في ضوء التوجهات الاستراتيجية للدولة المصرية نحو تعزيز دور البحث العلمي وربطه بالصناعة، تسعى الجامعات المصرية، وعلى رأسها جامعة حلوان، إلى إحداث طفرة حقيقية في ربط الأبحاث العلمية بالتطبيقات العملية داخل المصانع والشركات، بما يسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية المستدامة.

 ومن هذا المنطلق، تبذل كلية العلوم بجامعة حلوان، بقيادة  الدكتور مجدي الحجري، وتحت رعاية الدكتور السيد قنديل رئيس جامعة حلوان والدكتور عماد أبو الدهب نائب  رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث والدكتور حسام الرفاعي نائب رئيس الجامعة لشئون التعليم والطلاب، هناك جهودًا مكثفة لتعزيز التعاون مع المؤسسات الصناعية، وتطوير البرامج الدراسية بما يتماشى مع متطلبات سوق العمل المحلي والعالمي.

وفي حوار خاص لـ "الفجر"، كشف الدكتور مجدي الحجري، عميد كلية العلوم بجامعة حلوان، عن ملامح خطة الكلية للمرحلة المقبلة، والتي ترتكز على عدة محاور رئيسية، أبرزها: فتح آفاق جديدة للتعاون البحثي مع القطاع الصناعي، تطوير البرامج الأكاديمية بما يتواكب مع أحدث المستجدات العلمية، وتوسيع فرص التدريب العملي للطلاب داخل بيئات العمل الحقيقية.

 كما تحدث عن الاستعدادات الجارية لعقد المؤتمر العلمي الدولي الثالث للكلية تحت عنوان "العلوم والبيئة"، والذي يأتي مواكبًا للأولويات الوطنية والعالمية في مجال مواجهة التحديات البيئية.

الحوار تناول كذلك استعراض تاريخ الكلية، وأبرز إنجازاتها الأكاديمية والبحثية، بالإضافة إلى خططها المستقبلية لتخريج كوادر علمية قادرة على الإسهام بفاعلية في خدمة المجتمع والصناعة.


بداية.. كيف ترى أهمية ربط البحث العلمي بالصناعة؟

ربط البحث العلمي بالصناعة لم يعد ترفًا بل ضرورة ملحة لتحقيق التنمية المستدامة. طوال الثلاثين أو الخمسة والثلاثين عامًا الماضية، كانت هناك محاولات عديدة من جانبنا كأكاديميين للتواصل مع المصانع والشركات، خاصة في منطقة حلوان الصناعية، لعرض خدماتنا البحثية والتطبيقية. 

كنا نطلب منهم أن يطلعونا على التحديات التي يواجهونها لنضع لها حلولًا علمية، لكن للأسف، كثيرًا ما قوبلنا بتردد أو عزوف عن التعاون. اليوم، الوضع تغير بشكل جذري، وأصبح هناك إقبال حقيقي من بعض الشركات للاستفادة من خبرات الكلية وأبحاثها.

هل يمكنك إطلاعنا على ملامح هذا التعاون الجديد مع القطاع الصناعي؟

بالفعل، تواصلت معنا إحدى الشركات الصناعية الكبرى، وعرضت علينا بعض المشكلات الفنية التي تواجهها داخل المصنع. رحبنا كثيرًا بهذه الخطوة، وبدأنا في إعداد أبحاث علمية تطبيقية لحل تلك المشكلات. الأهم من ذلك، أن الشركة فتحت أبوابها أيضًا لاستقبال طلاب الدراسات العليا لدينا لإجراء أبحاث الماجستير والدكتوراه داخل بيئة العمل الحقيقية، مما يعزز جودة الأبحاث ويربطها ارتباطًا وثيقًا بالتطبيق العملي.

ما أهمية مشاركة الطلاب في هذا التعاون؟

أرى أن مشاركة الطلاب في البحث الميداني داخل المصانع يمثل نقلة نوعية في تأهيلهم لسوق العمل. الطالب الذي يكتفي بالدراسة النظرية دون ممارسة عملية، يجد صعوبة لاحقًا في التكيف مع متطلبات المهنة. 

أما إذا أتيحت له فرصة التدريب الحقيقي داخل بيئة صناعية، فسيتخرج وهو يملك خبرة عملية حقيقية. الأمر شبيه بتدريب طلاب الطب في المستشفيات، حيث لا يكفيهم حضور المحاضرات بل يجب أن يباشروا العمل في غرف العمليات والعيادات.

