترامب أنهى قرن أميركا الطويل وجفَّف منابع قوتهاend of listففي وقت سابق من أبريل/نيسان الماضي وردا على تغريدة لماكرون أيد خلالها حق الفلسطينيين في إقامة دولة تعيش بسلام إلى جانب إسرائيل (بدون حماس والمقاومة) مشيرا أنه يمكن التوصل إلى صيغة لذلك خلال الأشهر المقبلة غرد يائير قائلا "اللعنة عليك (في إشارة إلى ماكرون)، نعم لاستقلال كاليدونيا الجديدة، نعم لاستقلال بولينيزيا الفرنسية، نعم لاستقلال كورسيكا، نعم لاستقلال بلاد الباسك، نعم لاستقلال غويانا الفرنسية، أوقفوا الإمبريالية الجديدة لفرنسا في غرب أفريقيا".
والأكثر من ذلك أن يائير نال دعما صريحا من والده بعد هذا "التجاوز الدبلوماسي" الفج، حيث وصفه بأنه "صهيوني حقيقي يهتم بمستقبل دولته".
لكن التعليقات الإسرائيلية الناقدة والغاضبة لا يبدو أنها أفلحت -حتى الآن- في ثني ماكرون عن نواياه.
ولما كان الرئيس الفرنسي أبعد ما يكون عن أن يوصف بأنه "صديق للفلسطينيين" في وقت تصنف فيه بلاده واحدة من أكبر الداعمين لإسرائيل سياسيا وعسكريا حتى إنها لم تتوقف عن توريد الأسلحة إليها وسط الإبادة الجماعية الجارية في غزة فإن موقف ماكرون يثير العديد من التساؤلات: فما الذي يدور حقا في رأس الرئيس الفرنسي؟ ولماذا أقدم على هذه الخطوة الآن؟ وهل سيغير التحرك الفرنسي شيئا على أرض الواقع؟
إعلان لعبة البوكر الفرنسيةجاء إعلان ماكرون قبيل أيام من استضافة الأمم المتحدة المؤتمر الدولي للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتطبيق حل الدولتين برئاسة فرنسا والمملكة العربية السعودية، والذي انطلقت فعالياته في نيويورك في 28 يوليو/تموز الحالي، بهدف وضع خارطة طريق تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة "تعيش بسلام بجوار إسرائيل".
ومن المقرر أن تعنى الجلسات المنعقدة يومي 28 و29 يوليو/تموز الجاري على مستوى وزراء الخارجية بالتحضير لقمة أوسع على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل يؤمل خلالها في إعادة صياغة موقف عدد من الدول الغربية من خلال الاعتراف -ولو كان اسميا- بدولة فلسطين وإعادة إحياء مسار حل الدولتين.
لا يمكن التكهن إذا كان المؤتمر سوف يفلح في تحقيق مبتغاه، خاصة مع الهجوم الإسرائيلي والأميركي الصريح عليه، لكن خلال العامين الأخيرين -وتحديدا منذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023- اعترفت 9 دول جديدة بالدولة الفلسطينية، من بينها 5 دول أوروبية هي إسبانيا والنرويج وأيرلندا وسلوفينيا وأرمينيا، ليرتفع بذلك عدد الدول التي تعترف بفلسطين إلى 141 دولة (دون حساب الاعتراف الفرنسي المنتظر).
لكن موقف باريس على وجه التحديد أثار صخبا خاصا، حيث ستكون فرنسا الأولى ضمن مجموعة دول السبع الصناعية الكبرى التي تعترف بفلسطين ويُخشى أن يتسبب ذلك في تدحرج كرة الثلج ولحاق دول أخرى بالركب، خاصة بريطانيا التي يواجه التي يواجه رئيس وزرائها كير ستارمر بالفعل ضغوطا كبيرة من حزبه للإقدام على هذه الخطوة.
