عربي21:
2025-07-31@02:31:38 GMT

أسلحة المقاومة وحمراء الأسد ولزوم الثبات

تاريخ النشر: 20th, April 2025 GMT

حمراء الأسد.. الكل يعرف جيدا غزوة أُحد، وأنها إحدى الغزوات التي هزم فيها المسلمون حين تركوا أسلحتهم، ونزلوا من الجبل لجمع الغنائم، لكن أحدا لم يركز الضوء على موقعة حمراء الأسد التي جاءت في نفس يوم غزوة أحد. فقد نادى بلال بالجهاد بعد ساعات مما شهده جيش المسلمين بعد حادثة الرماة، ورغم جراحهم تداعوا وتجمعوا حول النبي متمسكين بسلاحهم، عازمين على تلبية نداء الله ورسوله.

وكان هدف النبي صلى الله عليه وسلم هو التأكيد على أن المسلمين، وإن غُدر بهم أو أخطأوا، لا ينامون على هزيمة، ولا يقبلون الدنية، فطارد فلول المشركين، وانتهت ليلة أُحد بفرارهم بعد أثخن فيهم المسلمون، وانتصار معنوي كبير لذلك الجيش الذي ظن المشركون أنه هُزم.

الحديث عن تسليم المقاومة في غزة أو في غيرها لسلاحها هو حديث المرجفين العجزة، لا يتناقله إلا المثبطون، ولا يروج له إلا المنافقون، فالمقترح الذي نُقل للمقاومة في غزة كمقترح من قبل النظام المصري بصفته وسيط، من جملة مقترحات حل الأزمة، تضمن شرطا صريحا بنزع سلاح المقاومة، كجزء من اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، وهو الحل الذي توصلت إليه القاهرة في محاولة لدفع ما هو أكبر، على حد تحليل محلليها وإعلامييها ولجانها الإلكترونية، الذين ما إن أعلنوا عن الحل حتى انبروا في لوم المقاومة في ما وصلت إليه الأوضاع في القطاع، وتحميلها وزر دماء ما يقارب الــ60 ألف شهيد وآلام ما يقارب الـ117 ألف جريح، وتهجير مليوني مدني، بفعل "غبائها السياسي"، وبفعل تمسكها بهذا السلاح!

على الرغم من هذه الحملة الإعلامية الشرسة التي شنها إعلام الوسيط الرسمية والإلكترونية بمساعدة دول الممانعة للحرية والانعتاق من الذل وبدعم من الاحتلال نفسه، رفضت حماس هذا الشرط بشكل قاطع، وأكد قادتها أن سلاح المقاومة هو حق أساسي من حقوق الشعب الفلسطيني غير خاضع للنقاش، وأبلغت الوسيط بأن المدخل لأي اتفاق يجب أن يكون وقف الحرب والانسحاب الإسرائيلي من غزة، وليس مناقشة مسألة السلاح، كأن الوجود والسلاح متلازمان، وجودا وعدما، حتى مع تصريحات القيادي خليل الحية بأن الحركة مستعدة للتخلي عن أسلحتها والتحول إلى حزب سياسي إذا تم تنفيذ "حل الدولتين" وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

هذا التصريح الذي تخطفه إعلام دول الممانعة للحرية والانعتاق من الذل، لتروج له بأن الحركة مستعدة لإلقاء السلاح، أو أن الحركة أخيرا قبلت بالذل كي لا تكون شاذة بين أقرانها في الجوار -وليس لها قرين- وبالتالي قبل أن تدخل حظيرة الإمبريالية الغربية، لكن المدقق في تصريحات الحية يفهم أن الرجل علّق القبول على شرط، وإن كنا لا نقبله، لكنه في النهاية شرط تعجيزي أمام رغبات وأطماع المحتل الإسرائيلي، الذي يرفض بالكلية أي وجود عربي مسلم على أراضي فلسطين المسلمة بالأساس، ولمّا كان الترويج لتصريحات الحية على هذا النحو، كان الرد على الأرض مغايرا.

