أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، المسلمين بتقوى الله وعبادته، والتقرب إليه بطاعته بما يرضيه وتجنب مساخطه ومناهيه.

بـ11 ابتلاءً.. خطيب المسجد الحرام: الدنيا دار امتحان يبتلى فيها المؤمنخطيب المسجد الحرام: الموت حق لا يرده مال أو سلطان كتبه الله على الجميع

وقال الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، "اتقوا الله رحمكم الله، طهروا قلوبكم قبل أبدانكم، وألسنتكم قبل أيديكم، عاملوا الناس بما ترون لا بما تسمعون، اسمعوا من إخوانكم قبل أن تسمعوا عنهم ظنوا بإخوانكم خيرًا، واتقوا شر ظنون أنفسكم، ومن أدب الفراق دفن الأسرار، من أغلق دونكم بابه فلا تطرقوه، واكسبوا إخوانكم بصدقكم لا بتصنعكم، وكل ساق سيسقى بما سقى: (وَقُل لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَعُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوا مُّبِينًا).

وأضاف الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، أن الإيمان والعبادة، وعمارة الأرض، وإصلاحها أركان متلازمة، والمسلم يقوم بالإعمار قربة لله ونفعًا لنفسه ولعباده، فيستثمر في كل ما ينفع العباد والبلاد، الإيمان فينا مقرون بالعمل الصالح، والقراءة مقرونة باسم الله مستشهدًا بقوله تعالى (أقرأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)، والعلم مربوط بخشية الله، والإيمان هو قائد العقل حتى لا يطغى العقل فيعبد نفسه، والإيمان هو الضابط للعلم حتى لا تؤدي سلبياته إلى اضطراب تنهار معه البشرية.

وأفاد الشيخ بن حميد أن القرآن الكريم تكلم عن الأمم السابقة، وما وصلت إليه من القوة، والبناء، والإعمار، ثم بين ما كان من أسباب هلاكها وفنائها من أجل أن نعرف سنته سبحانه، فقد أخبر عن عظمة ما وصل إليه قوم عاد، فقال جل وعلا: (إرم ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا في البلاد)، مما يدل على عظمتها، وجمالها، وتقدمها، ولكنه في مقام آخر، قال جل وعلا: ﴿ فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ )، غرتهم قوتهم وكذبوا رسل الله، وتنكروا لدعوة الإيمان استكبارًا وجحودًا، ومن أعرض عن ذكر الله يبقى مرتكسًا في الظلمات مهما أوتي من العلوم والقوى، حيث خاطب الله نبيه محمدًا- صلى الله عليه وسلم - بقوله: ﴿ كِتَبُ أَنزَلْتَهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ )، وقال جل وعلا: ﴿ هُوَ الَّذِي يُنزِلُ عَلَى عَبْدِهِ وَايَتٍ بَيِّنَتِ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)، فالقوة والعزة بالإيمان والتقوى، والانتصار والبقاء بتعظيم شعائر الله، والعلوم مهما كانت قوتها، والصناعات مهما بلغت مخترعاتها وتقنياتها فإنها لا تجلب حياة سعيدة، ولا طمأنينة منشودة.

وبين الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، أن الدين الإسلامي ليس ذمًا للعلوم واكتشافاتها، ولا للصناعاتها وأدواتها، ولا للمخترعات وتطويرها، ولا تنقصا من مكانتها وقيمتها، وإنما هو التأكيد على أنه لا بد من نور الوحي لتزكية النفوس، وهداية البشرية، واستنارة الطريق.

وأشار إمام وخطيب المسجد الحرام إلى أن الازدها الذي أحرزته التراكمات المعرفية من بيت اللبن والطين إلى ناطحات السحاب وشاهقات المباني، وما حصل في وسائل النقل عبر التاريخ من التحول من ركوب الدواب إلى امتطاء الطائرات مرورًا بالسيارات والقاطرات، وفي بريد الرسائل: من الراجل والزاجل إلى البريد الرقمي، كل ذلك على عظيم اختراعه وعلى جماله، والراحة في استعماله لكنه لم يقدم البديل عن الإيمان، وتزكية النفس واحترام الإنسان، وتأملوا ذلك -حفظكم الله- في ميدان الأخلاق، وحقوق الإنسان، وضحايا الحروب، والتشريد، والتهجير، والفقر، والتسلط، والاستبداد، واضطراب المعايير.
وأوضح فضيلته أن القوة الحقيقة هي الربط بين الإيمان والأخذ بالأسباب، وليس التعلق بالأسباب وحدها، لأن الرب سبحانه هو رب الأرباب، ومسبب الأسباب ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، بيده الأمر كله، وإليه يرجع الأمر كله، ومن ثم فإن صدق التوكل على الله هو المدد الحقيقي في كل مسارات الحياة ودروبها، بل التوكل عليه سبحانه هو معيار الإيمان (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ)، والعزة الله ولرسوله وللمؤمنين، ونور الوحي أعظم النور وأعلاه وأغلاه، وعلى المؤمن أن يعرف قيمته ومنزلته وقوته، ولا يستصغر نفسه أمام الماديات، أو يشعر بالحرج تجاهها.

وأبان الشيخ بن حميد أن الإيمان هو القائد للعقل، وهو الحامي للعلم، وحين ينفصل العقل عن الإيمان ينهار العمران البشري، وحين يعبث العقل بالعلم تنهار الحواجز بين الحق، والباطل، والصالح، والفاسد، والظلم والعدل، وتضطرب المعايير، وتتحول السياسات من سياسات مبادئ إلى سياسات مصالح، وبالعلم والإيمان يستقيم العمران، وتسير القاطرة على القضبان، والله غالب على أمره.