ورغم أن ماكرون حرص على تغليف خطوته تلك بطابع قيمي قائلا إنها تنطلق من التزامات التاريخية لتحقيق السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط وأنها أضحت ضرورة ملحة بسبب الحاجة لإنهاء حرب غزة وإنقاذ المدنيين فإن هناك الكثير من الدوافع السياسية والشخصية التي تبرر قرار الرئيس الفرنسي.
وفي قلب هذه الدوافع تقع النظرة الفرنسية (والماكرونية تحديدا) لإسرائيل تحت حكم كل من بنيامين نتنياهو، فرغم الدعم الكبير الذي قدمته فرنسا لإسرائيل على كافة المستويات منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة فإن العلاقات بين ماكرون ونتنياهو كانت تتدهور تدريجيا بمرور الوقت، حتى إن صحيفة هآرتس العبرية وصفتها بأنها "تراجعت 30 عاما إلى الوراء".
العلامة الكبرى على هذه الردة كانت تلويح الرئيس الفرنسي العام الماضي بحظر تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، صحيح أن جيش الاحتلال لا يعتمد على التسليح الفرنسي، حيث لا تتجاوز قيمة الصادرات الفرنسية إلى إسرائيل 30 مليون دولار، وهو رقم ضئيل للغاية مقارنة بالمدد غير المنقطع الذي تقدمه الولايات المتحدة، لكن ذلك التلويح وحده لا يخلو من دلالة رمزية قوية حين يصدر من عضو دائم في مجلس الأمن يملك صوتا دبلوماسيا مسموعا وإن بات اليوم أكثر خفوتا من ذي قبل.
والأهم من ذلك هو أن هذه الردة في العلاقات الإسرائيلية الفرنسية تستند إلى سابقة تاريخية حينما أعلن شارل ديغول حظر تصدير الأسلحة إلى إسرائيل على خلفية حرب عام 1967، مما تسبب في برود كبير في علاقات الطرفين، ودفع إسرائيل إلى الاستغناء عن طائرات ميراج الفرنسية والاعتماد بشكل حصري على الأسلحة الأميركية في العقود اللاحقة.
برود تفاقم مع وصول جاك شيراك إلى الإليزيه، والذي كان يصنف من قبل البعض صديقا لياسر عرفات (لدرجة أنه استقبله للعلاج في مستشفى في باريس قبل وفاته)، وكان يرى القضية بعيونه كما يقول مقربون منه.
ورغم عودة العلاقات الحميمية التقليدية بين فرنسا وإسرائيل تحت حكم ساركوزي وخلفه فرانسوا هولاند وحتى ماكرون الذي طالما دافع عن إسرائيل وأشاد بها في تصريحاته فإن تطورات الحرب على غزة وضعت ماكرون وفرنسا في موقف حرج، لدرجة أن الرئيس الفرنسي أسرَّ إلى مقربين منه بأن تحركات الإسرائيليين تجعلهم يخرجون شيئا فشيئا عن دائرة المواقف التي يمكن دعمها من طرف الإليزيه، وفقا لما نقلته تقارير صحفية.
إعلانتفاقمت الأمور أكثر مع إصدار المحكمة الجنائية الدولية في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت، مما وضع فرنسا وأوروبا في موقف حرج، حيث كان تجاهلها لهذه القرارات يعني تقويض المحكمة وغيرها من المؤسسات التي تعول عليها أوروبا لتحجيم التوغل الروسي في أوروبا.
وكان لبنان القشة التي قسمت ظهر البعير في علاقات ماكرون ونتنياهو، ففي أعقاب قصف إسرائيل مقر قوات الأمم المتحدة (اليونيفيل) انتقد ماكرون هذه الخطوة بشدة، ودعا إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان على السواء.
ومع استمرار إسرائيل في عملياتها على الجبهة اللبنانية -بما في ذلك تفجيرات البيجر واغتيال قيادات حزب الله- اتسعت الفجوة بين ماكرون ونتنياهو، وعلى إثر ذلك بدأ الرئيس الفرنسي في الإفصاح عن نواياه للاعتراف رسميا بدولة فلسطينية مقابل اعتراف بعض الدول في الشرق الأوسط بالاعتراف بإسرائيل، في نسخة طبق الأصل مما كان تعرف بـ"اتفاقيات أبراهام" التي تبناها الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ولايته الأولى.
