أكبر فيضان في تاريخ الأرض قبالة المغرب عمره 5 ملايين سنة
تاريخ النشر: 3rd, May 2025 GMT
توفّر الرواسب الصخرية المختلطة على قمم المرتفعات الجبلية (جنوب شرق جزيرة صقلية) أول دليل على سطح اليابسة يؤكد حدوث أكبر فيضان في تاريخ الأرض، عندما اندفعت المياه بكميات هائلة عبر مضيق جبل طارق قبالة الشواطئ المغربية. وقد عرضت هذه الأدلة مؤخرا في الدراسة المنشورة في دورية "نيتشر كومنيكيشنز إيرث أند إنفايرومنت".
وحدث الفيضان الكبير قبل أكثر من 5 ملايين سنة بسبب هبوط في قاع البحر مما تسبب في انهيار سلسلة من المرتفعات الجبلية بين المحيط الأطلسي وحوض البحر الأبيض المتوسط، وتربط هذه المرتفعات بين سلاسل جبال بايتيك على السواحل الإسبانية وجبال الريف المغربية.
وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح آرون مكاليف الباحث في معهد خليج مونتيري للأبحاث المائية بالولايات المتحدة، والذي قاد فريق عمل الدراسة، الدلائل الواضحة سواءً على اليابسة أو تحت سطح البحر بالقرب من جنوب شرق صقلية، والتي تشير إلى اندفاع فيضان هائل عبر المنطقة، حيث اكتشف الباحثون مئات التلال الطويلة التي شكلتها المياه سريعة الحركة، وطبقة سميكة من الصخور المتكسرة التي خلفتها التيارات العنيفة، وقناة واسعة محفورة في قاع البحر.
وتتوافق هذه السمات -بحسب الباحث- مع توقعات العلماء حول فيضان مفاجئ وهائل، وتدعم بقوة فكرة أن البحر المتوسط قد امتلأ بسرعة كبيرة خلال ما يُسمى فيضان زانكلين الضخم.
يعد مضيق جبل طارق الرابط الأساسي بين مياه المحيط الأطلسي والبحر المتوسط، ويلعب دوراً كبيراً في موازنة تدفق المياه المالحة من المحيط، ونقص المياه العذبة في البحر نتيجة التبخر.
إعلانوقد أدت الأنشطة التكتونية والأحداث الزلزالية الكبرى إلى انسداد مضيق جبل طارق وعزل البحر المتوسط عن المحيط الأطلسي أواخر العصر الميوسيني، أي قبل 5 إلى 6 ملايين سنة، مما أدى إلى جفافه شبه الكامل، ولم يتبقَّ منه سوى بضع بحيرات شديدة الملوحة تُشبه البحر الميت الحالي، في حدث بيئي كبير عرف باسم أزمة الملوحة المسينية، مما أدى إلى تغيير بيئة البحر المتوسط بشكل كبير، وانخفاض مستوى البحر بنحو نصف متر سنويا، خلال العصر الميوسيني.
ودخل المتوسط على إثر ذلك دورة متكررة من الجفاف الجزئي أو شبه الكامل لحوضه، وكادت أزمة الملوحة تقضي على نظامه البيئي، وأدت بالفعل إلى انقراض حوالي ثلثي الأنواع البحرية الأصلية لهذا الحوض، وأحدثت تقلبات شديدة في الملوحة ودرجة الحرارة، تراكم خلالها نحو مليون كيلومتر مكعب من الملح، بسمك يتراوح من 2 و3 كيلومترات في قاع البحر.
الفيضان الكبيرلكن مياه المحيط الأطلسي وجدت طريقا عبر مضيق جبل طارق الحالي، وأعادت ملء البحر المتوسط بسرعة هائلة خلال فيضان زانكلين.
وتظهر بيانات الآبار والزلزال شقوقا -يزيد عمقها على 250 مترا على جانبي مضيق جبل طارق- نسبت سابقا إلى التعرية النهرية أثناء الجفاف.
ويوضح مكاليف للجزيرة نت أنه -وخلال أزمة الملوحة المسينية- جفّ جزء كبير من البحر المتوسط تاركًا وراءه طبقات سميكة من الملح ومُشكّلًا وديانًا ومنحدرات عميقة. وعندما حدث فيضان زانكلين الضخم غيّر شكل المشهد بشكل جذري حيث حفرت المياه المتدفقة أخاديد وقنوات عميقة في قاع البحر، وجرفت صخورا قديمة، ونشرت طبقات من الرواسب الجديدة المختلطة.
