مجموعة برلمانية داعمة لفلسطين.. هل تدفع بملفها إلى الأجندات الدولية؟
تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT
إسطنبول- في خطوة نوعية على مستوى الدبلوماسية البرلمانية، شهدت مدينة إسطنبول التركية، اليوم الجمعة، الإعلان الرسمي عن تأسيس "المجموعة البرلمانية الداعمة لفلسطين"، وذلك خلال مؤتمر دعا إليه رئيس البرلمان التركي نعمان قورتولموش، وجمع ممثلين عن 13 برلمانا من دول عربية وإسلامية، إضافة إلى مشاركة أوروبية لافتة.
وجاء إطلاق المجموعة في وقت بالغ الحساسية، مع تواصل الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، ووسط ما وصفه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بـ"صمت مخز" من قبل المجتمع الدولي تجاه المجازر المرتكبة بحق المدنيين الفلسطينيين.
افتُتحت أعمال المؤتمر بجلسة رسمية ألقيت خلالها كلمات افتتاحية لكل من الرئيس أردوغان، ورئيس البرلمان التركي، ورئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح، تلتها مداخلات من رؤساء وممثلي البرلمانات المشاركة، عبروا فيها عن دعمهم للفلسطينيين وإدانتهم للعدوان الإسرائيلي.
وفي كلمته، قال أردوغان إن "ما تفعله إسرائيل في غزة لم يعد مجرد عدوان، بل تحول إلى تهديد مباشر لأمن المنطقة بأسرها"، محذرا من أن "من يشعل النار اليوم قد يجد نفسه محاصرا بها غدا". وأضاف "الدفاع عن فلسطين هو دفاع عن الكرامة الإنسانية، وعن السلام العالمي، وعن القيم التي يتغنى بها الغرب صباح مساء، لكنه ينتهكها عندما يتعلّق الأمر بالفلسطينيين".
إعلانوعن دور الدول الإسلامية، عبّر أردوغان عن خيبة أمله قائلا "للأسف، العالم الإسلامي لم يقم بما كان يُنتظر منه حتى الآن، وقد آن الأوان للتحرك الموحد والفاعل".
من جانبه، أوضح رئيس البرلمان التركي نعمان قورتولموش، أن المجموعة الجديدة "ليست مجرد إعلان رمزي، بل نواة لتحرك برلماني دائم ومنسق"، مشيرا إلى أن هدفها يتمثل في "دعم الاعتراف بدولة فلسطين، وتكثيف الحضور البرلماني في المحافل الدولية، والضغط باتجاه وقف فوري للحرب، وفتح الممرات الإنسانية، وتمهيد الطريق لإعادة الإعمار".
وشدد قورتولموش على أن "مفتاح السلام العالمي يمر من بوابة فلسطين"، داعيا الدول التي لم تعترف بعد بالدولة الفلسطينية إلى مراجعة مواقفها، والانضمام إلى هذا الصوت البرلماني الجديد.
من جهته، وصف رئيس المجلس الوطني الفلسطيني روحي فتوح، الاجتماع بأنه محطة مفصلية في إطار الحراك الدولي لنصرة القضية الفلسطينية، مؤكدا أن الشعب الفلسطيني "يتعرض لإبادة جماعية ممنهجة وغير مسبوقة على يد الاحتلال"، داعيا إلى مضاعفة الضغط البرلماني والدولي لوقف الجرائم المتواصلة بحق المدنيين في غزة.
وتوالت في الجلسة كلمات عدد من رؤساء الوفود العربية والإسلامية، عبّروا فيها عن تقديرهم لصمود الشعب الفلسطيني وتأكيدهم على دعمه الكامل في مواجهة العدوان.
وجدد المتحدثون تمسكهم بحل الدولتين وقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، مشددين على ضرورة تفعيل الدبلوماسية البرلمانية كرافعة لتحريك المواقف الدولية، والدفع نحو محاسبة الاحتلال على انتهاكاته، ووقف العدوان، وتوفير الحماية الدولية للفلسطينيين.
وعكست مداخلات الوفود المشاركة، من دول الخليج والمشرق العربي وجنوب آسيا وأفريقيا، إجماعا واسعا على اعتبار تأسيس المجموعة البرلمانية تحولا إستراتيجيا في أدوات دعم فلسطين، وتطويرا لنمط العمل البرلماني من التضامن الخطابي إلى التأثير السياسي المنظم.
