«الطلحي» يروي قصة أعرابي استغفر عند قبر الرسول فبشره بمغفرة الله
تاريخ النشر: 18th, April 2025 GMT
قال الشيخ أحمد الطلحي، الداعية الإسلامي، إن زيارة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليست فقط طاعة وعبادة، بل هي رحلة حب وشوق وهيبة، متحدثًا عن قصة مؤثرة رواها الإمام أبو منصور الصباغ في كتابه «الشامل»، والتي تُجسد معنى الأدب والخشوع في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وروى الشيخ الطلحي، خلال حلقة برامج مع الناس، المذاع على قناة الناس، اليوم الخميس، القصة قائلًا: «جاء رجل يُعرف بأبي عبد الرحمن محمد بن عبيد الله بن عمرو بن معاوية، من نسل بني أمية، وكان شاعرًا وأديبًا ولغويًا معروفًا، يُلقب بالعتبي.
وكان جالسًا عند رأس النبي صلى الله عليه وسلم في الروضة الشريفة، حين جاء أعرابي من بادية العرب، فوقف بخشوع وأدب وقال: السلام عليك يا رسول الله، سمعت الله عز وجل يقول: ﴿ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابًا رحيمًا﴾، وقد جئتك مستغفرًا لذنبي، مستشفعًا بك إلى ربي، فاستغفر لي يا رسول الله».
وأضاف الشيخ الطلحي: ثم أنشد الأعرابي أبياتًا خالدة قال فيها:
يا خيرَ من دُفنت بالقاعِ أعظُمُهُ
فطابَ من طيبِهِنّ القاعُ والأكمُ
نفسِي الفداءُ لروضٍ أنتَ ساكنُهُ
فيه العفافُ وفيهِ الجودُ والكرمُ".
وتابع: بعد أن انصرف الأعرابي، غلب النوم العتبي، فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يقول له:
يا عتبي، الحق بالأعرابي وبشّره أن الله قد غفر له.
وأكد الشيخ الطلحي أن هذه القصة، التي رواها الإمام ابن كثير وغيره من أئمة السلف، تُجسّد أثر الزيارة الخاشعة الصادقة للنبي صلى الله عليه وسلم، وتفتح أبواب الأمل لكل مذنب وتائب، إذا ما أتى باب الحبيب مؤمنًا راجيًا.
وأضاف: ويروى كذلك عن الإمام الأكبر شيخ الأزهر سيدي عبد الحليم محمود الحسيني رحمه الله، أنه حين وقف أمام المواجهة الشريفة، أنشد تلك الأبيات، فسمع من يعاتبه قائلاً: وهل أنا يا ولدي الآن أعظُمٌ مدفونة؟ هذا الأعرابي مدح بما يناسب حاله، أما أنت العالم، فارتقِ بما يليق بمقامي! فأعاد الإمام عبد الحليم محمود أبياته قائلًا:
يا خيرَ من حلَّتْ بالقاعِ حضرتُهُ
فطابَ من طيبِهِنَّ القاعُ والأكمُ
أنتَ النبيُّ الذي تُرجى شفاعتُهُ
عند الصراطِ إذا ما زلَّتِ القَدَمُ
نفسي الفداءُ لروضٍ أنتَ ساكنُهُ
فيه العفافُ وفيه الجودُ والكرمُ".
وقال: أيها الزائرون المحبون، كرروا الزيارة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما استطعتم، واجعلوها عادة يومية أو أسبوعية أو كلما تيسر لكم ذلك، فإنها من أعظم القربات، وأجمل الطاعات، وأصدق علامات المحبة. صلوا عليه وسلموا تسليمًا، فما تشرق الشمس إلا بنوره، ولا يسكن القلب إلا بحبه.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: مع الناس قبر الرسول الشيخ أحمد الطلحي صلى الله علیه وسلم
إقرأ أيضاً:
ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر: متى تمسكت الأمة بسنة النبي كتب لها النصر
عقد الجامع الأزهر، ملتقى «السيرة النبوية» الأسبوعي، تحت عنوان: «صلح الحديبية: رؤية إسلامية»، بحضور كلٍّ من: فضيلة أ.د عبد الفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين الأسبق، وفضيلة أ.د نادي عبد الله محمد، أستاذ الحديث وعلومه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، وأدار اللقاء الشيخ إبراهيم حلس، مدير إدارة الشؤون الدينية بالجامع الأزهر.