واستمرت الطفرة المدمرة عامين وتسببت بذروتها في ارتفاع مستوى البحر المتوسط بأكثر من 10 أمتار في اليوم. وتحركت مياه الفيضانات بسرعة تزيد على 100 كيلومتر في الساعة وخلفت ندوبا في قاع البحر لا تزال مرئية حتى اليوم.
إعلان لا مخاطر زلزالية بالمنطقة العربيةوتُظهر دراسات الطبقات تحت قاع البحر أن أزمة الملوحة المسينية أثرت أيضا على الشواطئ الجنوبية للبحر المتوسط.
وبحسب الباحث، فقد شهدت سواحل الجزائر والمغرب تآكلا جويا كبيرا مع انخفاض مستوى سطح البحر، مما حفر وديانا عميقة في الهوامش القارية المكشوفة، خلال أزمة الملوحة.
كما تراكمت بسبب التبخر الشديد رواسب كثيفة من العناصر وخاصة الملح، قبالة سواحل الجزائر، مما أثر بشدة على بنية الحوض.
ورغم أن الأزمة المسينية قد شكلت المشهد الجيولوجي الطبيعي منذ ملايين السنين، فإن الباحث يؤكد أن هذه الأحداث لا تزيد بشكل مباشر من مخاطر الزلازل بهذه المناطق حالياً، لأن السبب الرئيسي للزلازل في المنطقة المحددة اليوم هو الحركة المستمرة للصفائح التكتونية وليس أزمة الملوحة المسينية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المحیط الأطلسی البحر المتوسط مضیق جبل طارق فی قاع البحر
إقرأ أيضاً:
محافظ تعز يناقش أزمة المياه ويشدد على ضبط الأسعار وتخصيص آبار "الضباب" لمياه الشرب
شدد محافظ تعز نبيل شمسان، الثلاثاء، على ضرورة ضبط أسعار بيع المياه ووضع تسعيرة عادلة بناءً على تكاليف التشغيل الفعلية، لمنع استغلال الأزمة التي تشهدها المدينة المحاصرة من قبل جماعة الحوثي منذ أكثر من عشر سنوات.
جاء ذلك خلال اجتماع موسع عقده محافظ تعز، وضم إدارة مجلس مؤسسة المياه بالمحافظة ولجنة الطوارئ.
وقال إعلام سلطات تعز، إن الاجتماع بحث المستجدات المتعلقة بأزمة المياه الخانقة التي تشهدها المدينة، والتي تفاقمت حدتها مؤخرًا بسبب استمرار الجفاف وتناقص إنتاجية الآبار بشكل ملحوظ.
وخلال الاجتماع استعرض وكيل المحافظة للخدمات المهندس رشاد الاكحلي تقريرا مفصلا حول الإجراءات العاجلة التي تم اتخذاها لتخفيف من الازمة والمقترحات المقدمة حيث تم تقديم خطة شاملة ومتكاملة ترتكز على عدة محاور أساسية، تهدف إلى فرض سيطرة كاملة على جميع مصادر المياه في المدينة ومنطقة الضباب، سواء كانت آبارًا عامة تابعة للمؤسسة أو خارج سيطرتها، بالإضافة إلى الآبار الخاصة والتجارية.
وتضمنت الخطة حصرًا شاملًا لجميع الآبار لتقدير كميات المياه المتاحة ومقارنتها بالاحتياج الفعلي للمدينة، مع وضع آلية واضحة لتحديد أولويات توزيع المياه. وبموجب الخطة، ستُعطى الأولوية القصوى لمياه الشرب والاستخدامات المنزلية، تليها المرافق الخدمية، ثم الاستخدامات التجارية الأخرى.
وأكد المحافظ شمسان على ضرورة ضبط أسعار بيع المياه ووضع تسعيرة عادلة بناءً على تكاليف التشغيل الفعلية، لمنع الاستغلال وضمان وصول المياه للمواطنين بأسعار معقولة.
ووجه مؤسسة المياه بترشيد استهلاك المياه عبر شبكاتها، والعمل على إصلاح الأعطال للحد من الفاقد، والبدء الفوري في تفعيل نظام العدادات لتحقيق توزيع عادل وشفاف.
وأقر الاجتماع، مجموعة من التوصيات الملزمة للجهات المعنية، تشمل تخصيص آبار منطقة الضباب لمياه الشرب فقط، وإلزام مؤسسة المياه بتشغيل مراكز تعبئة لتغطية احتياجات المناطق غير الموصولة بالشبكة.
كما تضمنت التوصيات تفعيل دور رقابي صارم على جميع المصادر المائية لضمان الالتزام بالأسعار والأولويات المحددة، والبحث عن مصادر مياه جديدة في المديريات المجاورة كحلول مستدامة لتغطية العجز المائي في المدينة.