هل عانى طلاب الكلية سابقًا في الحصول على فرص تدريب ميداني؟

نعم، كانت هناك معاناة حقيقية. كنا نصطدم برفض بعض الشركات استقبال الطلاب، أو تحديد فترة تدريب قصيرة للغاية، لا تتعدى أسبوعًا أو أسبوعين، في حين أن اللوائح الجامعية تنص على ضرورة تدريب الطالب لمدة لا تقل عن أربعة أسابيع. أما اليوم، ومع هذا التعاون الجديد، أصبح لدينا فرصة ذهبية لتوفير تدريب ميداني حقيقي وفاعل، مما سينعكس إيجابًا على مستوى خريجينا وكفاءتهم.

ما الخطوات التي ستتخذونها لضمان استمرارية هذا التعاون؟

نعمل حاليًا على توقيع بروتوكول تعاون رسمي مع الشركة يشمل عدة محاور، منها التدريب الميداني للطلاب، والإشراف المشترك على رسائل الدراسات العليا، وتنظيم ورش عمل وندوات علمية مشتركة، بالإضافة إلى فتح مجالات للبحث العلمي التطبيقي المشترك بما يخدم الصناعة.

ننتقل للحديث عن كلية العلوم بجامعة حلوان.. ماذا عن نشأتها وأقسامها الأكاديمية؟

كلية العلوم بجامعة حلوان تأسست عام 1983، وتضم ستة أقسام علمية رئيسية هي: الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء، النبات والميكروبيولوجي، علم الحيوان، والجيولوجيا. تقدم الكلية 18 برنامجًا في مرحلة البكالوريوس ضمن المسار التقليدي، بالإضافة إلى ثلاثة برامج متميزة ذات مصروفات خاصة، وهي: التكنولوجيا الحيوية الجزيئية، والمناعة والوراثة التطبيقية، والبترول والمعادن. أما على مستوى الدراسات العليا، فلدينا 18 برنامجًا للماجستير و18 برنامجًا للدكتوراه تغطي مختلف التخصصات العلمية الدقيقة.

ماذا عن قوة الكادر الأكاديمي والبنية البحثية بالكلية؟

نعتز بوجود هيئة تدريسية متميزة تضم ما بين 350 إلى 380 عضوًا، معظمهم تلقوا دراساتهم العليا في جامعات مرموقة في أوروبا وأمريكا واليابان. لدينا كذلك معامل بحثية حديثة تدعم الأبحاث العلمية، إلى جانب حصول عدد من أساتذتنا على جوائز علمية مرموقة مثل جوائز الدولة التشجيعية وجوائز النيل.

إلى أي مدى تنافس الكلية الجامعات الكبرى في مصر؟

على الرغم من قربنا من جامعات عريقة مثل جامعة القاهرة وعين شمس، إلا أننا تمكنا من إثبات وجودنا بقوة، لا سيما في التخصصات الدقيقة للعلوم الأساسية. نقدم برامج أكاديمية وبحثية عالية الجودة تواكب أحدث الاتجاهات العلمية العالمية.

علمنا أن الكلية تستعد لعقد مؤتمر علمي دولي.. حدثنا عن تفاصيله.

بالفعل، نحن نستعد حاليًا لتنظيم الدورة الثالثة من المؤتمر العلمي الدولي للكلية يومي 13 و14 أكتوبر المقبل. المؤتمر هذا العام سينعقد تحت عنوان "العلوم والبيئة"، وسيناقش قضايا ملحة مثل التغيرات المناخية، البصمة الكربونية، التلوث البيئي، وغيرها من التحديات البيئية. المؤتمر يحظى برعاية كريمة من معالي الأستاذ الدكتور أيمن عاشور، وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والسيد الأستاذ الدكتور السيد قنديل، رئيس جامعة حلوان.

ما الذي يميز هذا المؤتمر عن الدورات السابقة؟

نظمنا أول مؤتمر علمي منذ عامين تحت شعار "العلوم والاستدامة"، ثم العام الماضي تناولنا "العلوم في خدمة الصناعة" مع التركيز على صناعة الأسمنت، وحققنا نجاحًا ملحوظًا بمشاركة نخبة من الشركات الكبرى. هذا العام، نظرًا للاهتمام العالمي والمحلي بقضايا البيئة، قررنا تخصيص المؤتمر لموضوع "العلوم والبيئة"، وسنعمل على طرح حلول علمية لمواجهة التحديات البيئية الراهنة.

