يمانيون/ تقارير المفاوضات “المباشرة” لا غير …وكأن عنجهية القوة تريد دائماً أن تفرض نفسها حتى من حيثُ المبدأ على “سجال” هل يكون مباشراً أم غير مباشر، رغم أن المحور هو التفاوض لا طبيعته، في مرحلة ما زالت تحوم حول النوايا وقياس مدى جدية وواقعية العدوّ في السير في مفاوضات حساسة ومعقدة. فهناك طرف يريد مصادرة ما هو حق لغيره وطرف لا يقبل المساومة بحقه.

مفاوضات الملف النووي الإيراني ذات التعقيدات الشديدة، حيثُ هناك حق إيران في استثمار إمكانيات نووية مدهشة، مقابل مصالح وأطماع دول كبرى ما تزال تنظر إلى ما هو خارج الإطار الغربي كهامش لمركزها ، وإن كانت تصورات التفوق الغربي قد انحسرت منذ صعود اليابان إلى مصاف التقدم. 

المفاوضات المرتقبة بين واشنطن وطهران في سلطنة عُمان، إلى جانب المباحثات الثلاثية الروسية والصينية والإيرانية في موسكو، هي جزء أساسي من التحولات الجيوسياسية في المنطقة، حيثُ يحضر دعم بكين وموسكو لطهران، مع ترقب نتائج ملموسة للمساعي الدبلوماسية، السبت المقبل .

في سياق تاريخي تعززت قدرة إيران   على التمسك بمواقفها وثوابتها، حيثُ لم تُظهر أي تنازل عن المطالب الأساسية المتعلقة بحق إيران في امتلاك برنامج نووي للأغراض السلمية، ورفض أية مفاوضات مشروطة أو تحت التهديد.

مع صعود ترامب تزايدت الضغوط الأمريكية المستمرة على إيران، وارتفعت احتمالات وقوع حرب في الخليج، في ظل تزايد مطالب الإدارة الأمريكية بشأن البرنامج النووي الإيراني.

في الأسابيع الأخيرة كان هناك ارتفاع كبير في التوترات بين إيران والولايات المتحدة على خلفية العملية الأمريكية ضد اليمن والتهديدات المتكررة من الإدارة الأمريكية ضد طهران. وتهديد واشنطن بمهاجمة المواقع النووية الإيرانية إذا لم تكن مستعدة لمفاوضات جادة تقدم فيها تنازلات لازمة في نظر إدارة ترامب.

والسؤال المطروح حول نووي طهران يتمحور حول نوع تنازلات التي تطالب بها واشنطن؟ وإذا ما كانت تتعلق بالمشروع النووي الإيراني وحده أم بملفات أخرى لا علاقة لها بالمشروع من أساسه؟ وحول المشروع النووي وإذا ما كانت قناعة واشنطن تسير في خط مصادرة حق إيران في توظيف المنافع النووية في جوانب التنمية أم لا؟

وأمام هذا هناك معطيين على أساسهما يمكن فهم ما قد يجري ما بين إيران وواشنطن فيما يتعلق بأي مفاوضات قادمة أو مواجهة.

هناك الموقف الإيراني الثابت حول حق إيران في استخدام وتطوير التكنولوجيا النووية والذي إلى حدّ كبير لن يتأثر بحجم الضغط والتهديد الأمريكي مهما بلغ.

وهناك جملة صراعات معقدة تواجه رئيس الولايات المتحدة ترامب؛ من يرى نفسه “منقذ أمريكا” من الانهيار، فمن مواجهات الداخل الأمريكي الليبرالي والديمقراطية المكلفة، إلى مواجهات العالم “الابتزازي” من وجهة نظر ترامب، إلى مواجهة العملاق الصيني والدب الروسي وأحلام عودة أوروبا الشرقية، واستغلال أوروبا لهرم أمريكا لنفخ الروح لعودة دول أوُروبا قوية على مدى متوسط وبعيد.. في ظل هذين المرتكزين يمكن أن تسير أي مفاوضات تخص إيران مع أمريكا…وعليه فمن حيثُ المبدأ يمكن أن نفهم أن من مصلحة ترامب التوصل إلى اتفاق مع طهران؛ فالمصلحة الأمريكية في أبعادها التكتيكية والاستراتيجية تقول إن من المفترض أن ينتهي الأمر باتفاق لا تصعيد وتأجيج حرب ليس بمقدور أمريكا تأطيرها، فمن تواجهه واشنطن إيران، ثم إن إيران لن تكون بمفردها، وما قد تفرضه أجواء المواجهة من ظروف وتداعيات يحذر رجل البيت الأبيض وتاجر العقار عواقبها بشدة

