هاجم وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيت، المُسرِّبين وانتقد وسائل الإعلام بشدة وسط أنباء عن استخدامه دردشة جماعية ثانية على منصة سيغنال لمناقشة خطط عسكرية سرية بشأن العمليات في اليمن.

 

وقال هيغسيت خلال فعالية "دحرجة بيض عيد الفصح" في البيت الأبيض، برفقة أبنائه وزوجته التي كانت تشارك في إحدى دردشات سيغنال: "مرة تلو الأخرى، وبينما يروجون لهذه الأكاذيب، لا أحد يُحاسبهم.

هذا ما تفعله وسائل الإعلام. إنهم يأخذون مصادر مجهولة، وموظفين سابقين ساخطين، ويحاولون النيل من الناس وتشويه سمعتهم".

 

وهاجم وزير الدفاع المأزوم بعضًا من أقرب مستشاريه السابقين، الذين بدأوا يُدقّون ناقوس الخطر بشأن قرارات الوزير، واصفًا إياهم بـ"الموظفين السابقين الساخطين".

 

وقال: "لا شىء يؤثر علي، لأننا نُغيّر وزارة الدفاع، ونعيد البنتاغون إلى أيدي المقاتلين. والافتراءات المجهولة المصدر من الموظفين السابقين الساخطين أصبحت قديمة، لا تُهم".

 

ويأتي الكشف عن هذه التفاصيل في الوقت الذي بدأ فيه بعض من أقرب مستشاري هيغسيث في إطلاق جرس إنذار حول طريقة تقدير الوزير للأمور، بمن في ذلك المتحدث السابق باسم وزارة الدفاع جون أوليوت وثلاثة مسؤولين كبار سابقين طردهم الوزير الأسبوع الماضي، وهم كبير مستشاريه دان كالدويل ونائب رئيس الأركان دارين سيلنيك وكولين كارول، الذي شغل منصب كبير موظفي نائب وزير الدفاع.

 

وقال أوليوت في بيان حصلت عليه شبكة CNN، الأحد: "لقد كان شهرًا من الفوضى العارمة في البنتاغون. من تسريبات لخطط عملياتية حساسة إلى عمليات تسريح جماعية، أصبح هذا الخلل الآن مصدر إلهاء كبير للرئيس - الذي يستحق الأفضل من قيادته العليا".

 

ودافع هيغسيث عن نفسه، الاثنين، قائلاً للصحفيين: "أنا فخور جدًا بما نفعله من أجل الرئيس، ونناضل بشراسة في جميع المجالات".

 

وعندما سألته CNN عما إذا كان قد تحدث مع الرئيس دونالد ترامب، أشار هيغسيث إلى أنه يحظى بدعم ترامب.

 

وقال: "لقد تحدثت مع الرئيس، وسنواصل القتال. على نفس الصفحة طوال الوقت".

 

في سياق متصل، صرّحت كارولين ليفيت، المتحدثة باسم البيت الأبيض، بأن الرئيس ترامب "يثق ثقة مطلقة" بوزير الدفاع، بعد تقارير تفيد بأنه شارك خططًا عسكرية مفصلة في محادثة ثانية عبر منصة سيغنال، شارك فيها زوجته وشقيقه ومحاميه.

 

وقالت ليفيت للصحفيين في البيت الأبيض: "تحدثتُ إليه هذا الصباح، وهو يدعمه بقوة".

 

وفي وقت سابق، خلال ظهور لها على قناة فوكس نيوز، أكدت ليفيت أن ترامب "يدعم هيغسيث بقوة"، لكنها جادلت بأن البنتاغون نفسه يعمل ضد الوزير وجهوده لتغيير المؤسسة بما يتماشى مع سياسات ترامب.

 

وذكرت ليفيت أنه لم يتم تبادل أي معلومات سرية في محادثات هيغسيث على منصة سيغنال، وانتقدت بشدة القائمين على البنتاغون لـ"تسريبهم" معلومات سرية بأنفسهم.

 

وقالت: "إنهم يكذبون بشأن وزير الدفاع. دعوني أكرر، لم يتم تبادل أي معلومات سرية في هذه المحادثات، ولكن هناك مُسرِّبون يُسرِّبون معلومات سرية، وهذه جريمة. ولذلك، اتخذت الإدارة والرئيس موقفًا حازمًا للغاية ضد أي شخص يُسرِّب معلومات حساسة وسرية للغاية قد تُعرِّض قواتنا ومقاتلينا للخطر، وقد رأيتم أن الوزير اتخذ إجراءات حازمة للغاية لكبح جماح المُسرِّبين في البنتاغون، وأنا متأكدة من أنه سيواصل القيام بذلك".

