كيف تصبح منصات النفط القديمة موطنا للحياة البحرية؟
تاريخ النشر: 22nd, April 2025 GMT
غالبا ما ترتبط منصات النفط والغاز بصورة الهياكل المعدنية العملاقة التي تقطع سطح المحيط، متصلة بشبكات معقدة من الحفارات والأنابيب التي تمتد في أعماق البحار لاستخراج ما تبقى من الوقود الأحفوري. لكنها بعد أن تستنفد آبارها وتصبح غير مجدية من الناحية الاقتصادية، تواجه مصيرا مجهولا، تتراوح خياراته بين التفكيك الكامل أو التحول إلى شيء مختلف تماما.
عادة ما كانت تُفكك هذه المنصات وتُزال من مواقعها، وهي عملية مُكلفة ليس فقط ماديا، بل أيضا بيئيا، لما تنطوي عليه من مخاطر على النظم البيئية المحيطة. لكن منذ أواخر القرن العشرين، بدأت تبرز فكرة بديلة ومثيرة للاهتمام وهي تحويل هذه الهياكل "المتقاعدة" إلى شعاب مرجانية اصطناعية.
الفكرة تقوم على مبدأ بسيط وفعّال يتلخص بأنه بدلًا من إزالة المنصة بالكامل، تُترك في قاع البحر بعد تنظيفها ومعالجتها لتتحول إلى موائل بحرية جديدة تدعم التنوع البيولوجي وتوفر ملاذا للكائنات البحرية.
تجارب عالمية ناجحةاعتمدت دول عدة هذا النهج البيئي-الصناعي، من بينها الولايات المتحدة وماليزيا وتايلاند وأستراليا. ففي خليج المكسيك وحده، تحولت مئات المنصات القديمة إلى شعاب مرجانية نابضة بالحياة، حيث تجذب أنواعا متعددة من الأسماك والرخويات والكائنات الدقيقة.
إعلانوبفضل تصميمها الهيكلي المجوف والمعقد، توفر هذه المنصات بيئة مثالية للحياة البحرية، شبيهة إلى حد كبير بالشعاب المرجانية الطبيعية.
ففي كاليفورنيا، أظهرت دراسات ميدانية أن بعض هذه المنصات تستضيف ما يصل إلى 10 أضعاف الحياة البحرية مقارنة بالشعاب المرجانية الطبيعية المجاورة، مما يشير إلى قدرتها الفائقة على تعزيز النظم البيئية.
الميزة الكبرى لهذه المنصات هي بنيتها المعدنية الضخمة، التي تُوفّر مأوى ممتازا للكائنات البحرية. بمرور الوقت، تغطي الطحالب والمرجان هذه الهياكل، فتتحول إلى نظم بيئية متكاملة تجذب أنواعا عديدة من الأسماك والكائنات اللافقارية. كما تساهم في استعادة الموائل البحرية التي تضررت بسبب الأنشطة البشرية أو الكوارث البيئية.
ويعد هذا التحول من الاستخدام الصناعي إلى الاستخدام البيئي مثالا ناجحا على كيف يمكن للبنية التحتية الصناعية أن تُعيد الانسجام مع البيئة بدلا من تدميرها.
مخاطر محتملةمع ذلك، لا تخلو هذه المبادرات من التحديات. إذ تُحذر منظمات بيئية من وجود ملوثات متبقية، مثل طين الحفر أو الهيدروكربونات العالقة في الهياكل، مما قد يُهدد النظم البيئية الحساسة.
كما أن هناك مخاوف من أن تتحول هذه الشعاب الاصطناعية إلى "نقاط جذب" للأنواع الغازية التي قد تُحدث اختلالا في التوازن البيئي المحلي.
وللحد من هذه المخاطر، تضع برامج التحويل الصارمة شروطا دقيقة تشمل تنظيف المنصات بالكامل، وإزالة المواد الخطرة، وتقييم الموقع من حيث التيارات البحرية ودرجات الحرارة والأنواع المحلية، إلى جانب ضرورة مراقبة بيئية طويلة الأمد لضمان استدامة النظام البيئي المستحدث.
تفاوت في سياسات الدولتُعد الولايات المتحدة رائدة في تطبيق هذا النهج، بفضل برامج حكومية وشراكات علمية تتيح متابعة المنصات المحوّلة وضمان التزامها بالمعايير البيئية. وعلى النقيض، تتعامل الدول الأوروبية بحذر أكبر، بسبب التزاماتها باتفاقية "أوسبار" (OSPAR) التي تمنع في كثير من الحالات ترك البنية التحتية الصناعية في البحر بعد انتهاء خدمتها.