رغم تصاعد أصوات المتشددين داخل الولايات المتحدة للتعامل مع إيران “عسكريًّا” لمنع امتلاكها لسلاح نووي، وهي الأصوات نفسها التي دفعت أمريكا إلى حرب الخليج الثانية في العراق، حيثُ يتم الترويج من جماعات كمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ومعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى للمواجهة، بذريعة أنه قد لا يكون هناك وقت أفضل للتحرك. لكن رئيس أمريكا “ترامب” يدرك لصالح من كلّ هذا التحريض فهو يسعى نحو اتفاق، لا حرب أخرى في الشرق الأوسط شبيهة بحرب العراق…لذا كان هناك رسائل “سرية” بين واشنطن وطهران، منها ما أعلن عنه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، عن رد إيران الرسمي على رسالة ترامب حول مفاوضات قادمة؛ فقد تمّ إرسالها عبر سلطنة عمان، حيثُ الحديث عن مفاوضات غير مباشرة السبت القادم، وإن روج ترامب لخلافها كنوع من حفظ ماء الوجه كما يبدو.

يمكن أن نعزز هذا التوجه بما نشره معهد responsible statecraft“، الذي يرى أن استراتيجية التفاوض هي ما يمكن أن يكون مصلحة أمريكية، حيثُ يتناغم مع تصريحات ورؤية ترامب.

ورغم أن تلك الاستراتيجية هي لصالح ترامب وأمريكا “القومية”، فإن احتمالات التوصل إلى اتفاق يتوقف على الموقف الأمريكي الذي سيتم طرحه على طاولة المفاوضات القادمة.

في حال أصر الأمريكان على مطالب تفكيك البرنامج النووي الإيراني بالكامل الذي طرحه السيناتور ليندسي غراهام، المقرب من ترامب، في تصريحاته في إسرائيل -فإن حتمية فشل الخيار السياسي هي المحتمل الأرجح بل والمؤكدة- في مقابلها سترتفع احتمالات التصعيد الأمريكي، يوازيها تحضر إيراني للرد.

لكن لصالح من يبقى السؤال الذي يدور في عقلية التاجر الرئيس ترامب؟!

في حال أخذ الموقف الأمريكي مسار قبول التوافق مع الموقف الإيراني بتقديم ضمانات بأن البرنامج النووي مخصص لـ “الاحتياجات السلمية” كأساس لاتفاق مستقبلي، فمن الممكن أن تكون المفاوضات بين الطرفين جدية للتوصل إلى اتفاق نهاية المطاف. هذا المسار كان قد طرحه ستيف ويتكوف، رجل الأعمال و مبعوث ترامب للشرق الأوسط في مقابلة أجراها مع كارلسون تاكر.

ثم إن طرح واشنطن ما هو خلاف لمتعلقات الملف النووي سيكون بمثابة المعرقل، فحديث أمريكا -في ظل المفاوضات المتوقعة السبت المقبل وما بعدها- في مسار آخر يطالب طهران بقطع علاقاتها مع حلفائها الإقليميين، وتغيير سياستها الخارجية جذريًا. فهو ما لن تخوض فيه طهران، حيثُ تراه “خارج النص”، ولا يمكن القبول بتدخل أمريكا فيه.

وفي الخط الموازي للتصعيد الأمريكي الكلامي ضد طهران وما رافقه من تعزيز للقوة الأمريكية في الخليج، هناك بالمقابل استعداد ايراني يرفع سقف التهديد والاستعداد للتعامل مع أي اعتداء وصولاً إلى وضع خيارات لإمكانية توجيه ضربات استباقية ضد أي قوى معادية.

هنا تبدأ مجسات الحذق ترامب مشعرة إياه بالخطر، فالظرف وحجم التحديات وتشعباتها وتربص القوى العالمية الأخرى تتحين سقطات أمريكا كفرص أقرب لإخضاع هيمنة أمريكا لمسلمات التغيير الحتمي. هنا تبدو مواجهة إيران خطر حقيقي، ويبدو النهج التفاوضي الأقرب لما خرج به مشروع أوباما النووي مع إيران أكثر عقلانية وذكاءً.

نقلا عن المسيرة نت

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: النووی الإیرانی حق إیران فی یمکن أن

إقرأ أيضاً:

صحيفة تكشف آخر تطوّرات وجهود مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة

أفادت صحيفة الأخبار اللبنانية، صباح اليوم الخميس، 26 يونيو 2025، بأن الساحة السياسية تشهد تحرّكات دبلوماسية مكثّفة في محاولة جديدة لإحياء مسار المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في قطاع غزة .

وبحسب مصادر مصرية تحدّثت إلى الصحيفة، فإنّ «الاتصالات مع الوسطاء لم تتوقّف، ومن المتوقّع أن تُعقد جولة جديدة من المفاوضات غير المباشرة خلال أيام، في القاهرة أو الدوحة».

