لتفادي تداعيات الحرب التجارية.. شركات صينية تنقل نشاطها إلى أمريكا
تاريخ النشر: 28th, April 2025 GMT
ذكرت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينغ بوست” أن شركات صينية تعمل في مجالات متعددة بدأت بنقل نشاطها إلى الولايات المتحدة، وذلك تفاديًا للآثار السلبية لحرب الرسوم والتصعيد التجاري بين البلدين.
ونقلت الصحيفة عن تشو نينغ، مدير شركة استشارية تساعد الشركات الصينية على توطين الإنتاج في الولايات المتحدة، قوله إنه تلقى أكثر من 100 استفسار في الأشهر الأربعة الماضية فقط، وهو ما يعادل العدد الإجمالي للاستفسارات في العام الماضي بأكمله.
من جهته، قال ريان تشو، صاحب مصنع هدايا في شرق الصين: “الولايات المتحدة تمثل ما يقرب من 95% من طلباتنا. هذا سوق لا يمكننا تحمل خسارته”.
وكشف تشو أنه يحاول الآن افتتاح مصنع جديد في مدينة دالاس الأمريكية، مشيرًا إلى أن لوائح العمالة هناك أكثر صرامة بكثير من الصين، وأنه يخطط لتصنيع المنتجات التي تتطلب حدًا أدنى من العمالة اليدوية فقط في الولايات المتحدة.
وأضاف: “المصنع الجديد في الولايات المتحدة يقتصر على مرحلتين أو ثلاث مراحل إنتاجية، على عكس الصين حيث قد يمر المنتج من 8 إلى 10 مراحل، هذا ببساطة غير ممكن في أمريكا… لكننا واثقون أنه طالما ظل الدولار الأمريكي مهيمنا في العالم، ستظل الولايات المتحدة أكبر سوق استهلاكي.”
من جانبه، أشار إي ينمين، مؤسس شركة “Chem1” الاستشارية في بكين، إلى أن بناء مصانع في الولايات المتحدة يعد خطوة منطقية بشكل خاص للشركات الصينية العاملة في صناعة تكرير النفط والبتروكيماويات في ظل الظروف الحالية.
وقال: “في صناعة تكرير البتروكيماويات، حيث تمثل المواد الخام 80% إلى 90% من التكاليف الإجمالية، حتى التعريفة البالغة 10% تؤثر بشكل كبير”.
في السياق، انتقد المندوب الصيني لدى الأمم المتحدة تشين شو، السياسات الأمريكية المتعلقة بالرسوم الجمركية، واصفا إياها بـ”الأنانية ولا تليق بدولة عظمى”.
وأضاف تشين في تصريحات وكالة “نوفوستي” الروسية: “إذا كانت الولايات المتحدة تريد معالجة مشكلتها المتعلقة بالعجز التجاري، فعليها أن تتبنى موقفا جادا وصادقا، بدلا من التصرف كما لو أنها مصابة بنزلة برد وتنتظر من الآخرين أن يخضعوا للعلاج نياابة عنها، هذا النهج مرفوض”.
وقال: “ما تمارسه الولايات المتحدة ضغط اقتصادي صريح: إما الخضوع والتفاوض وفقا لشروطهم وحيتها سيكون لديك فرصة، أو اختيار المواجهة وتلقي العواقب، هذه العقلية لا تخدم التعاملات التجارية العالمية، وبصراحة، هي سلوك أناني لا يعكس صورة الدولة الكبرى التي يفترض أن تكون عليها”.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن في 2 أبريل فرض رسوم جمركية على منتجات 185 دولة وإقليمًا، وفي 9 أبريل، أعلن ترامب تعليق العمل بالرسوم الجمركية الإضافية المستندة إلى مبدأ المعاملة بالمثل على عدد من الدول والأقاليم لمدة 90 يومًا، وأوضح البيت الأبيض أن هذه المهلة مرتبطة بإجراء مفاوضات تجارية، وخلال هذه الفترة سيتم تطبيق تعريفة عامة بنسبة 10%.