 

وسبق أن أوردت شبكة CNN أن المعلومات المتعلقة بالضربات العسكرية في اليمن التي شاركها هيغسيث في محادثة سيغنال، والتي شارك فيها محرر مجلة أتلانتيك جيفري غولدبرغ، كانت سرية، وفقًا لمصادر. وكان مستشار الأمن القومي مايك والتز هو من أضاف غولدبرغ إلى المحادثة، وهو ما وصفه بأنه خطأ.

 

صرح مسؤول دفاعي مطلع على العملية آنذاك: "هذه خطط عملياتية شديدة السرية لحماية أفراد الخدمة".


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن أمريكا البنتاجون سيغنال ترامب معلومات سریة وزیر الدفاع

إقرأ أيضاً:

من التصعيد إلى التهدئة.. ماذا وراء الانسحاب الأمريكي من اليمن؟

في تحول لافت بمسار الحرب الدائرة في اليمن، أعلنت الولايات المتحدة مساء الثلاثاء 6 مايو وقفًا لإطلاق النار مع جماعة الحوثيين، في خطوة وُصفت بأنها تعكس تراجعًا تكتيكيًا أكثر من كونها إنجازًا سياسيًا أو عسكريًا. وجاء الإعلان المفاجئ، الذي تم بوساطة عُمانية، بعد أسابيع من تصعيد غير مسبوق بين القوات الأمريكية والحوثيين، لا سيما في البحر الأحمر.

 

ذا هيل: ترامب حاول تسويق وقف إطلاق النار بوصفه “انتصارًا أمريكيًا” ونتيجة للقوة، بينما يُظهر الواقع أن هذا التفاهم ما هو إلا تراجع مغلف بالتهويل السياسي

 

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد فجّر مفاجأة حين أشاد بصمود مقاتلي الحوثيين و”قدرتهم الكبيرة على تحمّل العقاب”، رغم أن إدارته أشرفت على حملة عسكرية ضارية ضدهم، عُرفت باسم “الراكب الخشن”، وبدأت منتصف مارس/ آذار الماضي بهدف ردع الجماعة المدعومة من إيران عن استهداف الشحن الدولي والأصول البحرية الأمريكية.

 

لكن نتائج الحملة جاءت دون المأمول، إذ أسقط الحوثيون سبع طائرات مسيّرة أمريكية، وفُقدت طائرتان مقاتلتان، وخسرت واشنطن ما يزيد عن مليار دولار، دون تحقيق مكاسب استراتيجية تُذكر.

 

الكاتب والمحلل السياسي د. عمران خالد، وهو طبيب حاصل على ماجستير في العلاقات الدولية، تناول في مقال نشرته صحيفة ذا هيل الأمريكية هذا التراجع الأمريكي، واعتبره مؤشرًا على فشل نهج القوة في التعاطي مع واقع سياسي وأمني معقد، يتجاوز حدود اليمن ليطال عمق التحالفات الأمريكية في المنطقة.

 

تهدئة هشة وتصدع في التحالفات

 

الهدنة التي أعلن عنها ترامب استُثنيت منها إسرائيل بشكل لافت، الأمر الذي أثار استياءً في تل أبيب وكشف، بحسب المراقبين، عن تصدّع في المحور الأمريكي–الإسرائيلي. فالهجمات الحوثية على إسرائيل لم تتوقف، بل وصلت إلى مشارف مطار بن غوريون قبل إعلان الهدنة بأيام، وهو ما ردّت عليه إسرائيل بقصف مطار صنعاء الدولي، دون أن يردع ذلك الحوثيين عن مواصلة استهدافهم للمصالح الإسرائيلية “تضامنًا مع فلسطين”.

 

ويضيف د. عمران خالد في مقاله أن الحوثيين اعتبروا ما حدث نصرًا رمزيًا واستراتيجيًا في آن، إذ تمكنوا من فرض معادلة ردع غير مسبوقة، أجبرت واشنطن على التفاوض دون تحقيق أهدافها العسكرية، والأهم دون أن يدفع الحوثيون أثمانًا سياسية تجاه إسرائيل.