وفي ذروة حنقه على نتنياهو وإسرائيل ظل ماكرون متمسكا إذن بمنحها ثمنا كبيرا لاعترافه بالدولة الفلسطينية من خلال جلب المزيد من الدول العربية إلى حظيرة التطبيع، لكن سياسات نتنياهو جعلت ذلك أكثر صعوبة.
لقد دفعت إسرائيل دون تردد قطاع غزة إلى أتون مجاعة ضارية تهدف بشكل واضح لتمهيد الطريق لخطة واسعة لتهجير الفلسطينيين، وبعيدا عن غزة صوت الكنيست الإسرائيلي مؤخرا لصالح مشروع قرار يدعم ضم الضفة الغربية، وهو ما يقوض الطريق أمام قيام أي دولة فلسطينية.
الأنكى أن ذلك كله حدث بضوء أخضر من الولايات المتحدة وفي ظل تحول البيت الأبيض إلى منصة لترديد الدعاية الإسرائيلية، وهو ما قلص ثقة ماكرون وفرنسا برؤية ترامب للحل في غزة.
ولا يخفى على أحد أن ماكرون وترامب لا يتمتعان بأفضل علاقة ممكنة، حيث سبق للرئيس الأميركي انتقاد نظيره الفرنسي علنا في أكثر من مناسبة، بما في ذلك انتقاد إعلانه الاعتراف بفلسطين.
بالمقابل، فإن ماكرون لا يثق في الإدارة الأميركية التي يرى أنها مناهضة لأوروبا أو غير عابئة بها في أدنى الأحوال.
لذلك، يرى ماكرون أن الاعتراف بدولة فلسطينية يضرب عصفورين بحجر واحد، فهو أولا يحقق له أهدافه الشخصية برسم سياسة بلاده بشكل مستقل، وفي الوقت نفسه فرض باريس عضوة فاعلة في الشرق الأوسط بعد إبعادها -عمدا على الأغلب- لعقود على يد الولايات المتحدة.
في الداخل الفرنسي كانت أصداء قرار ماكرون الاعتراف لفلسطين أكثر دويا ربما من الخارج، وتسببت في انقسام واضح في الرأي العام الفرنسي.
وإذا ما نظرنا إلى الجالسين يسار الإليزيه نجد أن ردود الفعل كان مرحبة بحذر في المجمل، خصوصا في صفوف حزب "فرنسا الأبية" المدافع السياسي الأول عن القضية الفلسطينية في فرنسا، والخصم السياسي الأول لدولة الاحتلال التي تصمه لوبياتها بمعاداة السامية.
ووصف رئيس الحزب جون لوك ميلانشون هذا الاعتراف بـ "النصر المعنوي" معتبرا في نفس الوقت أن التأجيل المستمر لهذه الخطوة، شجع على استمرار "الجريمة الإسرائيلية" في غزة. طرح ميلانشون في نفس الوقت أسئلة تبدو مهمة حول مصير حظر الأسلحة واتفاقيات التعاون المشترك مع إسرائيل.
بدورها، انتقدت ماتيلد بانو -وهي إحدى أبرز النائبات في صفوف الحزب، وإحدى أشهر السياسيات في فرنسا حاليا- الخطوة المتأخرة لماكرون والتي جاءت بعد 22 شهرا من الإبادة، مطالبة بتسريع عملية الاعتراف قبل أن يباد الفلسطينيون عن بكرة أبيهم، معتبرة في الوقت نفسه أن هذا الاعتراف يشكل انتصارا للحراك الشعبي العالمي المناهض لإسرائيل.
