قالت صحيفة تلغراف إن تعليق الهند لمعاهدة المياه الرئيسية مع جارتها باكستان أدى إلى تصاعد التوتر بين الدولتين النوويتين، وحذرت إسلام آباد من أن ذلك قد يكون إعلانا للحرب.

وأوضحت الصحيفة -في تقرير بقلم مراسلها الأول للشؤون الخارجية رولاند أوليفانت- أن نهر السند الذي شهد ولادة إحدى أقدم الحضارات وأكثرها غموضا على وجه الأرض، وأوقف تقدم الإسكندر الأكبر، ويدعم اليوم بعضا من أكثر مدن العالم اكتظاظا بالسكان، قد يشعل الحرب العالمية الثالثة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كاتب أميركي: ترامب يدمر 100 عام من الميزة التنافسية الأميركية في 100 يومlist 2 of 2يسرائيل هيوم: هكذا سرق الموساد وثائق إيران النوويةend of list

بدأ كل شيء -حسب الصحيفة- عندما أعلنت الحكومة الهندية تعليقها المؤقت للمعاهدة التي تنظم استخدام مياه النهر ردا على هجوم أودى بحياة 26 سائحا في الجزء الخاضع لسيطرتها من كشمير، وفورا حذرت باكستان التي يعد الأمر بالنسبة لها وجوديا من أن ذلك قد يكون إعلانا للحرب.

تبادل البلدان تعليق التأشيرات، وأوقفت باكستان جميع التعاملات التجارية مع الهند، وطردت عددا كبيرا من الملحقين العسكريين الهنود من البلاد، في حين أغلقت الهند معبر أتاري واجاه بين البلدين وخفضت مستوى العلاقات الدبلوماسية.

وتعهد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي على نحو ينذر بالسوء -حسب وصف الصحيفة- بملاحقة المسؤولين عن الهجوم في كشمير "حتى أقاصي الأرض"، وقال "أقول للعالم أجمع: ستحدد الهند كل إرهابي وداعمه وتتعقبه وتعاقبه".

إعلان مسألة حياة أو موت

يقول هيمانشو ثاكار، مدير شبكة جنوب آسيا للسدود والأنهار والشعوب ومقرها دلهي، إن "المعاهدة بالنسبة إلى الهند التي تقع أعلى النهر ليست ذات أهمية كبيرة. هذه الاتفاقيات أكثر أهمية عموما لدول المصب مثل باكستان. إنها مسألة حياة أو موت"، لأنها "شريان الحياة لباكستان في حياتها الزراعية والغذائية. ولهذا السبب وصفوها بأنها عمل حربي".

وبالفعل دارت معارك بين الهند وباكستان على المياه منذ استقلالهما عام 1947، لأن الحدود التي نشأت عن التقسيم قطعت نهر السند الذي تمركزت دولة باكستان الجديدة حوله وتعتمد عليه للحصول على المياه خارج موسم الأمطار، كما قطعت 5 من روافده الرئيسية، وهذا أحد أسباب اندلاع الحرب بين البلدين فورا على كشمير التي يتدفق عبرها نهر السند قادما من الصين.

ولذلك أصبح تأمين منابع نهر السند أمرا بالغ الأهمية. وفي عام 1960، بعد سنوات من المفاوضات المتوترة التي توسط فيها البنك الدولي، دخلت معاهدة مياه نهر السند حيز التنفيذ، ومنحت الهند حقوقا كاملة في استخدام الروافد الغربية الثلاثة، لكنها ضمنت لباكستان تدفق المياه من نهر السند نفسه ورافديه الشرقيين، جيلوم وتشيناب، اللذين يشكلان معظم مياهه.

واعتبرت معاهدة نهر السند "ركيزة للاستقرار"، كما يقول ديفيد ميشيل من مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، الذي صاغ لمجتمع الاستخبارات الأميركي عام 2012 مراجعة للنزاعات المحتملة على المياه، وقال إنها أقرب لتسوية طلاق منها لاتفاقية تعاون، إذ تقسم الحوض نصفين، وهي ليست مرنة ولا ملائمة للتحديات الجديدة لتغير المناخ، لأنها لا تعالج المياه الجوفية ولا جودة المياه ولا ذوبان الجليد، ولكنها صمدت بعد حربين والعديد من النزاعات الصغيرة.

تصعيد غير مسبوق

سمح للهند ببناء بعض السدود وسحب بعض المياه من المناطق الواقعة أعلى النهر، ولكن بشروط صارمة وبالتنسيق مع باكستان، غير أن حكومة مودي كانت تفكر في استهداف هذه الاتفاقية منذ مدة، وأعلن مودي بعد هجوم في كشمير عام 2016 أن "الدم والماء لا يجتمعان"، وكرر هذا التهديد بعد هجوم آخر عام 2019.

إعلان

ورغم الحروب وسباق التسلح النووي، فإن الوفود الهندية والباكستانية واصلت الاجتماع كل عام لمراجعة مستويات المياه وتبادل البيانات حول هطول الأمطار وتدفق الأنهار، والتشاور، ولكن نيودلهي أعلنت رغبتها عام 2023 في إعادة التفاوض على المعاهدة، وقالت إنها ستعلق الاجتماعات السنوية للجنة مياه نهر السند.

