النفاق يقتل أطفال اليمن وغزة
تاريخ النشر: 23rd, November 2025 GMT
يستمر العالم في النفاق وتمجيد أيام عالمية كعناوين يحاولون من خلالها ترسيخ ثقافة تمايز دول العالم في درجات، منها ما تأتي في المرتبة الأولى ومنها النامية ومنها المتخلفة، والنفاق في إحياء الأيام العالمية يبرز من محاولة الإحياء بالإقرار والعمل بمدلولاتها التي تعني دائما الحقوق والدفاع عن الفئات الضعيفة حول العالم، ثم ظهور حالة التعارض بين ما تزعم دول المستوى الأول قناعتها بها وبين ترجمة هذا القناعة فعلياً في الواقع.
والأسبوع الماضي مرّت علينا مناسبة اليوم العالمي لحقوق الطفل، وكالعادة خرجت الأمم المتحدة بمناحتها السنوية لتتحدث عن واقع الطفولة المزري في مناطق الصراع، وعن ضرورة إعمال القانون الدولي والقوانين المتعلقة بحقوق الطفل، بما يضمن عدم تعريض هذه الفئة للخطر لو الانتهاك في مختلف احتياجاتها.
مع ذلك لم تعد بيانات الأمم المتحدة ومشتقاتها من كيانات أممية توزعت في ما بينها الأدوار والتخصصات، تتمتع ولا بنسبة 1% من المصداقية ومثله من ثقة العالم، باستثناء قوى الغطرسة والاستكبار ومصاصي دماء الأطفال، وحين يتجرأ كائن صهيوني وينتهك حرمة هذه المنظمة الدولية ويقوم بتمزيق ميثاقها من على منبرها وأمام قادة وزعماء وباطرة دول العالم، ثم لا تقوى على فعل شيء ندرك أنها ليست إلا جزء شكلي من واجهة النظام العالمي.
ورغم بياناتها التي تصف حالا مزريا لحقوق الطفل في مناطق الصراع، إلا أنه لم يحدث أن حركت ساكناً ولا لمرة واحدة ضد الانتهاكات المستمرة بحق الأطفال والنساء والمدنيين في فلسطين واليمن.
ومع أنها تحاول تحاشي الحديث عن استهداف مباشر بآلة القتل الأمريكية، إلا أنها لا تسطيع إخفاء حقيقة الآثار الكارثية لحروب أمريكا و«اسرائيل» في المنطقة، التي يعيشها أطفال غزة وأطفال اليمن، فتدمير المنازل والمدارس وأماكن الترفيه وكل شيء مدني كان يطاله العدوان الأمريكي الإسرائيلي السعودي خلال السنوات الماضية، انعكس على مستوى كل الحقوق التي يتحدثون عنها، وصارت مراكز الرصد والتوثيق تسجل تصاعداً لأرقام الانتهاكات في هذه الحقوق المهدرة وبشكل مخز لكل المجتمع البشري.
استشهد في غزة أكثر من (20) الف طفل خلال العدوان الصهيوني المتواصل منذ اكثر من عامين، وفي اليمن كانت أمريكا ولا تزال تقود تحالف عدواني، لتضرب عبثاً كل شيء، وتقتل ما يقارب الـ (5) الأف طفل، ضف إلى ذلك آلاف الإعاقات، وآلاف من فقدوا عائلهم وآلاف من اضطروا إلى ترك الدراسة والانخراط في سوق العمل، وآلاف من لا زالوا يعيشون في مخيمات النازحين، فعن أي يوم عالمي يتحدثون ويحتفلون؟!
مع أمريكا والكيان الصهيوني كل شيء مباح في عرف الأمم المتحدة، لذلك فإن تسببهما بكل هذا الامتهان والسقوط الأخلاقي بقتل الأطفال بشكل مباشر أو غير مباشر لا يقابل بأي موقف عملي يجبرهما على احترام العالم والقوانين الدولية الناظمة لعلاقات الدول.
وليس صحيحاً الحديث عن أن سقوط ضحايا من الأطفال في غزة أو اليمن كان «أعراضاً جانبية»، فقياس هذا الأمر لم يُعجز دول العالم حين اجتمعت وأقرت القوانين والمبادئ الدولية عن استيعابه ومن ثم إقرار تلك المبادئ كقواعد دولية ثابتة، بالتالي فأن ما يجري من استهداف للطفولة في المنطقة العربية والإسلامية لا يخرج عن اعتباره استهداف مباشر، فهو بالنسبة للقتلة ومصاصي دماء الأطفال والشعوب جزء من المؤامرة. ألم يقل ترامب في مجلس النواب الأمريكي موجها حديثه لـ«إسرائيليين»، لقد أعطيناكم أسلحة نعرفها وأسلحة لا نعرف حتى أسماءها وقد أحسنتم استخدامها!!
