أهم قادة المقاومة الجزائرية، وقائد ديني صوفي من أتباع الطريقة الرحمانية الصوفية.
قاد المقاومة في القرن التاسع عشر بجانب رفيقه الشيخ المقراني.

أعلن ثورته في منطقة صدّوق ببلاد القبائل بالجزائر وهو في الثمانين من العمر. ورغم أنها ثورة لم تدم سوى أشهر قليلة إلا أنها شكلت مفصلا مهما و كبيرا على الاحتلال في المنطقة.



ولد محمد أمزيان بن علي الحداد، واشتهر باسم "الشيخ الحداد" في عام 1789 بصدوق في الجزائر، وأصله من بجاية، انتقلت أسرته واستقرت في بلدة صدوق وفيها امتهن جده حرفة الحدادة لذلك منحت الأسرة اسم الحداد.

تعلم الشيخ الحداد في الزاوية التي أسسها والده علي الحداد في صدوق فحفظ القرآن وتعلم قواعد اللغة العربية، ومنها انتقل إلى زاوية الشيخ أعراب في جبال جرجرة التي قضى فيها وقتا طويلا وتلقى معارفه العلمية وعلومه الإسلامية الأخرى.

وعند عودته إلى أهله تولى تسيير زاوية أبيه، وقد اختاره أهله أن يكون إماما على قرية صدوق ومعلما للأطفال في جامع المدينة، وأصبح بعد ذلك خليفة للطريقة الرحمانية التي أسسها الشيخ محمد بن عبد الرحمن الأزهري الجزائري الخلوتي عام 1793 الذي عاش ربع قرن من عمره بين أروقة الأزهر الشريف في مصر، وتأثَّر من شيوخه المصريين بالطريقة الخلوتية الصوفية، وعاد إلى بلاده فنشرها وأصبح لها عشرات الآلاف من الأتباع والمريدين.


وألف الحداد العديد من الأعمال حول هذه الطريقة منها رسالة صوفية بعنوان "التّقيّد المبارك".
وقد ساهم الشيخ الحداد من خلاله الطريقة الرحمانية مساهمة كبيرة وفعالة في دعم الشيخ المقراني وذلك بإكسابها تأييدا شعبيا واسعا، مكنها من الصمود أمام الجيوش الفرنسية التي غزت الجزائر في عام 1830.

وكان سبب اندلاع ثورة الشيخ الحداد والمقراني، سقوط حكومة نابليون الثالث إثر هزيمة فرنسا في الحرب السبعينية مع ألمانيا، والإجراءات التي اتخذتها الحكومة المؤقتة بالنسبة للجزائر في عام  1870، بمضايقة الجزائريين في جميع سبل العيش وفي محاولات طمس الهوية العربية والإسلامية في الجزائر.

وبدأت فرنسا تمارس سياسة تجريد الجزائريين من أراضيهم وتسلمها للمستوطنين، وهو ما تسبب في غضب شعبي أشعل ثورة الشيخ المقراني أولا.

وكان محمد المقراني قد قرر الاستقالة من خدمة فرنسا بسبب فقده مكانته الاجتماعية ومن هنا بدأ البحث في استرجاع هيبته ومكانته الشعبية للدخول في الثورة.

وفي المقابل كان الشيخ الحداد رجل ديني مقدر ومهاب وله شعبية كبيرة من أتباع الطريقة الرحمانية، وفي أثناء ذلك توطدت صلة المقراني بالشيخ الحداد فاتفق معه في عام 1871 على الثورة، وقد أعلنت الثورة في السوق بعد صلاة الجمعة حيث قال الحداد: "سنرمي فرنسا إلى البحر كما ألقي عصاي هذه" ثم أعلن الجهاد.

وقد خلد شاعر الثورة الجزائرية مفدي زكرياء إعلان الشيخ الحداد ثورته من السوق، فقال في "إلياذة الجزائر" المكونة من ألف بيت من الشعر:

وحداد في السوق ألقى عصاه
وأعلنها في الذرى والبطاح
كمثل عصاي سألقي الفرنسيس
في البحر أركلهم بالرماح

كانت مقاومة الشيخ الحداد والمقراني واحدة من المحطات المهمة في تاريخ الثورات الشعبية بالجزائر، فخلال هذه الثورة التي شهدها الشرق الجزائري، كان لدى الجزائريين السطوة الأقوى في المعارك، حيث فرض الثوار الحصار على القوات الفرنسية في العديد من المدن والقلاع، وكبدوا المستعمر خسائر فادحة.