وتشير المعطيات إلى أنّ هناك «تمهيداً لجولات تحضيرية قد تبدأ خلال أيام، إذ يتوقّع أن تتحرّك وفود المفاوضين بين تل أبيب والقاهرة والدوحة، في لقاءات تهدف إلى استكشاف نوايا الأطراف والاستعدادات لجولة حاسمة من التفاوض، في حال توافرت الشروط اللازمة».

وفي هذا السياق، عادت مصر وقطر المنخرطتان في جهود الوساطة، إلى «الضغط على الولايات المتحدة من أجل دعم مسار التهدئة بشكل حقيقي هذه المرة». كما عقد مسؤولون مصريون وقطريون، في الأيام الأخيرة، لقاءات مع وفود وقيادات من حركة « حماس »، وشاركوا في اتصالات مع أطراف دولية، بينها واشنطن.

اقرأ أيضا/ أبو عبيدة: جثث الجنود الإسرائيليين ستصبح حدثا دائما طالما استمر العدوان

وتهدف هذه التحرّكات، وفقاً للمصادر، إلى «وضع أسس واضحة لجولة مفاوضات جديدة تأخذ بعين الاعتبار التنازلات التي قدّمتها "حماس" في الجولات السابقة، وفي الوقت ذاته تحاول تجاوز الشروط التعجيزية التي تطرحها إسرائيل، والمتمثّلة في نزع سلاح الفصائل وإبعاد القيادات»، وهي المطالب التي ترفضها الحركة بشكل قاطع، وتطالب في مقابلها بصفقة شاملة تضمن وقف إطلاق النار، والانسحاب الإسرائيلي، وإعادة إعمار القطاع، وتنظيم ملف الحكم في غزة عبر تفاهمات وطنية.

وإزاء ذلك، تقول المصادر إنّ «حماس ستكون أكثر تعاوناً هذه المرة، شريطة أن تلتزم واشنطن بدورها كضامن فعلي لأي اتفاق يتمّ التوصل إليه، وأن تدفع إسرائيل إلى تقديم تنازلات مقابلة»، مضيفة إنّ الحركة «جاهزة لإطلاق جميع الأسرى الذين تحتجزهم دفعة واحدة، مقابل التزام إسرائيلي واضح بمحدّدات الحل الشامل وضمانة أميركية بعدم خرق التهدئة مجدّداً»، وهو ما تعتبره القاهرة أنه «يجب البناء عليه».

وإذ ترى المصادر أنّ الموقف الإسرائيلي «لا يزال غامضاً»، فهي تعتقد أنّ المؤشرات السياسية الآتية في تل أبيب توحي بأنّ «هناك تيارات داخل الحكومة والجيش تميل إلى إنهاء الحرب، خاصة مع اتّساع حجم الخسائر السياسية والعسكرية، وتزايد الضغوط الأميركية والأوروبية، إلى جانب المطالبات الداخلية بإعادة الجنود والأسرى من غزة». وفق الصحيفة

المصدر : الأخبار اللبنانية اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين حسين الشيخ : عربدة وعنف المستوطنين قرار من حكومة إسرائيل‎ الصحة تعلن وصول 3500 وحدة دم وبلازما إلى مستشفى ناصر في غزة مفتي فلسطين: الخميس غرة محرم لعام 1447 هـ الأكثر قراءة الاحتلال يواصل اقتحام جبع جنوب جنين لليوم الثالث بالأسماء: الاحتلال يعتقل 22 مواطنا من قرية العساكرة شرق بيت لحم المتطرف "ايهودا غليك" يقود اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى رئيس فنزويلا يدعو يهود العالم للجم نتنياهو: ضعوا حدا لهذا الجنون عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • تتمسك بروايتها.. واشنطن: معلومات استخباراتية جديدة تؤكد تدمير نووي إيران بالكامل
  • صحيفة تكشف آخر تطوّرات وجهود مفاوضات وقف إطلاق النار بغزة
  • واشنطن تخفف الخناق عن النفط الإيراني.. لإغراء الصين بشراء الخام الأمريكي
  • بين الدعاية والحقائق جدلٌ بين المغردين حول فاعلية ضرب النووي الإيراني
  • ترامب يهدد بضرب النووي الإيراني من جديد.. في هذه الحالة
  • ترامب: أمريكا ستضرب إيران مجددا إذا أعادت بناء برنامجها النووي
  • ترامب: البرنامج النووي الإيراني انهار بالكامل وإعادة بنائه أمر صعب
  • الاستخبارات الأميركية: الضربات لم تدمر البرنامج النووي الإيراني
  • حين يصبح القرار عبئا لا مفر منه.. خيارات أميركا الكارثية في إيران
  • دي فانس يتهرب .. غموض في واشنطن بشأن مصير اليورانيوم الإيراني رغم تأكيد ترامب | تقرير