أغلقت باكستان حدودها التجارية المهمة مع الهند عبر معبر عطاري-واغا للمرة الثانية خلال 6 سنوات، مما أدى إلى تعليق الصادرات الأفغانية إلى الهند ووجود عقبات أمام استيراد السلع منها. وبينما تتصاعد التوترات بين الجارتين النوويتين، (الهند وباكستان) تجد أفغانستان نفسها مجددًا تدفع ثمنًا اقتصاديًا باهظًا لصراع لا تشارك فيه بشكل مباشر.

وقال خان الكوزي عضو مجلس إدارة غرفة التجارة والاستثمار الأفغانية -للجزيرة نت- إن إغلاق معبر عطاري-واغا بين باكستان والهند "أدى إلى توقف التجارة" مع نيودلهي بشكل كبير.

وأضاف "تُعد هذه الحدود الأقل تكلفة للصادرات الأفغانية إلى الهند، حيث يتم نقل نحو 80% من الصادرات الأفغانية، وخاصة الفواكه المجففة، إلى الأسواق الهندية. وهذه ليست المرة الأولى التي يُغلق فيها المعبر أمام التجارة الأفغانية بسبب التوترات بين إسلام آباد ونيودلهي".

العلاقات التاريخية مهددة

يُعد معبر عطاري-واغا، الذي تم افتتاحه عام 2005، طريقًا رئيسيًا للتجارة ليس فقط بين باكستان والهند، بل وأيضًا بين أفغانستان والهند عبر الأراضي الباكستانية. وشهد هذا المعبر تقلبات عديدة في السنوات الأخيرة بسبب التوترات الثنائية، ومع ذلك استمرت الهند في استيراد السلع من أفغانستان حتى خلال حكم طالبان الأول (1996-2001).

الأسواق الهندية شهدت ارتفاعًا بنسبة 20% في أسعار الفواكه المجففة بعد إغلاق المعبر (شترستوك) حجم التجارة بين أفغانستان والهند بلغ حجم التجارة الثنائية بين أفغانستان والهند 997.74 مليون دولار، وهو ما يمثل 0.09% فقط من إجمالي التجارة الخارجية للهند. بعد وصول حركة طالبان إلى السلطة عام 2021، ارتفعت واردات الهند من أفغانستان إلى مستوى قياسي بلغ 642.29 مليون دولار. تراجعت صادرات الهند إلى أفغانستان إلى 355.45 مليون دولار، وهو أدنى مستوى لها خلال الـ16عامًا الماضية. إعلان

ومع تصاعد التوترات في منطقة كشمير المتنازع عليها، يظل مستقبل التجارة بين كابل ونيودلهي غامضًا، إذ أثار إغلاق المعبر البري الوحيد المخصص لتبادل السلع بين الطرفين مخاوف جدية بشأن الاستقرار الإقليمي. وقد تسبب ذلك في زيادة الضغوط على الشركات الصغيرة والصناعات التي تعتمد على السلع المستوردة من الهند.

ويقول الخبير الاقتصادي شاكر قيومي للجزيرة نت "إذا استمر الوضع الراهن، سيضطر التجار إلى البحث عن طرق بديلة، رغم أنها ليست اقتصادية أو قصيرة مثل طريق واغا. والبدائل مكلفة وتستغرق وقتًا طويلًا وتجار الفواكه والخضراوات الطازجة يتكبدون حاليًا خسائر فادحة، ويفكرون في استخدام طرق أخرى لمواصلة أعمالهم التجارية".

بدائل تواجه تحديات

عام 2019، أصدرت الحكومة الهندية بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي مرسومًا رئاسيًا ألغى المادة 370، منهية بذلك الوضع الخاص لإقليم كشمير. وهذا تسبب في قطع العلاقات التجارية مع باكستان، مما دفع أفغانستان للبحث عن طرق بديلة للحفاظ على علاقاتها التجارية مع الهند، فاتجهت الحكومة الأفغانية السابقة إلى استخدام ميناء تشابهار الإيراني وافتتاح ممر جوي مباشر.

ويقول وزير المالية الأفغاني السابق أنوار الحق أحدي، للجزيرة نت "استثمرت الهند في ميناء تشابهار الإيراني لتقليل اعتمادها على الطريق الباكستاني". وهو خيار جيد للتجارة بين كابل ونيودلهي، لكنه يواجه قيودًا بسبب العقوبات الدولية المفروضة على إيران، بالإضافة إلى امتناع العديد من البنوك الدولية عن التعامل مع البنوك الإيرانية.

ويضيف "التبادل التجاري يمر بأزمة حقيقية، وإغلاق الحدود قد يؤدي إلى شلل أكبر في حركة التجارة".

