سودانايل:
2025-06-26@12:39:50 GMT

عن الحرب في السودان

تاريخ النشر: 19th, April 2025 GMT

بقلم: ماد قبريال

عندما اِنهمرتِ أصوات الرصاص في الخامس عشر من أبريل 2023 في العاصمة السودانية الخرطوم، لم يدور بخلد المراقبون آنذاك، بأنهم سيشهدون تكرار مآسي السودان مرة أخرى. من قتلٍ، تهجير، لجوء، نهب، واغتصاب، بهذه الصور المفزعة، التي انعدمت فيها كافة الصفات الإنسانية الحميدة. أغلب الظن وقتها بأنها ستكون اشتباكاتٍ محدودة الأثر، سيتم احتوائها، وإيجاد تسويةً ما، عملت عدة أطراف على تحقيقها في الساعات الأخيرة قبل الحرب.


منذئذ، تُذكر تقارير المنظمات الدولية والإغاثية أرقامًا عن المتأثرين بالحرب، أضحى فيها الشعب السوداني، يعاني من ويلاتها داخل البلاد وخارجها، آلاما و جراحا عميقة الجذور. ملايين النازحين واللاجئين الذين فقدوا كل ما يملكون، ولم يعد بأيديهم شيئًا، سوى الدعاء واستلهام الإرادة الشعبية الجماعية مثلما حدث في ثورة ديسمبر ضد استبداد الطغمة الحاكمة وقتئذ.
كانت تجربة الحروب الأهلية السودانية، في جنوب السودان (قبل استقلالها) 1955 – 2005، وفي إقليم دارفور، مناطق جنوب كردفان، والنيل الأزرق، تمثل عناوين الأزمة السودانية في الحديث عن أهوال الحرب، ومآسيها. كُتب عنها، ومنها ما لم يُكتب بعد. ولا أود في هذه المساحة تكرار ما كُتب، في سياق حرب 15 أبريل الراهنة. ولكن يرمي هذا المقال إلى إبراز التداعيات الأخرى لهذه الحرب، التي ما تزال تحصد أرواح السودانيين، مدنيين وعسكر وأفراد مليشيا تحارب من أجل الغنائم، حيث تمثل الحرب الذاكرة الأليمة لجراح المجتمع، حاضرًا ومستقبلًا.
يشهد السودان جميع أشكال التدمير المفجعة، الدمار الذي شهدته العاصمة، وبعض مناطق السودان الأخرى، يشبه ما حدث عند غزو بغداد، يوم هاجم هولاكو. لم ينتهي الأمر بإلحاق الهزيمة بالدولة العباسية، بل قام المغول بتدمير ماضيها ومستقبلها، برمي كتب ببغداد في نهر دجلة. هذا الفكر الذي لا يبالي سوى بتحقيق الأهداف الذاتية، يمثل تراجعا عن كل القيم الإنسانية إلى البدائية العقيمة. فقد استباحت المليشيا معاهد التعليم والجامعات ومخطوطات المتاحف، بصورة تجاوزت مظاهر العقل المتمدن إلى جنون الفعل الإنساني.
لسنوات طوال كنت أمنى النفس بزيارة الخرطوم لشراء بعض إصدارات مكتباتها ومراكزها البحثية، مثل مركز عبد الكريم ميرغني، ومركز محمد عمر بشير بالجامعة الأهلية بأمدرمان. غير أن الأقدار شاءت عكس ذلك، فتعذر الزيارة، وغدت هذه الأمكنة الآن خرابا أحدثته المليشيا في جسد الذاكرة التوثيقية السودانية.
بينما يأمل المراقبون خفوت أصوات الرصاص، يبقى التحدي الأكبر في كيفية تجاوز هذه الآثام الفظيعة، وأن يعود السودان كما كان، بفضائله وشيمه، متجاوزا آثار الحرب. لا يملك المرء حين يشاهد مثل هذه المآسي سوى الدعاء والتضرع إلى الله وطلب الرحمة والمغفرة للموتى وتمنى الشفاء للجرحى والمصابين وتلمس شفاء الأنفس المتضررة من ضحايا هذه الحرب من السودانيين. هذا البعد الإنساني والروحي أقوى ما يمكن أن نفعله كمراقبين للأحداث من الخارج. الفاجعة الكبرى أكبر مما نتصور، وأهوالها لم تخرج كلية ًبعد. لم يعافى منها الكثيرون أيضًا. شخصيًا، لم أستطع منذ بدء الحرب إكمال مسودة مقالات كنت قد شرعت في كتابة أسطرها الأولى. في معظم هذه الأوقات، منعتني مشاهد الدمار الهائلة من إكمال ما أود كتابته. صور الجرحى وجثث الموتى وشظف عيش المحتاجون، مشاهد تؤرق المرء وتعدم رفاهية الكتابة. وأنا من الفئة التي تحتاج وقتًا أطول للتعبير في مثل هذه الأوضاع.


m.gatwech55@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

كم كلفت الضربة الأمريكية التي أنهت الحرب بين إيران والاحتلال؟ (أرقام)

كشف رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال دان كين أن سبع قاذفات من طرازB-2 حلقت لمدة 18 ساعة من الولايات المتحدة إلى إيران لإسقاط 14 قنبلة خارقة للتحصينات في عملية اتسمت بالخداع التام.

وقال كين إن الولايات المتحدة أطلقت إجمالا 75 قذيفة موجهة بدقة، بما في ذلك أكثر من عشرين صاروخ توماهوك، إلى جانب مشاركة 125 طائرة عسكرية على الأقل في العملية التي استهدفت ثلاثة مواقع نووية.