وتسبب انضمام الحداد إلى المقراني في دفعة هائلة لمسار الثورة والمقاومة الجزائرية بطول البلاد وعرضها، وسرعان ما بدأت تؤتي ثمارها في هزائم الفرنسيين والمتعاونين الخونة من الجزائريين، الذين سعوا وراء مصالحهم المادية والاجتماعية؛ وهو وتر أجاد المحتل اللعب عليه، بعد أن قرب بعض القبائل بينما حارب أخرى، وكان لهذه الخيانة أثرها طيلة تاريخ المقاومة الجزائرية وليس في ثورة المقراني والحداد فقط.


واعتبرت ثورة الحداد وإخوانه المشاركين الذين بلغ عددهم 200 ألف مقاتل، أغلبهم من أتباع الطريقة الرحمانية، أهم وأخطر حدث في هذه الثورة التي كادت أن تقتلع الاحتلال الفرنسي وترميه عرض البحر كما قال الشيخ الحداد، ومازالت تشكل حدثا تاريخيا وتثير الكثير من التساؤلات والدراسات التي تغري الكثير من الباحثين والدارسين.

وبعد سلسلة من المعارك، واستشهاد المقراني ألقي القبض على الشيخ الحداد من قبل الجنرال الفرنسي لالمان، وحوكم بقسنطينة هو وأبناؤه والكثير من طلبته ومريديه.

وما لبث أن استشهد الشيخ الحداد بسجن "كودية" بقسنطينة، حيث حكم عليه بالسجن لمدة خمس سنوات، قضى منها عشرة أيام فقط في حبس انفرادي، قبل أن توافيه المنية، في وقت قامت فيه السلطات الفرنسية بنفي أبنائه وأتباعه من المشاركين في الثورة إلى كاليدونيا الجديدة.

وبعد نهاية ثورة المقراني والحداد، انتفض الجزائريون في ثورات متتالية كان أبرزها: ثورة الشيخ بوعمامة، وثورة أولاد سيدي الشيخ، وفيما بعد ثورة الطوارق مع نهاية القرن التاسع عشر.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي عالم الفن كاريكاتير بورتريه بورتريه المقاومة الجزائرية المقراني الشيخ الحداد الجزائر المقاومة الاستعمار الفرنسي الشيخ الحداد المقراني بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه بورتريه سياسة عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشیخ الحداد فی عام

إقرأ أيضاً:

معلقات بين الحداد والانتظار - زوجي مفقود.. فهل أُعدّ أرملة؟

كل صباحٍ تستيقظ أنسام محمد (اسم مستعار) على أمل واحد، أن يصلها خبر. خبرٌ صغير، رسالةٌ مقتضبة، أو حتى إشعار هاتفي يعيد إليها شيئاً من حياةٍ توقفت منذ السابع من أكتوبر 2023، حين غادر زوجها البيت ولم يعد. منذ ذلك اليوم، وهي لا تعرف إن كانت زوجة شهيد، أم زوجة أسير، أم ببساطة امرأة علّقت حياتها على سؤال لا جواب له: "ما مصيره؟"

في ركن من منزل أنسام، يحتل الهاتف مكاناً لا يغيب عن عينيها، تنتظر منه ما تأخر، وتصارع يوماً بعد يوم صوتاً داخلياً يهمس: "ربما لن يعود". لكن صوتاً آخر، أقوى وأكثر عناداً، يردّ: "بل سيعود، لابدّ أن يعود."
ثلاثة أطفال يُربّون الحنين في غياب والدهم. أكبرهم، حين وصفه أحدهم في الشارع بـ"اليتيم"، عاد للبيت وهو يعلن أن والده شهيد. صفعته أنسام، لا غصباً منه بل رفضاً لفكرة الموت، وعادت لتغمره باكية: "بابا مسافر... مش ميت."

أنسام لا تعيش الحداد، بل تعيش الانتظار. وبين نظرات الشفقة، أو التهكم، أو حتى "النصيحة" بالزواج من جديد، تبقى هي كما هي: زوجة رجل لا تعلم إن كان في عداد الشهداء أم المعتقلين.

هكذا تبدأ يومها: بين وجع الغياب، ومرارة الأسئلة، ورفض التصديق، في قصة من آلاف القصص التي لم تُختم فصولها بعد... في غزة ، حيث لا ينتهي الفقد، ولا يُقفل باب الرجاء...

حين تسأل أنسام نفسها: "لماذا لا يُصدقني أحد؟"، لا تجد إجابة تقنعها سوى أن الناس تعبوا من الأمل... وهي وحدها من لم يسمح لليأس أن يقيم في قلبها.