ميناء تشابهار الإيراني يمثل خيارًا إستراتيجيًا لكنه محاصر بالعقوبات الدولية (الصحافة الإيرانية)

وتُعد الهند أحد أهم أسواق الصادرات الأفغانية، حيث تستورد ما يلي:

إعلان ما يقرب من 90% من احتياجاتها من التين المجفف. %50 من الزعفران والمشمش المجفف. إضافة إلى السجاد والأعشاب الطبية، وكل هذه السلع تمر غالبًا عبر معبر عطاري-واغا.

وتشير التقديرات إلى أن هذا الإغلاق سيؤدي إلى تراجع كبير في حجم التجارة بين البلدين خلال الأشهر المقبلة، لا سيما أن أفغانستان تعتمد بشكل كبير على هذا الطريق لاستيراد سلع أساسية من الهند.

وقد صرّح المتحدث باسم وزارة التجارة الأفغانية عبد السلام جواد -للجزيرة نت- أن إغلاق معبر عطاري-واغا "لم يؤثر فقط على التجارة الأفغانية، بل وجه أيضًا ضربة قوية للهند، إذ ارتفعت أسعار الفواكه المجففة بالأسواق الهندية بنسبة 20%.

وأضاف "بلغ حجم التجارة بين البلدين 703 ملايين دولار خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2024، منها 541 مليونا صادرات أفغانية و222 مليونا واردات. ويتم تصدير معظم الفواكه المجففة عبر هذا المعبر، وإغلاقه يعطل سلاسل التوريد الحيوية".

رؤية دبلوماسية وسط الصراع

تُعد العلاقات التجارية بين أفغانستان والهند من أقدم العلاقات في المنطقة، وتعود جذورها إلى العصور القديمة، حيث لعبت كابل دورًا إستراتيجيًا في ربط شبه القارة الهندية بآسيا الوسطى عبر طرق التجارة. وعلى الرغم من التحديات الجيوسياسية المتكررة، استمرت هذه العلاقات بوتيرة مستقرة نسبيًا.

واليوم، تعتمد أفغانستان في تبادلها التجاري مع الهند على 3 مسارات:

معبر عطاري-واغا. ميناء تشابهار. الممر الجوي الذي افتُتح عام 2019.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الفواکه المجففة حجم التجارة التجارة بین للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

العمالة للغرب وعواقبها الكارثية على العرب

 

 

