داء شاغاس.. ما هو وكيف ينتقل وكيف تسعى الولايات المتحدة لمكافحته؟
تاريخ النشر: 25th, August 2023 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- قد يتطوّر داء شاغاس بصمت لعقود قبل أن تظهر أعراضه.
وداء شاغاس، المعروف أيضاً باسم داء المثقبيات الأمريكي، مرض قد يهدّد الحياة ويسببه الطفيلي المعروف باسم المِثْقَبِيَّة الكروزيَّة.
وينتقل الطفيلي من خلال حشرة تسمى بق الترياتومين (ناقل الداء)، ويُعرف هذا البق باسم البق المُقَبِّل، نظرًا لأنه غالبًا ما يلدغ قرب الشفاه.
ويؤثر ذلك على الأشخاص بشكل أساسي في أمريكا اللاتينية، حيث تنتقل طفيليات المِثْقَبِيَّة الكروزيَّة أساساً بواسطة ملامسة براز/بول بق "الترياتومين" الماص للدم والمصاب بالعدوى. ويعيش هذا البق عادةً في شقوق جدران المنازل أو أسقفها والهياكل المجاورة لها، مثل أقفاص الدجاج والحظائر والمخازن، في المناطق الريفية أو ضواحي المناطق الحضرية.
وتتغوّط هذه الحشرات على الجلد، وقد يحتوي برازها على الطفيلي الذي يمكن أن يدخل إلى جسم الإنسان من طريق العينين، أو الأنف، أو الفم، أو الجروح في الجلد أو من طريق الجرح الناتج عن لدغة الحشرة.
ولا ينتقل المرض من شخص إلى آخر، إلا من خلال الأم التي تنقله إلى مولودها الجديد، أو جرّاء الخضوع لعملية نقل دم أو زرع عضو من شخص مصاب بالطفيلي.
ومع ذلك، فإنّ انتشاره يزداد في الولايات المتحدة، حيث يمرّ غالبًا من دون التعرف عليه. وتشير تقديرات مراكز مكافحة الأمراض إلى أن أكثر من 300 ألف شخص مصابون بداء شاغاس في البلاد، إلا أن نقص الوعي والفحص يعني أنه تم التعرف فقط على نسبة 1% من الحالات.
ويقول الأطباء والباحثون إنّ الولايات المتحدة يمكنها أن تفعل المزيد لمكافحة داء شاغاس، الذي يسبب أمراض القلب الخطيرة لدى ما يقدر بنحو 30% من المصابين، ويمكن أن يؤدي أيضًا إلى مشاكل في الجهاز الهضمي مثل تضخم المريء والقولون.
ويسعى الأطباء والباحثون بالولايات المتحدة لرفع إمكانية الوصول إلى الاختبارات والعلاج، وهم متفائلون بشأن عقار جديد من المقرر أن تتم تجربته على البشر في العام المقبل.
وتشير راشيل ماركوس، طبيبة القلب والمديرة الطبية لجمعية أمريكا اللاتينية لداء شاغاس، إلى أن العديد من الأشخاص الأكثر عرضة لخطر الإصابة بداء شاغاس يستخدمون المراكز الصحية المجتمعية التي يمكن أن تكون مواقع اختبار، لكنّها ذات موارد محدودة، ويميلون إلى التركيز على الحالات الأكثر شيوعًا مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري.
وينتج داء شاغاس بداية أعراضًا شبيهة بالأنفلونزا، لكن يمكن أن يمر من دون أن يلاحظه أحد لعقود من الزمن أثناء تكاثره في الجسم.
ويمكن للعلاجات الدوائية في بعض الأحيان القضاء على الطفيلي، خصوصًا في مراحله الأولى، لكن فرصة الاكتشاف المبكر قليلة: فهو لا يبقى في مجرى الدم لفترة طويلة، وبدلاً من ذلك يهاجر إلى الأنسجة والأعضاء حيث يصعب اكتشافه.
في كثير من الأحيان، بحلول الوقت الذي يزور فيها المريض الطبيب، يكون هذا الشخص قد أصيب بالفعل بمضاعفات خطيرة، تشمل اضطرابات ضربات القلب، أو اعتلال عضلة القلب التوسعي الذي يعيق قدرة القلب على ضخ الدم بشكل جيد. وقد يحتاج المرضى بالنهاية إلى أجهزة تنظيم ضربات القلب أو عمليات زرع القلب.
