أكَّد الدكتور نظير محمد عيَّاد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم أن الفتوى الرشيدة تمثل ضرورة ملحة لاستقرار المجتمعات وصون تماسكها، مشددًا على أن الفتوى المنضبطة تسهم في توجيه السلوك المجتمعي، وترسيخ القيم الوسطية، ومواجهة الغلو والانحراف الفكري.

جاء ذلك خلال لقائه بـ غانم بن شاهين بن غانم الغانم، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة قطر، على هامش انعقاد دورة مجمع الفقه الإسلامي الدولي بالعاصمة القطرية الدوحة، حيث جرى بحث سُبل تعزيز التعاون بين الجانبين في مجالات الإفتاء والتأهيل الشرعي، إلى جانب مناقشة توقيع مذكرة تفاهم بين دار الإفتاء المصرية ووزارة الأوقاف القطرية.

وأوضح فضيلة المفتي أنَّ الأمانة العامة باتت مظلة جامعة تضم في عضويتها أكثر من (111) دار وهيئة إفتاء من مختلف دول العالم، وهي تعمل على التنسيق والتكامل بين المؤسسات الإفتائية الرسمية، وتقديم الدعم العلمي والمهني والفني لتطوير الأداء الإفتائي بما يواكب التحديات المعاصرة.

وأضاف فضيلته أن الأمانة العامة قد حققت خلال السنوات الماضية سلسلة من الإنجازات المهمة، من أبرزها: إطلاق المؤشر العالمي للفتوى، وعقد مؤتمرات دولية سنوية بمشاركة نخبة من العلماء والمفتين، بالإضافة إلى إنشاء مراكز تدعم البحث الإفتائي، وتطوير برامج تدريبية للمفتين والباحثين الشرعيين، وإنتاج محتوى رقمي يسهم في ترسيخ الوعي الديني الرشيد.

كما استعرض فضيلة المفتي المراكز المتخصصة التي أنشأتها الأمانة لمواكبة التحديات الفكرية والاجتماعية، ومنها: مركز سلام لدراسات التطرف ومكافحة الإسلاموفوبيا، الذي يُعنى برصد خطاب الكراهية ضد المسلمين، وتفنيد شبهات الجماعات المتطرفة، وتعزيز الصورة الصحيحة للإسلام.

وتطرف فضيلة المفتي في حديثه إلى مركز الإمام الليث بن سعد لفقه التعايش، الذي يهتم بترسيخ ثقافة التعدد والاحترام المتبادل، وتقديم نماذج من فقه التعايش التاريخي والمعاصر في السياق الإسلامي.

وشدد فضيلته على أهمية التكامل بين المؤسسات الدينية في العالم العربي والإسلامي، مؤكدًا أن وزارة الأوقاف القطرية تضطلع بدور مهم في نشر الوسطية وتجديد الخطاب الديني، مبديًا ترحيب دار الإفتاء المصرية بالتعاون معها والتنسيق من أجل توقيع مذكرة تفاهم مما يسهم في إطلاق مبادرات ومشروعات مشتركة، وتبادل الخبرات، وبناء قدرات الكوادر الدينية في مجالات الفتوى والتدريب والبحث العلمي.

من جانبه، رحب سعادة وزير الأوقاف القطري، السيد غانم بن شاهين الغانم، بفضيلة المفتي، مشيدًا بالدور الرائد الذي تقوم به دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في خدمة قضايا الأمة.

وأكد سعادته أن وزارة الأوقاف القطرية حريصة على تطوير الشراكة مع المؤسسات الدينية المعتبرة، والاستفادة من خبراتها في تقديم خطاب ديني متزن، يسهم في بناء الإنسان، وتعزيز الأمن الفكري، وترسيخ القيم الإسلامية السمحة.

وأشار إلى أن المرحلة الحالية تستوجب مزيدًا من التعاون وتكامل الجهود بين المؤسسات الدينية، لتقديم خطاب يتسم بالحكمة والاعتدال، ويواجه التحديات الفكرية بروح علمية وعملية.