ورأت الصحيفة في تجميد المعاهدة خطوة تدريجية، وقالت إنه لا يوجد زر يستطيع مودي الضغط عليه لتقليل تدفق المياه إلى باكستان، وقد يستغرق إنشاء بنية تحتية قادرة على ذلك عقدا من الزمن، ولكن الهند لا تعدمها الحيل، ويقول تاهكار إن تجاهل قواعد المعاهدة المتعلقة "بتنظيف الطمي" قد يستخدم لإحداث فوضى في مجرى النهر على المدى القصير.

ومع أن الهند وباكستان كانتا على خلاف دائم، فإن قرار مودي تعليق المعاهدة يمثل تصعيدا غير مسبوق، لأن معاهدة المياه أصبحت مع الزمن جزءا من شبكة معقدة من التفاهمات المكتوبة وغير المكتوبة التي نظمت العلاقات.

فقد أنشأ الجيشان رغم تبادلها القصف نوعا من التنسيق يسنده منطق الردع النووي، إذ حصلت الهند على القنبلة عام 1974 وباكستان عام 1998، وبالتالي كان الصراع منظما بشكل جيد نسبيا، إلا أن هناك خوفا الآن من أن تنهار جميع هذه الضمانات.

حروب المياه

وذكرت الصحيفة أن حروب المياه متعددة في العالم، مشيرة إلى وادي نهر الأردن الذي تسحب كميات هائلة منه قبل بلوغه المصب عند البحر الميت، كما أشارت إلى نهر النيل الذي تعتمد السودان ومصر اعتمادا شبه كامل عليه.

ومثلت الصحيفة بنظام نهري دجلة والفرات اللذين تتهم سوريا والعراق تركيا باستغلال سيطرتها على منابعهما لممارسة ضغوط سياسية، وكذلك أشارت إلى نظام نهر الميكونغ الذي تعمل الصين على بناء بنية تحتية للطاقة الكهرومائية على حصتها وحصة جيرانها مثل لاوس وميانمار، مما أثار قلق فيتنام وكمبوديا وتايلند.

إعلان

ولكن المعلقين في الصحف الهندية لم يفتهم التشابه بين موقع باكستان بالنسبة للهند وموقع بلدهم بالنسبة للصين، وحذروا من إرساء سابقة باحتجاز أنهار باكستان رهينة، لعدم إعطاء الصين حليفة باكستان أي فكرة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات نهر السند

إقرأ أيضاً:

الخارجية الأوكرانية: من المبكر الحديث عن جولة مفاوضات ثالثة مع روسيا

قال المتحدث باسم الخارجية الأوكرانية جورجي تيخي اليوم الثلاثاء إنه من المستبعد الحديث عن جولة مفاوضات ثالثة مع الجانب الروسي في ظل تعقد اتمام المرحلة الثانية من تبادل الأسرى بين البلدين.

ونجحت المرحلة الأولى من تبادل الأسرى بين الجانبين التي شملت إطلاق سراح الجنود دون سن 25 عاما، والمرحلة الثانية كانت تتطلب تسليم جثث المقاتلين الأوكرانيين لدى روسيا.

وتستضيف تركيا عملية التفاوض من أجل وقف إطلاق النار، ولو بشكل مؤقت بين الطرفين خلال تبادل الأسرى لكن تصاعدت وتيرة الهجمات العسكرية بين الطرفين عندما بدأت موسكو في الرد بمهاجمة كييف بواسطة صواريخ متوسطة المدى من طراز أوريشنيك عقب الهجوم الأوكراني الكبير على المطارات الروسية، وذلك قبل عقد لقاء مفاوضات السلام بين الطرفين.

وكانت الدول الوسيطة تأمل في عملية السلام الأوكرانية الروسية من عقد جولة مفاوضات ثالثة لإنهاء الحرب في اتجاه آخر وقالت روسيا إن أوكرانيا هي من ترفض استلام جثث مقاتليها. 

طباعة شارك الخارجية الأوكرانية جورجي تيخي جولة مفاوضات ثالثة تبادل الأسرى روسيا المقاتلين الأوكرانيين

مقالات مشابهة

  • الخارجية الأوكرانية: من المبكر الحديث عن جولة مفاوضات ثالثة مع روسيا
  • زيلينسكي: أوكرانيا تواجه وضعا قد يتصاعد إلى حرب عالمية ثالثة
  • باكستان تتجه لزيادة الإنفاق الدفاعي بعد شهر من مواجهة مع الهند
  • صوفان: وجود شخصيات على غرار فادي صقر ضمن هذا المسار له دور في تفكيك العقد وحل المشكلات ومواجهة المخاطر التي تتعرض لها البلاد.. نحن نتفهم الألم والغضب الذي تشعر به عائلات الشهداء، لكننا في مرحلة السلم الأهلي مضطرون لاتخاذ قرارات لتأمين استقرار نسبي للمرحلة
  • باكستان ترفع ميزانية الدفاع على حساب الدعم الاجتماعي وسط تصاعد التوترات مع الهند
  • العامل الهندي: مآلات التقارب المُتزايد بين باكستان وتركيا
  • ترامب عن أحداث لوس أنجلوس: "لا أريد حربا أهلية"
  • باكستان تطلب تدخلًا دوليًا لردع التصعيد الهندي
  • هل بات تحالف باكستان وتركيا وأذربيجان بمواجهة الهند وأرمينيا وإيران؟
  • إعلام بريطاني يسلط الضوء على مدينة فاس