وتبلغ إجمالي الرسوم الأمريكية على البضائع الصينية حاليًا 145%، رداً على إجراءات إدارة ترامب، رفعت الصين الرسوم الجمركية على البضائع الأمريكية إلى 125% اعتبارًا من 12 أبريل.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: أمريكا أمريكا والصين الصين الصين وأمريكا فرض رسوم جمركية فی الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
كيف تستعد الصين لمعركة الذكاء الاصطناعي مع الولايات المتحدة؟
- الصين تكثف جهودها لبناء منظومة ذكاء اصطناعي مستقلة عن التكنولوجيا الغربية- بكين تسعي لتحديد معايير الذكاء الاصطناعي دوليا- هواوي تطلق مشروع «الإطار الاحتياطي»
في ظل احتدام التنافس التكنولوجي مع الولايات المتحدة؛ تسعى الصين جاهدة لتطوير منظومة ذكاء اصطناعي محلية تستطيع العمل دون الاعتماد على التقنيات الغربية، في محاولة منها لتحصين نفسها أمام الضغوط الأمريكية المتزايدة.
وفرضت واشنطن قيودا صارمة على تصدير التكنولوجيا المتقدمة إلى الصين، وأعاقت وصولها إلى رأس المال الأمريكي والمواهب والخبرات المرتبطة بالتقنيات الحديثة، ورغم تأثير تلك القيود جزئيا، إلا أن بكين بدأت بالرد عبر مبادرات متسارعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الذكاء الاصطناعي.
وخلال مؤتمر الذكاء الاصطناعي الذي أقيم مؤخرا في شنجهاي؛ استعرضت الشركات الصينية نماذج ذكاء اصطناعي طورت بالكامل دون الاعتماد على تقنيات أمريكية، وإحدى هذه الشركات الناشئة شركة StepFun، التي كشفت عن نموذج يستخدم طاقة حوسبة وذاكرة أقل، ما يجعله أكثر توافقا مع الرقاقات الصينية.
ورغم أن الشرائح الإلكترونية الصينية لا تزال أقل تطورا من نظيراتها الأمريكية، فإن شركات مثل هواوي تمكنت من تضييق الفجوة عبر تجميع عدد أكبر من الرقاقات لتعزيز الأداء.
أطلقت الصين خلال المؤتمر، خطة لحوكمة الذكاء الاصطناعي عالميا، تضمنت دعوة لإنشاء مجتمع مفتوح المصدر لتطوير النماذج وتبادلها عالميا، واعتبر ذلك مؤشرا على سعي بكين لتحديد معايير الذكاء الاصطناعي دوليا، ما قد يضعف الهيمنة الأمريكية في هذا المجال.
وترافقت هذه الجهود، مع استثمارات ضخمة لتطوير البنية التحتية للطاقة، وتوسيع برامج التدريب على الذكاء الاصطناعي، ضمن خطة وطنية تقودها الحكومة الصينية، بمشاركة شركات مملوكة للدولة وكيانات خاصة وحكومات محلية.
وبحسب مصادر مطلعة، فإن الجهات التنظيمية في الصين تتجنب الموافقة على إدراج شركات لا تنشط في مجالات التقنيات الصلبة مثل الرقائق والذكاء الاصطناعي، لضمان توجيه التمويل إلى القطاعات ذات الأهمية الاستراتيجية.
من أكبر العقبات التي تواجه الصين في سباق الذكاء الاصطناعي هو حرمانها من الوصول إلى الشرائح الأمريكية المتقدمة مثل شرائح إنفيديا، وكذلك أدوات التصنيع عالية التقنية، ومع ذلك، تعمل هواوي وشركات صينية أخرى على التكيف مع هذه القيود.
