#سواليف
نبيل البكيري – الجزيرة
يتّفق ابن خلدون وهيغل على أن #التاريخ_البشري نهرٌ جارِ من الأحداث وعملية ديناميكية تتطور عبر مراحل مختلفة، وتساهم في صناعته قوانين وأحداث دراماتيكية فاصلة، تتجلى عند ابن خلدون فيما يسميه دورة العمران البشري بين البداوة والمدنية، فيما يراها هيغل تتجلى في العقل والروح التوّاقة للحرية كروافع في صناعة التاريخ البشري.
اليوم، وفي ظل هذه التداعيات التي يمرّ بها العالم ككل من حولنا، وبين منظوري ابن خلدون وهيغل، أين نحن بالضبط في خضم هذا المجرى التاريخي المتدفّق، وهل نحن أمام مرحلة جديدة تتشكل وتتخلّق أم لا جديد في #مجرى_التاريخ اليوم، وأن دورته التاريخية الراهنة لم تكتمل بعد، ليتسنى لنا بعد ذلك الحديث عن مرحلة غاربة وأخرى قادمة، وإذا كان كذلك فما الذي يجري بالضبط في ظل مؤشرات كثيرة من كل حدب وصوب عن تحوّلات جمة تحوم في الأفق.
مقالات ذات صلة عشرات الشهداء في غزة خلال ساعات 2025/04/21مؤشرات عديدة في الأفق تتجلى للعيان، بأن هذه اللحظة التاريخية حبلى بجنين #تحولات_كبرى، تنتظر ليس فقط المنطقة بل #العالم بأسره، مما يجعل عالم اليوم أمام لحظة تاريخية فارقة، وهي تلك اللحظة التي تشبه عشية نهاية الحرب العالمية الثانية 1945، والتي نجم عنها نظام عالمي جديد مثلته ثلاث مؤسسات عالمية حاكمة، هي: الأمم المتحدة، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، وكل ذلك بيد الإمبراطورية الأميركية التي وُلدت من رحم الحرب العالمية الثانية كرائدة النظام العالمي الجديد حينها، كناشرة للديمقراطية وحامية للحرية وحقوق الإنسان.
#الولايات_المتحدة_الأميركية – التي ظلت على مدى أكثر من نصف قرن قائدة للنظام العالمي الجديد في مرحلتَيه؛ ثنائي القطبية وأحادي القطبية منذ عشية انهيار الاتحاد السوفياتي في عام 1990- هي اليوم في تراجع كبير على كل المستويات، في ظل صعود منافسين جدد اقتصاديًا وعسكريًا أيضًا، كالصين، وروسيا، والهند، وغيرها من الدول.
والأخطر أن تراجع الولايات المتحدة في التصدر عالميًا، لا يتوقف عند مجرد ظهور المنافسين فحسب بل ببروز تيار عريض وكبير داخل منظومة الثقافة الغربية الأميركية تحديدًا، والتي بدأت تعلو أصوات منظريها وتتجلى على أرض الواقع كأيديولوجيا لها تصوراتها ورؤيتها الكاملة، وهو التيار الذي بات يُسمى بالتنوير المظلم Black- Enlightment لصاحبه كورتيس يارفين المعروف بمنسيوس مولدباغ.
فلقد بات لأفكار هذا الرجل وتياره المعروف بـ”النيوريفليكشن” المعادي لكل قيم الحداثة السياسية الغربية، وفي مقدمتها المساواة والديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان، أنصار ومؤيدون ليس كأفراد، وإنما كرموز وقيادات عالمية كبيرة يتصدرون اليوم قمرة القيادة في أهم وأكبر دولة في العالم ممثلةً بالولايات المتحدة الأميركية التي تتزعم العالم الحر، وهي اليوم في طريقها للتنكر لكل قيم الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.
فلم تعد أفكار ما يُسمى بالتنوير المظلم اليوم محض أفكار مجردة في الهواء ومكتوبة في المدونات، بل غدت واقعًا ماثلًا أمامنا اليوم، كما تجلى ويتجلى في الحرب على غزة التي تُعد الأقذر والأبشع من بين كل الحروب التي عاشتها البشرية حتى الآن، وهي الحرب التي تجاوزت كل القوانين والأعراف والمنظومات الأخلاقية البشرية والدينية المعترف بها، والتي كشفت عن عالم جديد أكثر توحشًا وعنفًا وفوضى، ويتلاشى فيه كل القيم الإنسانية ومنظومته الأخلاقية والقانونية والسياسية.
