وزير التعليم في منتدى إسمع واتكلم يثمن دور الأزهر في إرساء العمل التطوعي
تاريخ النشر: 6th, May 2025 GMT
أعرب د. محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم، عن تقديره لدور مؤسسة الأزهر الشريف في إرساء مبادئ العمل التطوعي، والتسامح ونبذ العنف، ودور" مرصد الأزهر لمكافحة التطرف" في محاربة كافة الأفكار الهدامة، والتعامل مع التحديات الفكرية والمجتمعية الراهنة، وتطوير آليات التواصل مع الشباب من خلال إطلاق المنصة الحوارية "اسمع واتكلم"، لمناقشة أهم القضايا المعاصرة التي تشغلهم، وتحصينهم ضد الفكر المتطرف من خلال إكسابهم مهارات التفكير النقدي والتحليل المنطقي والسعي نحو الحفاظ على هويتهم في عصر الذكاء الاصطناعي إلى جانب نشر الوعي بالقضية الفلسطينية، والحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.
وأعرب الوزير ، خلال كلمته في فعاليات النسخة الرابعة من منتدى "اسمع واتكلم" والتي يعقدها مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، عن سعادته بالمشاركة بالمنتدى، مشيدًا بالتعاون المثمر بين خبراء الوزارة وعلماء الأزهر الشريف في عدة مجالات وأنشطة يأتي على رأسها تطوير مناهج التربية الدينية الإسلامية لتخرج معبرة بحق عن وسطية الإسلام، ومبادئه السمحة، وقيمه الأخلاقية، ومثله العليا التي نادى بها.
وأكد أن التسامح يعزز مبادئ التفاهم والاحترام المتبادل بين الأفراد ويشجع على قبول التنوع والاختلاف، ولذلك، فقد حرصت الوزارة على تحصين أبنائها ضد الفكر المتطرف، من خلال تضمين مناهج التربية الدينية العديد من القيم والمبادئ التي تتناول احترام الآخرين وعقائدهم، والحث على حسن التعايش معهم، واتسمت المناهج التعليمية في النظام المطور بالتطبيق الفعلي لمبدأ المواطنة، من خلال تضمينها قيم احترام الآخر في مناهج اللغة العربية والتربية الدينية، بمرحلة التعليم الأساسي، بما يحقق الهدف منها، وترتكز تلك المناهج على أربع ركائز أساسية تشمل المهارات الحياتية، والقيم الإنسانية الداعمة، والقضايا والتحديات المعاصرة، ووحدة وتكامل المعرفة.
واختتم الوزير قائلا: "كما أدرجت الوزارة قيم الوعي الوطني، بمصفوفة مناهج المرحلة الإعدادية في النظام التعليمي المطور، لتشمل نواتج التعلم قيم المواطنة والتسامح، وجاءت مادة اللغة العربية معبرة عن تعزيز قيم التسامح ونبذ العنف، وأظهرت الوجه المضيء للحضارة الإسلامية المتمثل في احتوائها للآخر، واحترامه.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: وزير التعليم منتدى إسمع واتكلم الأزهر من خلال
إقرأ أيضاً:
العمل التطوعي.. ضمير المجتمع ونهضته الصامتة
د. ذياب بن سالم العبري
يُعد العمل التطوعي من أنبل صور العطاء الإنساني، وأصدق تجليات الانتماء المجتمعي، فهو لا يُقاس بالأجر، ولا يُقوَّم بالمال، لكنه يترك أثرًا عميقًا في روح الفرد، وفي وجدان المجتمعات التي تؤمن بقيم التعاون والتكافل والمسؤولية الجماعية.
وقد شكّل العمل التطوعي جزءًا أصيلًا من الهوية العُمانية عبر الأجيال، حيث ظهرت ملامحه في الأفلاج، والمزارع، والمجالس، وفي مساندة الضعيف، ومؤازرة الجماعة، دون أن يُطلب شكر أو يُنتظر مقابل. ومع تطور الحياة وتعقيداتها، أصبحت الحاجة إلى تأطير هذا العطاء أكبر، ليُستفاد منه بطريقة منهجية ومنظمة، تساند المؤسسات الرسمية، وتُسهم في دعم التنمية الوطنية المستدامة.