فقد عادت عمليات المقاومة، وهو ما يشير إلى تصعيد من المقاومة ردا على المجازر الإسرائيلية المستمرة ضد المدنيين، في رسائل متعددة يمكن قراءتها من خلال التطويف على شكل هذه العمليات ومناطق تنفيذها، فالعمليات شملت اشتباكات مباشرة مع الاحتلال، أدت إلى وقوع قتلى وجرحى في صفوفهم، وكذا عمليات قنص لعناصره، واستخدام العبوات الناسفة ضد الآليات والأفراد، مع عودة إلى كمائن الأنفاق التي عانى منها الاحتلال رغم كل التقنيات التي أمدته بها أوروبا وأمريكا، كما أن المفاجأة تمثلت في عودة صواريخ المقاومة إلى الزغردة فوق المغتصبات والمواقع العسكرية في غلاف غزة وما بعده. هذا على مستوى النوعي للعمليات، ولكن بالنظر إلى جغرافيا تنفيذ هذه العمليات، فنجدها شملت خان يونس، وسط القطاع، ورفح في جنوبه، وبيت حانون في الشمال الشرقي للقطاع، وحي الشجاعية في شرق مدينة غزة، بالوسط، ما يعني أن المقاومة عادت لتترجم ما أُشكل فهمه ممن لا يُفهمه إلا الرصاص.

سلاح المقاومة لا يقف عند الصواريخ المتعددة المديات، ولا قاذف الياسين، أو الطائرات أبابيل والزواري، وإنما تشمل أيضا العمل الإعلامي في ظل الهجمة الشرسة التي يشنها إعلام الاحتلال وحلفاؤه وداعموه وبلجانهم الإلكترونية، مستغلين في ذلك طول أمد الحرب، وبشاعة نتائجها، ووقوف المقاومة من غير داعم ولا نصير غير هذه الشعوب الرافضة لجرائم الاحتلال وداعميه؛ سواء على المستوى العسكري، متمثلا في شحنات الأسلحة والذخيرة التي لا تتوقف سواء علنا من واشنطن أو سرا من الدول الأوروبية، أو على المستوى السياسي، بشكل لا يقبل المجادلة من الدول الغربية وأمريكا وبعض الدول الإقليمية، أو على المستوى الإعلامي، الذي يمكر بأهل غزة ومناصريهم ليل نهار، بل زاد الأمر سوءا بعمليات استخباراتية لتأليب الغزاوية الصامدين على قادتهم، ليكونوا من بعدهم صيدا سهلا؛ لو لم يُلق بهم في البحر فإنهم على أقل تقدير سيُعيدون تغريبة جديدة كتلك التي عاشوها بعد النكبة.

القضية الفلسطينية بعمومها قضية عادلة، ومقاومة أهل غزة -بمدنييها قبل عسكرييها- أكثر وضوحا في عدالتها. تراجع الزخم الإعلامي على المستوى المؤسساتي والشعبي بعد فترة هدنة أراد بها العدو أن يبرد الشارع العالمي المنقلب عليه، وإيهام العالم أن الحرب انتهت، والآن يلعب بورقة أنه يريد السلام ولكن المقاومة هي من ترفض، ليقلب الطاولة على صاحب الحق، ويظهره أنه السبب في الكارثة الإنسانية التي يعيشها المدنيون في غزة، وكأن الاحتلال وداعميه يريدون للضحية ألا تدفع عن نفسها الصفعات، بل لا يريدونها حتى أن تصرخ من الألم.

