ميناء الفاو الكبير : نقطة تحول في النقل البحري أم أحلام وردية؟
تاريخ النشر: 7th, May 2025 GMT
بقلم : عامر جاسم العيداني ..
تساؤل من مراقب : هل يُعدّ ميناء الفاو الكبير المشروع المحوري لإعادة هيكلة قطاع النقل البحري وسلاسل التوريد في العراق .. بهذه الأرصفة الخمس فقط .. أم انها احلام وردية للمسؤولين العراقيين بعد أن كان من المقرر بناء ١٠٠ رصيف ؟
يُعد ميناء الفاو الكبير أحد أضخم المشاريع الاستراتيجية في العراق والذي يُنتظر أن يكون نقطة تحول في قطاع النقل البحري وسلاسل التوريد، ليس فقط على المستوى المحلي بل أيضاً على مستوى المنطقة خاصة ، والربط بين الشرق والغرب عامة .
لكن بين الطموحات الكبيرة والواقع المعقد يبرز سؤال جوهري، هل المشروع في شكله الحالي (بأرصفته الخمس فقط) قادر على تحقيق هذه الأهداف، أم أن العراقيين يواجهون وعوداً بعيدة عن الواقع خاصة بعد أن كان المخطط الأصلي يتضمن بناء 100 رصيف؟
الرؤية الأصلية لميناء الفاو
لقد تم التخطيط لميناء الفاو الكبير ليكون واحداً من أكبر الموانئ في المنطقة، حيث كان من المفترض أن يشمل 100 رصيف بطول 56 كيلومتراً وبقدرة استيعابية تصل إلى 99 مليون طن سنوياً وعمق مائي يصل إلى 19 متراً، مما يسمح باستقبال السفن العملاقة، يعني كل رصيف يستوعب مليون طن تقريبا.
ويحتاج الى ربطه بشبكة سكك حديدية وطرق برية متطورة مع المحافظات العراقية والدول المجاورة، وهذا يتم عبر مشروع طريق التنمية المزمع تنفيذه حسب خطط الحكومة الاتحادية والذي تعمل عليه مع دول اخرى مثل تركيا وقطر .
والهدف هو تحويل العراق إلى مركز لوجستي إقليمي، وتخفيف الاعتماد على موانئ الجوار (مثل موانئ إيران والكويت) وتقليل تكاليف الاستيراد وتعزيز الصادرات غير النفطية.
الواقع الحالي
في عام 2024 أعلنت الحكومة العراقية عن افتتاح المرحلة الأولى من الميناء، والتي تضم خمسة أرصفة فقط مع خطط لتوسيعها تدريجياً، لكن هذا التخفيض الكبير في العدد أثار تساؤلات حول القدرة التشغيلية المحدودة للأرصفة الخمس التي لا تكفي لاستيعاب الطموحات التجارية واللوجستية للعراق خاصة مع تزايد حجم التجارة العالمية ومع وجود الموانئ المنافسة في المنطقة (مثل جبل علي في الإمارات أو ميناء الشويخ في الكويت) إذ لديها عشرات الأرصفة وتستقبل ملايين الأطنان سنوياً.
إن المشروع الأصلي كان سيكلف عشرات المليارات من الدولارات لكن تقليصه قد يعني عدم تحقيق العوائد الاقتصادية المتوقعة، والاستثمار في خمسة أرصفة فقط لن يحقق النقلة النوعية المطلوبة .
ويتضح ان هناك تحديات فنية وبيروقراطية يعاني منها العراق منها البطء في تنفيذ المشاريع الكبرى بسبب الفساد والروتين الحكومي المعقد.
بالإضافة الى عدم وجود بنية تحتية داعمة (مثل شبكات السكك الحديدية الحديثة أو الطرق السريعة) وقد يفشل المشروع حتى لو اكتملت المراحل الأولى.
ونتساءل هل ما زال المشروع استراتيجياً، رغم التخفيض في عدد الأرصفة، لكن يبقى ميناء الفاو الكبير مهماً لأسباب عديدة منها:
الموقع الجغرافي الممتاز عند مدخل الخليج، مما يجعله بوابة مهمة للتجارة بين آسيا وأوروبا ويعمل على تخفيف الاختناقات في الموانئ العراقية الأخرى (مثل أم قصر)، التي تعاني من نقص القدرات.
ان نجاح المشروع يعتمد على جذب الاستثمارات الأجنبية إذا تم ضمان الشفافية والكفاءة في الإدارة. ولكن النجاح يتطلب تسريع بناء الأرصفة الإضافية لتحقيق الحجم الاستراتيجي المطلوب وربط الميناء بالمناطق الصناعية والحدود البرية مع تركيا والأردن وسوريا ومكافحة الفساد وضمان إدارة كفؤة للمشروع.
الخلاصة، ان ميناء الفاو الكبير لا يزال مشروعًا حيوياً للعراق، لكن تقليصه من 100 رصيف إلى خمسة فقط يُضعف آثاره الاقتصادية، وأن الحكومة العراقية أمام خيارين: إما الالتزام بالرؤية الأصلية وتوسيع الميناء ليكون منافساً إقليمياً أو قبول واقع محدود يجعل المشروع مجرد إضافة صغيرة لقطاع النقل البحري العراقي.