إعلانوعلى الجهة المقابلة، حيث اليمين الفرنسي الكلاسيكي والمتطرف الموالي لإسرائيل كانت ردود الفعل مختلفة، حيث أعربت مارين لوبان رئيسة حزب التجمع الوطني عن رفضها التام لهذه الخطوة، قائلة إن الاعتراف بدولة فلسطين يعني الاعتراف بـ"دولة حماس"، وهذا يعني "دولة إرهابية"، حسب زعمها.
أما الشخص الثاني في الحزب وهو جوردان بارديلا الذي سيمثل حزب لوبان في الانتخابات الرئاسية المقبلة فقد وصف القرار بـ"المتسرع والمتحيز والباحث عن مصالح شخصية أكثر من كونه موقفا صادقا نحو السلام"، مدعيا أنه يضفي شرعية غير متوقعة على حماس.
وتعد ردود الأفعال السابقة جميعها كلاسيكية ومتوقعة بالنظر إلى مواقف أصحابها السابقة وموقعهم على الطيف السياسي.
لكن الموقف الملتبس كان هو الذي عبر عنه معسكر ماكرون نفسه، فأغلبية المقربين منه ذوو هوى يميني وفي أحيان يميني متطرف موال للصهيونية، لذلك كان القرار صعب الهضم وصعب التفسير رسميا في أحيان كثيرة.
ولم يتلق قرار ماكرون ردود فعل رسمية من الأغلبية الحكومية أو من حلفائها، لكن بعض ردود الفعل الشخصية خرجت إلى العلن كما هو حال كارلون يادان النائبة عن حزب ماكرون والمعروفة بتحمسها الكبير لمواجهة "معاداة السامية وخطاب معاداة الصهيونية"، والتي قالت إن الإعلان يمثل خطأ سياسيا وأخلاقيا وتاريخيا، مضيفة أن "الرئيس استسلم للعاطفة والعجلة".
في المقابل، سيعبر النائب الجمهوري يان بوكار عن تأييده التام لخطوة ماكرون، مؤكدا أن "فرنسا يجب أن تنخرط بالكامل في حل الدولتين لتحقيق سلام دائم".
وستتوالى ردود الفعل من هنا وهناك، لكن الجميع كان ينتظر ردة فعل شخص مهم هو وزير الداخلية برونو روتايو.
ليس هناك من شك في أن العلاقة بين إيمانويل ماكرون وبين وزير داخليته برونو روتايو ليست على ما يرام، فروتايو -الذي تم اختياره في مايو/أيار الماضي لرئاسة حزب الجمهوريين اليميني الكلاسيكي- لا يخفي خلافاته مع رئيسه، لدرجة أنه قال في صحفي إن الماكرونية ستنتهي مع رحيل إيمانويل ماكرون، يقول ذلك وهو وزير داخليته في حكومته.
وخلقت هذه التصريحات وخطوات أخرى يقوم بها روتايو استعدادا لخوض الانتخابات الرئاسية نوعا من البرود والخلاف بينه وبين ماكرون، وهو ما قد يفسر لزومه الصمت في قضية اعتراف فرنسا بدولة فلسطينية.
وذكرت مصادر مقربة من وزير الداخلية الفرنسي أن بيانا صحفيا باسم حزب الجمهوريين سينشر للإجابة عن هذه الأسئلة، لكن لا شيء صدر حتى الآن.
لكن رغم عدم صدور أي وقف رسمي عن وزير داخلية ماكرون فإننا يمكن أن نستشف وجهة نظره ونظر الحزب فيما حدث.
نبدأ رئيس كتلة "اليمين الجمهوري" في الجمعية الوطنية الفرنسية بلوران فوكيي الذي غرد على حسابه الشخصي على موقع التواصل إكس قائلا "لن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط مع إرهابيي حماس، لن يكون هناك سلام طالما لم يُفرج عن الرهائن، رئيس الجمهورية يتلقى التهاني من حماس، ليس بهذه الطريقة ستسهم فرنسا في تحقيق السلام".