#طوفان_الأقصى وسياقاته وتداعياته كشفت عن مؤشرات عدة، وهي ما ذكرناه من سقوط الشعارات البراقة للغرب عن #حقوق_الإنسان، و #الديمقراطية، والعدالة، والمساواة، علاوة على ذلك صعود #ترامب وعودته للبيت الأبيض مجددًا بأجندات هي أقرب لانقلاب كبير على كل القيم التي كانت ترفعها أميركا كراعية للنظام العالمي، وهو ما تجلى بتوجهات أميركية واضحة لإدارة ترامب، وخاصة فيما يتعلق بالملف الاقتصادي العالمي، وفي القلب منه فرض الرسوم الجمركية العالية على كل الدول، وفي مقدمتها الصين كأكبر مصدر للسلع في العالم التي تتجاوز قيمة صادراتها 3.5 تريليونات دولار سنويًا، حيث يبلغ عجز الميزان التجاري الأميركي الصيني 295 مليار دولار لصالح الأخيرة.
كل هذه المؤشرات في السياسات الدولية، تشير ربما إلى تحولات كبيرة تنتظر العالم، في ضوء الصعود الصيني الكبير اقتصاديًا على الأقل، حيث يمثل الاقتصاد عصب وعمود التحولات الكبرى التي دفعت بالولايات المتحدة لقيادة النظام العالمي المتشكل عقب الحرب العالمية الثانية، والاقتصاد نفسه هو ربما ما يهيئ الصين اليوم للعب دور كبير في تحولات المشهد الدولي الراهن، والتي قد تقود نحو نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب، بدأت أول مؤشراته بالمعركة الاقتصادية المحتدمة بين الولايات المتحدة، والصين ومن خلفها العالم كله.
ومن ملامح هذا التحول العالمي ما نلاحظه من خلال عدة مؤشرات، يأتي في مقدمتها النمو الاقتصادي والتنافس التكنولوجي المحتدم وبؤر الصراعات المتفجرة حول العالم التي عجزت القوى الدولية عن إيقافها أو تحقيق أي انتصار فيها، إضافة إلى التكتلات السياسية والاقتصادية التي بدأت بالتشكل كمنظمة شنغهاي للتعاون الدولي، ومنظمة البركس التي تشكل ما يقارب 37 ٪ من حجم الاقتصاد العالمي، وغير ذلك من المؤشرات التي تطفو على سطح المشهد الدولي كفواعل تقود العالم نحو التحول حتمًا نحو نظام عالمي جديد لا هيمنةَ فيه ولا انفرادَ لأي قوى دون أخرى.
إعلان
لكن الأخطر في ملامح ومظاهر هذا التحول الدولي المرتقب، والذي حتمًا لن يكون تحولًا فجائيًا لحظيًا، وإنما هو مسار طويل قد يحتاج عقدًا أو عقدين من الزمن، أن ثمة مسارًا فكريًا بدأ بالتعبير عن كفره بكل أشكال الحداثة السياسية التي حققتها البشرية على مدى القرنين الماضيين، كالدولة الوطنية، والديمقراطية، وحقوق الإنسان، والعدالة، والمساواة، والحرية، وأن هذه العناوين لم تعد صالحة اليوم، وأن العالم يجب أن يتجه نحو شكل جديد ومختلف عن الأنظمة والسياسات السلطوية التي تعلي من الفائدة والمنفعة والمصلحة المجردة، ولو على حساب الإنسان وكرامته وحقوقه.
ختامًا، ما يجري اليوم في الساحة الدولية من صراع يتمظهر خلف رفع الفائدة الجمركية بين الاثنين الكبيرين اقتصاديًا: أميركا والصين، ليس سوى رأس جبل جليد التغيرات الدولية الكبيرة التي بدأت تتمحور في عديد قضايا حول العالم، وفي قلبها قضية غزة، وعديد ملفات أخرى.