قال الدكتور عبد الفتاح العواري، إنّ صلح الحديبية كان تطورًا جديدًا في مسار الدولة الإسلامية الناشئة، بعد أن استقرت أركانها في المدينة المنورة، وأراد النبي ﷺ أن يلفت الأنظار إلى أن الإسلام دين سلام ورحمة، فخرج إلى مكة ومعه ألف وأربعمائة من الصحابة لأداء العمرة، وهم عُزَّل من السلاح، وساق الهدي أمامه دليلًا على السلم لا الحرب، ورسالة للمشركين بأن القلوب تنشد الطواف لا القتال، والوصال لا القطيعة.
وأوضح فضيلته أنّ النبي ﷺ حين علم بمنع قريش له، لم يُقدِم على اقتحام مكة رغم قدرته، بل آثر صلة الرحم وأراد أن يكون مجيئه سبيلًا إلى السلام لا إلى سفك الدماء. فسلك طريقًا وعرًا حتى وصل الحديبية، وبدأت المفاوضات بينه وبين كفار قريش، حتى جاء سهيل بن عمرو لعقد الصلح، فوافق النبي ﷺ على الشروط، رغم ما فيها من إجحاف ظاهر، ليُقدِّم بذلك درسًا نادرًا في فقه السياسة الشرعية، وضبط النفس، وتقديم المصالح الكبرى للأمة، والالتزام بأوامر الله.
وأضاف الدكتور العواري أنّ هذا الصلح جسّد قِيم الوفاء والرحمة، فرسول الله ﷺ قَبِلَ بشروط مجحفة ظاهرًا، لكنه كان يرى ما هو أبعد من السطور، وأسمى من الشروط، لأن الإسلام دين يحترم العهود والعقود، ولا ينقض مواثيقه، على عكس من لا يرقبون في مؤمنٍ إلًّا ولا ذمّة.
واختتم فضيلته كلمته بالتأكيد على أن الإسلام دينُ تسامح وسلام، حتى إن كره الآخرون ذلك، فبينما يسعى أعداء الأمة لمحْوِ كلمة «لا إله إلا الله محمد رسول الله» من الأرض، يجب أن يتيقّظ المسلمون، ويحذروا من عدوهم، ويُعِدّوا العدّة، وتتحد صفوفهم.
من جانبه، قال الدكتور نادي عبد الله إنّ هذا الصلح المبارك صلح الحديبية يحمل في ثناياه من العبر ما يُغيِّر حال الأمة إن وعته، مشيرًا إلى أن بعض الصحابة – كالفاروق عمر – لم يتقبلوا في بادئ الأمر تلك الشروط التي رأوا فيها إجحافًا وظلمًا، لكن بصيرة النبي ﷺ كانت نافذة، وكان يدرك أن في هذا الصلح تمهيدًا لنصر قريب، فهدّأ من روع عمر قائلًا: «إني رسول الله، ولن يضيّعني الله»، فكان درسًا في الثبات والتسليم.
وأوضح فضيلته أنّ هذا الموقف كشف تنوُّع الطبائع داخل الأمة، فكان عمر شديدَ الغيرة على الدين، وأبو بكر بصيرًا ثابتًا، وقال كلمته الخالدة: «الزم غرْز نبيّك»، وهو درسٌ خالدٌ في الثقة بالقيادة النبوية، واليقين بأن سفينة النجاة لا يقودها إلا التمسك بأوامر الله عز وجل وسنة نبيه المصطفى ﷺ.
وأشار الدكتور نادي إلى أنّ هذا الموقف يُلزمنا اليوم بالرجوع إلى هَدْي رسول الله ﷺ عند اشتداد الأزمات، فالنبي لم يكن يخطو خطوة إلا بأمر ربه، ومتى تمسّكت الأمة بغرزه، كُتب لها الفتح، كما كُتب لمكة بعد صلح الحديبية.
وفي ختام الملتقى، أكّد الشيخ إبراهيم حلس، مدير إدارة الشؤون الدينية بالجامع الأزهر، أنّ صلح الحديبية لم يكن نهاية، بل كان وعدًا وتمهيدًا للفتح القريب، مشيرًا إلى قول الله تعالى: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ﴾، ثم قال: ﴿فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ﴾، ثم: ﴿وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾، وهو ترتيبٌ بديعٌ يدلّ على أنّ النصر ثمرةُ الصبر، وأنّ الوفاء بالعهد وصدق النية هو ما يمهّد طريق التمكين، كما فعل النبي ﷺ حين قدّم صلة الرحم على الغلبة، والرحمة على الغضب.