تشير التقديرات إلى أن ما بين 6 و7 ملايين شخص تقريباً في العالم مصابون بعدوى طفيلي المِثْقَبِيَّة الكروزيَّة.
وفي الولايات المتحدة، حصل عقاران قديمان على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية، هما "بنزنيدازول" و"نيفورتيموكس"، يمكنهما التغلب على الطفيلي لكن لا يقضيان عليه دومًا، وقد يكون لهما آثار جانبية خطيرة، وتلقيهما في وقت باكر تكون فعاليته أكبر.
وعلى سبيل المثال، الأطفال الذين يولدون بداء شاغاس لديهم معدّل شفاء يصل إلى نسبة 90%، إذا عولجوا خلال السنة الأولى من حياتهم.
ولمكافحة المرض، يوصي الأطباء المطّلعون على داء شاغاس باختبار النساء الحوامل من المجتمعات المعرضة للخطر وحثّهنّ على تلقّي العلاج باكرًا، كما يؤيدون فحص جميع الأعضاء المزروعة.
وفي عام 2018، توفي رجل من ولاية كونيتيكت بعدما زرع قلبًا مصابًا بالطفيلي المسبب لداء شاغاس، ما أدى إلى رفع دعوى قضائية ودعوات لإجراء فحص إلزامي للأعضاء المزروعة. لقد صوتت المنظمة التي تحكم سياسات زرع الأعضاء في الولايات المتحدة أخيرًا لصالح طلب مثل هذا الاختبار.
ومع وجود عدد قليل من المرافق في البلاد لكشف داء شاغاس، يقول الأطباء والباحثون إنه مع زيادة الوعي، يمكن للعديد من مقدمي الرعاية الصحية إجراء فحوص أولية، وإذا كانت إيجابية، إرسال النتائج إلى مراكز مكافحة الأمراض لتأكيدها.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: أدوية وعلاج أمراض الولایات المتحدة یمکن أن
إقرأ أيضاً:
لماذا يمكن أن يُستأنف القتال بين إسرائيل وإيران في أي لحظة؟
بعد مواجهة استمرت 12 يوما بين إسرائيل وإيران، لا يزال هناك شكوك كبيرة تحيط بمستقبل الاتفاق النووي الإيراني وقدرة الهدنة مع الدولة العبرية على الصمود. اعلان
في وقت سابق، أكد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على أن " إنهاء الأمريكية العسكرية هو شرط مسبق لاستئناف المحادثات بين طهران وواشنطن".
في حين حذر مدير وكالة االطاقة لذرية التابعة للأمم المتحدة، رافائيل غروسي، المجتمع الدولي من أن "طهران ستكون قادرة على استئناف تخصيب اليورانيوم في غضون أسابيع قليلة".
غير أن الثقة في غروسي والوكالة الذرية باتت شبه معدومة في الجمهورية الإسلامية، كما عبّر الرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في مكالمة هاتفية.
كما انتقد بزشكيان الصمت الأوروبي، وعدم إدانة الغارات الجوية الإسرائيلية الأمريكية ضد المواقع النووية الإيرانية وبعض الأهداف العسكرية التقليدية.
وقال إن تلك الهجمات كانت "تنتهك ميثاق الأمم المتحدة ومعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية".
وكانت الأقمار الصناعية التابعة لشركة ماكسار تكنولوجيز، وهي شركة أمريكية خاصة، قد أظهر صورًا بتاريخ الأحد 29 يونيو يظهر نشاطًا في منشأة فوردو النووية، أحد المراكز الرئيسية لتخصيب اليورانيوم في البلاد.
وتظهر التسلسلات حفارون وأشخاص (ربما تقنيون) يعملون حول الفتحات الكبيرة لأنظمة التهوية في الموقع تحت الأرض.
وكانت الشركة الأمريكية ذاتها، قد رصدت عام 2022 الانتشار غير المعتاد للقوات الروسية على طول الحدود مع أوكرانيا.
وكانت إدارة الرئيس دونالد ترامب قد قالت إن فوردو قُصفت بقنابل أعماق (ممسحة) ألقتها قاذفات B2 التابعة للقوات الجوية الأمريكية، وشدد الزعيم الجمهوري غير مرة على أنها دمرت بالكامل.