ما رسالتكم للباحثين والطلاب بمناسبة هذا المؤتمر؟

أدعو جميع الباحثين والطلاب للمشاركة بفعالية في المؤتمر، سواء من خلال تقديم أوراق بحثية أو الحضور والمناقشة، لأن قضايا البيئة تمس حياة الجميع. كما أؤكد أن البحث العلمي التطبيقي أصبح ضرورة لتحقيق التنمية، وأننا جميعًا مطالبون بتوظيف علمنا لخدمة المجتمع والبيئة.

في ختام حوارنا مع الأستاذ الدكتور مجدي الحجري، عميد كلية العلوم بجامعة حلوان، تتضح الرؤية بجلاء: هناك إرادة حقيقية وخطة طموحة لربط البحث العلمي بالصناعة، ليس كشعارات بل عبر خطوات عملية واضحة بدأت تؤتي ثمارها بالفعل.
من خلال التعاون مع المصانع والشركات، وتحديث البرامج الأكاديمية، وتدريب الطلاب داخل بيئات العمل الحقيقية، تواصل الكلية سعيها نحو تخريج كوادر علمية قادرة على قيادة قاطرة التنمية وخدمة المجتمع بفاعلية.

كما يعكس تنظيم المؤتمر العلمي الدولي الثالث "العلوم والبيئة" إيمان الكلية العميق بأن العلم هو الوسيلة الأهم لمواجهة التحديات البيئية والاقتصادية معًا.
وفي ظل دعم قيادة الجامعة واهتمام الدولة بالبحث العلمي التطبيقي، تبقى كلية العلوم بجامعة حلوان نموذجًا للمؤسسة الأكاديمية الطموحة التي تجمع بين الأصالة والتجديد، بين النظريات والتطبيقات، لتسهم بدور فاعل في تحقيق رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: جامعة حلوان بروتوكول تعاون المؤسسات الصناعية المؤتمر العلمي الدولي مواجهة التحديات تحقيق التنمية المستدامة دعم الاقتصاد الوطني رئيس جامعة حلوان کلیة العلوم بجامعة حلوان البحث العلمی بالصناعة التحدیات البیئیة الدراسات العلیا هذا التعاون جامعة حلوان

إقرأ أيضاً:

محافظ المنيا يتفقد مشروع المجمع السكني بديل عمارات الإيواء.. التسليم أكتوبر المقبل.. والمحافظ: خطوات جادة من الدولة للقضاء على المناطق غير الآمنة

تفقد اللواء عماد كدواني، محافظ المنيا اليوم  الاثنين، الأعمال الإنشائية لمشروع المجمع السكني بديل عمارات الإيواء بمنطقة السلخانة بحي جنوب مدينة المنيا، لمتابعة سير العمل بالموقع، والوقوف على نسب التنفيذ والتجهيزات الجارية، وذلك ضمن خطة المحافظة لتحقيق تنمية حضارية شاملة والقضاء على مناطق الإيواء غير الآمنة ، وتنفيذا لتوجيهات القيادة السياسية بتوفير سكن آمن للأسر الأولى بالرعاية في قرى ومدن مصر، وإنشاء مناطق حضارية مطورة كبديل للمساكن غير الآمنة.

وخلال الجولة، أوضح المحافظ أن ما نشهده اليوم على أرض الواقع يؤكد أن "تطوير المناطق غير الآمنة وغير المخططة" أصبح واقعاً ملموساً، عقب اتخاذ الدولة  المصرية خطوات جادة للقضاء على المناطق الخطرة وإعادة تطويرها وبناء ملايين الوحدات السكنية لتوفير حياة كريمة للمواطنين، وتحسين مستوى الخدمات السكنية والمعيشية للفئات الأكثر احتياجًا ، موضحًا أنه تم بالفعل الانتهاء من إحلال وتجديد 9 عمارات سكنية ضمن المرحلة الأولى، فيما يجري استكمال خطة التطوير بميزانية جديدة تم توفيرها لاستكمال باقي مراحل المشروع.

تناولت مسكنات.. نقل طالبة بالثانوية العامة للمستشفى بعد تعرضها للاغماء بالمنيامحافظ المنيا: مبادرة سكن كريم تعزز مكتسبات حياة كريمة وتوفر بيئة آمنة للأسر الأولى بالرعايةتحرير 63 محضرًا خلال حملة على المحال العامة والتجارية في المنيا

وحرص اللواء كدوانى على تفقد المنطقة بالكامل للوقوف على حالة العمارات قبل وبعد أعمال التطوير، مستوى التشطيبات النهائية للوحدات السكنية من الداخل، مستمعاً إلى شرح تفصيلي حول المشروع ، حيث بدأت الاعمال الانشائية للوحدات في اكتوبر 2024 بمعدلات تنفيذية متقدمة تسبق الجدول الزمنى المخطط له على أن يتم تسليم المشروع بالكامل اكتوبر القادم 2025، لافتاً إلى أن المشروع يقام على مساحة مخصصة بحي جنوب المنيا ، بتكلفة تقارب 133 مليون جنيه، ويضم إنشاء 9 عمارات بواقع 184 وحدة سكنية متكاملة المرافق، بمساحات مناسبة (غرفتين وصالة ومطبخ وحمام)، إلى جانب 66 محلًا تجاريًا في الطابق الأرضي، بما يسهم في دعم الأنشطة الاقتصادية لأهالي المنطقة وخلق فرص عمل جديدة.

وأشار المحافظ إلى أن المشروع يستهدف إقامة مجتمع عمراني متكامل وآمن، وتحقيق تنمية مجتمعية من خلال توفير السكن والفرص الاقتصادية بديلًا عن عمارات الإيواء القديمة، مؤكداً أن الأيام المقبلة ستشهد استكمال تطوير باقي عمارات الإيواء بحي جنوب، لتصل إلى 21 عمارة اخرى ، ضمن خطة طموحة لتوفير سكن كريم يليق بالمواطن المصري، مشددًا على ان يكون التطوير قائما على التخطيط الجيد، مع  الالتزام بالجدول الزمني المحدد ومواصفات الجودة القياسية في التنفيذ، ومتابعة الأعمال ميدانيًا لضمان سرعة الإنجاز وفق أعلى معايير الكفاءة والسلامة. 
وفى سياق متصل، عقد المحافظ لقاءا عقب الزيارة اليوم مع قاطنى احدى عمارات الايواء المدرجة بالمرحلة الثانية من التطوير غير آمنة ومهددة بالخطر، وذلك لمناقشة امكانية توفير مساكن بديلة للمواطنين القاطنين بها لحين استكمال اعمال التطوير حفاظاً على أرواحهم وسلامتهم.

من جانبهم،  عبر المواطنون عن سعادتهم بزيارة المحافظ، مؤكدين أن الدولة تقدم دعما حقيقيا لتمويل المشروعات السكنية المختلفة التي تخدم مختلف شرائح المجتمع وتلبى كافة احتياجاتهم ومتطلباتهم، مثمنين حرص المحافظة على توفير السكن الكريم وتحقيق حياة كريمة لقاطني تلك المنطقة.


رافق المحافظ خلال جولته الدكتور سعيد محمد رئيس مركز ومدينة المنيا ، المهندسة هايدى فاروق والمهندسة هدير ربيع المشرف العام على المشروع والمهندس رامي حسنى المدير التنفيذي لوحدة التنمية الحضرية.

يذكر، أن محافظ المنيا قد شارك أمس في فعاليات تدشين مبادرة سكن كريم من أجل حياة كريمة والتي تنفذها وزارة التضامن الاجتماعي بالتعاون مع وزارة التنمية المحلية وعدد من مؤسسات المجتمع المدني استكمالًا لجهود الدولة في تحسين جودة الحياة بالقرى الأكثر احتياجًا ، وذلك ضمن المرحلة الأولى من المبادرة الرئاسية “حياة كريمة” لتطوير الريف المصري.

طباعة شارك المنيا محافظ تطوير العشوائيات

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة الإسكندرية يناقش مع وفد مصري إيطالي ربط البحوث العلمية بالصناعة
  • مصر في قلب المعرفة.. 11 عاما من التحول نحو دولة منتجة للابتكار والبحث العلمي
  • بمشاركة 35 شركة.. ملتقى توظيف وتدريب بهندسة المطرية
  • تعاون زراعي كيميائي يعزز البحث العلمي السوري
  • أشرف العربي: الابتكار قضية محورية تعتمد على زيادة الإنفاق في البحث العلمي
  • سامر فراج: صناع القرار منصة جادة لرسم مستقبل الاستثمار وسط تحولات الاقتصاد العالمي
  • الدكتور وائل عقل مسيّرًا لأعمال مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا
  • بنعلي: لن نتوفر على دينامية في البحث العلمي في الطاقات المتجددة بدون تمويل مستدام
  • ملك القلوب..مصر تكرم الدكتور مجدي يعقوب بوضع تمثال من البرونز في ميدان الكيت كات
  • محافظ المنيا يتفقد مشروع المجمع السكني بديل عمارات الإيواء.. التسليم أكتوبر المقبل.. والمحافظ: خطوات جادة من الدولة للقضاء على المناطق غير الآمنة