إدارة ترامب تكثف عمليات التجسس على غرينلاند
تاريخ النشر: 8th, May 2025 GMT
واشنطن/
نقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، عن مصدريْن مطلعيْن، أنّ إدارة الرئيس دونالد ترامب، تُكثّف جهودها في جمع المعلومات الاستخبارية المتعلقة بجزيرة غرينلاند، مُستدرجةً جهاز التجسس الأمريكي إلى حملة ترامب للسيطرة على الجزيرة.
ووفقاً للصحيفة الأمريكية، فقد أصدر عدد من كبار المسؤولين، تحت إشراف مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، “رسالة تأكيد على جمع المعلومات” إلى رؤساء وكالات الاستخبارات الأسبوع الماضي، مشيرةً إلى أنه وُجِّهَ إليهم “معرفة المزيد عن حركة استقلال غرينلاند”، ومواقف الولايات المتحدة من استخراج الموارد في الجزيرة، المتمتعة بالحكم الذاتي، وهي جزء من مملكة الدنمارك، العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وحليفٌ لعقود.
فيما قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي، جيمس هيويت، إنّ البيت الأبيض “لا يُعلق على المسائل الاستخبارية”، لكنه جدد تأكيده أنّ “ترامب كان واضحاً تماماً بشأن قلق الولايات المتحدة بخصوص أمن غرينلاند والقطب الشمالي”.
كذلك طلبت الرسالة السرية من الوكالات، التي تشمل أدواتها أقمار المراقبة، واعتراضات الاتصالات، والجواسيس على الأرض، “تحديد هوية الأشخاص في غرينلاند، والدنمارك” الذين يدعمون الأهداف الأمريكية في الجزيرة.
وأشارت الصحيفة إلى أنّ هذا التوجيه يُعدّ إحدى الخطوات الملموسة الأولى التي اتخذتها إدارة ترامب نحو تحقيق رغبة الرئيس المُصرّح بها مراراً وتكراراً في الاستحواذ على غرينلاند.
وفي أواخر مارس الماضي، كشف ترامب في مقابلة مع شبكة ” إن بي سي نيوز” أنه لا يستبعد استخدام القوة العسكرية للاستيلاء على غرينلاند، مؤكّداً أن “لا شيء مستحيلاً” في هذا الصدد، مضيفاً أنّ الاستحواذ على الجزيرة “يمكن أن يتمّ من دون استخدام القوة العسكرية”، لكنه لم يستبعد هذا الخيار.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
المساعدات الأمريكية في غزة: سلاح ناعم في حرب الإبادة الجماعية
بينما ينام العالم.. الفلسطينيون يطاردون طحينا تحت النيرانبينما يخلد العالم إلى نومه، يتكدّس آلاف الفلسطينيين في ساعات الليل القاسية قرب مراكز توزيع المساعدات الأمريكية جنوب ووسط قطاع غزة، يحدوهم الأمل بأن يسمح لهم جيش الاحتلال الإسرائيلي بالوصول إلى شحنات الغذاء، التي تديرها مؤسسة أمريكية.
لكن هذا الأمل غالبا ما ينتهي بمجازر، حيث يقتل العشرات وتُزهق أرواح المئات تحت وابل من الرصاص الإسرائيلي، في محيط يُفترض أن يكون بوابة للنجاة لا مصيدة للموت.
ففي واحدة من هذه الليالي، استشهد 25 فلسطينيا برصاص الاحتلال قرب محور نتساريم جنوب مدينة غزة، بينما كانوا ينتظرون حصّتهم من المساعدات.
المساعدات الأمريكية من الإغاثة إلى الأداة السياسية
الولايات المتحدة لا تنظر إلى المساعدات كمجرد إنقاذ إنساني، بل كأداة لإعادة تشكيل غزة سياسيا واجتماعيا وفق شروط ما بعد الحرب
منذ توقيع اتفاق أوسلو، استخدمت الولايات المتحدة أدوات مدنية وإغاثية لاختراق البنية الفلسطينية، بدعوى "دعم التنمية"، لكن المضمون السياسي لهذه الأدوات كان دائما حاضرا. وقد تضاعف هذا الحضور منذ حصار غزة عام 2007، حيث رعت منظمات مثل "USAID" ومؤسسات غير حكومية تابعة للسفارة الأمريكية؛ مشاريع ذات طابع إنساني ظاهريا، وسياسي واقتصادي باطنيا.
هذه المساعدات لم تكن يوما مجانية أو بريئة، بل حملت أهدافا خفية:
- تفكيك البنية الاجتماعية المقاومة.
- فرض نماذج سلوكية واقتصادية تتماشى مع الرؤية الغربية.
- ربط الفلسطينيين بعجلة اقتصادية تعتمد كليا على التمويل المشروط.
وهكذا، تحوّلت المساعدات إلى قيد سياسي جديد يعيق الاستقلال ويضرب البنية الذاتية.
7 أكتوبر.. التحول من "الإغاثة" إلى "الإبادة الناعمة"
مع انطلاق عملية طوفان الأقصى، وما تلاها من حرب إبادة شنّها الاحتلال الإسرائيلي، أخذت مراكز المساعدات الأمريكية شكلا جديدا لا علاقة له بالإغاثة، بل بالأمن والتحكم والهيمنة. إذ تحوّلت هذه المراكز إلى:
1- أداة ضغط سياسي: حيث تم ربط دخول المساعدات بمواقف محددة من الفصائل، وإجبار المستفيدين على توقيع وثائق مناهضة للمقاومة.
2- غطاء للجرائم: فالولايات المتحدة، التي تدّعي "الرحمة"، هي الممول العسكري الأول لإسرائيل، وتمنحها أسلحة محرّمة تقتل بها ذات المدنيين الذين تزعم واشنطن مساعدتهم.
3- بنية استخبارية ناعمة: استخدمت هذه المراكز كغطاء لجمع بيانات سكانية ومعلومات جغرافية، تحت ستار "التقييم الإنساني"، ما جعلها جزءا من منظومة الاستهداف العسكري الممنهج للبنية المدنية.
المساعدات كأداة استعمارية لإعادة هندسة غزة
الولايات المتحدة لا تنظر إلى المساعدات كمجرد إنقاذ إنساني، بل كأداة لإعادة تشكيل غزة سياسيا واجتماعيا وفق شروط ما بعد الحرب. وتتلخّص هذه الرؤية في الآتي:
- فرض قيادة بديلة خارج معادلة المقاومة.
- تفكيك النسيج المجتمعي، وربط البنية المدنية بشبكات ولاء موالية للغرب.
- تحويل "الوصاية الإنسانية" إلى نظام وصاية سياسية واقتصادية.
إن هذه السياسات تنتمي إلى مدرسة "الهندسة الاجتماعية"، التي اعتمدتها واشنطن في أفغانستان والعراق، وتحاول اليوم تطبيقها في غزة، مستغلة دمار الحرب وسلاح الجوع.
الصمت الدولي وتواطؤ "الإنسانية" الانتقائية
تتحوّل المؤسسات الدولية إلى شريك غير مباشر في الجريمة، عبر:
- تجاهل مشروطية التمويل الأمريكي التي تقوّض مبدأ الحياد.
- ترويج روايات منقوصة عن إسقاط مساعدات من الجو، دون الإشارة إلى حصار وتجويع متعمد.
- التساهل من أنظمة عربية تسهّل مرور هذه المساعدات دون رقابة، رغم علمها بالتوظيف السياسي لهذه العملية.
هذا التواطؤ الدولي يحوّل العمل الإنساني إلى "ستار ناعم" لإدارة مشروع إبادة سياسية وجغرافية كاملة لشعب بأكمله.
شهادات حية على المأساة: حين تتحوّل المساعدات إلى شرك دموي
من الميدان، تخرج شهادات تشكّل أدلة دامغة على الدور الدموي لمراكز المساعدات:
- مقاطع فيديو لجندي إسرائيلي يطلق النار من داخل مركز مساعدات أمريكي.
- ناجون يروون كيف ارتبطت بعض السلال الغذائية بتواقيع ضد المقاومة.
- عاملون سابقون يقرّون بوجود عناصر استخباراتية داخل المراكز "الإنسانية".
وفي أحد أبرز المشاهد، وصف مغردون مشهد انتظار المساعدات بـ"لعبة الحبار" الحقيقية، حيث يجب على الناس الركض ثم السقوط أرضا عند إطلاق النار، وإلا فإن القناص سينهي حياتهم.
المساعدات كوسيلة تهجير قسري
ما تُسمى بـ"المنطقة الإنسانية الآمنة" ليست سوى مقبرة صامتة للمدنيين، تُدار بالمساعدات وليس بالصواريخ فقط
لم تعد المساعدات مجرد وسيلة للبقاء، بل أصبحت أداة في مشروع التهجير وتغيير الخريطة السكانية. فالمساعدات التي تُسقَط جوا أو تُدار من معابر يتحكم بها الاحتلال، تُستخدم لتوجيه السكان نحو مناطق تعتبرها إسرائيل "آمنة"، في محاولة لفرض خريطة جديدة لغزة ما بعد الحرب.
إن ما تُسمى بـ"المنطقة الإنسانية الآمنة" ليست سوى مقبرة صامتة للمدنيين، تُدار بالمساعدات وليس بالصواريخ فقط.
خاتمة: نحو تفكيك "أسطورة العمل الإنساني" الغربي
ما يحدث في غزة ليس فشلا للضمير الإنساني، بل تواطؤا منظما بين أدوات الإبادة وأدوات الإغاثة. ولا يمكن بعد اليوم الفصل بين الدعم العسكري والتمويل الإغاثي، فكلاهما جزء من منظومة واحدة هدفها إخضاع الشعب الفلسطيني.
على النخب العربية والحقوقية أن تعيد تعريف العمل الإنساني بوصفه جزءا من مشروع تحرري، لا واجهة استعمارية ناعمة. إن تحرير العمل الإغاثي من الهيمنة الغربية يجب أن يصبح أولوية لأي مشروع مقاومة عربي أو فلسطيني، وإلا فإن التاريخ سيكتب أن شعوبا قُتلت بيد مموليها، وأن المساعدات كانت الطلقة الأخيرة في جسد وطن منهك.