خالد سلك ومحاولة تبرئة الدعم السريع: قراءة تحليلية في رسالة إدانة مجزرة صالحة
مدخل:
خرج علينا السياسي خالد عمر يوسف “خالد سلك” بتصريح أدان فيه مجزرة صالحة، التي راح ضحيتها عشرات المدنيين العزل، محمّلًا المسئولية لما أسماه “عناصر” من قوات الدعم السريع.

ورغم أن الإدانة في ظاهرها تبدو موقفًا إنسانيًا وأخلاقيًا، إلا أن التدقيق في مضمونها وتوقيتها يكشف عن محاولة مقصودة لابعاد المسئولية، وفصل الجريمة عن المؤسسة الرسمية للدعم السريع.


متن:
أولًا: التفريق بين “العناصر” والمؤسسة
باستخدامه لمصطلح “عناصر”، يحاول خالد سلك إحداث فصل ذهني بين قوات الدعم السريع كمؤسسة، وبين بعض أفراده الذين ارتكبوا المجزرة. هذه الصياغة تسعى لتمرير فكرة أن الجريمة ليست سياسة معتمدة أو ممارسة ممنهجة، بل هي “تصرفات فردية” خرجت عن السيطرة.

وهذا بالضبط ما تحتاجه أي مؤسسة عسكرية تواجه تهم ارتكاب جرائم حرب: أن يتم تقديم جرائمها على أنها تصرفات معزولة لأفراد، لا قرارات صادرة عن قيادة وأوامر منظمة.
ثانيًا: تبييض الدعم السريع دوليًا ومحليًا
في ظل الاتهامات الدولية المتزايدة ضد قوات الدعم السريع بارتكاب جرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، فإن تبرئة الكيان الرسمي، وحصر المسئولية في بعض “العناصر”، يمثل طوق نجاة سياسي تحتاجه قيادات الدعم السريع بشدة.

خالد سلك، عبر هذا الخطاب، يقدم دعمًا موضوعيًا لهذه المحاولة، سواء عن قصد أو عن جهل بتبعات تصريحه.
ثالثًا: السياق السياسي وراء التصريح
لا يمكن قراءة موقف خالد سلك بمعزل عن التوجهات الأخيرة لبعض التيارات السياسية المرتبطة بالحرية والتغيير (قحت)، والتي تبحث عن “تسوية جديدة” في السودان.
ضمن هذه التسوية، يصبح من الضروري تهيئة الأرضية لعفو مشروط عن قوات الدعم السريع أو إدماجها مستقبلاً في المشهد السياسي والعسكري، مقابل ضمانات معينة.
وبالتالي، فإن تصريح سلك قد يكون جزءًا من محاولات إعادة تأهيل الدعم السريع وإزالة صفة “المليشيا المجرمة” عنه، تمهيدًا لاستيعابه في ترتيبات ما بعد الحرب.
رابعًا: خطورة هذا الطرح
محاولة خالد سلك لفصل الدعم السريع عن جرائمه ليست مجرد سقطة لفظية، بل تحمل خطورة سياسية وأخلاقية بالغة:
فهي تضعف جهود توثيق الجرائم،
وتمهد للإفلات من العقاب،
وتبعث برسائل خاطئة للضحايا بأن العدالة ستُضَحى بها لصالح تسويات سياسية رخيصة.
كما أنها تعيد إنتاج منطق “الجرائم الفردية” الذي طالما استخدمته أنظمة القمع لتبرئة نفسها عبر التاريخ.
خامسًا: لماذا يجب تحميل الدعم السريع كمؤسسة المسئولية؟
قوات الدعم السريع ليست تجمعًا عشوائيًا من الأفراد، بل هي قوة شبه نظامية تتبع تسلسلًا قياديًا واضحًا، وتخضع لأوامر مركزية من قادتها.
ما حدث في صالحة – كما في غيرها من الجرائم – ليس سلوكًا فرديًا شاذًا، بل جزء من نمط ممنهج من الانتهاكات، ينفذه أفراد بتوجيهات واضحة، أو في مناخ يسمح ويشجع على ارتكاب مثل هذه الفظائع.
مخرج:
تصريحات خالد سلك بشأن مجزرة صالحة تمثل انزلاقًا خطيرًا نحو تبييض صفحة واحدة من أبشع المليشيات التي عرفها السودان.
تاريخ الشعوب التي خرجت من الحروب الأهلية يعلمنا أن العدالة الحقيقية لا تتحقق عبر مساومات سياسية رخيصة، بل عبر محاسبة المجرمين كمؤسسات، لا كأفراد تائهين.
إن محاولة تبرئة ساحة الدعم السريع من مسئوليته الجماعية عن المجازر، لن تؤدي إلا إلى إعادة إنتاج المأساة بأشكال أخرى، وستكون خيانة لدماء الضحايا، ولحلم السودانيين بدولة القانون والعدالة.