اقرأ أيضاًمفتي الجمهورية: الصحافة الحرة أداة بناء وهي أحد أعمدة المجتمعات الراسخة

مفتي الجمهورية: نبذل جهدًا كبيرًا في نشر الوسطية ومواجهة الأفكار المنحرفة

مفتي الجمهورية: «العلاقة بين الدين والعلم تكاملية وليسا في صراع»

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية الدكتور نظير محمد عياد الأوقاف القطرية الأوقاف القطریة مفتی الجمهوریة الأمانة العامة

إقرأ أيضاً:

هل هناك فتاوى يجب أن تقتصر على زمان معين فقط؟.. مفتي الجمهورية يجيب

أجاب الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية، على سؤال يقول: هل هناك فتاوى يجب أن تبقى مرتبطة بزمنها دون تعميم، مع ذكر مثال؟.

مفتي الجمهورية يشكر الرئيس السيسي على رعايته للمؤتمر العالمي لدار الإفتاءمفتي الجمهورية: نطور تطبيقات تستخدم الذكاء الاصطناعي لرصد الفتاوى الشاذة

وقال مفتي الجمهورية، في حوار لصدى البلد: نعم، الفتوى قد تتغير بتغيُّر الزمان والمكان والأحوال والأشخاص، وهذه قاعدة أصيلة قرَّرها علماء الإسلام، فليست كل فتوى صالحة لكل عصر أو بيئة؛ أحيانًا تكون هناك فتاوى صدرت لظروف خاصة ينبغي أن تبقى محصورة في إطارها التاريخي ولا يُبنى عليها حكم عام في كل الأزمنة.

وتابع مفتي الجمهورية: ولعلَّ من أشهر الأمثلة بعض القضايا الطبية أو الاقتصادية المستجدّة التي قد يُفتي المفتي فيها بحكم معين وفق معطيات زمنه، ثم تتغير المعطيات العلمية أو الظروف الاجتماعية في زمن لاحق بما يستدعي مراجعة الفتوى، وهذا طبيعي، فالفتوى ليست نصًا إلهيًا ثابتًا كالقرآن أو السنة القطعية، وإنما هي جهد بشري يراعي تنزيل الأحكام على الواقع المتغيّر.

كما تابع: لكن في الوقت نفسه، يجب التنبه أن تغيُّر الفتوى مقيدٌ بضوابط الشرع ومقاصده؛ فما كان مبنيًا على نص ثابت أو إجماع لا يتغير. إنما الحديث عن الاجتهادات المبنية على أعراف أو مصالح مرسلة أو ظروف طارئة.

وأكد مفتي الجمهورية، أن هناك فتاوى معينة ارتبطت بزمانها أو حال أهلها، ينبغي أن تُفهم في نطاقها الظرفي ولا تُعمَّم على كل الأحوال، وواجب المفتي دائمًا النظر في تغيّر السياقات عند استنباط الحكم، حتى يُبقي الشريعة مرنةً وصالحةً لكل زمان ومكان دون الإخلال بثوابتها، فهذا الجمع الدقيق بين ثبات المبادئ ومرونة الفروع هو ما يجعل فتوانا تعالج واقع الناس بعدلٍ وحكمة.

طباعة شارك مفتي الجمهورية فتاوى الدكتور نظير عياد فتوى القضايا الطبية

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية يستقبل قاضي قضاة فلسطين ومفتي أذربيجان ورئيس مجلس الإفتاء بكينيا
  • مفتي الجمهورية يستقبل قاضي قضاة فلسطين ومفتي أذربيجان ومفتي لبنان ورئيس مجلس الإفتاء بكينيا
  • مفتي الجمهورية: الزواج المؤقت باطل شرعًا
  • هل يجوز اشتراط مدة معينة في عقد الزواج؟.. مفتي الجمهورية يوضح الحكم الشرعي
  • مفتي الجمهورية للشباب: اجعلوا التقنية لخدمتكم ولا تصبحوا رهائن لها
  • هل هناك فتاوى يجب أن تقتصر على زمان معين فقط؟.. مفتي الجمهورية يجيب
  • قبيل انطلاق.. مفتي الجمهورية يشكر الرئيس على رعايته للمؤتمر العالمي العاشر للإفتاء
  • مفتي الجمهورية يشكر الرئيس السيسي على رعايته للمؤتمر العالمي لدار الإفتاء
  • نائب رئيس وزراء باكستان يؤكد الالتزام بتعزيز التعاون مع تركيا
  • مفتي الجمهورية يدين قرار الوزراء الإسرائيلي باحتلال قطاع غزة