وتلك ليست القصة الوحيدة. ففي بيت لاهيا، تروي مها - زوجة شاب اختفى أثناء الاجتياح الأخير - بصوت مرتجف: "آخر مرة شافوه فيها، كان في الشارع العام، قالوا الجنود اعتقلوه... بس ناس تانيين حلفوا إنهم شافوا الدبابة تدعس جسمه."

بين روايتين متناقضتين، تعيش مها في العراء. لا جسد لتبكيه، ولا اسم في قوائم الأسرى، ولا قبر يمكن أن تزوره في الأعياد. "أنا مطلقة من الحياة... لا زوجة ولا أرملة"، تقولها وتغالب دموعًا تراكمت منذ شهور.

هذا النوع من الغياب لا يمنحك امتياز الحزن المكتمل، ولا شرف الشهادة. إنه فراغ مُعلّق يجعل من كل دقيقة انتظارًا مستنزفًا.


وتتضاعف القسوة حين تضاف مسؤولية الأطفال، والأسئلة اليومية التي لا تنتهي. "وين بابا؟" يسأل الطفل، ولا تملك الأم سوى أن تخترع قصة جديدة، كل مرة، تحفظ شيئًا من الأمل، ولا تصدم طفولته بحقيقة مُعطّلة.

خارج هذه البيوت، وبين الأزقة والخيام، يعيش الناس على لحظات تُشبه المعجزات: لحظة أن يُفرج الاحتلال عن معتقل من غزة، فيحمل معه، ربما، معلومة عن المختفين الآخرين.

فمنذ بداية الحرب، لم يُسمح لأي منظمة حقوقية بزيارة معتقلي غزة في سجون الاحتلال. اللجنة الدولية للصليب الأحمر تقدّمت مرارًا بطلبات للزيارة، لكنها جوبهت بالرفض. لم تتلقِ العائلات شيئًا: لا صورة، لا رسالة، ولا حتى رقم ملف.

في أوائل مايو 2025 فقط -أي بعد سنة ونصف تقريبًا من بدء الحرب والاختفاء- سمح الاحتلال لمحامين من هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير بزيارة قسم "ركيفت"، أحد أقسى أماكن الاحتجاز، تحت سجن الرملة.

خرج المحامون بشهادات صادمة: تعذيب جسدي ونفسي، حرمان من الصلاة، مراقبة بالكاميرات، تهديدات بالقتل. أحد المعتقلين قال: "ركيفت مش سجن، هذا قبر ما بيدخلوه إلا للموت البطيء."

ولا تقتصر الانتهاكات على "ركيفت" وحده؛ فهناك سجون وأماكن احتجاز أخرى، كثير منها غير شرعي، مثل الموقع العسكري "سيديتمان"، حيث يُحتجز الأسرى في ظروف لا تقل قسوة، بعيدًا عن أي رقابة قانونية أو إنسانية.

ورغم هذا، فإن الأمل في أن يحمل هؤلاء المعتقلون معلومات عن مختفين آخرين، جعل كثيرًا من العائلات تنتظرهم كما لو أنهم رسلٌ من المجهول.

في الأرقام، الحكاية أكثر اتساعًا، وأكثر ألمًا. التقديرات تشير إلى أكثر من 14 ألف مفقود في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023. ما بين 2000 إلى 3000 منهم يُعتقد أنهم محتجزون قسرًا في السجون الإسرائيلية.

تشير التقديرات إلى أن أكثر من 10,000 شخص ما زالوا عالقين تحت أنقاض المباني، وفي محيط المرافق الطبية، وتحت الرمال المتراكمة في الطرقات. ويُعزى تعذّر الوصول إليهم إلى النقص الحاد في المعدات الهندسية الثقيلة ووسائل الإنقاذ المتخصصة، ما أدى إلى إبطاء عمليات الإخلاء والانتشال بشكل كبير.

في ظل هذه المعطيات، أصبحت جهود الإنقاذ محدودة النطاق وتستغرق فترات زمنية طويلة قد تمتد من أيام إلى سنوات، وفقًا للقدرات المتاحة على الأرض.

في ظل هذه الغيوم الثقيلة، تقف المرأة في غزة معلّقة بين واجبها الإنساني، والتزامها الشرعي، والمجتمع الذي يطلب منها أن "تمضي قُدمًا".

