حذر محللون ودبلوماسيون من أن قرار واشنطن عدم التنسيق مع الدول الأوروبية بشأن مفاوضات أميركا مع إيران المقررة غدا السبت سيقلل من نفوذها في التفاوض، وسيزيد من احتمال إقدام الولايات المتحدة وإسرائيل على تنفيذ عمل عسكري ضد طهران في نهاية المطاف.

وقال 3 دبلوماسيين أوروبيين إن الولايات المتحدة لم تُطلع الدول الأوروبية على المحادثات النووية في عُمان قبل أن يعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الثلاثاء الماضي، على الرغم من أنها تحمل ورقة رابحة في احتمال إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على إيران.

وقال بليز ميتشتال نائب رئيس السياسات في "المعهد اليهودي للأمن القومي الأميركي" إن الولايات المتحدة "ستحتاج إلى إستراتيجية دبلوماسية منسقة مع حلفائها الأوروبيين قبل خوض هذه المفاوضات مع إيران".

وأضاف ميتشتال أن هذا التنسيق "ضروري لضمان أقصى قدر من الضغط، وأن يكون لأي خيار دبلوماسي فرصة للنجاح".

وكرر ترامب، الذي استأنف حملة "أقصى الضغوط" على طهران في فبراير/شباط الماضي، يوم الأربعاء تهديداته باستخدام القوة العسكرية ضد إيران إذا لم توقف برنامجها النووي، وقال إن إسرائيل "ستقود ذلك".

ومع انسحابها من الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015 مع إيران، فإن واشنطن لا تستطيع تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات بمجلس الأمن الدولي.

إعلان

ويقول محللون إن هذا يجعل بريطانيا وألمانيا وفرنسا، المعروفة باسم الترويكا الأوروبية، الدول الوحيدة المشاركة في الاتفاق القادرة على السعي إلى إعادة فرض العقوبات والراغبة في ذلك، مشيرين إلى أهمية تحالف واشنطن مع هذه الدول.

وضغطت إسرائيل، العدو اللدود لإيران، بالفعل على الدول الأوروبية الثلاث لبدء هذه العملية.

متظاهرون في طهران يحرقون العلم الأميركي احتجاجا على دعم واشنطن للعدوان الإسرائيلي على غزة (الأوروبية) أزمة ثقة

وقال الدبلوماسيون الثلاث إن الترويكا أبلغت إيران بأنها ستفعل آلية إعادة فرض العقوبات بنهاية يونيو/حزيران المقبل. وأضاف الدبلوماسيون أن إيران ردت بأن ذلك سيؤدي إلى عواقب وخيمة ومراجعة عقيدتها النووية.

وقال دبلوماسي أوروبي كبير إن "مجموعة الدول الثلاث لا تثق بالولايات المتحدة، لأن واشنطن تتخذ مبادرات دون التشاور معها".

وكان ترامب قد انسحب عام 2018 من الاتفاق النووي مع إيران، الذي وقعته أيضا روسيا والصين. وقد كبح الاتفاق الأنشطة النووية الإيرانية مقابل تخفيف العقوبات. التي تعارض روسيا إعادة فرضها.

وبموجب الاتفاق النووي، يمكن للأطراف المشاركة فيه أن تبدأ عملية إعادة فرض العقوبات إذا لم يتمكنوا من حل اتهامات بانتهاكات إيرانية وذلك من خلال آلية فض النزاعات. وتنتهي هذه الفرصة في 18 أكتوبر/تشرين الأول المقبل مع انتهاء سريان الاتفاق.

وتقول تقارير غربية إنه منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق، تجاوزت إيران حدود تخصيب اليورانيوم المسموح بها بكثير، وفقا للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وتُنتج طهران مخزونات من المواد الانشطارية بنقاء يفوق بكثير ما تعتبره القوى الغربية مبررا لبرنامج طاقة مدني، ويقترب من الدرجة اللازمة لصنع أسلحة نووية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الولایات المتحدة مع إیران

إقرأ أيضاً:

صفقة تاريخية .. وأسواق «هشة» نظرة في انعكاسات الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على الأسواق المالية

محمد بن أحمد الشيزاوي -

شهدت الأسواق المالية العالمية تحركات إيجابية عند الإعلان في 27 يوليو 2025 عن التوصل لاتفاق تجاري بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي بشأن الرسوم الجمركية الإضافية، وقد وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الاتفاق بأنه «أكبر صفقة تجارية في التاريخ» نظرا لحجم التدفقات المالية المتوقعة من الاتفاق على الاقتصاد الأمريكي ومشتريات الاتحاد الأوروبي من المنتجات الأمريكية، وفي نفس الوقت رأت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن الاتفاق يعيد التوازن للعلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.

