خبراء: ما يجري بحق الأسرى الفلسطينيين من الاحتلال حرب انتقامية
تاريخ النشر: 21st, April 2025 GMT
اتفق خبراء وحقوقيون على أن ما يتعرض له الأسرى الفلسطينيون في السجون الإسرائيلية يشكل مستوى غير مسبوق من الانتهاكات وصلت حد التعذيب المنهجي والتجويع المتعمد، في ظل تجاهل عربي ودولي وخذلان شعبي.
ورأى المتحدثون في برنامج "مسار الأحداث" أن هذه الانتهاكات المتصاعدة، التي أدت إلى استشهاد 64 أسيرا خلال عام ونصف عام فقط، ليست سوى جزء من سياسات إسرائيلية موسعة تهدف إلى تحطيم إرادة الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته عبر معاقبة رموزه الأسرى وعزلهم جسديا ونفسيا.
وقال عميد الأسرى الفلسطينيين المحررين نائل البرغوثي إن ما يجري في السجون الإسرائيلية اليوم هو "قتل بطيء" تمارسه منظومة الاحتلال بكامل أجهزتها، مشيرا إلى أن الخوف الإسرائيلي من الأسير لا يقل عن خوفها من المقاوم، لأن كليهما يعكس فشل الاحتلال في كسر الإرادة الفلسطينية.
وأضاف البرغوثي أن تجاربه الشخصية كشفت له أن التغذية الممنهجة داخل المعتقلات وضعها خبراء تشريح نفسي وغذائي بهدف إضعاف جسد الأسير تدريجيا، مؤكدا أن الفحوص الطبية التي أجراها بعد خروجه من الأسر أثبتت آثار تجويع مدروس "قد يؤدي إلى الموت".
ووفق تقارير حقوقية فلسطينية، فإن الاحتلال اعتمد منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 سياسة تجويع ممنهج بحق الأسرى مترافقة مع انتشار أمراض جلدية وإهمال طبي متعمد، مما أدى لوفاة العشرات وسط تقديرات تشير إلى وجود شهداء لم يكشف عن هوياتهم بسبب سياسة الإخفاء القسري.
إعلانوحذر البرغوثي من أن ما يمارس داخل السجون لا يمكن أن يكون مجرد تجاوزات فردية، بل هو نهج منظم يشمل ضربا مبرحا وحرمانا من الدواء واستعانة بكلاب هجومية مستوردة، بل وحتى استخدام السم في الطعام كما حدث في إحدى المرات حين أصيب عشرات الأسرى بتسمم حاد داخل سجن شطة.
تعتيم كامل
وحسب نادي الأسير الفلسطيني، فإن عدد الأسرى تجاوز 10 آلاف معتقل حتى مطلع الشهر الجاري بينهم 400 طفل و30 أسيرة، بينما ما زال عدد الأسرى من قطاع غزة مجهولا في ظل التعتيم الكامل الذي تفرضه سلطات الاحتلال.
من جهته، قال الدكتور وليام تشاباس أستاذ القانون الدولي والرئيس السابق للجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن ما تمارسه إسرائيل بحق الأسرى يرقى إلى مستوى جرائم ضد الإنسانية، مؤكدا أن "نظام الاعتقال الإسرائيلي يشبه سجون أسوأ الدكتاتوريات في التاريخ".
واعتبر تشاباس أن الاعتقال الإداري من دون تهمة أو محاكمة، والذي يشمل أكثر من 3500 فلسطيني، بينهم نساء وأطفال، يمثل انتهاكا صارخا لكل المواثيق الدولية، مشيرا إلى أن ارتفاع عدد الوفيات داخل المعتقلات يؤكد الطبيعة الوحشية للنظام القائم.
وأشار إلى أن ازدواجية النظام القضائي الإسرائيلي تعكس جوهر نظام الفصل العنصري، إذ تعامل القوانين اليهود بمعايير مختلفة تماما عن الفلسطينيين سواء داخل الخط الأخضر أو في الأراضي المحتلة، موضحا أن ما يجري هو نموذج استعماري حديث يستنسخ أسوأ أدوات القمع.
وتؤكد المؤسسات الفلسطينية المعنية أن سياسة العزل ومنع الزيارات والتضييق القانوني شكلت غطاء لانتهاكات واسعة، فالمحامون يتعرضون للتهديد وتمنع بعض القضايا من الوصول إلى القضاء، بينما المؤسسات الحقوقية الدولية كالصليب الأحمر اختفت تقريبا من المشهد.
وفي هذا السياق، وصف البرغوثي جهاز القضاء الإسرائيلي بأنه "متواطئ بالكامل"، مشيرا إلى أن القضاة ينسقون مع السجانين ويدعمون قرارات العقاب الجماعي، بل ويتغاضون عن جرائم التسميم والتعذيب والاغتصاب التي ترتكب داخل المعتقلات.
إعلان
حرب انتقامية
بدوره، أكد قدورة فارس الرئيس السابق لهيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينيين أن ما يجري بحق الأسرى هو "حرب انتقامية" بدأت منذ اليوم الأول للحرب على غزة، موضحا أن وحدات إسرائيلية خاصة اقتحمت الأقسام بالسلاح الحي واعتدت بوحشية على المعتقلين.
