ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤالا يقول: “اعتمرتُ في شهر شوال، ثم تحللتُ وعُدتُ إلى مصر، ثم سافرتُ بعد ذلك وأدَّيتُ فريضة الحج؛ فهل يعد ذلك تمتعًا بالعمرة إلى الحج، ويكون عليَّ هدي التمتع؟”.

اشتراطات مهمة للسفر وأداء الحج| تعرف عليهاهل يجوز للسيدات ارتداء الحلي والحرير وهن محرمات للحج؟.. الإفتاء توضح

وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إن التَّمَتُّعُ: هو أنْ يُحرم الحاج بالعمرة في أشهر الحج مِن ميقات بلده أو من غيره من المواقيت التي يمر بها أو مما يحاذيها، وَيَفْرُغَ منها، ثم يُنْشِئَ حجًّا مِن عامه دون أنْ يرجع إلى الميقات للإحرام بالحج.

وأوضحت دار الإفتاء أنه سمي بالتمتع؛ لتمتع صاحبه بإحلالِ محظورات الإحرام له في فترةِ ما بين تَحَلُّلِهِ من العمرة وإحرامه بالحج. وقيل: لتمتعه بسقوط العَوْدِ إلى الميقات ليُحرِمَ بالحج، وقيل: لهذين السببين معًا.

وذكرت دار الإفتاء أن بداية أشهر الحج: غرة شهر شوال المبارك بلا خلاف بين الفقهاء؛ قال الإمام الحطاب في «مواهب الجليل» (3/ 16، ط. دار الفكر): «ولا خلاف أنَّ أوَّل أشهر الحج شوال» اهـ.

وتابعت: فإذا وُفِّقَ القادمُ مِن الآفاق -وهي: الأماكن الخارجة عن حدود المواقيت المكانية- وأتى بأعمال العمرة في أشهر الحج، ثم مكث في مكة حتى أدَّى مناسك الحج في نفس العام على النحو المذكور سابقًا: فإنه يصير بذلك متمتعًا بإجماع الفقهاء؛ قال الإمام ابن المنذر في «الإجماع» (ص: 70، ط. دار الآثار): «وأجمعوا على أنَّ مَن أَهَلَّ بعمرةٍ في أشهر الحج مِن أهل الآفاق، وقدِم مكة ففَرَغَ منها، فأقام بِها، فَحَجَّ مِن عامِهِ: أنه متمتِّعٌ، وعليه الْهَديُ إذا وجد، وإلا فالصيام» اهـ.

أما إذا قام مريد العمرة والحج من أهل الآفاق بأعمال العمرة، ثم تحلل منها وغادر مكة وعاد إلى أهله ووطنه بعد تحلله من عمرته تلك، ثم عاد في نفس العام للحج مرة أخرى؛ فإنه لا يُعد في هذه الحالة متمتعًا، ولا يُلزم حينئذ بهدي التمتع؛ لأنَّ هدي التمتع إنما هو لأجل القربة التي حصلت بالجمع بين الحج والعمرة في رحلة واحدة، وقد انقطعَت بسفره وعودته إلى بلده، ولأنَّ الدم إنما يجب بسبب ترك الإحرام بالحج من الميقات.

وأضافت أن المعتمر في مسألتنا هذه لم يترك الإحرام بالحج من الميقات؛ بل إنه قد أحرم بالحج مِن الميقات المخصص له عند سفره مِن بلده إلى مكة مرة أخرى ولو كان ذلك في نفس العام الذي اعتمر فيه؛ فخلاصة ذلك: أنَّ الآفاقي إذا أقام بمكة بعد التحلل مِن العمرة في أشهر الحج: صارت مكة ميقاته للحج ولزمه هدي التمتع، أما إذا رجع إلى بلده بعد التحلل مِن تلك العمرة؛ فإنَّ عليه أنْ يحرم بالحج مِن ميقات بلده أو الميقات الذي يمر عليه قبل أنْ يصل إلى مكة، ولا هدي عليه في هذه الحالة؛ وهذا ما ذهب إليه جماهير الفقهاء؛ حتى حكى بعضهم فيه الإجماع، غير أنَّ الحسن البصري يرى وجوب الهدي عليه بأداء العمرة في أشهر الحج؛ سواء حج في عامه أو لم يحج.

فَعَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ I قَالَ: «إِذَا اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ أَقَامَ: فَهُوَ مُتَمَتِّعٌ، فَإِنْ رَجَعَ: فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ» أخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف».