هذه التصريحات تشير إلى ارتياح الطرفين بعد توصلهما لهذا الاتفاق بعد التوترات التي نشأت عند إعلان ترامب – في شهر أبريل الماضي - رفع الرسوم الجمركية على دول العالم ومن بينها الاتحاد الأوروبي، كما أن هذه التصريحات تأتي في سياق التأكيد على أن المصالح التجارية هي التي تحدد توجهات الدول والتكتلات والاقتصادات العالمية، وبلغة الأرقام فإن الاتحاد الأوروبي سيضخ 750 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي عبر شراء الغاز الطبيعي الأمريكي المسال لمدة 3 سنوات، وستقوم الشركات الأوروبية باستثمار 600 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي خلال فترة ولاية الرئيس ترامب، بالإضافة إلى أن الاتحاد الأوروبي تعهد بشراء وقود نووي من الولايات المتحدة، وشراء عتاد عسكري، وفي المقابل ستخضع جميع صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة لرسوم جمركية أساسية بنسبة 15 بالمائة عوضا عما هدد به الرئيس الأمريكي في مايو بفرض رسوم بنسبة 50 بالمائة على صادرات الاتحاد الأوروبي إن لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق قبل نهاية يوليو 2025.

أدى الإعلان عن هذا الاتفاق في 27 يوليو إلى انتعاش معظم الأسواق المالية العالمية نظرا لما تعنيه تلك الأرقام من تعزيز الانفتاح التجاري، وتخفيف التوترات بشأن الرسوم الجمركية، وإطلاق برامج استثمارية غير مسبوقة، بالإضافة إلى التأثير الإيجابي المتوقع للاتفاق على سلاسل التوريد، وارتفاع التبادل التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

غير أن الانتعاش كان محدودا؛ فقد تلقت الأسواق في الأول من أغسطس 2025 صدمة أخرى تتعلق بالرسوم الجمركية الأمريكية بعد توقيع الرئيس الأمريكي في 31 يوليو أمراً تنفيذياً يفرض رسوماً جمركية - تدخل حيز التنفيذ في 7 أغسطس - تتراوح بين 10 و41 في المائة على الواردات الأمريكية من نحو 90 دولة.

مصالح الاقتصاد الأمريكي في المقدمة

هذا التباين في أداء البورصات العالمية بين هبوطٍ؛ وصعودٍ حاد يعكس حالة عدم الاستقرار التي من المتوقع أن تستمر لعدة أشهر قادمة لأن نتائج هذا الاتفاق المتعلقة بنمو الاقتصادين الأوروبي والأمريكي والاقتصاد العالمي بشكل عام؛ وتنشيط القطاعات الإنتاجية، وتحسن الأداء المالي للشركات قد تأخذ وقتا أطول، خاصة أن الاتفاق لم يتم التوقيع عليه رسميا حتى كتابة هذا المقال. غير أننا إذا رجعنا إلى الأسباب الرئيسية التي دفعت إدارة الرئيس الأمريكي لفرض رسوم جمركية إضافية على دول العالم فإننا سنجد أنها تتمحور حول حماية الشركات والمنتجات والصناعات الأمريكية من المنافسة القادمة من الخارج؛ إذ إن منتجات الشركات الأجنبية يتم بيعها في الولايات المتحدة بأسعار أرخص من مثيلاتها الأمريكية وبالتالي فإن المستهلك الأمريكي يتجه إليها ويتجاهل السلع المنتجة في بلاده، وهو ما يعني ارتفاع العجز التجاري الأمريكي، وعلى هذا الأساس فإن فرض الرسوم الجمركية الإضافية جاء بهدف إعادة التوازن إلى السوق وتقليل الواردات وبالتالي تقليص العجز التجاري الأمريكي.