إن كل هزيمة يتعرض لها العرب على أيدي الغرب لم تأتِ فجأة، بل سبقتها سنوات طويلة من التحالفات والعلاقات الحميمية، يُوهم خلالها الحلفاء بأن المودة والمصالح المشتركة ستدوم. لكن التاريخ يثبت أن الغربيين لا يحفظون الجميل لأحد، وأنهم خير من يستغل الحلفاء أيما استغلال، قبل أن يتخلصوا منهم بشكل مهين ومتعمد.
هذه القاعدة لم تختلف بين أفغانستان والعراق واليمن، ولا بين أي نظام أو حركة تظن أنها قادرة على الاعتماد على الغرب. فالثمن الذي يدفعه الحلفاء المحليون غالبًا ما يكون باهظًا، شاملًا الانهيار السياسي، والفوضى الأمنية، والتدخل المباشر، والوصاية المعلنة أو المخفية، بما يبرهن أن أي علاقة حقيقية أو موثوقة مع الغرب للعرب هي مجرد وهم، وأن الخيانة التاريخية هي القاعدة لا الاستثناء.
في الماضي، تحالفت الوهابية مع واشنطن لدحر السوفيات من أفغانستان، ظنًا منها أن التحالف سيضمن لها الحماية والنفوذ الدائم. لكن هذه المودة لم تدم، ففي غضون سنوات قليلة بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، انقلبت إلى رعب، لتبدأ الولايات المتحدة في ضرب الوهابية في أفغانستان وبقية العالم تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، مؤكدةً أن الغرب لا يعترف بالولاءات ولا يحفظ الجميل، وأن أي تحالف معه قائم على مصالحه الذاتية فقط، بغض النظر عن الثمن الذي يدفعه الحلفاء المحليون.
وفي السياق نفسه، تحالف صدام حسين مع واشنطن في الثمانينيات لضرب الثورة الإسلامية في إيران، في إطار الحرب العراقية–الإيرانية التي دامت ثماني سنوات. فصدام يعتقد أن الدعم الغربي، خصوصًا العسكري والاستخباراتي، سيضمن له التفوق على إيران، ويقوي موقفه الإقليمي داخليًا وخارجيًا. وقد حصل العراق على تمويل ضخم، وأسلحة متقدمة، ودعم سياسي من واشنطن وأوروبا، بينما كانت وسائل الإعلام الغربية تروج لصدام باعتباره خط الدفاع ضد «الخطر الشيعي الثوري».
لكن هذا التحالف لم يدم طويلاً، إذ أنه بعد نهاية الحرب، لم يلبِ الغرب أي مطالب لصدام، وبدأوا بشن العقوبات الاقتصادية عبر أدواتهم الخليجية قبل أن يستدرجوه إلى حرب الخليج في عام 1990م، لتستغل الولايات المتحدة هذا التصرف لتوجيه ضربات قاسية للعراق وفرض حصار اقتصادي صارم استمر أكثر من عقد، أدى إلى انهيار الاقتصاد وتفاقم الأوضاع الإنسانية، قبل التخلص منه نهائياً عام 2003م.
وفي اليمن، منذ عام 2004م، تحالفت واشنطن مع النظام الحاكم بشقيه الرسمي والإخواني ضد المشروع القرآني بقيادة السيد حسين بدرالدين الحوثي – رضوان الله عليه – جاء هذا التحالف في إطار سياسة أمريكية تهدف إلى حماية نفوذها في البلاد وضمان السيطرة على مفاصل القرار في اليمن، والتصدي لأي حركة ترى فيها تهديدًا للمشروع الصهيوني في المنطقة. وكانت النتيجة الأولى لهذا التدخل سقوط نظام علي عبدالله صالح، بعد أن ساعدت واشنطن حلفاءها من حزب الإصلاح في إسقاطه بثورة شعبية، وقد اعترف صالح لاحقاً أن تمكينه للإخوان من مفاصل الدولة كان بتوجيهاتٍ أمريكية، ليؤكد أنه والإخوان عملاء للبيت الأبيض، وأن واشنطن تضرب حلفاءها بحلفائها.
وبالنسبة لحزب الإصلاح، ورغم إعلانه البراءة من جماعة الإخوان، إلا أن حظر ترامب للجماعة شمل حزب الإصلاح باعتباره فرعها في اليمن، ولذلك عمدت واشنطن إلى إسقاط شرعيتهم المزعومة عبر المجلس الانتقالي بعد أن وجدت فيه الحليف الأرخص والأوفى من الإخوان وشرعيتهم المزعومة.
وحتى الشخصيات التي انسلخت من مواقفها ومبادئها سعيًا لضمان بقائها في السلطة، مثل العرادة واليدومي وغيرهما، لن تكون استثناءً من هذه القاعدة. فالتجربة تؤكد أن الارتهان لواشنطن لا يمنح حماية دائمة، بل يؤجل السقوط لا أكثر. فهؤلاء، كما غيرهم من الحلفاء المحليين، سيجدون أنفسهم في لحظة ما خارج الحسابات الأمريكية، لتكون نهايتهم السياسية إما العزل والإقصاء، أو التخلي الكامل، للأسباب ذاتها التي أطاحت بحلفاء سابقين جرى استهلاكهم ثم رُمي بهم عند تغير المصالح.
إن التاريخ يثبت أن كل تحالف عربي مع الغرب ينتهي بالخيانة والدمار، وأن أي وهم بالتعايش أو الاستقرار تحت مظلة القوة الغربية هو مجرد خدعة. ففي أفغانستان انقلبت المودة بين الوهابية وواشنطن إلى رعب، وفي العراق دفع صدام حسين ثمن تحالفه بالدمار والحصار ثم الموت، وفي اليمن أصبح الحلفاء المحليون رهينة للقرارات الأمريكية، ونهايتهم الحتمية هي العزل أو التخلي، تمامًا كما حدث مع سلفهم المرتبط بالمشروع الصهيوني العالمي.

مقالات مشابهة

  • العمالة للغرب وعواقبها الكارثية على العرب
  • قائد الجيش استقبل السفير الهندي
  • أردوغان يلتقي رئيس الوزراء الباكستاني في تركمانستان
  • الدجاج الهندي الأحمر.. حضريها في دقائق
  • السجن 14 عاما لرئيس الاستخبارات الباكستاني السابق
  • "الشورى" يُقر اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع الهند.. ويؤكد الحد من أي انعكاسات سلبية محتملة
  • روسيا والهند تدرسان تطوير صاروخ جو-جو بمدى 500 كيلومتر لمقاتلات Su-30MKI
  • مقرمش و لذيذ.. طريقة عمل الخبز الهندي بالبطاطس
  • الشورى ينتهي من مناقشة مشروع اتفاقية الشراكة الاقتصادية مع الهند
  • «مادورو» يتحدّى الحصار: أسواق الصين والهند وروسيا وإيران تفتح أبوابها لـ فنزويلا