محللون اقتصاديون: تأثير الرسوم الجمركية الأمريكية على الشرق الأوسط ستكون محدودة
تاريخ النشر: 3rd, May 2025 GMT
مسقط- العُمانية
يرى عدد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين أن تأثير المباشر للرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة على التجارة في اقتصادات منطقة الشرق الأوسط ستكون محدودة؛ فالمنطقة تحوّلت خلال السنوات الماضية شرقًا وأصبحت شريكًا تجاريًّا أكبر للصين وآسيا مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية.
وقالت كارلا سليم، خبيرة اقتصادات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وباكستان في بنك "ستاندرد تشارترد": إنها لا تتوقع حدوث ركود اقتصاد عالمي خلال الفترة القادمة وإنما تباطؤ في النمو الاقتصادي لاسيما بالولايات المتحدة الأمريكية والصين، فيما ستحافظ بعض اقتصادات الشرق الأوسط على نموّها دون تغيير.
ووضحت أن البنك أجرى دراسة غطت الدول الخليجية وعددًا من الدول العربية (الأردن والعراق ولبنان ومصر) ووجدت أن إجمالي صادرات هذه الدول لأمريكا يبلغ 55 مليار دولار أمريكي ويتركز نصفها في مجال الطاقة كالنفط والغاز والمعادن الحيوية والتي هي مستثناة من الرسوم الجمركية الجديدة، والنصف الآخر صادرات غير نفطية بإجمالي يبلغ نحو 25 مليار دولار أمريكي وستخضع للرسوم بنسبة 10 بالمائة، وبالتالي سيكون تأثير الرسوم ضئيلًا.
وأكدت في حديثها لوكالة الأنباء العُمانية على أن الدراسة التي أجراها البنك لم تغير توقعات النمو لمنطقة الشرق الأوسط، بل على العكس، فالممرات التجارية للمنطقة مع آسيا تنمو بنسبة تتراوح بين 10 إلى 15 بالمائة سنويًّا، وقد تضيف هذه الرسوم الجديدة زخمًا إضافيًّا لهذا النمو.
وفيما يتعلق بمعدلات التضخم في المنطقة، أكدت على أن الدراسة حافظت على التوقعات السابقة دون تعديل مشيرة إلى أن قطاع الألمنيوم والحديد، يواجه رسومًا أعلى من 10 بالمائة وقد يتأثر سلبًا بهذه الرسوم، كما أن هناك تأثيرًا غير مباشر إذا أعادت الصين توجيه صادراتها من الحديد والصلب والألمنيوم (المخصصة لأمريكا) إلى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بأسعار مخفضة؛ ما يشكل تحديًا للمصنعين المحليين المتضررين من الرسوم الأمريكية.
وحول تأثير الرسوم على أسواق الأسهم وأسعار النفط في المنطقة، وضحت أن الأسعار تعكس عدم اليقين بشأن تطورات هذه الرسوم الجمركية بين أمريكا والصين، متوقعة عودة أسعار النفط إلى 70 دولارًا أمريكيًّا للبرميل في النصف الثاني من العام الجاري، لتصل إلى 80 دولارًا أمريكيًّا للبرميل بحلول عام 2026؛ نتيجة ارتفاع الطلب العالمي واستمرار تحكم منظمة "أوبك" في المعروض، بالإضافة إلى تقليص الإمدادات من المنتجين الرئيسين جراء العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران وروسيا، ما سيدفع اقتصادات آسيا كالصين والهند للاعتماد النفط من المنطقة.
أما أسواق الأسهم والسندات، أشارت كارلا سليم إلى أن هذه "الأسواق تشهد تقلبات حادة نتيجة انهيار العلاقات التاريخية بين المؤشرات؛ ما يتطلب إعادة ضبط النماذج التحليلية، ونعتقد بأن الأسواق ستستعيد توازنها مع ظهور بوادر حلول بنهاية الربع الثالث من هذا العام".
وبينت الخبيرة الاقتصادية أن الولايات المتحدة الأمريكية تحدّد معدل التعريفة الجمركية على كل اقتصاد بناءً على الميزان التجاري بينها وبين ذلك الاقتصاد، إلا أن الشرق الأوسط في وضع فريد لأن الولايات المتحدة لديها فائض تجاري مع العديد من اقتصادات المنطقة، بما في ذلك سلطنة عُمان ودول مجلس التعاون الأخرى.
وأكدت على أن قرار فرض هذه الرسوم لا يرتبط بالتحالفات السياسية أو الدبلوماسية أو اتفاقيات التجارة الحرة التي لم تحمِ تلك الاقتصادات من التعريفات المرتفعة، لكن التوقف المؤقت لمدة 90 يومًا جعل الجميع يلتزمون بمعدل الرسوم التعريفة البالغ 10 بالمائة.