أما النائب الأوروبي كزافييه بيلامي المعروف بقربه من روتايو فقد اعتبر أن الاعتراف الفرنسي غير مبرر، لأن الشروط التي حددها ماكرون لم تتحقق، وهي إبعاد حماس والتنديد بالإرهاب "المقاومة" ونزع سلاح الدولة الوليدة واعترافها بإسرائيل.
وقال بيلامي "هل كنا لنتخيل يوما أن حماس ستشكر فرنسا؟ هذا القرار يزيد الخطر على الشعب الإسرائيلي كما على المدنيين الفلسطينيين الذين هم أيضا ضحايا للإرهاب الإسلامي"، على حد وصفه.
أما روتاريو نفسه فربما تكفي إشارة إلى مواقفه السابقة لترجيح توجهه الحالي، ففي 16 مايو/أيار الماضي أكد وزير الداخلية الفرنسي نيته حل تجمّع "الطوارئ لفلسطين".
وكشفت صحيفة لوموند عن مسودة قرار الحل التي برر خلالها روتايو القرار بكون التجمع يحرض على الكراهية والتمييز والعنف ضد أشخاص بسبب أصولهم اليهودية، ويؤسس لـ"مناخ كراهية ضد المجتمع الفرنسي".
وهذا المؤشر وإن كان بسيطا فهو على كل حال يظل مؤشرا له وزنه في قراءة المشهد.
تحديات الخطوةلا شك أن الاعتراف الفرنسي بدولة فلسطين ستكون له قيمة رمزية كبيرة، لكن يجب عدم نسيان أن هذا الاعتراف جاء محملا باشتراطات تواجه تحديات عدة منها إبعاد حماس ونبذ المقاومة ونزع السلاح، فضلا عن الاعتراف بإسرائيل دون إلزامها حتى باعتراف مقابل، كما أنه لا يحمل في طياته خطوات عملية ملموسة، لا من حيث ترسيم الحدود ولا من حيث عودة الفلسطينيين وإيقاف الاستيطان.
إعلانوتختزل هذه القيود الدولة التي تعترف بها فرنسا إلى كيان منزوع الدسم السياسي بلا سيادة حقيقية يكون خاضعا اسميا للسلطة الفلسطينية كبديل لحماس.
لكن ذلك لم يمنع من تلقي الإعلان الفرنسي لإشادة عربية وفلسطينية رسمية، ولكن على المستوى الشعبي الفلسطيني "والغزي تحديدا" كان الموقف أكثر ارتباكا.
وفي تقرير له بشأن الأمر نقل موقع ميديا بارت ردود فعل بعض الغزيين المقيمين في فرنسا على القرار، حيث عقبت فتاة تدعى "شادن" بالقول إنها تدرك جيدا أن هذا الاعتراف ليس مجرد إشارة سياسية، وإنما هو علامة على "الكرامة والعدالة والإنسانية تجاه شعب يعاني منذ زمن طويل".
وتحدث "ميديا بارت" كذلك إلى صحفية وشاعرة فلسطينية تدعى نور العاصي التي وصلت إلى باريس منذ مدة قريبة قادمة من غزة لمتابعة دراسة الماجستير في العلوم السياسية.
العاصي قالت إن إعلان إيمانويل ماكرون لا يثير فيها فرحا أو ارتياحا، لأن ما ينتظره الفلسطينيون هو نهاية الإبادة، لكن هذا العمل الرمزي من طرف ماكرون -على حد تعبيرها- لن يوقف الإبادة.
وأضافت "مما سيوقف معاناتنا هو قرارات ملموسة وفورية: عقوبات، حظر عسكري كامل على مبيعات الأسلحة، تعليق الاتفاقيات الاقتصادية، مثل الشراكة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، قطع العلاقات الدبلوماسية، وخطوات من هذا القبيل".
غزي ثالث في فرنسا يدعى مروان اعتبر القرار غير ذي جدوى، لأنه في الوقت الحالي لا يمكن حتى رسم حدود دولة فلسطينية، لأنه لا توجد حدود ولا موارد ولا بنى تحتية ولا حرية.
