لم يكن زكي طليمات، الذي تحل اليوم ذكرى ميلاده، فنانًا تقليديًا، بل كان مشروعًا ثقافيًا متكاملًا، سعى إلى تأسيس نهضة مسرحية حقيقية، لا في مصر فقط، بل في العديد من الدول العربية، ويعتبر أحد أبرز رواد المسرح العربي في القرن العشرين، والذي وُلد عام 1894 في مدينة المنصورة بمصر. 

ينتمي زكي طليمات إلى الجيل الذي آمن بأن المسرح ليس مجرد وسيلة للترفيه، بل هو أداة تربوية وتعليمية وثقافية، التحق بمدرسة الحقوق أولًا، ثم شدّه حب الفن، فالتحق بمدرسة التمثيل وتخرج منها عام 1913، ثم ابتُعث إلى فرنسا لدراسة فنون المسرح في "الكوميدي فرانسيز"، وهناك نهل من منابع الفن الغربي، وتعلّم أسس الإخراج، وأساليب التمثيل، وطرق إعداد النصوص المسرحية، ليعود بعد ذلك إلى وطنه محمّلًا برؤية جديدة.

كان طليمات مؤمنًا بضرورة تأسيس بنية تحتية للمسرح في العالم العربي، فأسّس عام 1944 "المعهد العالي لفن التمثيل" الذي أصبح لاحقًا "المعهد العالي للفنون المسرحية"، وكان أول من دعا إلى احتراف المهنة بشكل علمي، كما أسّس "الفرقة القومية للمسرح" التي قدّمت أعمالًا ذات طابع ثقافي وتنويري، وبقيت ركيزة للمسرح الجاد في مصر.

لم يكن طليمات مجرد إداري أو أكاديمي، بل مارس الإخراج والتمثيل، وكتب العديد من النصوص المسرحية، كما ترجم وأعدّ نصوصًا عالمية بما يتناسب مع الذوق العربي، وكان يرى أن المسرح الجيد يجب أن يكون مرآة للمجتمع، يعكس همومه ويطرح أسئلته، دون أن يسقط في الابتذال أو الوعظ المباشر.

ولأن طموحه تجاوز حدود مصر، فقد ساهم في تأسيس حركة المسرح في تونس بعد الاستقلال، وعمل هناك مستشارًا ثقافيًا وساهم في إنشاء أول فرقة مسرحية وطنية، كما لعب دورًا مهمًا في دعم النشاط المسرحي في الكويت في خمسينيات القرن العشرين، وساهم في تخريج عدد من أبرز روّاد المسرح الخليجي.

تميز أسلوب زكي طليمات بالصرامة والانضباط، وكان يطالب ممثليه بالتفرغ التام والالتزام، كما أولى اهتمامًا كبيرًا بالإعداد النفسي للممثل، والإخراج المتكامل الذي يوازن بين الكلمة، والحركة، والإضاءة، والديكور.

نال طليمات تكريمات عديدة خلال حياته، منها وسام الفنون والآداب من مصر وفرنسا، وظل حتى وفاته عام 1982 مثالًا للفنان الذي جمع بين الفكر والممارسة، بين التنظير والتطبيق.

في ذكرى ميلاده، لا نتذكر زكي طليمات كأحد رموز المسرح فحسب، بل كأحد بناة الوعي الحديث في العالم العربي، وأحد المؤمنين بأن الفن الحقيقي هو الذي يُضيء العقول ويزرع الأسئلة في قلب الحياة.

طباعة شارك زكي طليمات نهضة مسرحية المسرح العربي المسرح أساليب التمثيل

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: زكي طليمات المسرح العربي المسرح زکی طلیمات

إقرأ أيضاً:

محمد بن راشد: فخور بوطني الذي استطاع أن يجمع العالم في جيتكس جلوبال

أكد صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أثناء افتتاح معرض جيتكس جلوبال اليوم، أنه فخور بالإمارات التي استطاعت أن تجمع العالم وأن تكون جزءاً من تصميم مستقبل البشرية. 

وقال سموه عبر منصة "إكس": "أثناء افتتاح معرض جيتكس جلوبال اليوم.. حيث تجتمع 170 دولة يمثلها أكثر من 6000 مؤسسة وشركة وما يزيد على 1400 متحدث ضمن أهم حدث عالمي للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. فخور بمشاركة ومواكبة المؤسسات الحكومية.. فخور بمشاركة شركاتنا الوطنية.. وفخور بوطني الذي استطاع أن يجمع العالم.. وأن يكون جزءاً من تصميم مستقبل البشرية".

أخبار ذات صلة في "جيتكس جلوبال".. "كي 2 - K2" تستعرض مستقبل التقنيات الذاتية انطلاق فعاليات «جيتكس جلوبال 2025» في دبي

أثناء افتتاح معرض جايتكس جلوبال اليوم .. حيث تجتمع 170 دولة يمثلها أكثر من 6000 مؤسسة وشركة وما يزيد على 1400 متحدث ضمن أهم حدث عالمي للتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي.

فخور بمشاركة ومواكبة المؤسسات الحكومية .. فخور بمشاركة شركاتنا الوطنية ..
وفخور بوطني الذي استطاع أن يجمع العالم… pic.twitter.com/9SlIT3gq4M

— HH Sheikh Mohammed (@HHShkMohd) October 13, 2025

المصدر: الاتحاد - أبوظبي

مقالات مشابهة

  • منتخب الرأس الأخضر.. البلد الصغير الذي حقق حلم الصعود للمونديال
  • صبري فواز: تكويني بدأ بـالموالد الشعبية وكنت جزءا من العالم الضخم للثقافة الجماهيرية
  • تقرير عالمي يكشف ما الذي يسيطر على مشاعر الأردنيين
  • مجلس كنائس مصر يهنئ العالم باتفاق السلام الذي ينهى الحرب في غزة
  • نص اتفاق غزة الذي وقع عليه ترامب وقادة العالم في شرم الشيخ
  • محمد بن راشد: فخور بوطني الذي استطاع أن يجمع العالم في جيتكس جلوبال
  • التمثيل التجاري المصري في إسطنبول يبحث جذب استثمارات تركية جديدة
  • استعرضت جهودها في مؤتمر الحفاظ على الطبيعة.. السعودية رائد عالمي في تنمية المراعي الطبيعة
  • إسرائيلي نجا من أحداث 7 أكتوبر ينتحر بعد أيام من ذكرى عملية “طوفان الأقصى” الثانية
  • كامل الوزير: «مدرسة أبو زعبل للتنمية الصناعية» نموذج رائد للشراكة بين الدولة والقطاع الخاص