وحول زيادة التبادل التجاري مع آسيا، قالت الخبيرة الاقتصادية إن الدول الآسيوية تسعى لتصدير مزيد من بضائعها إلى المنطقة بدلًا من الولايات المتحدة، ما ستعود هذه الأنشطة التجارية بالفائدة لاسيما في سلطنة عُمان عبر ميناء الدقم الذي يعمل على تعزيز وتنمية ممراته التجارية مع آسيا، وعلى اقتصادات الشرق الأوسط الأخرى عبر موانئها أيضًا.
وتوقعت أن تتجه اقتصادات المنطقة نحو التوقيع على اتفاقيات التجارة الحرة مع أطراف أخرى في أوروبا وآسيا، وأن يتكيف السوق مع هذه الأزمة ويعتبرها فرصة لإعادة توجيه التجارة نحو مناطق أخرى لا تزال أسواقًا ديناميكية سريعة النمو يمكنها الاستفادة من هذا التحول.
وأعربت عن تفاؤلها بالنظرة الإيجابية إلى مستقبل الاقتصاد العُماني، نظرًا للإصلاحات الهيكلية والتشريعات وتسهيل ممارسة الأعمال التي اتخذتها الحكومة خلال الفترة الماضية والتي خفضت سعر التعادل المالي للنفط من مستوى 80 دولارًا أمريكيًّا إلى 65 دولارًا أمريكيًّا للبرميل.
وبسعر نفط برنت عند 65 دولارًا أمريكيًّا للبرميل، توقعت الخبيرة أن يحافظ كلٌّ من اقتصادات سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر على موازناتها المالية لتحقق فائضًا ماليًّا طفيفًا.
وأكدت على أن هناك جهودًا كبيرة بذلت لدمج سلطنة عُمان في سلاسل التوريد العالمية، رابطةً بين آسيا شرقًا وأفريقيا والغرب، وهو أمر في غاية الأهمية، كما أن التكامل الإقليمي بين دول مجلس التعاون والدول العربية سيكون أساسيًّا لمشروعات مشتركة مثل "قطار الاتحاد" أو غيرها من المشروعات التي تعزّز الربط اللوجستي والنقل داخل المنطقة.
وقالت إن هذه العوامل ستشكل فرصةً محوريةً لتعزيز مسيرة سلطنة عُمان أما على صعيد الإصلاحات الهيكلية والتشريعات وتسهيل ممارسة الأعمال فقد حققت مزيدًا من الانفتاح الاقتصادي، وتسهيل بيئة الأعمال، وتسريع الإجراءات لتعزيز التنافسية، وهو ما يمكن تحقيقه.
وأشارت إلى أنه بعد إعلان الرئيس الأمريكي عن حزمة الرسوم الجمركية الجديدة في أبريل الماضي، خفض بنك "ستاندرد تشارترد" توقعاته بشأن النمو الاقتصادي العالمي من نسبة 3 بالمائة التي توقعها في بداية العام الجاري إلى نسبة 2.5 بالمائة بناء على التأثير المحتمل من فرض هذه الرسوم، أما في الشرق وخاصة الصين وآسيا، فتوقع انخفاضًا في معدل التضخم جراء خفض أسعار هذه الاقتصادات وإعادة توجيه تجارتها لزيادة الصادرات نحو الأسواق الناشئة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الرسوم الجمرکیة دولار ا أمریکی الشرق الأوسط هذه الرسوم ا للبرمیل تأثیر ا على أن
إقرأ أيضاً:
لماذا تنقل أمريكا مقاتلاتها وحاملات الطائرات إلى الشرق الأوسط؟ باحث أمريكي يجيب «الأسبوع»
تشتعل النيران في الشرق الأوسط بشكل تصاعدي في الفترة الحالية، والجميع يتوقع اندلاع حرب عالمية، وتوحي التحركات والتصريحات الأمريكية بنيتها مشاركة إسرائيل بشكل مباشر في حربها ضد إيران، ومجموعة السبع «أمريكا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وكندا واليابان وألمانيا» أعلنت دعمها الكامل والغير محدود لإسرائيل تحت مظلة أن لها الحق في الدفاع عن نفسها، والرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، أطلق تلميحا اليوم إلى إمكانية ضرب الولايات المتحدة للمنشآت النووية الإيرانية، فإلى أين يتجه المصير العالمي؟
معظم المحللون أكدوا أن الهجمة الإسرائيلية على طهران في فجر يوم الجمعة 13 يونيو 2025، كانت من أقوى الهجمات التي تأتي ضمن عملية استخباراتية قوية، ولكن إيران أفاقت بسرعة شديدة من أوجاع هذه الضربة القاصمة، وردت ليلتها، وصعدت من ضرباتها في الأيام التالية، وبعد استهداف إيران أمس الثلاثاء لمباني الاستخبارات التابعة للاحتلال، وخرجت التصريحات من كلا الجانبين توحي بانتظارهم للحظة فاصلة في هذه الحرب، وللعالم أجمع، فهل ستشارك واشنطن في هذه الحرب ضد طهران؟ ولماذا تنقل مقاتلاتها وحاملات الطائرات التابعة لها إلى الشرق الأوسط؟
هل تشارك أمريكا دولة الاحتلال حربها مع إيران؟تعليقا على ذلك، قال الدكتور مايكل مورجان، الإعلامي الأمريكي والباحث السياسي في مركز لندن للبحوث السياسية والاستراتيجية، في تصريحات خاصة لـ «الأسبوع»، أن أمريكا تدخل مع دولة الاحتلال في حربها مع إيران بشكل مباشر، لافتا إلى أن أمريكا بطبيعة سياساتها لا تشارك في حروب، خصوصا إن كانت الحرب مع إيران.