ويضيف الشاب الغزي متحدثا عن طوباوية ماكرون في هذا الإعلان "إذا كنت تعيش في غزة لا يمكنك الذهاب إلى الضفة الغربية، وإذا كنت في الضفة الغربية لا يمكنك الذهاب إلى القدس، أين ستكون الدولة الفلسطينية في هذه الظروف ومع كل المستوطنات؟ّ دولة على الورق فقط".
ويضيف "ما هو الأهم، الدولة الفلسطينية أم الإنسان؟ فرنسا لم تفعل شيئا لمساعدة البشر في غزة أو لوقف هذه الإبادة رغم أنها دولة قوية في أوروبا".
ويقول تقرير "ميديا بارت" إن غضب مروان مبرر جدا، فهو يملك قائمة تضم 194 اسما من أفراد عائلته، كلهم قتلوا بقصف إسرائيلي، بينهم 57 طفلا.
وفي سياق متصل، علا صوت صراخ الإسرائيليين بالفعل، فلم يتأخر بنيامين نتنياهو ومسؤولون كبار بحكومته في إعلان غضبهم من خطوة إيمانويل ماكرون.
ووصف البيان الصادر عن مكتب "بيبي" خطوة فرنسا بأنها "مكافأة للإرهاب"، واعتبر نتنياهو أن دولة فلسطينية في هذه الظروف ستكون منصة انطلاق للقضاء على إسرائيل وليس دولة للعيش بسلام إلى جانبها، مضيفا "لنكن واضحين: الفلسطينيون لا يسعون إلى دولة إلى جانب إسرائيل، بل يسعون إلى دولة بدلا منها".
وفي السياق نفسه، وصف ياريف ليفين نائب رئيس الوزراء ووزير "العدل" الإسرائيلي ما أقدمت عليه باريس بأنه "عار في تاريخ فرنسا، مطالبا بأن يكون رد تل أبيب بضم المستوطنات في الضفة الغربية".
كما نقلت عنه صحيفة يديعوت أحرونوت "وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس من جهته وجّه لوما لاذعا إلى ماكرون، حيث قال "بدلا من الوقوف إلى جانب إسرائيل في هذه اللحظة الحرجة يختار الرئيس الفرنسي إضعافنا، لن نسمح أبدا بإنشاء كيان فلسطيني يهدد وجودنا".
لم يتوقف الغضب الإسرائيلي على الشخصيات السياسية الرئيسية، فقد صب الإسرائيليون الحاملين للجنسية الفرنسية جام غضبهم على إيمانويل ماكرون بسبب اعترافه، أو رغبته في الاعتراف بفلسطين.
ونقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" ردود فعل عدد من الإسرائيليين الفرنسيين، منهم ديفيد برودي، وهو معلّم متقاعد يبلغ من العمر 75 عاما ويعيش في مستوطنة سديروت.
المتقاعد الفرنسي قال إنه يشعر بخيانة تامة من الدول الأوروبية، آملا ألا تحذو باقي الدول الغربية حذو فرنسا.
أما روس سينغر -وهو مستوطن يبلغ من العمر 57 عاما ويعمل مرشدا سياحيا في دولة الاحتلال- فقال إنه رغم أمله في "مستقبل أفضل" للفلسطينيين فإنه يخشى أن "يرسل الاعتراف رسالة خاطئة إلى القيادة الفلسطينية بشأن تبعات 7 أكتوبر"، حسب قوله.
كان قرار ماكرون مفاجئا نسبيا للجميع، وفيما يبدو فإنه أثار غضب الإسرائيليين ولم يكن كافيا لإرضاء الفلسطينيين ببساطة لأنه لم يفعل شيئا لوقف المذبحة.
ووراء ذلك، لا تزال الأسئلة الكبرى معلقة تنتظر جوابا، وعلى رأسها: هل سيضيف الاعتراف الفرنسي أي جديد للفلسطينيين وقضيتهم؟