قال الإمام ابن عبد البر المالكي في «التمهيد»: «فَإِنِ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى بَلَدِهِ وَمَنْزِلِهِ ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ ذَلِكَ: فَلَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ، وَلَا هَدْيَ عَلَيْهِ وَلَا صِيَامَ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْعُلَمَاءِ أَيْضًا، إِلَّا الْحَسَنَ الْبَصْرِيَّ؛ فَإِنَّهُ قَالَ: عَلَيْهِ هَدْيٌ؛ حَجَّ أَوْ لَمْ يَحُجَّ، قَالَ: لِأَنَّهُ كَانَ يُقَالُ: عُمْرَةٌ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مُتْعَةٌ» اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في «المجموع» في بيان شروط وجوب الهدي على المتمتع: «(والثاني): أن يحج من سنته، فأما إذا حج في سنة أخرى: لم يلزمه دم؛ لما روى سعيد بن المسيب قال: «كان أصحاب رسول الله G يعتمرون في أشهُر الحج، فإذا لم يحجوا من عامهم ذلك لم يُهدوا»، ولأن الدم إنما يجب لترك الإحرام بالحج من الميقات، وهذا لم يترك الإحرام بالحج من الميقات؛ فإنه إن أقام بمكة صارت مكة ميقاته، وإن رجع إلى بلده وعاد فقد أحرم من الميقات (والثالث): أن لا يعود لإحرام الحج إلى الميقات، فأما إذا رجع لإحرام الحج إلى الميقات وأحرم فلا يلزمه دم؛ لأن الدم وجب بترك الميقات، وهذا لم يترك الميقات» اهـ.

وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنك ما دمتَ قد أديت مناسك العمرة في شهرِ شوال، وتحللت منها، ثم عدت إلى مصر؛ فقد انقطع نُسُكُ التمتع في حقك، وبسفرك بعد ذلك إلى مكة المكرمة وأدائك فريضةَ الحج في نفس العام لا تكون متمتعًا، ولا هدي عليك في هذه الحالة.

طباعة شارك دار الإفتاء شهـــر شــــوال مصر الحج التمتع العمرة

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء شهـــر شــــوال مصر الحج التمتع العمرة العمرة فی أشهر الحج فی نفس العام إلى المیقات دار الإفتاء قال الإمام ن المیقات الحج م ن ر الحج

إقرأ أيضاً:

هل يجوز صيام بعض أيام العشر من ذي الحجة وليس كلها؟.. الإفتاء توضح

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالًا من أحد المتابعين حول حكم صيام بعض أيام من العشر الأوائل من ذي الحجة دون الالتزام بصيامها كاملة، خاصة أن كثير من المسلمين يحرصون على اغتنام فضل هذه الأيام المباركة بالتقرب إلى الله بأنواع الطاعات وعلى رأسها الصيام.

وفي رد واضح، أوضح الدكتور محمد عبد السميع، أمين الفتوى بدار الإفتاء، أنه لا حرج شرعًا في صيام بعض الأيام فقط من العشر الأوائل من ذي الحجة، سواء كان المسلم يصوم يومًا ويترك يومًا أو يقتصر على يوم عرفة فقط، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يُترك لظروف كل فرد وقدرته.

وأضاف عبد السميع، في فيديو نشرته دار الإفتاء المصرية عبر قناتها على «يوتيوب»، أن هذه الأيام المباركة – التسع من ذي الحجة – من أحب الأيام إلى الله، والعمل الصالح فيها له ثواب عظيم، وأن الإنسان يُثاب على ما يستطيع أداءه من طاعات، سواء صام بعضها أو كلها.

هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة بنية القضاء ونيل الثواب معًا.. الإفتاء توضحمتى صيام العشر من ذي الحجة 2025 وفضلها؟.. الإفتاء تحدد موعدها

وأشار أيضًا إلى أن من لم يتمكن من صيام الأيام الأولى من العشر، فلا مانع من أن يبدأ صيامه من أي يوم تبقى منها، ولا يُشترط التتابع في الصيام، بل يُمكن للمرء أن يصوم على قدر طاقته واستطاعته.

واختتمت دار الإفتاء في ردها، بالتأكيد على فضل يوم عرفة تحديدًا، حيث ورد عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قوله: «صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفّر السنة التي قبله والسنة التي بعده» (رواه مسلم)، وهو ما يُعد دافعًا كبيرًا لصيام هذا اليوم حتى لمن لم يصم غيره من أيام العشر.

طباعة شارك الإفتاء العشر الأوائل من ذي الحجة أمين الفتوى

مقالات مشابهة

  • فتاوى تشغل الأذهان | كفارة اليمين الغموس ..هل يجوز صيام بعض أيام عشر ذي الحجة ..شرعية رمي الجمرات عن الغير بدون إذن.. حكم مجاوزة الميقات بدون إحرام
  • حكم مجاوزة الميقات بدون إحرام لمن يريد الحج أو العمرة.. اعرف الرأي الشرعي
  • لماذا أوقفت السعودية التأشيرات قبل الموسم بشهرين؟.. الغرف السياحية توضح
  • الميقات في العمرة.. علي جمعة يكشف عن 4 أيام لا تجوز فيها
  • هل يجوز صيام بعض أيام العشر من ذي الحجة وليس كلها؟.. الإفتاء توضح
  • كيف تغسّل المرأة إذا ماتت وهي حائض؟.. الإفتاء توضح الطريقة الشرعية الصحيحة
  • علي جمعة يكشف عن المواقيت الزمانية المكانية للعمرة
  • ما حكم تملك البنات للذهب بعد وفاة الأم؟.. دار الإفتاء توضح
  • هل يجب على الإمام قول آمين بعد قراءة الفاتحة؟.. الإفتاء توضح
  • حكم رفع اليدين عند كل تكبيرة في صلاة الجنازة.. الإفتاء توضح