وأشار الدكتور مايكل مورجان إلى أن مشاركة أمريكا في حرب إسرائيل ضد إيران تعني قيام حرب عالمية ثالثة، ولذلك فهي ستستخدم لغة التهديد والوعيد والتصعيد.
لماذا تنقل أمريكا مقاتلاتها وحاملات الطائرات إلى الشرق الأوسط؟وأكد الإعلامي الأمريكي، أن نقل الجيش الأمريكي مقاتلاته 16-F و22-F وF-35 إلى الشرق الأوسط، ونقل مجموعة حاملة الطائرات الأمريكية «نيميتز» الهجومية من بحر الصين الجنوبي إلى الشرق الأوسط، كل ذلك لأجل الردع معنويا فقط، ولكن لن يكون هناك تدخل مباشر من الولايات المتحدة، فهي لا تنوي خوض حرب مباشرة مع إيران.
هل ستساعد أمريكا إسرائيل في عمليات عسكرية صغيرة؟وأشار إلى أنه من الممكن أن تشارك أمريكا في عمليات عسكرية صغيرة جدا، كتعطيل مفاعل نووي، أو شل حركة اتصالات أو غيره.
هل ترامب كان مؤيدا للهجمات الإسرائيلية على إيران في البداية؟وبشأن موقف الولايات المتحدة من الهجمات الإسرائيلية، قال الباحث الأمريكي: «أعتقد أنه حتى الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لم يكن سعيدا بالهجمات الإسرائيلية على إيران، ولكنه رأى بعدها أنه طالما حدث الأمر، فيمكن بذلك أن يستغله لصالحه، بحيث يستطيع التوصل إلى حل واتفاق نووي مع الدولتين حسب شروطه وما يريده».
مواجهة إسرائيل وإيرانوفي 13 يونيو 2025، شنت إسرائيل هجمات واسعة النطاق استهدفت فيها المنشآت النووية والعسكرية الإيرانية، واستخدمت الطائرات الحربية والطائرات المسيرة، وأسفرت وقتها عن مقتل عدد من كبار القادة والعلماء الإيرانيين، لترد إيران في نفس الليلة، وتطلق وابلا من الصواريخ والطائرات المسيرة على الأراضي الإسرائيلية، وخلال الأيام الماضية استهدفت مواقع في حيفا وتل أبيب ومناطق سكنية.
أما في الـ 15 من يونيو، تطور الوضع واتسعت رقعة الصراع، حيث دخلت جماعة أنصار الله الحوثي في اليمن على خط النار، ونفذت هجمات صاروخية باليستية «بما في ذلك صواريخ فرط صوتية» على أهداف إسرائيلية في مدينة يافا ووسط إسرائيل، وفقا لوسائل عالمية.
وأمس الثلاثاء 17 يونيو، هاجمت إيران أجهزة الاستخبارات التابعة للاحتلال الإسرائيلي «المخابرات العسكرية والموساد»، وذكرت وكالة «تسنيم» الإيرانية، بأن مصادر دفاعية إيرانية أكدت مقتل عدد كبير من الضباط والقادة الكبار في هذه الأجهزة.
وفي التفاصيل، نفذت قوات الجو - فضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني هجوما صاروخيا على مراكز أمنية واستخباراتية في شمال تل أبيب باستخدام صاروخ متطوّر جديد، استهدفت خلال هذا الهجوم مركزين استخباريين رئيسيين هما، «أمان» «الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية» و«الموساد» «جهاز العمليات والتجسس الخارجي».
ويعمل الاحتلال الإسرائيلي على التكتم الإعلامي الشديد على هذه الحادثة، كما يرفض تقديم أي تفاصيل بشأن الخسائر أو القتلى، أو أي من الشخصيات التي قتلت إثر الهجوم.
اقرأ أيضاًباحث أمريكي يكشف لـ «الأسبوع» مصير المفاوضات القادمة بعد استئناف العملية البرية الإسرائيلية في غزة
خاص | «باحث أمريكي»: ترامب تراجع بسبب موقف مصر القوي والحاسم ضد تهجير الفلسطينيين
«باحث أمريكي»: الإعلام الإسرائيلي يهدف إلى شق الصف العربي بترويج قبول دول استقبال الفلسطينيين