وأطلقت هواوي مشروعا يعرف باسم “مشروع الإطار الاحتياطي” يضم أكثر من 2000 شركة، ويهدف إلى تحقيق اكتفاء ذاتي بنسبة 70% في إنتاج أشباه الموصلات بحلول عام 2028.
وقد نجحت الشركة في تطوير مجموعات من رقاقاتها المحلية التي تنافس أداء بعض الأنظمة الأمريكية، وإن كانت تستهلك طاقة أكبر.
ووفقا لتقرير حديث من مؤسسة SemiAnalysis، فإن أحد أنظمة هواوي التي تضم 384 رقاقة من نوع Ascend يتفوق على نظام إنفيديا المزود بـ72 وحدة معالجة رسوميات في بعض المعايير.
ويتوقع محللو “مورجان ستانلي” أن ترتفع حصة الرقائق المحلية في السوق الصيني من 34% عام 2024 إلى 82% بحلول عام 2027.
ركزت الصين في مؤتمر شنجهاي، على تعزيز نهج المصدر المفتوح، حيث تسمح الشركات للمستخدمين بتعديل وتوزيع النماذج بحرية، مما ساعد على انتشار النماذج الصينية عالميا.
وبحسب مؤسسة Artificial Analysis، فإن أفضل نموذج مفتوح المصدر في العالم حاليا هو صيني، متفوقا على نظيره الأمريكي منذ نوفمبر 2024.
وتشهد السوق الصينية حاليا طفرة في النماذج المفتوحة المصدر، وبعضها يدعي التفوق على نموذج DeepSeek في استخدامات معينة، بينما أجلت OpenAI الأمريكية إطلاق نموذجها المفتوح المصدر لمزيد من اختبارات الأمان.
إلى جانب التكنولوجيا؛ تستثمر الصين بكثافة في تطوير شبكات الطاقة اللازمة لتشغيل مراكز البيانات، ومن المتوقع أن تنفق 564 مليار دولار على بناء شبكات الكهرباء بحلول 2030، أي بزيادة تتجاوز 40% عن السنوات الخمس السابقة.
وتفوق قدرة توليد الطاقة في الصين حاليا نظيرتها في الولايات المتحدة بمقدار 2.5 مرة، ويتوقع أن تتسع الفجوة مستقبلا.
وفي مجال التعليم، وافقت الحكومة الصينية على إنشاء أكثر من 600 برنامج دراسات جامعية متخصصة في الذكاء الاصطناعي، مقارنة بـ 35 برنامجا فقط في عام 2019، كما سيبدأ تدريس الذكاء الاصطناعي في المدارس الابتدائية والثانوية في بكين اعتبارا من سبتمبر 2025.
وأظهر بحث أجرته جامعتا “هوفر” و"ستانفورد"، أن أكثر من نصف الباحثين في فريق DeepSeek لم يغادروا الصين للدراسة أو العمل، مما يشير إلى تطور قاعدة المواهب المحلية.
ورغم التقدم الصيني، لا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بصدارة السباق في مجال الذكاء الاصطناعي، حيث تستحوذ وادي السيليكون على النماذج الأكثر تقدما والشرائح الأقوى، غير أن جزءا كبيرا من الإنفاق الصيني لم يترجم بعد إلى نتائج ملموسة، بل أدى إلى فائض في الطاقة والمعدات.
وتسعى إدارة ترامب للحفاظ على هذا التفوق؛ من خلال خطة عمل لتقليل القيود التنظيمية على شركات التكنولوجيا، إضافة إلى إطلاق مشاريع عملاقة مثل مبادرة OpenAI وSoftBank لبناء مراكز بيانات جديدة بقيمة 500 مليار دولار، رغم تأجيل التنفيذ.
وفي الوقت الذي تظهر فيه الصين استعدادها لإنفاق أي مبلغ لتحقيق الاكتفاء الذاتي؛ تراهن بكين على شعبية شركات مثل DeepSeek لإثبات قدرتها على الاستغناء عن التكنولوجيا الأمريكية.