لكن قبل الضربات الأمريكية بساعات قليلة، منعت السلطات في طهران مراقبي الأمم المتحدة من الوصول إلى المنشآت، حيث قال عراقجي في تعبير لا يخلو من بعض السخرية:"كيف تعتقدون أننا نستطيع ضمان سلامتهم بينما منشآتنا السلمية مستهدفة حتى قبل أيام قليلة؟"
آثار غير واضحة للحرب التي استمرت اثني عشر يومًاوبالرغم من قصر المواجهة بين تل أبيب وطهران، إلا أن صمود وقف إطلاق النار لا يزال موضع شك لدى المسؤولون الإيرانيين.
وكانت السلطات الإيرانية قد أعلنت عن مقتل 935 إيرانيا جراء الهجمات، من بينهم بضع مئات من المدنيين.
وفي حين يرى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن هناك "فرصاً إقليمية وافرة" لتحقيق الاستقرار بعد المواجهة، إلا أن الظروف الموضوعية تشير إلى احتمالات أقل تفاؤلاً.
فوفقاً لرافاييل ماركيتي، مدير مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية في جامعة لويس في روما، فإن القادة في طهران لديهم مشروع مضاد للأهداف الاستراتيجية الحقيقة لإسرائيل وأمريكا في المنطقة، والمسألة لا تنحصر بنزع السلاح النووي الإيراني.
ومع أن نتنياهو يحاول تقديم القضاء على البرنامج النووي على أنه مسألة تتعلق بالامن القومي لدولته، يوضح ماركيتي: "أنها في الواقع محاولة لتعزيز وترسيخ هيمنة إسرائيل الإقليمية"،حسب نظرته كباحث في العلاقات الدولية.
ويتابع: "الهيمنة تعني أنك القوة التي لا مثيل لها في السياق الدولي، وبالتالي فإن جميع الدول الأخرى تخضع بشكل أو بآخر لإرادتك."
Related "ترامب عدو الله".. فتوى لمرجع ديني إيراني تشعل جدلًا واسعًانتنياهو: الخطر الإيراني يفوق التهديد الذي مثلته القومية العربية تاريخيًا ابتزاز.. قراصنة إيرانيون يهدّدون بنشر رسائل البريد الإلكتروني لمساعدي الرئيس ترامبنتنياهو إلى واشنطن الأسبوع المقبل للقاء ترامب والرئيس يكشف: سنبحث ملفي غزة وإيرانفي المقابل، تحاول طهران أن تحقق توازنًا إقليميا قائمًا على الردع النووي المتبادل، وعن ذلك يقول الباحث: "ليس من المستغرب على الإطلاق أن تكون إيران قد شرعت في عملية التطوير النووي، ولكن علينا هنا أن نكون حذرين بعض الشيء في هذا الشأن لأنه على الأقل من الناحية الشكلية. إيران، على عكس إسرائيل، لطالما التزمت بمعاهدة حظر الانتشار النووي". لذلك يعتقد أنه من الصعب التوصل إلى اتفاق بين الطرفين دون أن يستسلم أحدهما.
ولهذا السبب، يرى ماركيتي أن سقوط نظام علي خامنئي سيكون السبيل الوحيد الذي يمكن أن يحل المشكلة على المدى الطويل، حسب حسابات إسرائيل والولايات المتحدة.
إيران تخشى هيمنة إسرائيل في المنطقةإسرائيل التي لم تعترف رسمياً بامتلاكها أسلحة نووية، لا تلتزم بمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، على عكس إيران التي وقعت عليها عام 1970، في عهد الشاه محمد رضا بهلوي.
في ذلك الوقت، كانت طهران إحدى الركائز الثلاث، إلى جانب إسرائيل وتركيا، للتوازنات الموالية للغرب والمناهضة للسوفييت في المنطقة التي تسمى الآن "الشرق الأوسط الممتد": بما في ذلك القوقاز وآسيا الوسطى.
قبل ثورة روح الله الخميني، عام 1979، كانت تربط أنقرة وطهران بتل أبيب علاقات سياسية وعسكرية ودية قائمة على المصالح الاستراتيجية المتقاربة. أما بعد قيام الجمهورية الإسلامية، تكتب طهران في دستورها صراحة ضرورة "تدمير إسرائيل".
ويرى مراقبون أن العدوتين لا تمتلكان عقائد نووية عسكرية رسمية، لأن تل أبيب لا تعترف بامتلاكها ترسانة نووية، بينما تصر طهران على متابعة برنامج ذري مدني حصري.
وتتبع الأولى، بإنكارها للامتلاك أسلحة النووية، ما يسمى بعقيدة الغموض الاستراتيجي المتعمد: أي أن الدولة تبقي خصومها المحتملين في حالة من عدم اليقين بشأن رد فعلها في حالة نشوب صراع.