لكن أين تمضي وهي لا تعرف إن كانت حرة، أم أرملة، أم مجرد اسم في خانة "الزوجات المعلّقات"؟

الشيخ عبد الباري خلة، أحد أبرز المختصين في الفقه الإسلامي في غزة، أوضح أن الزوجة ملزمة بالانتظار أربع سنوات قبل اعتبار زوجها متوفى، ما لم يصدر حكم قضائي موثوق. وبيّن أن الزواج قبل ذلك باطل، ولا ينعقد شرعًا إلا إذا ثبتت الوفاة بشهادة أو تقرير موثوق.

وفي حال عاد الزوج بعد زواج زوجته بآخر، فإن زواجها الثاني يُفسخ فورًا، وتُخيّر بين العودة لزوجها الأول أو الانفصال.

أما على المستوى القانوني، فأوضح منذر الفراني، أن المرأة تظل زوجة في نظر القضاء طالما لم تصدر المحكمة الشرعية حكمًا بإثبات الوفاة. وأضاف أن من حقها رفع دعوى بعد سنة على الغياب في حالة الحرب، لكن دون ذلك، تبقى بلا ميراث، وبلا تركة، وبلا يقين.

وهنا تتجلى معاناة لا تتحدث عنها الأوراق الرسمية.

المختصة النفسية في مركز شؤون المرأة أماني أهل، التي عايشت نساء كثيرات من هذه الفئة، تصف حالتهن بأنها "أشد حالات الهشاشة النفسية التي يمكن تخيّلها".

فهن يعانين من اضطراب ما بعد الصدمة، اكتئاب عميق، وعزلة اجتماعية خانقة. أماني تشير إلى ضرورة إشراك الأطفال في معرفة الحقائق حول مصير والدهم وتحديثات أخباره، بما يتناسب مع أعمارهم، لتجنب الصدمة المتكررة.

وتؤكد احتياج هؤلاء النسوة إلى دعم نفسي طويل الأمد، اللواتي خضع بعضهن لـ18 جلسة علاج، والبعض الآخر وجد في "العلاج مع الأقران" (مجموعات دعم جماعي) طوق نجاة مؤقت.

رغم هذا، لا يزال المجتمع يلوم أنسام ومها وغيرهن، كما لو أن الحب ضعف، أو الوفاء عبء، أو الانتظار جنون.

وفي المساء، حين تعود أنسام من جلسة علاج جماعي، ت فتح هاتفها كما تفعل كل ليلة، وتقرأ الرسالة ذاتها للمرة الألف.

تضع الجهاز قرب وسادتها وتغفو، تحلم فقط بلمسة... أو برقم مجهول يظهر فجأة على الشاشة، ليعيد ترتيب الحكاية كلها من جديد.

المصدر : وكالة سوا - سعيد راشد اسليم اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين كيف صارت الطاقة الشمسية أكسجين الغزيين؟ الاحتلال يطرد المرضى والكادر الطبي من مستشفى العودة شمال غزة البرلمان الأوروبي: علينا العمل من أجل وقف إطلاق النار بغزة الأكثر قراءة أوتشا : نحو 81% من مناطق غزة فيها قوات إسرائيلية أو تحت أوامر التهجير الإفراج عن 10 أسرى من غزة - بالأسماء 6 شهداء بعد قصف عناصر تأمين المساعدات شرق دير البلح شاهد: الاحتلال يرتكب مجزرة بعد قصف منزل لعائلة دردونة في جباليا عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • وحدت اليمنيين وسلطت الضوء على الأوضاع الراهنة.. ثورة النساء في اليمن الدلالات والرسائل (تحليل)
  • الحداد يكشف أسباب الإصابة بالجلطات.. فيديو
  • كاتيا ثائر الزعبي… من دي لا سال– الفرير تبدأ الحكاية
  • بهذه الطريقة.. أصالة تحتفل بولديها التوأم
  • بيان مصري تونسي جزائري: الانتخابات البرلمانية والرئاسية المتزامنة هي الحل في ليبيا 
  • تحريات لكشف ملابسات اتهام عامل بتصوير السيدات داخل مطعم بالعجوزة
  • اعتبارا من تموز المقبل ..فرنسا تحظر التدخين في كل الأماكن التي يتواجد فيها الأطفال
  • فرنسا تحظر التدخين في كل الأماكن التي يتواجد فيها الأطفال بدءًا من يوليو
  • تعاون مصري جزائري لإقامة مشروعات تنموية في الدول الإفريقية
  • معلقات بين الحداد والانتظار - زوجي مفقود.. فهل أُعدّ أرملة؟