خالد سلك ومحاولة تبرئة الدعم السريع: قراءة تحليلية في رسالة إدانة مجزرة صالحة

وليد محمدالمبارك احمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع مجزرة صالحة خالد سلک

إقرأ أيضاً:

معارك حاسمة بين الجيش السوداني و «الدعم»

البلاد (الخرطوم)

تشهد مدينة بابنوسة في ولاية غرب كردفان جنوب غربي السودان، معارك عنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وسط أنباء عن توغل كبير لقوات الدعم السريع ومحاولتها تطويق اللواء 89، أكبر فرق الحامية العسكرية في المدينة.
وذكرت مصادر عسكرية أن الاشتباكات المتجددة شملت استخدام أسلحة ثقيلة وخفيفة، بعد شهور من الحصار الذي فرضته قوات الدعم السريع على المدينة من عدة اتجاهات. وتعد بابنوسة نقطة إستراتيجية مهمة؛ لكونها ملتقى طرق رئيسي لسكك الحديد في السودان، يربط غرب البلاد بمناطق أخرى.
من جهتها، نشرت حسابات موالية للجيش السوداني مقاطع فيديو تظهر إحباط محاولة هجوم لقوات الدعم السريع، بينما تداولت قوات الدعم السريع تسجيلات لمواجهات من خلف الخنادق المحيطة بالفرقة العسكرية. يأتي ذلك في ظل خسائر تكبدها الجيش في مناطق أخرى من كردفان، خاصة بعد سيطرة قوات الدعم السريع على عدد من المدن والمحليات، ما أدى إلى حصار مدينة الأبيض، عاصمة شمال كردفان، من عدة محاور.
وأفادت المصادر بتوغّل قوات الدعم السريع داخل بابنوسة وتسللها نحو مقر الفرقة 22 مشاة، قبل أن تتدخل قوات الجيش للدفاع عن مواقعها، ما أدى إلى سقوط قتلى وإصابات في صفوف الطرفين. وأشارت المصادر إلى أن المدينة باتت شبه خالية من سكانها بسبب الاشتباكات المستمرة.
وأكد شهود عيان أن الجيش السوداني نفذ خلال الأيام الماضية ضربات جوية مكثفة باستخدام المسيّرات، لصد الهجوم الواسع لقوات الدعم السريع ومحاولة السيطرة على المنطقة العسكرية.
وكان الجيش قد تعرض لخسائر كبيرة في مايو الماضي خلال المعارك في مدينة الخوي، واضطر إلى الانسحاب وإعادة التموضع في الأبيض. وأوضحت مصادر عسكرية أن الجيش يستعد حالياً لتحريك قوات كبيرة لاستعادة المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم السريع في غرب كردفان، ضمن خطة عسكرية تهدف إلى فك الحصار عن مدينة الفاشر، عاصمة شمال دارفور.
تأتي هذه المواجهات بعد انسحاب قوات الدعم السريع من مدن العاصمة الخرطوم في مارس الماضي، وانتقال النزاع إلى مناطق واسعة في إقليم كردفان المجاور لدارفور، ما يعكس تصاعد الصراع العسكري في السودان.

مقالات مشابهة

  • حميدتي: سيطرة «الدعم السريع» على المثلث الحدودي تهدف لتأمين السودان ومحاربة التهريب
  • إسرائيل والدعم السريع
  • مسؤولة أممية: خطر الإبادة الجماعية في السودان لا يزال مرتفعاً وسط هجمات عرقية تقودها للدعم السريع
  • العدو الصهيوني يُصعد من مجزرة الهدم في مخيم نور شمس
  • بسبب فضيحة أخلاقية.. العلاقة بين الحلو و”الدعم السريع” على كف عفريت
  • تحركات مثيرة لعناصر الدعم السريع في دولة مجاورة للسودان
  • انقلاب ميداني في إقليم كردفان: الجيش السوداني يعلن التقدم والسيطرة على مناطق جديدة وهروب قوات الدعم السريع
  • معارك حاسمة بين الجيش السوداني و «الدعم»
  • تركوا جثثهم وهربوا.. درموت يسرد تفاصيل معركة الجيش السوداني ضد الدعم السريع
  • إعتقال صحفي سوداني في معبر أرقين بتهمة التعاون مع الدعم السريع