تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يقول المؤرخ الكنسي  ماجد كامل في شرحه وتفسيره لقصه الكفن المقدس ففي قلب مدينة تورينو الإيطالية، يحتفظ التاريخ بواحد من أعظم الشهادات المادية المرتبطة بحياة السيد المسيح: الكفن المقدس. 

فهذا الكفن الذي يُعتقد أنه لفّ به جسد يسوع بعد صلبه، يثير حتى اليوم الجدل والبحث العلمي والإيمان العميق.

في هذا التقرير نستعرض قصة الكفن منذ لحظة ظهوره التاريخي، وحتى تطورات البحث العلمي المعاصر حوله.


 

البدايات الأولى لقصة الكفن

تبدأ الحكاية مع الملك أبجر الخامس ملك أديسا (الرها)، الذي طلب شفاءه من السيد المسيح، غير أن يسوع وعده بإرسال أحد تلاميذه. بعد الصعود، أُرسل الكفن المقدس إلى الملك على يد الرسول تداوس، حيث حدثت معجزة شفاء الملك وانتشار الإيمان بالمسيحية في المدينة، ووضعت لوحة تصور وجه المسيح على بوابة المدينة.
 

اختفاء الكفن وإعادة ظهوره
 

ظل الكفن محفوظًا في أديسا حتى تغيرت الظروف السياسية والدينية، فاختفى لفترة، ثم أعيد اكتشافه بعد هجوم كسرى الفارسي. وفي عهد الإمبراطور جستنيان، بُنيت كاتدرائية لحفظ الكفن، وظل يُعرض للشعب. مع دخول المسلمين إلى أديسا عام 639م، نجا الكفن من تحطيم الأيقونات، ثم نُقل إلى القسطنطينية عام 944م، حيث لقي تقديسًا واسعًا.


 

الكفن في أيدي الصليبيين وفرسان المعبد

بعد الحملة الصليبية الرابعة، نُهب الكفن ونُقل إلى عكا ثم إلى صيدا فقبرص، ثم استقر لفترة في فرنسا. وتحديدًا مع الملك جون الطيب، ثم انتقل إلى أسرة سافوي عام 1453م، وبقي في حوزتهم حتى اليوم.


 

حادثة الحريق وحماية الكفن

في ديسمبر 1532، شبّ حريق مروع في الكنيسة التي تحتضن الكفن، لكن تم إنقاذه بمعجزة رغم تعرض بعض أجزائه لأضرار، عولجت لاحقًا على يد راهبات الكنيسة. تكررت عروض الكفن للشعب لدحض الشائعات التي شككت في صورته.

 

انتقال الكفن إلى تورينو
 

نُقل الكفن إلى مدينة تورينو عام 1568، وظل هناك، وشهد عرضًا كبيرًا عام 1933 بمناسبة مرور 1900 عام على صلب المسيح، ونُقل مؤقتًا أثناء الحرب العالمية الثانية حفاظًا عليه من القصف، ثم أُعيد بعد الحرب.


 

بدايات الدراسة العلمية للكفن
 

بدأ الاهتمام العلمي بالكفن منذ عام 1898، حين التقط المصور بيا أول صورة فوتوغرافية له. وتلتها دراسات علمية أظهرت تفاصيل مدهشة عن الأثر، أبرزها في عام 1902 على يد الدكتور إيفيس ديلاج، رغم كونه ملحدًا، إلا أنه أقر بأصالة الكفن.


 

تكوين لجان بحثية علمية لفحص الكفن

 

1969: أول لجنة علمية تجتمع لفحص الكفن.

1973: أول عرض تلفزيوني للكفن

1978  تشكيل فريق علمي موسع ضم 40 عالمًا، تلاه عرض عام استثنائي، وانتهت الأبحاث بإثبات أن الصورة لم ترسمها يد بشرية، وأن الكفن يعود إلى قرون خلت.
 

دراسة تشريحية دقيقة للصورة على الكفن 

 

الوجه: كدمات متعددة، تورمات، جروح في الصدغ، إصابة في الأنف.

 

الجلد: آثار السياط واضحة، يتراوح عدد الجلدات بين 90-120، قام بها جلادان من جهتين.

 

المسامير: ثبتت في الرسغ وليس الكف، كما اعتقد سابقًا

اكليل الشوك الشوك: ليس تاجًا دائريًا، بل أشواك غُرست في الرأس مباشرة

 

طعنه  الحربة: جرح في الجانب الأيمن للصدر، بعمق 8 سم، تم بعد الوفاة.

 

عدم غسل الجسد حافظ على معالم الكفن

 

ذكرت الأناجيل أن جسد السيد المسيح لم يُغسل قبل دفنه، مما حافظ على كل آثار الجروح، وترك لنا شاهدًا حيًا على الآلام.

 

الكفن دليل القيامة المجيدة

 

تشير الدراسات إلى أن الصورة على الكفن تكونت نتيجة انفجار طاقة عظيمة خرجت من الجسد، يربطها العلماء بقيامة السيد المسيح.

أبرز الكتب والأفلام الوثائقية حول الكفن

 

اول من قدم الكفن في مصر: القمص جورجيوس عطا الله، بكتابه المترجم “الكفن المقدس بتورينو” للمؤرخ إيان ويلسون

 

توالت  الكتب بعد ذلك من مطرانيات مختلفة، كما ظهرت مسرحية “الشاهد الصامت”.

 

موسوعه  الأب ميلاد صدقي “كفن السيد المسيح” في 3 مجلدات ضخمة

 

أنشأ  الأب ميلاد متحفًا للكفن بمقر دير الآباء اللعازريين بشبرا.

 

الكفن في السينما: فيلم “آلام المسيح” للمخرج ميل جيبسون

 

عام 2004، عرض الفيلم العالمي “The Passion of the Christ”، المستوحى بالكامل من تفاصيل الكفن المقدس، ليكون أصدق تصوير لعذابات السيد المسيح، باللغة الآرامية، وبموافقة خاصة من المفكر المصري جابر عصفور.

يبقى كفن تورينو، رغم الجدل، أحد أعمق الشواهد المادية على أحداث مركزية في الإيمان المسيحي، وموضوعًا يربط بين التاريخ والعقيدة والعلم، ويجمع حوله الباحثين والمؤمنين على حد سواء.


 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أقباط أقباط الإرثوذكس السید المسیح

إقرأ أيضاً:

التحالف الأمني العربي-الإسرائيلي: درع إسرائيل المؤقت أم عبء التاريخ القادم؟

في ظلال ما بعد حرب غزة، يتشكّل في الخفاء مشهدٌ جديد للمنطقة، مشهد لا تذيعه البيانات الرسمية، لكنه يُرسم في الغرف المغلقة، ويُدار بعناية من قبل أجهزة استخبارات ووزارات دفاع أكثر مما يُدار من وزارات الخارجية.

إنه التحالف الأمني العربي-الإسرائيلي، الوجه العملي لمشروع "الشرق الأوسط الجديد" الذي فشل في فرض نفسه بالسلام، فحاول الآن أن يفرض نفسه بالأمن.

أولا: من التطبيع الناعم إلى الأمن الصلب

لم تبدأ القصة باتفاقات أبراهام، بل قبلها بعقود، حين قايضت بعض الأنظمة العربية السلام بالأمن. لكن بعد طوفان الأقصى وما تبعه من حرب إبادة على غزة، تغيّر الإيقاع: لم تعد إسرائيل تسعى إلى "الاعتراف" بقدر ما تسعى إلى الاندماج الأمني داخل الجسد العربي.

فالتحالفات التي تُنسج اليوم ليست بين سياسيين، بل بين ضباط أمن ومهندسي مراقبة وقيادات عسكرية. الهدف المُعلن: "الاستقرار ومحاربة الإرهاب"، أما الهدف المستتر: تحويل إسرائيل إلى نواةٍ أمنية إقليمية تُملي معايير الحماية وتُحدّد من هو العدو ومن هو الصديق.

ثانيا: إسرائيل في قلب المنظومة لا على هامشها

من البحر الأحمر إلى الخليج، ومن سيناء إلى جبال النقب، تتكوّن منظومة مراقبة وتبادل معلومات استخبارية تشارك فيها أجهزة عربية بشكل مباشر أو عبر قنوات أمريكية.

إنها ليست تحالفا مكتوبا، بل تفاهمات أمنية فوق الطاولة وتحتها، تضمن لإسرائيل أن تبقى هي العقل المركزي لهذه المنظومة، فيما تُمنح الدول العربية هامشا من المنافع التقنية مقابل ولاء سياسي غير معلن.

بهذه الطريقة، تُستبدل "القضية الفلسطينية" بـ"التهديد الأمني"، وتُصبح المقاومة بندا في قائمة المراقبة لا في جدول الكرامة.

ثالثا: الأمن بديلا عن الشرعية

يُسوَّق هذا التعاون بوصفه طريقا إلى "الاستقرار"، لكنه في الحقيقة يُعمّق فقدان الشرعية لدى الأنظمة التي تظن أنها تشتري أمنها من إسرائيل. فالأمن لا يُشترى بالتقنيات ولا يُستورد من الخارج؛ إنه يُبنى من الداخل، من عدالة المجتمع وكرامة مواطنيه.

ولهذا، كل منظومة أمنية تُقام فوق الجراح الفلسطينية ستبقى هشة من الداخل، عاجزة عن الصمود أمام زلزال الوعي الشعبي حين يستيقظ.

رابعا: المدى القريب.. حماية مؤقتة

في السنوات الخمس المقبلة، سيبدو هذا التحالف كأنه درع واقٍ لإسرائيل من اضطرابات الإقليم. سيمنحها قدرة على مراقبة الحدود والبحار، وعلى إدارة مرحلة "ما بعد الحرب" بأدوات عربية تحت غطاء أمريكي.

لكن هذه الدرع ستبقى مؤقتة، لأن التاريخ لا يحميه الحديد بل الشرعية. وحين تنقلب موازين القوى العالمية، ويصعد وعي الأجيال الجديدة في الشارع العربي والإسلامي، سيتحوّل هذا التحالف إلى عبء أخلاقي وسياسي على أصحابه.

خامسا: المدى البعيد.. ارتداد التاريخ

في العقدين المقبلين، إن بقيت الأمور على حالها -وأظنها لن تبقى- سيكتشف الجميع أن التطبيع الأمني لم يصنع استقرارا بل جمّد الصراع دون أن يحلّه. وما يُجمَّد لا يختفي، بل يتراكم ويشتعل.

وكما سقطت ممالك الصليبيين بعد أن أحاطت نفسها بالتحالفات الأجنبية، ستسقط هذه المنظومة حين تفقد مبرر وجودها الأخلاقي والسياسي، فالتحالف الذي يُبنى على الخوف لا يصمد أمام الشعوب التي تُبنى على الأمل.

سادسا: فلسطين.. الغائب الحاضر

كلما اتسع التعاون الأمني، تقلّص حضور فلسطين في الخطاب الرسمي، لكنها لا تغيب من الوجدان. إنها الحاضر الذي يطارد كل نظام يحاول تجاوزه، والجرح الذي يُعيد المنطقة إلى حقيقتها الأولى: أن لا أمن في الشرق الأوسط بلا عدل، ولا استقرار بلا حرية، ولا تحالف ينجو إن تجاهل فلسطين.

قد يبدو التحالف الأمني العربي-الإسرائيلي اليوم درعا يحيط بإسرائيل، لكنه في جوهره درعٌ من ورق أمام نار التاريخ.

فكل منظومة تُبنى على إنكار الحق، سرعان ما تتحول إلى وثيقة اتهام ضد نفسها. وفي ميزان الزمن، لن يكون هذا التحالف سوى فصلٍ جديد في روايةٍ طويلة عنوانها: "حين يتحالف الخوف مع القوة.. ينتصر عليهما الضمير".

مقالات مشابهة

  • عبد المسيح: دعوة رؤساء الأحزاب في زيارة البابا يجب أن تكون من مبدأ الوحدة الوطنية
  • التحالف الأمني العربي-الإسرائيلي: درع إسرائيل المؤقت أم عبء التاريخ القادم؟
  • تحمل رائحة المسيح.. وردة ذهبية من البابا لمزار سيدة لبنان – حريصا (فيديو)
  • وزارة الكهرباء:معاودة ضخ الغاز الإيراني” المقدس”!
  • سجل أبطال كأس العرب عبر التاريخ
  • قائد عام شرطة رأس الخيمة: تضحيات شهداء الوطن سيخلدها التاريخ
  • عبد المسيح يرحّب بالبابا: حضور يُضيء لبنان الجريح
  • لامبارد يُعيد كتابة التاريخ مع كوفنتري بعد 67 عاماً!
  • الجيل الناهض .. قصة الصمود اليمني التي كتبت بالوعي والإيمان
  • مجمع نيقية الأول عام 325م.. يوم اجتمع أساقفة العالم للدفاع عن ألوهية المسيح