ووفقًا لتقديرات دول ثالثة ومنظمات دولية وأعضاء في المجتمع العلمي، تمتلك الدولة العبرية عددًا غير محدد من الرؤوس النووية يتراوح بين 90 و400 رأس نووي.
يعود الحديث عن الأسلحة النووية في إسرائيل إلى عام 1949، أي بعد عام واحد من قيامها، فبالنسبة للطبقة الحاكمة آنذاك الملتفة حول رئيس الوزراء ديفيد بن غوريون، كانت القنبلة الذرية هي الحل الوحيد لتعويض الافتقار إلى العمق الاستراتيجي، حيث كانت محاطة بدول مجاورة كلها تجاهربعدائها في ذلك الوقت.
غير أن أحلام بن غوريون لم تلاقي الدعم من الولايات المتحدة، لكن فرنسا، بقيادة حكومة غي موليه الاشتراكية (SFIO) وبزعامة غي موليه (SFIO) كانت رابع جمهورية، تتعامل مع دولة حديثة النشأة في الشرق الأوسط وتقدم لها الدعم التكنولوجي اللازم.
لكن الجنرال ديغول عمل على إبطاء التعاون النووي الفرنسي مع إسرائيل منذ ستينات القرن الماضي، إلى أن توقف تمامًا بعد حرب الأيام الستة في عام 1967.
وعلى الرغم من عدم وجود عقيدة رسمية فيما يتعلق باستخدام القوة الذرية، إلا أن تل أبيب تعتقد أن السلاح النووي "هو السلاح النهائي."
وعن ذلك، يقول ديفيد ريجوليه-روز، الباحث في شؤون الشرق الأوسط في معهد إيريس، معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس :".نحن في حالة ردع تام، ولم يتم استخدام السلاح النووي حتى في حرب يوم الغفران عام 1973، عندما شكل الهجوم السوري والمصري تهديدًا على إسرائيل)"
لهذا السبب، وعلى الرغم من الغموض الاستراتيجي المتعمد، هناك شيء واحد مؤكد، "وفقًا لعقيدة رئيس الوزراء المحافظ السابق مناحيم بيغن، التي تعود إلى عقود مضت، فإن الدولة اليهودية لا تتسامح، حتى باستخدام القوة، مع وجود قوى نووية أخرى في المنطقة".
في عام 1981، هاجمت الطائرات المقاتلة الإسرائيلية مفاعل أوزيراك النووي العراقي، الذي تم تطويره بدعم من فرنسا في عهد الرئيس فاليري جيسكار ديستان ورئيس الوزراء جاك شيراك. وقد تم تدميره، رغم أنه كان مخصصًا رسميًا للاستخدام المدني.
واعتبرت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن ذلك الإجراء كان مبررًا، لأن المفاعل كان من المحتمل أن يتم تحويله إلى إنتاج البلوتونيوم.
في عام 2007، أغارت الطائرات الإسرائيلية أيضًا على محيط دير الزور في سوريا، حيث كان نظام الأسد يبني مفاعلًا نوويًا بمساعدة كوريا الشمالية، وفقًا للموساد.
أما اليوم، فقد تغيرت موازين القوى والعلاقات السياسية والدبلوماسية لصالح إسرائيل، بسبب اتفاقيات التطبيع معها في مصر والأردن.
كما أن سوريا، المفككة فعليًا، لم تعد في وضع يمكنها فيه إلحاق أي ضرر، ولبنان لم يعد تهديدًا وجوديًا، في حين أن عراق صدام حسين أصبح الآن مجرد ذكرى غامضة.
ومع ذلك، فإن وجود قوة نووية استراتيجية إيرانية من شأنه أن يكسر توازن عدم الانتشار النووي في منطقة غير مستقرة بشكل ملحوظ.
ويقول ريجوليه-روز: "الأمير السعودي محمد بن سلمان قال إنه في حالة وجود قوة نووية إيرانية، فإن السعودية ستسعى هي الأخرى إلى امتلاك الذرة العسكرية، ومن ثم سيكون هناك تأثير محتمل للدومينو مع شعور تركيا ومصر بأنهما مضطرتان للتزود بأسلحة نووية".
وتابع: "هذا هو ما كان من المفترض تجنبه في الاتفاق النووي الإيراني، الذي وقعه الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا والولايات المتحدة والصين وروسيا في عام 2015، وندد به الرئيس ترامب في عام 2018."
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة