سودانايل:
2025-06-22@13:26:50 GMT

عن الحرب في السودان

تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT

بقلم: ماد قبريال

عندما اِنهمرتِ أصوات الرصاص في الخامس عشر من أبريل 2023 في العاصمة السودانية الخرطوم، لم يدور بخلد المراقبون آنذاك، بأنهم سيشهدون تكرار مآسي السودان مرة أخرى. من قتلٍ، تهجير، لجوء، نهب، واغتصاب، بهذه الصور المفزعة، التي انعدمت فيها كافة الصفات الإنسانية الحميدة. أغلب الظن وقتها بأنها ستكون اشتباكاتٍ محدودة الأثر، سيتم احتوائها، وإيجاد تسويةً ما، عملت عدة أطراف على تحقيقها في الساعات الأخيرة قبل الحرب.


منذئذ، تُذكر تقارير المنظمات الدولية والإغاثية أرقامًا عن المتأثرين بالحرب، أضحى فيها الشعب السوداني، يعاني من ويلاتها داخل البلاد وخارجها، آلاما و جراحا عميقة الجذور. ملايين النازحين واللاجئين الذين فقدوا كل ما يملكون، ولم يعد بأيديهم شيئًا، سوى الدعاء واستلهام الإرادة الشعبية الجماعية مثلما حدث في ثورة ديسمبر ضد استبداد الطغمة الحاكمة وقتئذ.
كانت تجربة الحروب الأهلية السودانية، في جنوب السودان (قبل استقلالها) 1955 – 2005، وفي إقليم دارفور، مناطق جنوب كردفان، والنيل الأزرق، تمثل عناوين الأزمة السودانية في الحديث عن أهوال الحرب، ومآسيها. كُتب عنها، ومنها ما لم يُكتب بعد. ولا أود في هذه المساحة تكرار ما كُتب، في سياق حرب 15 أبريل الراهنة. ولكن يرمي هذا المقال إلى إبراز التداعيات الأخرى لهذه الحرب، التي ما تزال تحصد أرواح السودانيين، مدنيين وعسكر وأفراد مليشيا تحارب من أجل الغنائم، حيث تمثل الحرب الذاكرة الأليمة لجراح المجتمع، حاضرًا ومستقبلًا.
يشهد السودان جميع أشكال التدمير المفجعة، الدمار الذي شهدته العاصمة، وبعض مناطق السودان الأخرى، يشبه ما حدث عند غزو بغداد، يوم هاجم هولاكو. لم ينتهي الأمر بإلحاق الهزيمة بالدولة العباسية، بل قام المغول بتدمير ماضيها ومستقبلها، برمي كتب ببغداد في نهر دجلة. هذا الفكر الذي لا يبالي سوى بتحقيق الأهداف الذاتية، يمثل تراجعا عن كل القيم الإنسانية إلى البدائية العقيمة. فقد استباحت المليشيا معاهد التعليم والجامعات ومخطوطات المتاحف، بصورة تجاوزت مظاهر العقل المتمدن إلى جنون الفعل الإنساني.
لسنوات طوال كنت أمنى النفس بزيارة الخرطوم لشراء بعض إصدارات مكتباتها ومراكزها البحثية، مثل مركز عبد الكريم ميرغني، ومركز محمد عمر بشير بالجامعة الأهلية بأمدرمان. غير أن الأقدار شاءت عكس ذلك، فتعذر الزيارة، وغدت هذه الأمكنة الآن خرابا أحدثته المليشيا في جسد الذاكرة التوثيقية السودانية.
بينما يأمل المراقبون خفوت أصوات الرصاص، يبقى التحدي الأكبر في كيفية تجاوز هذه الآثام الفظيعة، وأن يعود السودان كما كان، بفضائله وشيمه، متجاوزا آثار الحرب. لا يملك المرء حين يشاهد مثل هذه المآسي سوى الدعاء والتضرع إلى الله وطلب الرحمة والمغفرة للموتى وتمنى الشفاء للجرحى والمصابين وتلمس شفاء الأنفس المتضررة من ضحايا هذه الحرب من السودانيين. هذا البعد الإنساني والروحي أقوى ما يمكن أن نفعله كمراقبين للأحداث من الخارج. الفاجعة الكبرى أكبر مما نتصور، وأهوالها لم تخرج كلية ًبعد. لم يعافى منها الكثيرون أيضًا. شخصيًا، لم أستطع منذ بدء الحرب إكمال مسودة مقالات كنت قد شرعت في كتابة أسطرها الأولى. في معظم هذه الأوقات، منعتني مشاهد الدمار الهائلة من إكمال ما أود كتابته. صور الجرحى وجثث الموتى وشظف عيش المحتاجون، مشاهد تؤرق المرء وتعدم رفاهية الكتابة. وأنا من الفئة التي تحتاج وقتًا أطول للتعبير في مثل هذه الأوضاع.