وهناك مكاسب أخرى للاقتصاد الأمريكي تتعلق بانتعاش الصناعات المحلية وتشجيع الشركات على زيادة استثماراتها مستفيدة من ارتفاع الطلب على منتجاتها، أضف إلى هذا أن التهديد بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 50 بالمائة أو نحوها - كما لوح بذلك الرئيس الأمريكي أكثر من مرة - دفع الاقتصادات العالمية للتفاوض مع الولايات المتحدة كما حدث مع الاتحاد الأوروبي في 27 يوليو، وقبل ذلك مع اليابان في 23 يوليو وهو اتفاق مشابه للاتفاق الأوروبي؛ إذ تم الاتفاق على رسوم جمركية متبادلة تبلغ 15 بالمائة عوضا عن الرسوم التي كان الرئيس الأمريكي يعتزم فرضها على اليابان سابقا وهي 25 بالمائة، كما تعهدت اليابان بضخ 550 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي عبر الاستثمار في عدد من المشروعات الاستراتيجية تشمل الطاقة وأشباه الموصلات والأدوية والبناء البحري ونحوها، كما تضمن الاتفاق التزامات مالية إضافية من بينها: شراء 100 طائرة من طراز بوينج، وزيادة واردات الأرز بـ 75 بالمائة، ورفع مشتريات الدفاع من 14 مليار دولار إلى 17 مليار دولار سنويا، كما وافقت اليابان على فتح أسواقها أمام السيارات الأمريكية وتبسيط معايير السلامة والاختبارات للمنتجات الأمريكية بالإضافة إلى عدد من الاتفاقات الأخرى التي تستهدف تقوية الاقتصاد الأمريكي ودعم الصناعات الأمريكية، وبالتالي فإن الاتفاق الأمريكي الأوروبي، والاتفاق الأمريكي الياباني والاتفاقات الأخرى المتوقع الإعلان عنها خلال الأسابيع المقبلة من المتوقع أن تنعكس إيجابا على هذه الاقتصادات وليس فقط على الاقتصاد الأمريكي وهو ما سوف ينعكس لاحقا على البورصات العالمية.

ردود فعل المستثمرين

وكما يعلم الجميع فإن الأسواق المالية يُنظر إليها على أنها انعكاسٌ للاقتصاد في مختلف قطاعاته، وأي استثمار يدخل إلى الاقتصاد يعتبر محركا للأسواق، كما أن أي تراجع في النمو الاقتصادي وأي خسائر تتعرض لها الشركات تنعكس سلبا على الأسواق، وإذا كانت الأسواق المالية العالمية قد تحركت خلال الأسابيع الماضية بناء على التصريحات فإنه من المتوقع أن تتحرك خلال الأشهر المقبلة بناء على نتائج هذه الاتفاقات، وربما نجد بعض الأسهم ترتفع أكثر من غيرها وفقا لمدى استفادتها من الاتفاقيات الموقعة، أو على العكس من ذلك قد تتعرض بعض الأسهم لضغوط بيع تؤدي إلى هبوطها نظرا لعدم استفادتها من الاتفاقيات.

فلسفة كثير من الأسواق أن المستثمر يلجأ إلى الأسهم ذات السيولة العالية والنتائج المالية الجيدة والأرباح المرتفعة، وبالتالي فإن أي اتفاقيات اقتصادية تؤدي إلى تحقيق هذه الأهداف وتعمل على تحفيز النمو الاقتصادي وتنشيط القطاعات الإنتاجية وترفع الطلب المحلي على الصناعات والخدمات وتُسهم في زيادة التصدير إلى الخارج فإنها - بالتأكيد - تنعش الأسواق.

ورغم كل هذه الإيجابيات علينا في المقابل معرفة ردود فعل المستهلك الأمريكي ومدى تأثره بارتفاع الرسوم الجمركية، ومدى استفادته من الاتفاقيات التي سيتم إبرامها، إذ أن سلوك المستهلك الأمريكي من شأنها أن تنعكس على البورصات صعودا أو هبوطا. عند الإعلان عن الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي صرح العديد من المحللين بأن المواطن الأمريكي سيكون «الخاسر الأكبر» من ارتفاع الرسوم الجمركية لأن الشركات سوف تمرر عبء زيادة الرسوم إلى المستهلكين النهائيين، وهو ما سوف يرفع تكلفة المعيشة، وربما يحد أيضا من التوجه الاستهلاكي للمواطن الأمريكي.