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
العامرات.. المأساة التي ما كان ينبغي أن تحدث
صاحب السمو السيد/ نمير بن سالم آل سعيد
مأساة حصلت في ولاية العامرات بتاريخ 19 نوفمبر 2025، بوفاة أسرة كاملة مكونة من 6 أشخاص؛ هم: زوج وزوجة وأربعة من أبنائهم، إضافة إلى جنين في بطن أمه بعمر 8 شهور، وذلك نتيجة لاستنشاقهم غاز أول أوكسيد الكربون أثناء نومهم، فيما قيل إنه ناتج عن تشغيل مولِّد كهربائي بديلًا عن الكهرباء المنقطعة عنهم.
في تلك الليلة هُدِمَت قلوب الكثيرين بهذه الفاجعة، وساد حزن قاتم ليس في العامرات وحسب، وانما في عُمان كلها.
سحابة سوداء خيَّمت على بيت المنكوبين في تلك الليلة والذين راحوا ضحية الأوضاع الإنسانية السيئة التي ما كان ينبغي أن يعيشوها والتي كانت سببًا في فقدانهم. فاجعةٌ أصابتهم في مقتل ولو كانت هناك تدابير أفضل للتعامل مع حالات العوز الإنساني لكان بالإمكان تفادي هذه الكارثة.
وهنا نطرح تساؤلًا: لماذا لا نستحدث مؤسسة "نماء الأسرة" تكون تابعة لوزارة التنمية الاجتماعية يُرصد لها الملايين من الريالات لدعم الأسر المحتاجة، لا سميا تلك التي لديها أطفال دون سن الثامنة عشر. ويكون من مهام هذه المؤسسة أن تنفذ زيارة واحدة كل شهر، لتفقُّد أحوال العائلات المُعسرة والتي من السهل رصدها ومعرفة مقر سكنها من الأحوال المدنية وملفات وزارة التنمية الاجتماعية.
ومثلما تأتي شركات الكهرباء أو المياه لقطع الخدمة عن المشتركين غير القادرين على دفع فواتيرها الشهرية، يمكن لمؤسسة "نماء الأسرة" المقترحة الوصول إلى هؤلاء المشتركين غير المقتدرين، لدعمهم دون اشتراطات تعجيزية أو تعقيدات إجرائية.
على أن يتضمن ذلك تقديم الدعم المالي الفوري وتزويدهم بـ"الراشن" شهريًا، وتوفير الاحتياجات الاخرى المطلوبة لضمان سلامتهم من المعاناة والألم الناتجين عن نقص المال، مع التأكد- من خلال مستشار متابعة اجتماعي لحالتهم- أن هذه الأُسر فعلًا تستحق المساعدة الاستثنائية، وإلّا غرقت من سوء الحال المستمر. كما يمكن معرفة تطور أوضاعهم المعيشية من خلال الزيارات المتكررة لهم، وخاصة الأسر التي تعول أطفال صغار. والتأكد مما إذا ما كان هؤلاء الأطفال لديهم طعام يكفي حاجتهم، أو أن سكنهم نظيف وآمن صحيًا للنوم والإقامة من عدمه، وما إذا كانت خدمات الكهرباء والمياه متوفرة لديهم، وإذا ما كانت هناك أخطار تقع عليهم من أي وضع غير صحي أو شخص في الأسرة.
إنهم أطفال وبحاجة للرعاية والاهتمام، والمعيل المُعسر أو المُسرَّح من عمله لا يستطيع توفير هذا الاهتمام لهم، لذا لا بُد لجهةٍ رسميةٍ أن تزورهم شهريًا تتفقد أحوالهم وتتخذ الإجراءات اللازمة، حتى يقف هؤلاء على أرجلهم براحة وخير، وحتى لا يقع أطفالنا ضحية الألم والمعاناة في وطنهم.
حين يعجز رب الأسرة عن تأمين المياه والكهرباء والمسكن الآمن لأسرته، يتطلب الأمر تدخُّل الجهات المختصة، وتقديم الدعم والمعونة المالية العاجلة، وتوفير الإرشاد الأسري، وتخفيف العبء المعيشي حتى تجاوز الأزمة.
إنَّ صعوبة العيش ليست اختيارًا، والمعيل الذي يقف عاجزًا أمام تلبية متطلبات أسرته ليس مُقصِّرًا دائمًا؛ بل هو إنسان يواجه ظروفًا أكبر من قدرته على التحكم فيها، وهنا تأتي أهمية التدخل الحكومي للإغاثة.
رابط مختصر