وقال فارس إن الاعتداءات شملت كل مناحي الحياة داخل السجون من منع الزيارات ومصادرة الملابس إلى فرض الجوع والإذلال، مشيرا إلى أن ظروف الاحتجاز أدت إلى فقدان مئات الأسرى للوزن وإصابة أغلبهم بأمراض جلدية خطيرة مثل الجرب.
كما أشار فارس إلى وجود ما يشبه "السجون السرية"، إذ افتتحت إسرائيل مؤخرا أقساما تحت الأرض في سجن رامون، مؤكدا أن ما يمارس في كل السجون هو جرائم ضد الإنسانية ترتكب بغطاء سياسي وقضائي كامل وتورط مباشر من الجيش والشرطة وجهاز الشاباك.
وتابع أن الاحتلال يعتمد على هذه الممارسات لإرهاب المجتمع الفلسطيني ككل وخلق حالة استنزاف شاملة بحق الأسرى والعائلات والمجتمع، مشيرا إلى أن الاعتقال بات وسيلة لتيئيس الفلسطينيين وثنيهم عن المطالبة بحقوقهم.
وأوضح فارس أن الاحتلال يعتقل الفلسطينيين من دون تمييز بين نساء وأطفال وشيوخ، لافتا إلى أن أكثر من 16 ألف فلسطيني اعتقلوا منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، بينهم 1300 طفل و500 امرأة، في حين استشهد أكثر من 900 فلسطيني في الضفة الغربية خلال الفترة ذاتها.
وشدد على أن هذه الانتهاكات تعكس "عقلية استعمارية فاشية" ترى في الفلسطيني تهديدا حتى بعد وفاته، حيث يحتجز الشهداء في مقابر الأرقام، ويُحرمون من حقهم في الدفن بينما يستمر العالم في الصمت أو -في أحسن الأحوال- يمارس ازدواجية فاضحة في التعاطي مع قضايا الأسرى.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مشیرا إلى أن بحق الأسرى ما یجری
إقرأ أيضاً:
رئيس شعبة العمليات السابق في جيش الاحتلال: العالم يتوحد ضد “إسرائيل” وذاهبون لفشل مطلق
#سواليف
أكد الرئيس السابق لشعبة العمليات في #جيش_الاحتلال، #يسرائيل_زئيف، في مقالة له، أنّ #حكومة_الاحتلال فقدت بوصلتها بالكامل في #الحرب على #غزة، ولم تعد تعرف كيف تخرج منها.
وأوضح أنّ كل المناورات ومحاولات ملاحقة #المقاومين فشلت في تحقيق الحسم المنشود، بل كلّفت “إسرائيل” المزيد من القتلى، لينضم إلى ذلك – بحسب تعبيره – “الفشل المطلق في حرب الغذاء” التي انزلقت إليها “إسرائيل”، والتي يحاول قادتها الآن تدارك نتائجها بعد أن وقع الضرر.
وأضاف زئيف أنّ تحوّل مبررات الحرب من تحرير #الأسرى إلى حرب تجويع جعلها – في نظر العالم – “حربًا ملعونة”، أفقدتها حتى آخر مسوّغ لتمديدها، وهو إعادة الأسرى. وقال: “يمكن تفسير حرب طويلة مع مقاتلين، لكن لا يمكن تفسير موت أطفال من الجوع”.
مقالات ذات صلةواعتبر أنّ هذا الفشل الاستراتيجي وحّد العالم ضد “إسرائيل” بشكل غير مسبوق، مشيرًا إلى أنّ حملة عالمية تُدار الآن ضدها، ستبلغ ذروتها في تصويت متوقع في الجمعية العامة للأمم المتحدة للاعتراف بدولة فلسطينية، يحظى بدعم 142 دولة، تقوده فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإسبانيا، بينما توحّد أوروبا موقفها لدعم إقامة دولة فلسطينية وإدانة تجويع غزة.
كما حمّل زئيف نتنياهو مسؤولية انفجار القضية الفلسطينية بوجه “إسرائيل” بعد عقد من سياسة “تقليص الصراع”، معتبرًا أنّ سلسلة الأخطاء الحكومية في إدارة الحرب منحت حماس، فرصة لتحقيق انتصار سياسي كبير.
وأضاف أنّ “حرب التجويع” دمّرت صورة جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي استعاد مكانته بعد 7 أكتوبر ونفّذ عمليات نوعية حتى في إيران، لكنها – وفق تعبيره – حوّلته من جيش ذي “قيم” إلى جيش “غير أخلاقي”، ودفعت الجماهير الفلسطينية في الداخل الفلسطيني للخروج لأول مرة إلى الشوارع في سخنين، في احتجاجات مرشحة للتوسع.
ورأى زئيف أنّ تعاظم الضغط الدولي لصالح وقف الحرب يعزز موقف حماس. وأشار إلى أنّ إدارة الحرب بدوافع سياسية فقط أدخلت إسرائيل في مأزق كامل يقرّب من نهايتها القسرية مع خسارة كل المكاسب التي تحققت بالدم.
وختم بدعوة نتنياهو إلى اغتنام الفرصة عبر “الركوب في قطار الخطة المصرية”، التي تقضي بتشكيل حكومة تكنوقراط في غزة وإزاحة حماس عن الحكم، بما يسمح لإسرائيل بالخروج “بكرامة” ويحقق أفضل فرصة لاستعادة الأسرى، محذرًا من أنّ رفض هذه الخطة واستمرار الحرب سيقود إلى هزيمة حتمية.