تفاصيل العملية

أطلق على العملية اسم "مطرقة منتصف الليل" بمشاركة 125 طائرة عسكرية من طرازات مختلفة، بين مقاتلات، وطائرات تزويد بالوقود، وطائرات استخبارات، واستهدفت ثلاث منشآت نووية: فوردو ونطنز وأصفهان.

أقلعت الطائرة من الولايات المتحدة وقامت برحلة استغرقت 18 ساعة إلى إيران ما يعني أنها عادت في 18 ساعة تقريبا أيضا مع تباين عدد ساعات الطيران بحسب مهمة الطائرة خلال العملية.

Embed from Getty Images

تم إرسال بعض الطائرات غربا إلى المحيط الهادئ للخداع ، بينما تقدم البعض الآخر على القاذفات الرئيسية لضمان خلو المجال الجوي.

حلقت سبع قاذفات شبح من طراز B-2 مكلفة بضرب المواقع النووية إلى إيران وتجنبت اكتشافها.

تم إطلاق 30 صاروخا كروز على موقع أصفهان من غواصة.

تم استخدام 75 "سلاحا موجها دقيقا" خلال العملية في المجموع.

تم إسقاط أربعة عشر مخترق ذخائر ضخمة من طراز GBU-57 على موقع فوردو، وهو منشأة تخصيب نووية مدفونة في أعماق جبل خارج طهران.

تكلفة الطيران الحربي

لتقدير تكلفة عمليات الطيران، تم الاعتماد على أوقات الطيران المقدرة لكل نوع من الطائرات والتكلفة الساعية لكل طائرة. بناءً على المعلومات المتاحة، تم تقدير الأعداد التالية:

◼ قاذفات B-2 بواقع سبع طائرات، مع رحلة ذهاب وعودة تستغرق 36 ساعة (18 ساعة ذهابًا و18 ساعة عودة)، بتكلفة ساعية 138,000 دولار.

◼ عشرات المقاتلات: حوالي 50 طائرة (مزيج من F-15، F-16، F-22، F-35)، مع متوسط تكلفة ساعية 26,000 دولار.

◼ عشرات طائرات التزود بالوقود مع تكلفة ساعية 23 ألف دولار، وفترة طيران أقصر من طائرات القتال.

◼ طائرات الاستخبارات مع تكلفة ساعية 66 ألف دولار.

◼ وعلى وجه التقريب كلفت ساعات تشغيل الطائرات الحربية خلال العملية قرابة 50 مليون دولار أمريكي.

تكلفة الذخيرة

◼ تم إسقاط 14 قنبلة ضخمة من طراز GBU-57 على موقع فوردو، وهو منشأة تخصيب نووية مدفونة في أعماق جبل خارج طهران ، وهو أمر حيوي لطموحات إيران النووية وتكلفة القنبلة الواحدة 5 مليون دولار.

◼ تم استخدام 61 صاروخ كروز توما هوك وطرازات أخرى بمتوسط 2 مليون للصاروخ الواحد.

◼ وعلى وجه التقريب كلفت القنابل التي أسقطتها الولايات المتحدة على المفاعلات الإيرانية إلى جانب الصواريخ 200 مليون دولار أمريكي.

تكلفة العملية

وعليه ربما كلفت العملية الولايات المتحدة الأمريكية على الأقل 240 مليون دولار أمريكي، لكنها تعتبر تكلفة زهيدة مقابل تصريح الرئيس الأمريكي أنه تم القضاء على المفاعلات النووية الإيرانية تماما.

وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قبل ساعات، أنّ إيران و"إسرائيل" وافقتا على "وقف تام لإطلاق النار" يبدأ قرابة الساعة الرابعة من فجر الثلاثاء بتوقيت غرينيتش ممّا سيضع "نهاية رسمية" لحرب استمرت 12 يوما بين البلدين.

وكتب ترامب على منصّته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشل" إنّه "تمّ الاتفاق بشكل تامّ بين إسرائيل وإيران على وقف شامل وكامل لإطلاق النار".

ورغم الخروقات، فقد أعلن نتنياهو التزامه بوقف إطلاق النار، وقالت إيران إنها ملتزمة به ما التزم الاحتلال الإسرائيلي بعدم مهاجمتها.

ونقل موقع نور نيوز الإخباري الرسمي عن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قوله اليوم الثلاثاء إن طهران لن تنتهك اتفاق وقف إطلاق النار ما لم تنتهكه "إسرائيل".

وأضاف الرئيس الإيراني أن طهران مستعدة للحوار والدفاع عن حقوق الشعب الإيراني على طاولة المفاوضات.

مقالات مشابهة

  • الفلاحي: المقاومة تركز على ضرب الآليات التي يصعب تعويضها خلال الحرب
  • الما عندو حمدوك يشتريلو حمدوك!
  • الإمارت تتخذ خطوة من شأنها خنق الموانئ السودانية
  • من يحاول خطف نصر الجيش في السودان؟
  • جلسة مفتوحة لمجلس الأمن لمناقشة الأزمة السودانية والأستماع لإحاطة من ممثل الأمين العام
  • تقدير إسرائيلي: خيار إنهاء المواجهة مع إيران كان الأفضل من بين البدائل الأخرى
  • هل تمهّد التطورات الاخيرة في إنهاء حرب السودان المنسية؟
  • كم كلفت الضربة الأمريكية التي أنهت الحرب بين إيران والاحتلال؟ (أرقام)
  • رؤى حول الإصلاح العدلي في السودان إثر الحرب
  • سفارة السودان بالرياض تعلن اكتمال الترتيبات لاقامة امتحانات الشهادة السودانية المؤجلة للعام 2024