m.gatwech55@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

النائب العام في السودان يكشف من جنيف عدد صادم لبلاغات الإختفاء القسري والمقابر الجماعية خلال الحرب

جنيف متابعات – تاق برس – كشف النائب العام في السودان الفاتح طيفور عن عدد صادم لبلاغات حالات الاختفاء القسري والمقابر الجماعية للسودانيين جراء الحرب الدائرة بين الجيش والدعم السريع منذ 15 أبريل من العام 2023.

 

وقال طيفور إن بلاغات الإختفاء القسري وصلت الى 14,506 حالة في نهاية شهر مايو الماضي، و اكتشاف 965 مقبرة جماعية جراء القتل الجماعي والتعذيب لمواطنين في مناطق جرى استعادتها من سيطرة قوات الدعم السريع….

 

والتقى النائب العام الفاتح طيفور اليوم السبت في جنيف مقررية لجنة الأمم المتحدة المعنية بالاختفاء القسري، على هامش مشاركته فى أعمال الدورة 59 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف.

 

وقدم النائب العام شرحاً عن مجهودات النيابة العامة واللجنة الوطنية للتحقيق.

 

وحسب وكالة السودان للأنباء “سونا”،سلم  النائب العام، لجنة الأمم المتحدة المعنية بالاختفاء القسري نسخة من التقرير المرحلي الثالث للجنة الوطنية للتحقيق ، تضمن معلومات عن بلاغات الاختفاء القسري التي وصلت الى 14,506 حالة في نهاية الشهر الماضي، وأكد تزايد عدد البلاغات من قبل المواطنين بعد دحر ما اسماها المليشيا من مناطق الخرطوم والجزيرة وسنار.

 

واضاف ” باشرت سلطات انفاذ القانون من النيابة العامة والشرطة اعمالها في تلك المناطق.

 

وأشار الى اكتشاف 965 مقبرة جماعية في المناطق التي تم استردادها من سيطرة ما اسماها المليشيا المتمردة الامر الذي يشير الى الحجم الكبير للانتهاكات والفظائع التي تم ارتكابها بما في ذلك القتل خارج القانون ووفاة الضحايا نتيجة التعذيب والمعاملة القاسية في مراكز الاحتجاز. وطبقا للوكالة الرسمية، اتفق النائب العام ولجنة الامم المتحدة للاختفاء القسري على مواصلة التعاون والتنسيق.

الإختفاء القسريالدعم السريعالنائب العام في السودان

مقالات مشابهة

  • تحالف «صمود» يواصل تحركاته الأفريقية لوقف الحرب بالسودان
  • دمج وزارة الري في وزارات أخرى: قرار غير موفق!!
  • بعد تخريب مطار الخرطوم.. كامل إدريس يبحث سبل تطوير المطارات السودانية
  • النائب العام في السودان يكشف من جنيف عدد صادم لبلاغات الإختفاء القسري والمقابر الجماعية خلال الحرب
  • وفد صمود برئاسة حمدوك يبحث مع رامافوزا في بريتوريا إنهاء الحرب السودانية
  • هل تحمل رؤية صمود لسلام السودان تحولا في موقف التحالف؟
  • عالقون بين حربين.. آلاف اللاجئين السودانيين على الحدود بلا مخرج
  • بعد التحذيرات الأممية والتعقيدات على الأرض.. هل تقترب جنوب السودان من الحرب الأهلية؟
  • السفير عدوي يشيد بدراسة إنشاء منطقة لوجستية على الحدود السودانية
  • الصحة السودانية تتسلّم 3 ملايين جرعة من لقاح الكوليرا