أما كندا، فرغم سجلها البيئي المتقدّم، تتبنى نهجًا مختلفًا. فهي تفضّل إغراق السفن الحربية القديمة -مثل سفينة لصنع شعاب اصطناعية في المياه الباردة- بدلا من استخدام منصات النفط القليلة نسبيا لديها، بسبب القيود البيئية والتدقيق العام المتزايد على صناعة النفط والغاز.
المبدأ ذاته بدأ يُستخدم أيضا في أنظمة المياه العذبة، كما في البحيرات العظمى بأميركا الشمالية. حيث جرى تحويل أراض صناعية مهجورة وموانئ قديمة إلى أراض رطبة ومناطق طبيعية تستضيف أنواعا جديدة من الكائنات الحية، مما يدل على أن إمكانيات تحويل الهياكل الصناعية إلى موائل بيئية لا تقتصر على البحار فقط، بل تشمل المياه الداخلية.
ومع تصاعد تأثيرات التغير المناخي، مثل ارتفاع درجات حرارة المحيطات وتزايد حموضتها، تُواجه الشعاب المرجانية -سواء الطبيعية أو الاصطناعية- تحديات جديدة. فالمرجان حساس جدًا للتغيرات البيئية، وقد تتأثر قدرته على النمو والبقاء في ظل الظروف المتغيرة.
إعلانمع ذلك، تمثل هذه الشعاب الاصطناعية فرصًا بحثية فريدة، حيث تُستخدم كمختبرات طبيعية لدراسة التكيّف البيئي وفهم كيفية استجابة النظم البيئية البحرية للتغيرات المناخية.
ولا يزال هذا النهج يُثير جدلا مستمرا. فبينما يرى البعض أن تحويل منصات النفط إلى شعاب مرجانية هو مجرد وسيلة "نظيفة" لتقليل تكاليف التفكيك، يعتبره آخرون نموذجا ذكيا للحلول المستدامة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الشعاب المرجانیة النظم البیئیة شعاب مرجانیة منصات النفط هذه المنصات التی ت
إقرأ أيضاً:
مقابلة توظيف.. تصرف ترامب مع قادة إفريقيا يشعل الجدل على منصات التواصل
أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب موجة واسعة من الجدل على منصات التواصل الاجتماعي بعد طريقته في التعامل مع رؤساء خمس دول إفريقية خلال غداء عمل في البيت الأبيض، حيث وصف كثيرون أسلوبه بأنه إهانة مباشرة لضيوفه وتجسيد لغطرسة واستعلاء.
وخلال الاجتماع، قاطع ترامب الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني أثناء حديثه المطوّل عن الموقع الإستراتيجي لبلاده وفرص الاستثمار فيها، بعدما تجاوزت كلمته سبع دقائق.
وبدا صبر ترامب ينفد، فأشار بيده ورأسه للغزواني ليتوقف عن الكلام، قبل أن يعلق الغزواني قائلاً: "لا أريد أن أضيع الكثير من الوقت في هذا"، ليقاطعه ترامب بنبرة انزعاج واضحة قائلاً: "ربما يتعين علينا الإسراع قليلا في الحديث، لأن لدينا جدولا زمنيا حافلا".
ترامب يطالب ضيوفه بذكر أسمائهم وبلدناهم فقط pic.twitter.com/v096ktNwXX
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) July 10, 2025
وما زاد استغراب جمهور منصات التواصل أن ترامب طلب من بقية الرؤساء الاكتفاء بذكر أسمائهم وبلدانهم فقط، لتسريع وتيرة الاجتماع، إذ اعتبر مدونون هذا التصرف نوعا من الاستخفاف، خاصة أن الحضور رؤساء دول مستقلة وليسوا موظفين في شركة أو مشاركين في ندوة عابرة.
ترامب مستمر باهانة ضيوفه
أثناء إجتماعه بقادة الدول 5 دول افريقية، ترامب يشير بيده إلى الرئيس الموريتاني ويقاطعه ليطلب منه انهاء حديثه بسبب ضيق الوقت:
"أنا أقدر هذا، لكن ربما علينا أن نكون أسرع أكثر من ذلك، لأن لدينا جدول زمني مليئ، لو استطعت فقط الحصول على اسمك وبلدك سيكون ذلك… pic.twitter.com/kVFIG940Z1
— Dr. Haider Salman (@sahaider75) July 10, 2025
كما أثار ترامب موجة من السخرية حين أبدى اندهاشه من طلاقة الرئيس الليبيري جوزيف بواكاي في اللغة الإنجليزية. فقد سأله: "إنجليزيتك رائعة! أين تعلمتها؟"، ليبتسم بواكاي في محاولة لكتم حرج واضح قبل أن يجيب ببساطة: "نعم سيدي.. في ليبيريا".
ترامب للرئيس الليبيري:
تتحدث الإنجليزية بطلاقة. أين تعلمتها؟
(اللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية في ليبيريا) pic.twitter.com/gyD2f7YeK6
— الأحداث العالمية (@NewsNow4USA) July 9, 2025
إعلانهذا السؤال الذي بدا للبعض ساذجا ومهينا في آن، أشعل موجة تعليقات ناقدة، إذ أشار ناشطون إلى أن اللغة الإنجليزية هي اللغة الرسمية في ليبيريا التي أسسها الأميركيون لتوطين العبيد المحررين.
وسخر مغردون من جهل ترامب بهذه المعلومة الأساسية، قائلين: "كيف يجهل أن ليبيريا لغتها الأم هي الإنجليزية؟ ألا يقرأ عن الدول التي يستقبل قادتها؟".
ترامب يبدي دهشته وإعجابه باللغة الإنجليزية الجيدة التي يتحدث بها رئيس ليبيريا، دون أن يعلم على ما يبدو أن اللغة الرسمية في ليبيريا هي الإنجليزية ???????? pic.twitter.com/vA27qcUHG5
— mahmoud khalil (@zorba222) July 9, 2025
وكتب آخرون: "لا أدري كيف يقبل هؤلاء القادة على أنفسهم هذا اللون من الاستعلاء، كأننا عدنا إلى زمن الاستعمار القديم".
في المقابل، رأى بعض المعلقين أن ترامب معروف بتصرفات مشابهة مع زعماء دول أخرى، عربية وأوروبية على السواء، مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وحتى مع كندا وألمانيا، بل ومع سياسيين أميركيين أيضاً.
وكتب أحدهم: "ترامب إذا رآك ضعيفا وليس لك وزن أو هيبة سيقلل من احترامك، سواء كنت إفريقيا أو أوروبيا أو حتى أميركيا".
هل هذه دبلوماسية أم استعلاء ؟
الرئيس الأمريكي دونالد #ترامب يخاطب رئيس دولة إفريقية من مكتبه في البيت الأبيض بعبارات تنم عن غطرسة وازدراء:
"علينا أن نكون أسرع من ذلك.. جدول أعمالنا مشغول.. أيمكنك ذكر اسمك وبلدك؟ شكراً لك."!!!؟؟؟
أي كبرياء أعمى هذا؟!
رئيس أقوى دولة في العالم لا… pic.twitter.com/KvB4Z9iBHv
— ???????????????????? ???????????????????????????? ( ???????? المغرب_أولا# ) (@swilkat) July 9, 2025
وانتقد كثيرون القادة الأفارقة لقبولهم حضور اجتماع بهذه الصيغة الجماعية التي تقلل من هيبة الرؤساء، معتبرين أن اللقاءات الثنائية كانت ستضمن لهم قدراً أكبر من الاحترام.
وكتب ناشط: "للأسف صورة إفريقيا بأكملها تتضرر من مثل هذه المواقف".
Donald Trump asks the President of Liberia, “Such good English. Where did you learn to speak so beautifully?”
The official language of Liberia is English. pic.twitter.com/YYXDFOYBwB
— Pop Crave (@PopCrave) July 9, 2025
واعتبر مدونون أن الاجتماع بدا "كمقابلة توظيف أو انتقاء" أكثر منه لقاء دبلوماسيا نديا بين رؤساء دول مستقلة
وكان البيت الأبيض قد استضاف أمس الأربعاء، قمة أميركية-أفريقية مصغرة، جمعت قادة موريتانيا وليبيريا والسنغال والغابون وغينيا بيساو، وتركز اللقاء على بحث الفرص التجارية، إضافة إلى مناقشة قضايا السلم والأمن في القارة الأفريقية.