إعلانوسُجّل خلال الجلسة أيضا حضور لافت لممثلة البرلمان الإسباني فرانشينا أرمينغول التي وجّهت رسالة مصورة للمؤتمر، في مشاركة أوروبية نادرة، عُدت بمثابة إشارة أولى إلى إمكانية توسيع نطاق الحاضنة الدولية لهذه المبادرة البرلمانية الجديدة، رغم ما لوحظ من غياب أي ردود فعل رسمية من العواصم الغربية الكبرى حتى الآن.
من جانبه، يرى المحلل السياسي أحمد أوزغور أن تشكيل المجموعة هو تطور لافت في مسار الدعم الدولي للقضية، ويعبر عن محاولة لتأسيس مسار ضغط مستقل عن الحكومات التي كثيرا ما تقيدها اعتبارات المصالح والتحالفات.
وأضاف أوزغور في حديث للجزيرة نت، أن أهمية هذه المجموعة لا تكمن فقط في بياناتها الرمزية، بل في قدرتها المحتملة على تشكيل كتلة برلمانية دولية تتابع الانتهاكات، وتدفع بملف فلسطين إلى واجهة الأجندات التشريعية العالمية.
ويرى المحلل السياسي أن فاعلية هذه المجموعة ستقاس بمدى قدرتها على التحوّل من تحرك ظرفيّ إلى آلية دائمة للتنسيق البرلماني، وعلى خلق توازن مع الأصوات المشرعِنة للاحتلال في بعض البرلمانات الغربية.
وعقب انتهاء الجلسة العلنية التي خُصصت للكلمات الرسمية، عقد المشاركون اجتماعا مغلقا، خُصص لتبادل الآراء وصياغة البيان الختامي للمؤتمر، الذي مثل خلاصة التوافق بين الوفود البرلمانية المشاركة.
ومن أبرز مخرجات الاجتماع، التأكيد الجماعي على دعوة المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف موحّد وحازم لوقف ما وصفه البيان بـ"جرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة" منذ أكثر من عام ونصف. واعتبر المجتمعون أن استمرار الصمت الدولي إزاء ما يجري يُعد تقاعسا غير مبرر يتنافى مع المبادئ الإنسانية والقانون الدولي.
إعلانوشدد البيان الختامي على ضرورة فرض وقف فوري لإطلاق النار، وفتح الممرات الإنسانية دون تأخير، بما يضمن وصول المساعدات العاجلة إلى السكان المدنيين، ويمنع تفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع. كما أكدت المجموعة التزامها بالعمل على دعم جهود إعادة إعمار غزة، وتعزيز الحضور البرلماني في مختلف المحافل الدولية لتسليط الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية المستمرة.
واتفقت الوفود على أن هذه المبادرة البرلمانية لا تقتصر على كونها حدثا رمزيا، بل تمثل نواة لتحرك برلماني دولي دائم، ستكون له مهام متابعة وتنسيق، عبر آليات مستمرة لطرح القضية الفلسطينية ضمن الأجندات الإقليمية والدولية، حتى يتم إنهاء الاحتلال وتحقيق تسوية عادلة وشاملة، تستند إلى القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
في السياق، اعتبرت الباحثة الحقوقية بورجو دينيز، أن تأسيس "المجموعة البرلمانية الداعمة لفلسطين" يمثل نقلة نوعية في أدوات التضامن الدولي، وخروجا واعيا من نطاق البيانات الرمزية إلى آليات ضغط برلمانية قابلة للاستمرار والتأثير.
وأضافت الأكاديمية الحقوقية في حديث للجزيرة نت، أن المبادرة، رغم انبثاقها من سياق إنساني مأساوي، تعكس في جوهرها محاولة تركية لإعادة ضبط التوازنات داخل الخطاب الدولي بشأن فلسطين، عبر تحريك الفضاء البرلماني كمنصة أقل خضوعا للحسابات الجيوسياسية وأكثر التصاقا بالضمير الشعبي.
وبحسب دينيز، فإن تركيا لم تعد تكتفي بموقف الداعم السياسي التقليدي، بل تسعى إلى تأطير موقفها ضمن بنى مؤسسية عابرة للحكومات، تستطيع أن تتراكم وتفرض حضورها، حتى في أوقات الجمود الدبلوماسي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات رئیس البرلمان الترکی الداعمة لفلسطین
إقرأ أيضاً:
المشاط: نتمنى التوفيق للرئيس الجديد للبنك لدعم مسيرة التنمية في إفريقيا التي تمرُّ بمرحلة حاسمة
وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تُهنئ "سيدي ولد التاه" عقب فوزه بانتخابات رئاسة مجموعة البنك الأفريقي للتنمية
حريصون على الدفع بقضايا القارة في المحافل الدولية ودعم التنسيق بين مؤسسات التمويل الدولية لتحقيق أولويات التنمية في إفريقيا
هنأت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، "سيدي ولد التاه" الرئيس الجديد لمجموعة البنك الأفريقي للتنمية، عقب فوزه بانتخابات رئاسة البنك التي أجريت ضمن فعاليات الاجتماعات السنوية المنفذة في مدينة أبيدجان بكوت ديفوار، ليبدأ فترة رئاسة للبنك تمتد لخمس سنوات.