وهو مؤشر واضح على ما آل إليه المشهد الدولي الراهن في ظل صعود موجات الشعبوية والقومية، وتراجع زخم النخبوية وأفكارها الإنسانية الحداثوية التي تعلي من قيم الإنسان وحقوقه وحرياته وكرامته كمواطن عالمي أينما كان موقعه على هذا الكوكب، وهو ما قد يجعل مثل هذه التصورات ربما مجرد حلم وخيال محض لا يمكن تحقيقه على أرض الواقع في ضوء صعود الشعبوية في صيغتها الترامبية الراهنة.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف التاريخ البشري مجرى التاريخ تحولات كبرى العالم الولايات المتحدة الأميركية طوفان الأقصى حقوق الإنسان الديمقراطية ترامب وحقوق الإنسان عالمی ا
إقرأ أيضاً:
اليمن تحتفل باليوم العالمي للاتصالات وتطالب المجتمع الدولي برفع الحظر المفروض على دخول معدات الاتصالات المدنية
مقالات مشابهة أفضل عشر قنوات على واتساب تقدم محتوى رائع
أسبوعين مضت
أسبوعين مضت
4 أسابيع مضت
16/04/2025
16/04/2025
14/04/2025
شاركت الجمهورية اليمنية، اليوم السبت، دول العالم الاحتفال بالذكرى السادسة والخمسين لليوم العالمي للاتصالات ومجتمع المعلومات، الذي يُقام هذا العام تحت شعار “تعزيز المساواة الرقمية بين الجنسين”، في ظل استمرار التحديات التي تواجه قطاع الاتصالات في البلاد نتيجة العدوان والحصار المفروض منذ أكثر من عقد.
وأكدت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات في بيان رسمي بهذه المناسبة، أن الاحتفال يأتي في وقت يعاني فيه قطاع الاتصالات من أضرار كبيرة، بعد أن تسببت أكثر من 2770 غارة جوية للتحالف خلال السنوات الماضية في تدمير أكثر من 35% من البنية التحتية للقطاع، مما أدى إلى عزل أكثر من 120 قرية ومدينة عن العالم.
وأشارت الوزارة إلى أن القيود المستمرة، بما في ذلك الحظر على دخول المعدات الفنية والتقنية المدنية، أعاقت خطط التحديث والتطوير، وحرمت اليمن من الاستفادة من مشاريع استراتيجية مثل الكابلات البحرية، معتبرة أن ذلك يمثّل انتهاكاً للحقوق السيادية الوطنية.
ورغم هذه التحديات، أكدت الوزارة أن كوادر قطاع الاتصالات يبذلون جهوداً كبيرة للحفاظ على استمرارية الخدمات في مختلف المحافظات، والعمل على تحسين جودة الإنترنت وخدمات الجيل الرابع، وتوسيع نطاق الشبكات، في إطار السعي لتقليص الفجوة الرقمية وتعزيز فرص الوصول الرقمي المتكافئ بين الجنسين.
ودعت الوزارة المجتمع الدولي، وفي مقدمتهم الأمم المتحدة والاتحاد الدولي للاتصالات والمنظمات الحقوقية والإنسانية، إلى الاضطلاع بمسؤولياتهم تجاه الوضع الإنساني المتدهور في اليمن، واتخاذ خطوات فورية لرفع الحصار المفروض على معدات الاتصالات، وتسهيل دخول الأجهزة الحيوية وقطع الغيار اللازمة لإعادة تشغيل المواقع المتضررة.
كما طالبت الحكومة اليمنية في بيانها بالآتي:
1. وقف جميع الاعتداءات على البنية التحتية المدنية لشبكة الاتصالات، وإنهاء الحصار المفروض على تجهيزاتها.
2. السماح العاجل بدخول المعدات الفنية لإعادة تشغيل الأبراج والمنشآت المتضررة في المدن والقرى اليمنية.
3. الضغط على التحالف للسماح بتركيب وتشغيل الكابلات البحرية SMW-5 وAfrica-1 في محافظة الحديدة.
4. تحييد خدمات الاتصالات عن الصراع وحماية العاملين في هذا القطاع.
5. تحميل دول العدوان المسؤولية القانونية والأخلاقية عن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للاتصالات.
6. مطالبة المنظمات الدولية بالتحرك العاجل لضمان استمرار خدمات الاتصالات كحق إنساني أساسي لملايين اليمنيين.
واختتمت وزارة الاتصالات بيانها بالتأكيد على التزامها بمواصلة العمل رغم الإمكانيات المحدودة، لتعزيز التنمية الرقمية وتوسيع فرص الوصول إلى خدمات الاتصالات، بما يسهم في دعم المجتمع اليمني وتمكينه من الاستفادة من التقنيات الحديثة.
صادر عن وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات – الجمهورية اليمنية
صنعاء – السبت – 17 مايو/ أيار 2025م
ذات صلة
يجب أنت تكون مسجل الدخول لتضيف تعليقاً.
آخر الأخبار