وأخيرا فإنّ الفرصة موجودة لكن التنفيذ هو الفيصل وإذا استمرت التأخيرات والتراجعات فقد يتحول المشروع من حلم استراتيجي إلى وعد وردي آخر في سجل العراق المليء بالمشاريع غير المكتملة. عامر جاسم العيداني
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات میناء الفاو الکبیر النقل البحری
إقرأ أيضاً:
رئيس الوزراء يشهد توقيع اتفاقية لتوطين وتوريد 21 قطار مترو جديدًا لمترو الإسكندرية
شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم خلال زيارته لمصنع "نيرك" لصناعات السكك الحديدية بشرق بورسعيد، مراسم توقيع اتفاقية لتوطين وتوريد 21 وحدة قطار مترو جديدة، بإجمالي 189 عربة، لصالح مشروع مترو الإسكندرية (أبو قير - محطة مصر).
حضر مراسم التوقيع الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل، والسيد وليد جمال الدين، رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
تبلغ القيمة الإجمالية للاتفاقية 275.02 مليون يورو، وتشمل توريد قطع الغيار والمعدات الخاصة، بالإضافة إلى تنفيذ أعمال الصيانة لمدة 10 سنوات تتضمن عمرة جسيمة واحدة ووفقًا لبنود العقد، سيتم تنفيذ المشروع خلال 38 شهرًا.
وقع على الاتفاقية الدكتور مهندس طارق جويلي، رئيس الهيئة القومية للأنفاق، والمهندس أحمد المفتي، العضو المنتدب للشركة الوطنية المصرية لصناعات السكك الحديدية (نيرك).
وأكد رئيس الوزراء أن هذا التوقيع يأتي في إطار تنفيذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتوسع في إنشاء شبكة متطورة من وسائل النقل الجماعي الأخضر والمستدام والصديق للبيئة، بهدف تسهيل حركة تنقل المواطنين وتقديم خدمات نقل متميزة لهم، في سياق خطة وزارة النقل لتنفيذ عدد من مشروعات النقل الأخضر الجماعي في محافظة الإسكندرية، التي تُعد ثاني أكبر محافظات الجمهورية من حيث الكثافة السكانية.
من جانبه، أوضح الفريق مهندس كامل الوزير أن هذه الخطوة تأتي تجسيدًا لتوجيهات الرئيس بتوطين مختلف الصناعات في مصر، وفي مقدمتها صناعات السكك الحديدية، بهدف تحويل مصر إلى مركز صناعي إقليم رائد، مشيراً إلى أن هذا التوقيع يمثل استكمالًا لسلسلة من التعاقدات التي تم إبرامها أو يجري العمل عليها بين وزارة النقل وشركة "نيرك" لتوطين هذه الصناعة الاستراتيجية.
هذا وسبق أن تم توقيع عقد لتصنيع 40 قطار مترو جديد (320 عربة مكيفة) لخدمة الخطين الثاني والثالث لمترو القاهرة الكبرى، وذلك بالشراكة مع شركة هيونداي روتيم الكورية الجنوبية، كما يجري حاليًا التعاقد على تصنيع وتوريد 500 عربة سكة حديد سيتم تصنيعها محليًا بالتعاون مع إحدى الشركات العالمية المتخصصة.
وأضاف وزير النقل أن مشروع مترو الإسكندرية سيحدث نقلة نوعية كبيرة في منظومة النقل الجماعي الأخضر والمستدام والصديق للبيئة في المحافظة، وسيساهم بشكل فعال في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستهدفة.
وأشار وزير النقل إلى أن العمل يجري حاليًا على تنفيذ الأعمال الإنشائية للمرحلة الأولى من المشروع، الذي يمتد بطول 21.7 كيلومترًا من محطة سكة حديد أبو قير وحتى محطة مصر بالإسكندرية، ويتضمن المشروع مسارًا سطحيًا بطول 6.5 كيلومترات من محطة مصر حتى ما قبل محطة الظاهرية، ثم مسارًا علويًا بطول 15.2 كيلومترًا حتى محطة أبو قير، ويشتمل على 20 محطة (6 سطحية و14 علوية).
وأكد وزير النقل أن المشروع يهدف إلى تحقيق التشغيل الآمن للخط، خاصة بعد إلغاء المزلقانات والعديد من المعابر المخالفة والتقاطعات مع الحركة المرورية، بالإضافة إلى استيعاب الزيادة المطردة في حركة النقل وعدد الرحلات، والمساهمة في تخفيف الاختناقات المرورية بالإسكندرية، كما سيساهم المشروع في خفض استهلاك الوقود نظرًا لاعتماده على الطاقة الكهربائية النظيفة، ومن المتوقع أن يزيد الطاقة القصوى للركاب من 2850 راكبًا/ساعة/اتجاه إلى 60 ألف راكب/ساعة/اتجاه، وتقليل زمن الرحلة من 50 دقيقة إلى 25 دقيقة نتيجة لزيادة سرعة التشغيل من 25 كيلومترًا/ساعة إلى 100 كيلومترًا/ساعة، وتقليل زمن التقاطر من 10 دقائق إلى 2.5 دقيقة، علاوة على ذلك، سيحقق المشروع تكاملًا في خدمة نقل الركاب مع خط سكك حديد القاهرة/الإسكندرية في محطتي مصر وسيدي جابر، ومع ترام الرمل في محطتي فيكتوريا وسيدي جابر، ومع خط سكك حديد رشيد في محطة المعمورة.