السيد المسيح يغسل أرجل التلاميذ.. مشهد أيقوني من العاج يعود إلى القرن العاشر
تاريخ النشر: 17th, April 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في لمحة فنية نادرة ومؤثرة، تجسد أيقونة من العاج مشهدًا من أكثر اللحظات رمزية في حياة السيد المسيح، حيث يظهر وهو يغسل أرجل تلاميذه.
يعود أصل هذه القطعة الفريدة إلى مدينة القسطنطينية في القرن العاشر، وتُعرض اليوم في متحف بودي بمدينة برلين، ألمانيا.
المشهد المقدس
تصوّر الأيقونة السيد المسيح وهو ينحني تواضعًا ليغسل أقدام تلاميذه، في مشهد يعكس قمة التواضع والخدمة، والذي يُعد من أبرز الأحداث في العشاء الأخير حسب المعتقد المسيحي.
الخامة والنحت
صُنعت الأيقونة من العاج، وهي مادة ثمينة استخدمت في العصور الوسطى لصنع أعمال فنية دينية ذات دقة عالية. يبرز النحت الدقيق في تعابير الوجوه وتفاصيل الملابس، ما يعكس مهارة الحرفيين في القسطنطينية آنذاك.
الأصل التاريخي:
يعود تاريخ هذه الأيقونة إلى القرن العاشر الميلادي، حيث كانت القسطنطينية مركزًا للفن البيزنطي وموطنًا لأرقى الفنانين. كانت هذه المدينة في ذلك الوقت عاصمة للإمبراطورية البيزنطية، ومركزًا دينيًا وثقافيًا مؤثرًا في العالم المسيحي.
مكان العرض الحالي:
تُعرض الأيقونة حاليًا في متحف بودي (Bode Museum) في برلين، وهو أحد أهم المتاحف في ألمانيا المهتمة بالفن البيزنطي والمسيحي. وتُعد هذه القطعة من أبرز مقتنياته، نظرًا لأهميتها الفنية والدينية والتاريخية.
تجسد هذه الأيقونة التقاء الفن بالإيمان، وتبقى شاهدًا على حقبة تاريخية غنية بالإبداع والروحانية. إنها ليست فقط قطعة فنية نادرة، بل هي أيضًا دعوة للتأمل في قيم التواضع والمحبة التي جسدها السيد المسيح.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: أيقونة اورشليم السید المسیح
إقرأ أيضاً:
دموع تماسيح الليبرالية المُحتضَرة
انتظر زعماء الحكومات الليبرالية الغربية ـ ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وكندا ـ انقضاء سنة ونصف السنة من حرب الإبادة التي يقترفها الجيش الصهيوني إزاء شعب غزة الشهيد، حتى بدأوا، وبخجل ملحوظ، إعلان بعض الاحتجاج على مغالاة دولة إسرائيل في ارتكاب المجزرة الآثمة. بيد أنهم لم يفلحوا بسلوكهم هذا سوى بتسليط مزيد من الأضواء على صمتهم السابق الشبيه بصمت المقابر، بل على تواطؤهم الصريح مع الحكم الصهيوني، عندما وقفوا جميعاً مع إدارة بايدن ليس في تبريرها إعادة غزو ذاك الحكم لقطاع غزة وحسب، بل في تصدّيها لأي دعوة لوقف «إطلاق النار»، أي وقف الإبادة في هذه الحال.
استمرّ ذلك طوال أشهر عدّة، إلى أن بدأت الحشمة تتملّكهم من هذا الموقف المُشين في وجه سخط شعبي على المجزرة لم تتوقف رقعته عن التوسّع مع مرور الزمن وتزايد رقم ضحايا آلة القتل الإسرائيلية. وحتى في ذلك الحين، لم يتميّز موقفهم عن موقف إدارة بايدن في الامتناع عن نقد حكومة بنيامين نتنياهو علناً وعن ممارسة أي ضغط فعلي عليها، بل في القبول بشتى الحجج التي ساقتها تلك الحكومة كي تبرّر مواصلتها للإبادة، إلى أن اضطرّوا للتمايز عن الإدارة الأمريكية الجديدة، إدارة ترامب، عندما اتضح لهم أنها أكثر تواطؤاً بعد مع نتنياهو مما كانت سالفتها.
إن هذا المشهد المثير للاشمئزاز هو أحد أسطع التعبيرات، إن لم يكن أسطعها على الإطلاق، عمّا سبق أن أسميته قبل عشرة أشهر «سقوط الليبرالية الأطلسية» (أنظر «مناهضة الفاشية وسقوط الليبرالية الأطلسية»، القدس العربي، 13/8/2024). والحال أن حرب الإبادة التي تخوضها الدولة الصهيونية فاقت في الوحشية والسادية كل ما عهدناه منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، ذلك أن هاتين الوحشية والسادية ليستا من الصنف الذي مارسته جماعات مسعورة في بلدان «متخلّفة»، على غرار الإبادة الجماعية التي شهدتها رواندا والكونغو قبل نهاية القرن الماضي أو التي شهدتها دارفور في مطلع القرن الجديد أو التي ارتكبها تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق قبل حوالي عشر سنوات، ولا من الصنف الذي مارسته حكومات مصنّفة في خانة «الهمجية» على غرار القوات المسلّحة في بنغلاديش أو حكومة «الخمير الحمر» في كمبوديا في سبعينيات القرن المنصرم، بل وحشية وسادية تمارسهما حكومة دولة متقدّمة صناعياً تنتمي إلى نادي الأغنياء العالمي، الذي يدّعي تمثيل «الحضارة» في وجه الهمجية مثلما لا يني نتنياهو يؤكد في الخطب التي يوجّهها إلى الرأي العام الغربي، واصفاً الحرب التي يقودها.
ثمة فرق عظيم الشأن بين كافة حروب الإبادة سابقة الذكر وحرب الإبادة التي تخوضها الدولة الصهيونية في قطاع غزة،
أي أننا بصدد إحدى حالات الإبادة الجماعية المقترَفة باسم «الحضارة»، والتي عرف التاريخ العديد منها سواء أتمّت باسم الحضارة بالمطلق أو الحضارة الغربية أو «الآريّة»، على غرار الإبادة التي اقترفها الاستعمار البلجيكي في الكونغو في أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين أو تلك التي اقترفتها الإمبراطورية الألمانية في ناميبيا أو تلك التي ارتكبها حكم «تركيا الفتاة» إزاء الأرمن وسواهم من الأقليات في مطلع القرن ذاته، أو التي اقترفتها ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية.
بل ثمة فرق عظيم الشأن بين كافة حروب الإبادة سابقة الذكر وحرب الإبادة التي تخوضها الدولة الصهيونية في قطاع غزة، ألا وهو أن هذه الأخيرة متلفزة على مرأى من العالم أجمع. فحيث كان النازيون يخفون الإبادة الجماعية التي ارتكبوها إزاء اليهود وسواهم من الأقليات خلف سياجات معسكرات الإبادة، وذلك لتضاربها مع مزاعمهم الحضارية (خلافاً لشتى حالات الإبادة الجماعية التي رافقت غزوهم لبولندا ومن ثم لروسيا والتي لفّها وأخفاها ضباب الحرب) نجد الحكم الصهيوني يواصل اليوم إبادته الجماعية للغزّاويين وهو يعلم أنها مكشوفة أمام أعين العالم.
صحيح أن الجيش الصهيوني تعمّد قتل عدد قياسي من الصحافيين داخل القطاع، لكنّه يعلم تمام العلم أن ما من شيء يستطيع ستر وحشية قواته المسلّحة وساديتها، التي يشهد عليهما بصورة مقزّزة اصطيادها اليومي الراهن لعشرات الغزّاويين المنكوبين الذين يلهثون وراء المساعدات الشحيحة التي تتكرّم حكومة نتنياهو وحليفها الأمريكي بتقطيرها عليهم. بل رأينا الجنود الإسرائيليين أنفسهم يساهمون في ترويج صور الممارسات السادية التي يرتكبونها افتخاراً بها في معظم الحالات، وليس من باب الكشف عنها لإدانتها.
فإن حرب الإبادة الصهيونية في غزة وتواطؤ الحكومات الليبرالية الغربية معها، اللذين ساهما مساهمة جبّارة في حفز صعود النيوفاشية على الصعيد العالمي، وصولاً إلى سيادتها على رأس أعظم القوى العظمى العالمية، تلك القوة العظمى التي طالما زعمت تمثيل الإرث الحضاري الليبرالي الأطلسي الناجم عن مناهضة الفاشية في الحرب العالمية الثانية، إن الحرب والتواطؤ المذكورين إنما أنجزا قبل ذلك، وفي السبيل إليه، سقوط الإرث الليبرالي الأطلسي المنافق أصلاً بحيث أفقداه أي مصداقية كانت لا تزال لاصقة به وحفّزا بالتالي غلبة نقيضه النيوفاشي.
القدس العربي