وأفاد إمام وخطيب المسجد الحرام أن بناء العمران وانهياره مرتبط بالإنسان، فالله سبحانه استخلف الإنسان ليقوم بعمارة الأرض، ومن ثم فإن أسباب تقدم المجتمع وتأخره يعود -بإذن الله- إلى الإنسان نفسه، فالتغيير في الخارج لا يكون إلا حين يكون التغيير في النفوس (وإِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيْرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)، وسنة الله أن الصالح يبقى لان فيه نفعًا للبشرية، وغير الصالح لا يبقى لأنه لا نفع فيه، واعلموا أن الصلاح لا يكون إلا بالإيمان الصحيح، فهو الذي يطبع النفوس على الصدق، والإخلاص، والأمانة، والعفاف، ومحاسبة النفس، وضبط نوازعها، وإيثار الحق، وسعة النظر، وعلو الهمة، والكرم، والتضحية والتواضع، والاستقامة، والقناعة، والسمع والطاعة، والتزام النظام.

طباعة شارك المسجد الحرام صالح بن عبدالله بن حميد الإيمان عمارة الأرض

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: المسجد الحرام الإيمان عمارة الأرض المسجد الحرام

إقرأ أيضاً:

«الشؤون الإسلامية» تعرض فعاليات التصفيات النهائية لمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية للقرآن عبر شاشات عملاقة

عرضت وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد فعاليات التصفيات النهائية لمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم وتلاوته وتفسيره في دورتها الخامسة والأربعين، عبر شاشات عرض عملاقة، والمقامة في رحاب المسجد الحرام، حيث تُبث تلاوات المشاركين مباشرة أمام الزوار والحضور، مع عرض تفاصيل الجلسات ومعلومات المتسابقين بدقة ووضوح.

وتسهم الشاشات الرقمية، التي تنقل التلاوات عبر بث مباشر، في إثراء تجربة الحضور من خلال عرض صفحات المصحف أثناء التلاوة، إلى جانب معلومات تفصيلية عن كل متسابق تشمل اسمه، ودولته، والفرع الذي يشارك فيه، مما يعزز التفاعل مع مجريات المسابقة ويتيح متابعة دقيقة لمستوى الأداء.

وخصصت الوزارة قاعة مستقلة للنساء، مجهزة بكامل الاحتياجات والأدوات التي تتيح للمرافقات وقاصدات المسجد الحرام متابعة مجريات التصفيات النهائية بكل يسر وسهولة.

وتأتي هذه الخطوة في إطار حرص الوزارة على توظيف التقنيات الحديثة لخدمة القرآن الكريم ومواكبة التطورات الرقمية، بما يتماشى مع رؤيتها في تطوير الأعمال وتحسين جودة الخدمات المقدمة خلال المناسبات القرآنية الكبرى، لاسيما هذه المسابقة الدولية التي تُنظم سنويًا برعاية ملكية كريمة، وتُعد من أعرق المسابقات القرآنية على مستوى العالم.

الجدير بالذكر أن التصفيات النهائية للمسابقة في دورتها الـ45 افتتحها يوم السبت الماضي معالي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، الشيخ الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ، وتقام في رحاب المسجد الحرام بمشاركة 179 متسابقاً يمثلون 128 دولة من مختلف أنحاء العالم.

#بث_مباشر |

التصفيات النهائية لـ #مسابقة_الملك_عبدالعزيز_الدولية في دورتها الـ 45

اليوم الرابع | الفترة الصباحيةhttps://t.co/eW1U4BNrEf

— مسابقة القرآن الكريم المحلية والدولية (@quran_gov) August 12, 2025 المسجد الحراموزارة الشؤون الإسلاميةأخبار السعوديةمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآنالتصفيات النهائية لمسابقة الملك عبدالعزيزقد يعجبك أيضاًNo stories found.

مقالات مشابهة

  • ملتقى الجامع الأزهر: الإيمان واليقين سبب صمود المسلمين في غزوة مؤتة.. وغزة اليوم تعيد المشهد
  • "شؤون الحرمين" تحث على الالتزام بالزي اللائق عند زيارة المسجد الحرام
  • قاصدو المسجد الحرام يثمّنون جهود السعودية في تنظيم المسابقات القرآنية
  • قاصدو المسجد الحرام يثمّنون جهود المملكة في تنظيم المسابقات القرآنية
  • قاصدو المسجد الحرام يوثقون مشاهد مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية للقرآن الكريم بالهواتف ويبثونها لذويهم حول العالم
  • تعلن محكمة شرق ذمار أن على المدعى عليه حميد صالح المكلي الحضور إلى المحكمة
  • مشاركون في مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن: إقامة التصفيات النهائية في رحاب المسجد الحرام وبجوار الكعبة وسام شرف للمتسابقين
  • مشاركون في مسابقة الملك عبدالعزيز لحفظ القرآن: إقامة التصفيات في رحاب المسجد الحرام وبجوار الكعبة وسام شرف
  • «الشؤون الإسلامية» تعرض فعاليات التصفيات النهائية لمسابقة الملك عبدالعزيز الدولية للقرآن عبر شاشات عملاقة
  • 5 أيام.. تفاصيل إقامة دورة "فقه السنة الميسر" في المسجد الحرام