البلاد – رام الله
بعدما أمعن في القتل المباشر بالرصاص والقذائف، راح الاحتلال الإسرائيلي يتفنن في توسيع أدوات القتل الجماعي ضد المدنيين في غزة، مستخدمًا كل ما يمكن أن يحرق أجسادهم، أو ينخر عظامهم، أو يفتك بمناعتهم. ففي مشهد يقف له الضمير الإنساني عاجزًا، ارتكبت قوات الاحتلال فجر أمس الأربعاء مجزرة مروعة استهدفت خيام نازحين ما أسفر عن استشهاد عشرة فلسطينيين حرقًا، بينهم أطفال ونساء، إلى جانب عدد من الجرحى، وفيما تسبب منع الدواء بوفاة 40% من مرضى الكلى، تتهم الأونروا الاحتلال باستخدام المساعدات الإنسانية ورقة مساومة وسلاح حرب.


فجر أمس الأربعاء، ارتكبت قوات الاحتلال مجزرة مروعة جديدة شرقي مدينة غزة، حيث استهدفت طائرة مسيّرة إسرائيلية خيام النازحين داخل ساحة مدرسة يافا بحي التفاح، ما أدى إلى استشهاد عشرة فلسطينيين حرقًا وإصابة عدد آخر. واندلعت النيران في محطة وقود مجاورة، ما فاقم الدمار.
رجال الدفاع المدني الفلسطيني الذين هرعوا إلى المكان وصفوا المشهد بأنه “لا يمكن وصفه”، مشيرين إلى أن الجثث كانت متفحمة بشكل يصعب التعرف على أصحابها، بينما كان عدد من الجرحى يتلوون وسط ألسنة اللهب. وتمكن المسعفون من انتشال الشهداء ونقل الجرحى رغم ضعف الإمكانيات وغياب الوقود عن سيارات الإسعاف.
المجلس الوطني الفلسطيني وصف هذا الاستهداف بأنه “جريمة حرب مركبة ضد الإنسانية”، مؤكدًا أن قصف خيام النازحين ومراكز الإيواء، كما جرى أيضًا في جباليا، يمثل تصعيدًا خطيرًا في سياسة الإبادة الجماعية. واتهم المجلس حكومة اليمين الإسرائيلي باستخدام التكتيكات الأكثر وحشية ضد مدنيين عزّل، معتبرًا أن صمت المجتمع الدولي تحول من تواطؤ إلى شراكة معلنة في هذه الجرائم.
في الجانب الصحي، كشفت وزارة الصحة أن أكثر من 400 مريض كلى، أي ما يعادل 40% من إجمالي مرضى الكلى في القطاع، توفوا منذ بدء العدوان نتيجة نقص العلاج. وأكدت أن 11 مريضًا توفوا فقط منذ مطلع مارس، في ظل انهيار شبه كامل للمنظومة الصحية وغياب الأدوية والرعاية للمرضى المزمنين، الذين يقدّر عددهم بنحو 350 ألفًا، بينهم مرضى سكري وقلب وسرطان.
وفي تحذير صارخ من الانهيار التام، اتهم المفوض العام لوكالة “الأونروا”، فيليب لازاريني، سلطات الاحتلال الإسرائيلي باستخدام المساعدات الإنسانية كسلاح حرب وأداة عقاب جماعي، وقال: “غزة تحوّلت إلى أرض يأس، الجوع يتفشى، والدواء ممنوع، والعقاب جماعي”، متسائلًا: “كم نحتاج من كلمات إدانة جوفاء حتى نتحرك لإنقاذ ما تبقى من الإنسانية؟”.
وشدّد لازاريني على أن الأونروا لديها آلاف الشاحنات من المساعدات الجاهزة للدخول، لكن الاحتلال يمنعها، مؤكدًا أن المواد الأساسية توشك على انتهاء صلاحيتها، وأن منع المساعدات أصبح جزءًا من آلة الحرب الموجهة ضد أكثر من مليوني إنسان، معظمهم من النساء والأطفال.
وسط هذا المشهد الكارثي، لا تزال المجازر تتوالى، ولا يزال الصمت الدولي سيد الموقف، وبينما يستمر الضغط المتبادل والمساومات بين إسرائيل و”حماس”، تتعاظم معاناة المدنيين الذين يُقتلون مرة بالصواريخ، ومرة بالجوع، وأخرى بالمرض، وكأنهم محكومون بالإعدام من كل اتجاه. إنها وصمة في جبين الإنسانية، لن تُمحى.

المصدر: صحيفة البلاد

إقرأ أيضاً:

تصعيد أممي ضد فنزويلا.. واتهامات للحرس الوطني بارتكاب جرائم ضد الإنسانية

 خلصت بعثة لتقصي الحقائق تابعة للأمم المتحدة، الخميس، إلى أن الحرس الوطني البوليفاري في فنزويلا ارتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وجرائم ضد الإنسانية على مدى أكثر من عقد في استهداف معارضين سياسيين مع حصانة في أغلب الوقت من المحاسبة.

ويتضمن أحدث تقرير للبعثة المستقلة تفاصيل عن تورط الحرس الوطني البوليفاري في أعمال قد تشكل جرائم ضد الإنسانية، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية والعنف الجنسي والتعذيب خلال حملات قمع الاحتجاجات والاضطهاد السياسي لشخصيات بعينها منذ 2014 في عهد الرئيس نيكولاس مادورو.




وذكر التقرير أن الضحايا تم اختيارهم بسبب أنهم اعتبروا من المعارضين للحكومة.
وقالت مارتا فاليناس رئيسة البعثة "تظهر الحقائق التي وثقناها دور الحرس الوطني في نمط من القمع الممنهج والمنسق بحق المعارضين أو من ينظر إليهم على هذا النحو، وهو نهج استمر لأكثر من عقد".

ويأتي هذا التقرير في وقت يتصاعد فيه التوتر منذ أسابيع بين واشنطن وكراكاس حيث أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرارا إمكانية التدخل العسكري الأمريكي في فنزويلا لمكافحة تهريب المخدرات الذي يصفه بأنه "إرهاب المخدرات".

ويقول مادورو إن ترامب يحاول الإطاحة به ليتمكن من الوصول إلى احتياطيات فنزويلا الضخمة من النفط.

في سياق متصل، طالب الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو الأربعاء بـ"إنهاء التدخل غير القانوني والعنيف" للولايات المتحدة التي تنشر منذ آب/أغسطس قوة عسكرية كبيرة في الكاريبي والتي أعلنت الأربعاء مصادرة ناقلة نفط.

وقال مادورو: "من فنزويلا، نطالب ونُصرّ على إنهاء التدخل غير القانوني والعنيف لحكومة الولايات المتحدة في فنزويلا وأميركا اللاتينية".




منذ أشهر تعزّز إدارة ترامب الوجود العسكري للولايات المتحدة في البحر الكاريبي وقبالة سواحل أميركا اللاتينية، بداعي مكافحة المخدرات، مع اتهامها الرئيس الفنزويلي بتزّعم كارتيل للتهريب.

وتنفي كراكاس ذلك، وتتهم واشنطن بالسعي الى تغيير النظام في فنزويلا والسيطرة على احتياطياتها النفطية.

ومنذ أيلول/سبتمبر، دمّرت القوات الأمريكية أكثر من 20 زورقا يشتبه بأنها تستخدم في تهريب المخدرات في البحر الكاريبي وشرق المحيط الهادئ، بضربات أوقعت 87 قتيلا.

وقال مادورو "لا للنزعة التدخلية، لا لخطط زعزعة الاستقرار بهدف تغيير الأنظمة. لتركّز الحكومة الأميركية على حكم بلدها".

مقالات مشابهة

  • غوتيريش والصفدي يبحثان دعم الأونروا في ظل الكارثة الإنسانية بغزة
  • أونروا: إسرائيل ما زالت تمنعنا من إيصال المساعدات مباشرة لغزة
  • "مقاومة الجدار": قرار إقامة المستوطنات حرب إبادة للجغرافية الفلسطينية
  • مقاومة الجدار: قرار إقامة المستوطنات حرب إبادة للجغرافية الفلسطينية
  • المنخفض يعمّق جراح غزة.. 7 شهداء بالبرد وانهيار الجدران على خيام النازحين / شاهد
  • منظمة دولية: حماس ارتكبت جرائم ضد الإنسانية في غزة
  • العفو الدولية تتهم حماس بارتكاب "جرائم ضد الإنسانية"
  • الأمطار تغرق خيام النازحين في غزة وتفاقم الأزمة الإنسانية
  • تصعيد أممي ضد فنزويلا.. واتهامات للحرس الوطني بارتكاب جرائم ضد الإنسانية
  • 300 ألف أسرة متضررة.. منخفض جوي يفاقم الكارثة الإنسانية بغزة