بدأت حرب فيتنام عام 1954 وقادت جبهة التحرير الوطنية لفيتنام المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الأمريكي وحكومة الجنوب المدعومة من واشنطن، ورغم استخدام أمريكا لكل الأسلحة المحرمة، رفضت المقاومة الاستسلام أو الرضوخ أو الموافقة على أي اتفاق يضمن بقاء النظام الموالي للغرب في بلادها. واعتمدت المقاومة على حرب العصابات، والشبكات الشعبية، والأنفاق، وبعد أكثر من أربعة عشر عاما بدأت مفاوضات؛ لم تقف على شهر أو شهرين، بل استمرت خمس سنوات، والحرب مستمرة والمجازر على أشدها، مع ذلك تمسكت المقاومة بخروج الأمريكيين من بلادهما ورفض الشعب الفيتنامي إلا أن تكون جبهة التحرير الوطنية هي الممثل الشرعي له، حتى مع إغراء الشعب بمساعدات اقتصادية؛ تخرجهم من حالة الجوع التي يعيشها، لينتهي الأمر بتوقيع اتفاق باريس عام 1973، أي بعد 19 عاما من الحرب والقتل والمجازر التي قامت بها واشنطن ضد المدنيين، إلا أن النهاية كانت كما وعد الله كل من تمسك بالحق، ولم يرض الذل، فرضخت أمريكا لمطالب المقاومة، وخرجت من البلاد صاغرة لتكتب فصلا جديدا في كتاب أيام الله الذي لا يرضى لعباده الظلم، ففي زمن اللا قانون.. القوة تنشئ الحق وتحميه.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات قضايا وآراء كاريكاتير بورتريه قضايا وآراء المقاومة غزة الاحتلال الفلسطيني احتلال فلسطين مقاومة غزة قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء قضايا وآراء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على المستوى فی غزة

إقرأ أيضاً:

غزة: المقاومة تباغت قوات الاحتلال بكمين قاتل

 

أفادت وسائل إعلام إسرائيلية، اليوم الاثنين، بإصابة ستة جنود من جيش الاحتلال خلال مواجهات دارت في قطاع غزة، أحدهم وُصفت حالته بالحرجة، بينما ذكرت مصادر بأن الكمين أسفر عن عدد من القتلى.

وبحسب ما ذكره موقع "حدشوت بزمان"، فإن الجنود أصيبوا خلال ما وصفه بـ"حدث أمني".

وتشهد محاور التوغل الإسرائيلي داخل قطاع غزة تصعيداً ملحوظاً في عمليات المقاومة، خاصة في المناطق الجنوبية من القطاع، مثل خان يونس ورفح، حيث أفادت تقارير إعلامية إسرائيلية خلال الأيام الماضية بمقتل ثلاثة جنود في كمين نفذته كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، استخدمت فيه عبوات ناسفة وقذائف موجهة ضد ناقلات جند إسرائيلية.

ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على قطاع غزة، ما أسفر حتى الآن، عن استشهاد نحو 60 ألف فلسطيني وإصابة أكثر من 145 ألفاً، وفق مصادر فلسطينية ودولية، وسط أوضاع إنسانية كارثية ودمار واسع في البنية التحتية والمنازل.


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

سيف الزعبي

قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.

الأحدثترند غزة: المقاومة تباغت قوات الاحتلال بكمين قاتل دعوات لمحاصرة السفارة المصرية في "تل أبيب" اعراض فيروس روتا عند الكبار والصغار هدنة برعاية دولية: كمبوديا وتايلند توافقان على وقف النار وفتح باب الحوار هدنة كاذبة وممرات مغلقة: الاحتلال يقتل منتظري المساعدات في غزة Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • كيف أصبحت المقاومة البديل الذي لا يُهزم؟
  • هل الخيار المتطرف الذي تبحثه إسرائيل في غزة قابل للتنفيذ؟
  • هُزم جدعون وانتصر داود بإرادته: فشل عربات الاحتلال وبزوغ نصر غزة
  • مؤتمر “حلّ الدولتين”.. خدعة سياسية لتصفية المقاومة وتجميل وجه الاحتلال
  • عمليات نوعية للمقاومة ضد القوات الإسرائيلية في قطاع غزة
  • "الشعبية" تُعلّق على دعوة سموتريتش لعودة الاستيطان في غزة
  • غزة: المقاومة تباغت قوات الاحتلال بكمين قاتل
  • فضيحة مدوية.. شاهد ما الذي كانت تحمله شاحنات المساعدات الإماراتية التي دخلت غزة (فيديو+تفاصيل)
  • المقاومة ليست خيارا ديمقراطيا
  • “رادع” تعدم 6 متهمين بالتخابر مع الاحتلال في خان يونس