وانتُخب ولد التاه من قبل مجلس محافظي البنك، الذي يضم وزراء المالية والاقتصاد أو محافظي البنوك المركزية للبلدان الأعضاء في مجموعة البنك البالغ عددها 81 بلدًا إقليميًا وغير إقليمي. ويعتبر المجلس أعلى سلطة لصنع القرار في مجموعة البنك.
وأكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن انتخاب سيدي ولد التاه، لرئاسة مجموعة البنك الأفريقي للتنمية، تأتي في وقت حاسم وحيوي، تواجه فيه قارة إفريقيا، تحديات ضخمة على صعيد مسار التنمية، في ظل التحديات الاقتصادية العالمية، والتغيرات المناخية، كما أن التعاون متعدد الأطراف يتعرض لاختبارات قوية في ضوء السياسات التجارية الحمائية التي تُلقي بظلالها على الوضع الاقتصادي عالميًا.
وأضافت الدكتورة رانيا المشاط: «نتمنى التوفيق لرئيس مجموعة البنك الأفريقي للتنمية في مهامه الجديدة، ودعم أجندة التنمية في قارة إفريقيا لعام 2063، وأهداف التنمية المستدامة الأممية، استغلالًا للخبرات الكبيرة التي يمتلكها خلال فترة 10 سنوات تولى فيها رئاسة المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا».
وأبدت تطلعها أن تشهد الفترة المقبلة المزيد من التعاون والشراكة البناءة والمثمرة بين جمهورية مصر العربية، ومجموعة البنك الأفريقي للتنمية، من أجل تعظيم جهود التنمية، وفقًا للأولويات الوطنية، والتوجه بشكل أكبر نحو دعم وتمكين القطاع الخاص.
ويتمتع ولد التاه-وهو موريتاني الجنسية- بخبرة تزيد عن 35 عامًا في مجال التمويل الأفريقي والدولي، إذ شغل منصب رئيس المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في إفريقيا (BADEA) لمدة عشر سنوات ابتداءً من عام 2015، حيث قاد عملية تحول شاملة ضاعفت الميزانية العمومية للبنك أربع مرات، كما حصل المصرف على تصنيفات ائتمانية متميزة في عام 2024، ووضعته بين أفضل بنوك التنمية التي تركز على إفريقيا، حيث رفعت وكالة موديز تصنيف المصرف إلى Aa1 كما تم تثبيت التصنيف طويل الأجل عند AAA مع نظرة مستقبلية مستقرة من وكالة التصنيف الائتماني اليابانية JCR.
كما لعب دورًا محوريًا في تعزيز التعاون العربي-الإفريقي ودفع مبادرات استراتيجية تهدف إلى تسريع النمو الاقتصادي، وتعزيز الأمن الغذائي، ودعم التحول نحو الطاقة المستدامة وتطوير البنية التحتية في إفريقيا.
وفي ذات الوقت توجهت، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، بالشكر للدكتور أكينومي أديسينا، الرئيس السابق للبنك، على مجهوداته طوال 10 سنوات، سعى خلالها لدفع جهود التنمية في القارة، وعزز الشراكة بين جمهورية مصر العربية والبنك الأفريقي للتنمية في العديد من المجالات.
جدير بالذكر أن مجموعة البنك الأفريقي للتنمية تتألف من ثلاثة كيانات، وهي البنك الأفريقي للتنمية، وصندوق التنمية الأفريقي، وصندوق نيجيريا الائتماني. وتشمل البلدان المساهمة فيها 54 بلدًا أفريقيًا أو بلدًا عضوًا إقليميًا، و27 بلدًا غير أفريقي أو بلدًا غير عضو إقليمي.
ويعد سيدي ولد تاه، هو الرئيس التابع لمجموعة البنك الأفريقي للتنمية، ويأتي خلفًا للدكتور أكينومي أديسينا، الذي تولى رئاسة البنك في الفترة من 2015-2025.