سكة الحديد بين العراق وإيران.. حلم جيوسياسي يصطدم بعقبة الشركات
تاريخ النشر: 11th, August 2025 GMT
11 أغسطس، 2025
بغداد/المسلة: يسير مشروع الربط السككي بين شلامجة والبصرة في مسار ملتبس، حيث تكشف الأرقام المعلنة عن فجوة واسعة بين الطموح السياسي والواقع التنفيذي، إذ لم يتجاوز الإنجاز الفعلي للجسر المتحرك على شط العرب 18%، فيما اقتصر التقدم الميداني على تطهير 60 متراً فقط من الألغام في مسار يبلغ طوله 36 كيلومتراً، بينما ما زال الخط الرئيسي ينتظر لحظة البدء.
وتتبدى خلفيات هذا التعثر في مشهد سياسي معقد، فالمشروع الذي صيغت ملامحه ضمن اتفاق 2021، وحصل على دفعة رمزية في سبتمبر 2023 بحضور كبار المسؤولين من البلدين، كان يفترض أن ينجز خلال 18 شهراً ليكون جاهزاً في مارس 2024، لكن مرور ما يقارب عامين منذ وضع حجر الأساس لم يفرز سوى تقدم جزئي، في ظل غياب جدول زمني ملزم، وتضارب التصريحات بين تأكيدات بإكماله نهاية 2025 وتقديرات أخرى ترجئ الجسر المتحرك نفسه إلى أربعين عام 2026.
ويتضح أن العقبة الجوهرية لا تكمن في البنية الفنية فقط، بل في إجراءات التنسيق المؤسسي، إذ يعزو الجانب العراقي التعطيل إلى تأخر تسمية الشركات الإيرانية المنفذة للجزء الواقع داخل أراضيه، وهو ما يعكس خللاً في آليات اتخاذ القرار على المستوى الحكومي الإيراني، خاصة أن بنود العقد واضحة في تقسيم المسؤوليات: بناء 33 كيلومتراً في العراق، وبناء جسر متحرك بطول 800 متر في إيران، وتطهير 16 كيلومتراً من الألغام التي تعود إلى حقبة الحرب العراقية – الإيرانية.
ويكتسب هذا المشروع بعداً استراتيجياً يتجاوز كونه رابطاً لوجستياً، إذ يعد بمثابة ممر حيوي قادر على نقل ثلاثة ملايين مسافر سنوياً، وتعزيز الطاقة الاستيعابية لموسم الأربعين، وربط الخليج بممرات النقل الإيرانية وصولاً إلى آسيا الوسطى. ومن ثم، فإن استمرار التعثر لا يعني مجرد تأخير فني، بل إهدار فرصة جيوسياسية نادرة، خاصة في ظل المنافسة الإقليمية على مسارات النقل العابرة للحدود.
وعليه، فإن حسم تسمية الشركات، وتحديد جدول زمني صارم، وضمان تنسيق أمني وفني متكامل بين بغداد وطهران، يمثل الخطوة الحاسمة لتحويل هذا المشروع من شعار سياسي إلى واقع تنموي يغير خريطة النقل في المنطقة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
إلغاء تفويضات العراق 1991-2002: ثمرة نهج هادئ يحول العراق من ملف أمني إلى شريك استراتيجي
12 دجنبر، 2025
بغداد/المسلة: أعلان الكونغرس الأمريكي، في خطوة تاريخية، إلغاء التفويضات العسكرية للحرب في العراق، لم يكن مجرد إجراء برلماني روتيني، بل انعكاساً مباشراً لتحول جذري في ديناميكيات العلاقات الخارجية العراقية، حيث برز نهج دبلوماسي في السنتين الاخيرتين، يعيد رسم ملامح بغداد على الخارطة الدولية بألوان أكثر هدوءاً وثقة.
وشكّل هذا النهج، في حقبة رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، نموذجاً لإدارة التوترات الإقليمية بعيداً عن صخب التصريحات الحادة، إذ اعتمد على توازن دقيق بين المصالح الوطنية والشراكات الدولية، مما أعاد بناء جسور انهارها عقود من النزاعات والعقوبات، ودفع اللاعبين الدوليين إلى إعادة تقييم صورة العراق كدولة ناشئة من رماد الحروب.
من جانب آخر، أدت حوارات الحكومة الهادئة، التي ركزت على قضايا الاستقرار الاقتصادي والأمني، إلى ترسيخ قناعة عالمية بأن بغداد لم تعد مجرد ملف أمني مشحون، بل شريكاً مسؤولاً يساهم في تهدئة التوترات الإقليمية، خاصة في ظل التحديات المستمرة مع الجماعات المسلحة والضغوط الخارجية، حيث أصبحت الزيارات الدبلوماسية المحسوبة أداة لتعزيز الثقة المتبادلة مع واشنطن وجيرانها.
وقال تحليل ان إلغاء التفويضات الأمريكية لعامي 1991 و2002، الذي مرر بأغلبية ساحقة في مجلس النواب بنتيجة 261 صوتاً مقابل 167، وانتظاراً للمصادقة النهائية في السناتور، يُعد أولى الثمار الملموسة لهذا النهج، إذ يعترف به كإشارة إلى نضج العراق السياسي، ويفتح صفحة جديدة تعتمد على الشراكة المتكافئة بدلاً من إرث الغزوات والاحتلال، مع الحفاظ على التعاون الأمني ضد التهديدات المشتركة مثل داعش.
أما في السياق الأوسع، فإن هذه الدبلوماسية الناعمة، التي تجمع بين الثبات الداخلي والانفتاح الخارجي، غيّرت مواقف داخل الكونغرس نفسه، حيث أقنعت حتى بعض الجمهوريين المحافظين بأن العراق اليوم يمثل عنصراً من استقرار الشرق الأوسط، لا مصدراً للقلق الأبدي، مما يعزز مكانة بغداد كوسيط إقليمي فعال في قضايا الطاقة والأمن.
و يظل التحدي في ترجمة هذا النجاح إلى استثمارات اقتصادية مستدامة وإصلاحات داخلية، ليصبح العراق نموذجاً للانتقال السلمي في منطقة مليئة بالتوترات، حيث يُظهر هذا الإنجاز كيف يمكن للصبر الدبلوماسي أن يحوّل الإرث المرير إلى فرصة للتعاون المستقبلي.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts