شبكة انباء العراق:
2025-06-12@04:00:37 GMT

التكامل الجيلي

تاريخ النشر: 24th, April 2025 GMT

بقلم : د. سنان السعدي ..

يتفق الجميع ان هناك صراع ازلي بين الاجيال بسبب الاختلاف في التفكير وفي زخم الاندفاع بين الجيلين ففورة دماء الشباب تنعكس على سلوكياتهم في جميع مفاصل الحياة ومنها الحياة السياسية، على عكس من تجاوزوا مرحلة الشباب واصبحوا من المخضرمين في مجالات الحياة كافة، وهذا الاختلاف يبدأ من داخل الاسرة ومنها ينطلق الى المجتمع بشكل اوسع.

حتى تبلور هذا الصراع وتحول الى سلوك اقصائي سياسي او ما يعرف بالازاحة الجيلية التي تهدف الى ازاحة الطبقة السياسية المخضرمة لصالح الجيل الشاب الذي يحاول دخول المعترك السياسي وبقوة منذ سنوات.
يعد التكامل الجيلي في العمل السياسي من وجهة نظر الصرح الوطني، من الركائز الأساسية لبناء مجتمعات متوازنة ومستدامة. فالتجارب التاريخية أثبتت أن العمل السياسي الذي يقصي جيلًا لصالح آخر يفقد توازنه ويبتعد عن تحقيق التنمية الشامل وعليه، فإن تعزيز التعاون والتكامل بين الأجيال المختلفة من الشيوخ ذوي الخبرة إلى الشباب الحاملين لطموحات التغيير يشكل ضرورة وطنية ومجتمعية.
تتجلى أهمية التكامل الجيلي من وجهة نظر الصرح الوطني في كونه القناة التي تربط بين الخبرة والحداثة، وبين الماضي والمستقبل. فالأجيال الأكبر تمتلك رصيداً من الخبرات والمعرفة السياسية المتراكمة، فيما يتميز الشباب بالحيوية، والقدرة على التفاعل مع أدوات العصر الرقمي، والجرأة في الطرح والمبادرة. وعندما يتم الجمع بين هذين البعدين في إطار تشاركي، تتحقق بيئة سياسية أكثر نضجاً وأبتكاراً. كذلك يعطي التكامل الجيلي مرونة في المواقف المتغيرة، ففي ظل التحولات الاجتماعية والاقتصادية السريعة، تحتاج الأنظمة السياسية إلى تبني سياسات قابلة للتعديل. فالتكامل الجيلي يمكن الحكومات من استيعاب مطالب جديدة دون انهيار البنية الأساسية، لاسيما نحن اليوم نخوض في عالم السياسة المتسم بالتغيير السريع والتنوع الفكري، لذا نحن نؤمن بالتكامل الجيلي كاستراتيجية حيوية لتعزيز التماسك والمرونة في العمل السياسي.
رغم هذه الأهمية، إلا أن الواقع السياسي العراقي يعاني من فجوة بين الأجيال. يعود ذلك إلى أسباب عدة، منها النزعة نحو احتكار القرار من قبل النخب القديمة، مما ولد ردة فعل معاكسة تمثلت في اندفاع بعض الشباب لإقصاء من سبقوهم بدعوى “تجديد الدماء”. مما سوف يؤدي بالنتيجة الى نشوب صراعات لا تخدم العملية السياسية، بل تؤدي إلى مزيد من التشرذم والضعف المؤسسي.
لتحقيق التكامل الجيلي، ينبغي اتخاذ خطوات عملية، منها: تأسيس منصات حوار بين الأجيال، لتبادل الرؤى وبناء جسور ثقة. تمكين الشباب عبر منحهم فرصًا حقيقية للمشاركة السياسية، وليس مجرد حضور رمزي. تشجيع القيادة التشاركية داخل الأحزاب والمؤسسات، بحيث تبنى القرارات بتوافق الآراء لا وفقاً لهرمية صارمة. تطوير نظم التعليم السياسي بما يشمل سرد تجارب الجيل السابق وتحليلها بعين نقدية، وتقديمها كمصدر إلهام لا كمسلمات يجب الاخذ بها.
الخلاصة :
يرى حزب الصرح الوطني إن بناء مستقبل سياسي مستقر وعادل لا يمكن أن يتم دون وعي عميق بأهمية التكامل الجيلي. فالسياسة ليست حكراً على جيل دون آخر، بل هي مشروع وطني جامع، لا يكتمل إلا بتعاون الجميع. ولذلك، فإن الرهان على التكامل بين الطاقات الشابة وحكمة الشيوخ ليس خياراً، بل هو الطريق الوحيد نحو التغيير المستدام والنهضة الحقيقية.

سنان السعدي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

أحاديث نبوية أهملها الفقه السياسي الإسلامي (1)

حديث علي بن أبي طالب وتهافت خرافة التعيين والقرشية*

أخرج النسائي في “السنن الكبرى” (8210) عن عاصم بن ضمرة، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

“لو كنت مستخلفًا أحدًا على أمتي من غير مشورة لاستخلفت عليهم عبدالله بن مسعود”.

وقد صحح الحاكم في المستدرك هذا الحديث وقال: “صحيح الإسناد وإن لم يخرّجاه”، أي البخاري ومسلم. أما عاصم بن ضمرة، فقد وثّقه جمع من كبار أهل الحديث، كشيخ البخاري علي بن المديني، والعجلي، ويحيى بن معين، والترمذي، وغيرهم، رغم تشيّعه، وهو أمر لا يقدح في هذه الرواية، لأن مضمونها يتناقض مع أصول العقيدة الشيعية، فلا يعيب هذا الحديث أن يكون رجاله ثقات لدي السنة والشيعة بل يزيده قوة.

ولم ينفرد عاصم بن ضمرة بالرواية، بل ورد الحديث من طريق أبي زهير الحارث بن عبدالله، صاحب علي رضي الله عنه، كما في الترمذي (3809)، وابن ماجه (137)، وأحمد (566). ما يمنح الحديث قوة إضافية في السند والمتن. والحارث من أصحاب علي المتهمين بالتشيع، ويرى علماء نقد الحديث أن رواية عاصم عن علي بن أبي طالب اقوى من رواية الحارث.

*مضمون الحديث ودلالاته السياسية:*

يتضمن الحديث جملتين:

جملة شرطية: “لو كنت مستخلفًا أحدًا من غير مشورة…”

وجملة الجواب: “…لاستخلفت عبدالله بن مسعود”.

فالجملة الأولى تُسقِط مزاعم الوصية والتعيين الإلهي التي تروج لها التيارات الكهنوتية، وتؤكد أن مسألة الاستخلاف ليست حقًا فرديًا للرسول نفسه دون مشورة، فكيف بمن دونه؟

أما الجملة الثانية، فتهدم دعوى اشتراط القرشية في الإمامة، لأن ابن مسعود ليس من بطون قريش الكبرى ذات النفوذ السياسي آنذاك، وهذا يسقط شرط النسب.

لماذا أُهمل هذا الحديث؟

من خلال قراءات شروحات الحديث يتضح أن سبب الإهمال والتهوين من قيمة الحديث تعود إلى الوهم بوجود تعارض بين ظاهر الحديث مع خبر “الأئمة من قريش”، وهو حديث إخباري لا يتضمن أمراً تكليفياً، وقد وظّفه جمهور الفقهاء لتقييد الإمامة الكبرى بشرط النسب القرشي، حتى صار هذا التقييد عرفاً فقهياً متوارثاً، رغم تعارضه مع روح الشورى والمساواة التي أكدها النبي في هذا الحديث وغيره.

وقد حاول بعضهم إخراج الحديث عن سياق الإمامة الكبرى، وصرفه إلى تعيين أمراء السرايا أو قادة الغزوات، لكن الرواية صريحة: “على أمتي”، والاستحلاف على الأمة لا يكون إلا في شأن الحكم العام، أما التعيينات العسكرية أو الإدارية فليست موضع حديث هنا، خاصة أنها لم تكن تَشترط الشورى عادة.

*توافق مع أحاديث أخرى:*

لا يعارض هذا الحديث ما رُوي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:

“لو كنت مستخلفًا أحدًا لاستخلفت أبا بكر أو عمر”.

فالأحاديث تتكامل في سياق إظهار فضل الصحابة لا التعيين الملزِم، والرسول في الحالتين يقرر أنه لا يستخلف أحدًا على الأمة من غير شورى، ليبقى أمر الخلافة حقًا للأمة كلها، تمارسه بالشورى، لا بالوصية أو الاستحواذ العائلي.

*كشف الخرافة السياسية:*

مع اهمال هذه الأحاديث بدلالتها الواضحة تم الترويج لبعض الأحاديث النبوية بطريقة تعسفية لا علاقة لها بالنص النبوي ، كحديث الغدير “من كنت مولاه فهذا علي مولاه”، الذي ترويجه لتكريس خرافات التعيين الإلهي، وتحويل الولاء الديني إلى ولاية سياسية مغلقة على سلالة معينة، تمارس الحق الإلهي في الحكم وتُقصي الأمة وتُكفّر من يعارضها. تستبيح سفك الدماء والفساد في الأرض في سبيل هذا الحق الموهوم بينما حديث عبدالله بن مسعود يُفند هذا التصور من جذوره، ويؤكد أن حتى النبي لم يستخلف أحدًا من غير مشورة، فكيف بغيره؟

إن إعادة إحياء هذا الحديث اليوم، في زمن تتجدد فيه مشاريع الكهنوت السياسي واحتكار الحكم باسم الدين والنسب، هو واجب فقهي وفكري، واستدعاء صريح لروح الإسلام الأولى: شورى، وعدالة، ومساواة، لا استعباد باسم الغيب، ولا تكفير لمن يطلب حريته وحقه في أن يحكم نفسه بنفسه.

 

مقالات مشابهة

  • أحاديث نبوية أهملها الفقه السياسي الإسلامي (1)
  • وزارة العمل يُعلن توفير 500 منحة مجانية جديدة لتدريب الشباب
  • وزير العمل: 500 منحة مجانية لتدريب الشباب على مهن مطلوبة بسوق العمل
  • محافظ قنا لـ ممثلى المجتمع المدنى: الشراكة ركيزة التنمية المستدامة
  • العمل والرياضة تبحثان تعزيز دعم العمالة وتمكين الشباب
  • «جبران» و «صبحي» يبحثان تعزيز التعاون في دعم العمالة والتمكين الاقتصادي للشباب
  • وكيل «الشباب والرياضة» بالإسكندرية تتفقد ديوان المديرية وتتابع سير العمل خلال عيد الأضحى
  • البعثة الأممية تطلق مشاورات مع الشباب في نالوت حول العملية السياسية
  • وزيرا العمل والشباب يبحثان التعاون في التوظيف والتدريب المهني
  • جبران يبحث مع صبحي التوسع في برامج التدريب المهني وملتقيات التوظيف للشباب