 

في المقابل، ظهرت ملامح ارتباك في مواقف بعض الدول العربية الحليفة لواشنطن، خصوصًا تلك التي راهنت على تحجيم الحوثيين عسكريًا وسياسيًا خلال السنوات الماضية. وتشير التقارير إلى أن الإمارات العربية المتحدة – رغم خصومتها العميقة مع الحوثيين – كانت مترددة في دعم التصعيد الأمريكي الأخير، في ما قد يُفهم على أنه بداية لإعادة تقييم أوسع لجدوى التعويل على الولايات المتحدة في الملفات الأمنية الحساسة.

 

إيران في الخلفية

 

رغم أنها لم تكن طرفًا مباشرًا في المفاوضات، تُتهم إيران بأنها المحرّك الأساسي للحوثيين. غير أن تقارير متقاطعة تُفيد بأن طهران ربما شجعت الجماعة على الدخول في التهدئة، ضمن حسابات إقليمية أوسع تتعلق بمحادثاتها النووية وسعيها لتخفيف حدة التوتر مع واشنطن.

 

ذا هيل: منطقة الشرق الأوسط تدخل اليوم مرحلة جديدة من الضبابية، حيث تتقلص موثوقية الولايات المتحدة كضامن أمني، وتتزايد التساؤلات في العواصم العربية حول جدوى التحالف مع واشنطن

 

ويطرح د. عمران خالد في مقاله تساؤلًا محوريًا: هل وقف إطلاق النار مجرد ترتيب مؤقت فرضه الإنهاك العسكري الأمريكي، أم أنه جزء من تفاهمات غير معلنة بين واشنطن وطهران؟ وفي كلتا الحالتين، تبقى إيران المستفيد الأكبر من استمرار الحوثيين كلاعب فاعل في معادلات الإقليم، خاصة في الضغط على إسرائيل والممرات التجارية الدولية.

 

تراجع أمريكي مغلف بالتهويل السياسي

 

وبحسب المقال المنشور في ذا هيل، فإن ترامب حاول تسويق وقف إطلاق النار بوصفه “انتصارًا أمريكيًا” ونتيجة للقوة، بينما يُظهر الواقع أن هذا التفاهم ما هو إلا تراجع مغلف بالتهويل السياسي. ويرى الكاتب أن ما جرى هو “ترتيب تكتيكي” لا أكثر، قابل للانهيار في أي لحظة، خصوصًا مع تأكيد الحوثيين احتفاظهم بحق استئناف الهجمات في أي وقت.

 

يشير المقال إلى أن منطقة الشرق الأوسط تدخل اليوم مرحلة جديدة من الضبابية، حيث تتقلص موثوقية الولايات المتحدة كضامن أمني، وتتزايد التساؤلات في العواصم العربية حول جدوى التحالف مع واشنطن في ظل هذه التراجعات. أما إسرائيل، التي باتت أكثر عزلة، فمصداقية ردعها أصبحت على المحك، في وقت لا يزال فيه الحوثيون يجنون ثمار سرديتهم كقوة مقاومة تتحدى الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية.

 

وختم د. عمران خالد مقاله بالقول إن قرار ترامب لا يعكس استراتيجية للسلام، بل محاولة للهروب من كلفة صراع لم يُحسم. فكما هي الحال في كثير من قرارات السياسة الخارجية الأمريكية، يبدو أن الشكل غلب المضمون، وأن “الاستراحة” الحالية قد لا تطول في ظل ديناميكيات الشرق الأوسط المتغيرة.

 


مقالات مشابهة

  • عباس بخيت: لا معلومات بشأن وجود علاقات سرية بين السودان وإسرائيل
  • والي النيل الأبيض:المسيرات التي يطلقها العدو نحو المرافق الإستراتيجية والخدمية لن تزيدنا إلا قوة ومنعة وتماسكا
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: الغارات على اليمن رسالة واضحة للحوثيين
  • عاجل. غارات إسرائيلية على مواقع في اليمن ووزير الدفاع يسرائيل كاتس يكشف عن استهداف مطار صنعاء وتدمير طائرة
  • نيويورك تايمز: ترامب وعائلته استغلوا البيت الأبيض تجاريا
  • وزير الدفاع: الحوثيون حولوا اليمن إلى منصة إطلاق وتجريب للصواريخ الإيرانية
  • من التصعيد إلى التهدئة.. ماذا وراء الانسحاب الأمريكي من اليمن؟
  • إعدام مواطن في السعودية بتهم بينها تسريب معلومات حساسة
  • وزير الدفاع السوري: نستقطب الضباط المنشقين عن نظام الأسد
  • وزير الإسكان يكشف معلومات عن عدادات المياه الذكية مسبقة الدفع