وعلينا أن ندرك أيضا أن هذه الاتفاقات لن تنعكس إيجابا على كلّ الأسهم، فهناك أسهم سوف تحظى بزخمٍ أكبر عن غيرها، وعلى سبيل المثال يعتبر قطاع الطاقة الأمريكي الرابح الأكبر من الاتفاق التجاري الأمريكي الأوروبي نظرا لحجم المبالغ التي سيتم ضخها في القطاع، وبالإضافة إلى قطاع الطاقة هناك عدد من القطاعات الأخرى التي سوف تستفيد إيجابا من هذا الاتفاق وعدد من الاتفاقات التجارية الأخرى التي أبرمتها الولايات المتحدة خلال العام الجاري مع عدد من الدول والتكتلات الاقتصادية بما في ذلك صناعة الطائرات والسيارات والأدوية والزراعة والصناعات الطبية والكيماوية والتكنولوجية والخدمات الرقمية وقطاعات الطاقة المتجددة والنفط والغاز والاستشارات والخدمات المالية والعديد من القطاعات الأخرى، ومتى ما حققت هذه القطاعات نموا في المبيعات وارتفاعا في الطلب فإن ذلك سوف ينعكس إيجابا على الأسواق المالية.

ويبقى السؤال المحوري: هل تتوقف الأسواق عند هذا الحد؟. لا أتوقع ذلك، قد تكون الأسواق المالية هشة وسريعة التحرك صعودا وهبوطا، غير أن السباق الأمريكي في ملف التعريفات الجمركية الجديدة وعدد من الملفات الاقتصادية الأخرى من شأنها - إذا حققت الأهداف الاقتصادية المعلن عنها – أن تُضاعف مكاسب الأسواق وتدفع مؤشرات السوق الأمريكية للصعود وربما نجد مؤشر داو جونز يتجاوز مستوى 45 ألف نقطة الذي سجله في ديسمبر الماضي وكاد يصل إليه في يوليو قبيل الإعلان عن الاتفاق التجاري الأمريكي الأوروبي، والأمر نفسه مع مؤشرات الأسواق الأوروبية التي استطاعت فور الإعلان عن الاتفاق الصعود إلى مستويات جديدة تعد الأعلى خلال الأشهر الأربعة الماضية إلا أنها ما لبثت أن تراجعت في ظل عدم اتضاح الرؤية كاملة، ولعلها أيضا تعكس نظرة عدد من السياسيين الأوروبيين تجاه الاتفاق الذي يرون أنه «يشير إلى تخلٍّ سياسي واقتصادي عن مصالح أوروبا، ويؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي الأوروبي»، لكنه في المقابل لدى عدد آخر من السياسيين والاقتصاديين الأوروبيين «ساعد على تجنيب منطقة اليورو كثيرا من الضغوط والتوترات الاقتصادية».

وبشكل عام فإن البورصات العالمية لن تهدأ؛ سوف تستمر في الصعود حينا والتراجع أحيانا أخرى، غير أن ارتفاع المكاسب سوف يغذي موجات الصعود ويطيل أمدها ويقلص الخسائر ويحافظ على استقرار الأسواق ويدفعها إلى النمو.

محمد بن أحمد الشيزاوي كاتب متخصص في الشؤون الاقتصادية

مقالات مشابهة

  • الولايات المتحدة تخفف العقوبات المضادة لروسيا حتى 20 أغسطس
  • فرنسا وألمانيا وبريطانيا تدرس إعادة فرض العقوبات على إيران
  • بريطانيا وفرنسا وألمانيا: مستعدون لإعادة فرض عقوبات على إيران
  • دول أوروبا تمهل إيران حتى نهاية أغسطس.. وسط تهديد بإعادة فرض العقوبات
  • صفقة تاريخية .. وأسواق «هشة» نظرة في انعكاسات الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على الأسواق المالية
  • 3 دول ترغب في إعادة فرض العقوبات على إيران
  • الترويكا الأوروبية تدرس إعادة فرض العقوبات على إيران
  • العراق ردا على الانتقادات الأميركية: الاتفاق الأمني مع إيران لضبط الحدود
  • إيران تعلن القبول بمفاوضات مباشرة مع أميركا حال توفر الشروط المناسبة
  • غياب الثقة في واشنطن مستمر.. إيران ترحب بتقليص أنشطتها النووية مقابل رفع العقوبات