في عُمان، كما في بقية دول العالم، بات من الواضح أن الجهود الحكومية وحدها لا تكفي لمواجهة كل التحديات، خاصة في المجالات الصحية والتعليمية والاجتماعية والبيئية. وهنا يأتي دور العمل التطوعي كـ"رئة إضافية" تُرفد المجتمع بطاقة بشرية متحمسة، وكمورد اجتماعي يُحسن استثماره عند تهيئة البيئة المناسبة له.
ولا يُمكن إغفال الفوائد العميقة التي يتركها العمل التطوعي على المتطوع نفسه؛ فإلى جانب خدمة المجتمع، يُسهم في صقل الشخصية، وبناء المهارات الحياتية، مثل القيادة، والانضباط، والتواصل الفعّال، وتعزيز الثقة بالنفس. ولذلك، تُولي العديد من الأنظمة التعليمية حول العالم أهمية كبيرة لتضمين العمل التطوعي ضمن البرامج التربوية، نظرًا لما يُحدثه من نضج مبكر في إدراك الدور الفردي في المجتمع.
ومن أبرز الجوانب التي باتت تستحق الاهتمام محليًا، ضرورة استثمار مواسم الإجازات، وعلى رأسها الإجازة الصيفية، لتوجيه طاقات الشباب إلى مبادرات تطوعية مدروسة، تعود عليهم بالنفع، وتُسهم في تنمية ولاياتهم ومجتمعاتهم. كما لا ينبغي إغفال مرحلة ما بعد التقاعد، التي تمثل مخزونًا وطنيًا من الخبرات والمعارف، يمكن أن يُستفاد منها بشكل أكبر إذا ما وُفِّرت قنوات تطوعية مُنظمة تستثمر هذه الطاقات في مجالات التدريب والإرشاد والمشورة.
ومع الثورة الرقمية التي يشهدها العالم، أصبح من الممكن اليوم تفعيل أدوات تقنية المعلومات الحديثة في تطوير العمل التطوعي، سواء من خلال المنصات الإلكترونية التي تُسهّل التسجيل والانضمام وإدارة المبادرات، أو من خلال تطبيقات الهواتف الذكية التي تُمكّن من الربط بين المتطوعين والفرص المتاحة في مختلف مناطق السلطنة. كما أتاح الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات إمكانيات جديدة لتوجيه الجهود نحو المجالات الأكثر احتياجًا، وتقييم الأثر المجتمعي لكل مبادرة.
وتُعد هذه التحولات الرقمية فرصة ذهبية لإعادة تشكيل منظومة العمل التطوعي في السلطنة، ودمجه ضمن برامج التحول المؤسسي والمجتمعي، بحيث لا يكون مجرد نشاط موسمي؛ بل جزءًا من النسيج الوطني الدائم، يقوم على التكامل بين الأفراد، والمؤسسات، والتكنولوجيا.
إن المطلوب اليوم هو أن يُنظر إلى العمل التطوعي كأحد أدوات بناء الوطن وتماسكه، لا كمجرد مبادرة خيرية عابرة. أن يُستثمر في الإنسان، ويُدمج ضمن الخطط الاستراتيجية، ويُفعَّل عبر المؤسسات التعليمية والمجتمعية، وأن يُحتفى به كقيمة سامية تليق بتاريخ هذا الشعب، وتطلعاته لمستقبل أكثر وعيًا وإنسانية.
ويُختَتم السؤال مفتوحًا كما يُفتَح باب التطوع دائمًا: أليس في وسع كل فرد أن يترك بصمته في حياة مجتمعة، ولو بخطوة صغيرة تُؤخذ في صمت؟