بالصور.. كيف محَت الحرب العالمية الثانية خرائط اليابان وأوروبا؟
تاريخ النشر: 8th, May 2025 GMT
انتهت الحرب العالمية الثانية سنة 1945، لكن آثارها ظلت محفورة في ذاكرة البشرية، ليس فقط بما جرفته من أرواح، بل أيضا بما خلفته من دمار طال البنى التحتية والمدن الكبرى من طوكيو شرقا إلى برلين غربا، مخلفا مدنا مدمرة وأجيالا تنوء بإرث ثقيل.
وبلغ الدمار في اليابان ذروته بإلقاء أولى القنابل الذرية في التاريخ، في سابقة لا تزال موضع جدل أخلاقي وسياسي حتى اليوم.
ففي السادس من أغسطس/آب 1945، ألقت الولايات المتحدة القنبلة الذرية الأولى، "الولد الصغير"، على مدينة هيروشيما، متسببة بدمار شبه كامل للمدينة، حيث تساقطت المباني وتبخرت أجساد آلاف من المدنيين في لحظة خاطفة.
وبعد ثلاثة أيام، في التاسع من أغسطس/آب، استُخدمت القنبلة الثانية، "الرجل البدين"، على مدينة نجازاكي، موقعة 39 ألف قتيل و25 ألف جريح.
المدينة الصناعية لم تصمد أمام الانفجار النووي، فانهارت منشآتها واكتست سماءها بسحب مشعة، جعلت الحياة فيها مستحيلة لأعوام لاحقة.
ولم تكن هيروشيما وناغازاكي وحدهما ضحايا القصف، فقد شهدت مدن أخرى كـطوكيو موجات من القصف الجوي العنيف، أبرزها في مارس/آذار 1945، حين أُحرقت العاصمة اليابانية بقصف أميركي مكثف، خلّف قرابة 100 ألف قتيل في ليلة واحدة، وسوّى أحياء بأكملها بالأرض.
وفي أوروبا، لم تسلم المدن الكبرى من الدمار الذي خلّفته الجبهات المتنقلة، والقصف الجوي المكثف، والاشتباكات الضارية بين دول المحور والحلفاء.
فقد تحولت برلين، عاصمة ألمانيا النازية، إلى أنقاض في نهاية الحرب، إثر حصار عنيف وقصف جوي استمر أسابيع، وبلغ حجم الدمار فيها أكثر من 70% من مبانيها، فيما فاق عدد القتلى المدنيين والعسكريين مئات الآلاف.
أما باريس، ورغم احتلالها من قبل النازيين عام 1940، فقد نجت من الدمار الواسع الذي لحق بمدن أوروبية أخرى، حيث انسحبت القوات الألمانية منها في أغسطس/آب 1944 دون قتال واسع، عقب انتفاضة المقاومة الفرنسية.
لكن مناطقها الريفية وخطوط النقل الحيوية تعرضت لهجمات وغارات متكررة طوال الحرب.
وفي المقابل، واجهت لندن موجات متكررة من القصف الجوي، عُرفت باسم "الـبليتز" (Blitz)، شنها سلاح الجو الألماني النازي بين عامي 1940 و1941، وأودت بحياة أكثر من 40 ألف شخص، وتسببت في تدمير أحياء سكنية كاملة ومحطات قطارات ومستشفيات، ما أجبر الملايين من السكان على اللجوء إلى الملاجئ الأرضية.
إلى جانب هذه المدن، عانت مدن مثل روتردام الهولندية، ووارسو البولندية، ولينينغراد السوفياتية (التي عرفت لاحقا باسم سانت بطرسبرغ)، من دمار هائل.
فقد شهدت وارسو تدميرا شبه كلي بلغ 85% من مبانيها بسبب الانتفاضة ضد الاحتلال الألماني عام 1944، بينما خضعت لينينغراد لحصار نازي استمر أكثر من 900 يوم، خلّف مجاعة ووفاة أكثر من مليون مدني.
و لم تكن الحرب العالمية الثانية مجرد صراع بين جيوش، بل كانت كارثة إنسانية وحضارية، اختُبرت فيها أقصى درجات العنف المسلح.
مدن بأكملها مُحيت، وأجيال دفعت ثمن قرارات سياسية وتوسعية، غيرت خريطة العالم ومعها مصائر شعوبه.
إعلانومع أن الحرب وضعت أوزارها في سبتمبر/أيلول 1945، فإن رائحة الرماد ما زالت تشهد على دمار لم تعرف البشرية له مثيلا حتى اليوم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الحرب العالمیة الثانیة من مبانیها من القصف أکثر من
إقرأ أيضاً:
انفتاح اقتصادي محتمل بين سوريا وأوروبا بعد زيارة الشرع باريس
تلوح في الأفق بوادر انفتاح اقتصادي تدريجي بين دمشق والاتحاد الأوروبي، على خلفية زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى فرنسا ولقائه نظيره إيمانويل ماكرون في باريس. وهذه الخطوة تأتي ضمن سلسلة تحركات دبلوماسية، منها استئناف العلاقات مع ألمانيا التي أعادت فتح سفارتها في دمشق.
وفي فبراير/شباط 2025، قرر الاتحاد الأوروبي تعليق عدد من العقوبات الاقتصادية على سوريا، لا سيما قطاعات الطاقة والنقل، إلى جانب تخفيف القيود على بعض المؤسسات المالية، وشمل القرار إزالة 5 جهات مصرفية من قوائم العقوبات.
وقد عبر الرئيس الفرنسي عن استعداد بلاده لدعم رفع تدريجي للعقوبات الأوروبية بشرط "استمرار دمشق في مسار الإصلاح" كما تعهّد ببحث الأمر مع الولايات المتحدة.
فرص الانفتاح التجاريوبحسب بيانات شركة "سكواير باتون بوغز" كان الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأكبر لسوريا قبل عام 2011 (نحو 7.18 مليارات يورو) وتراجعت هذه القيمة إلى 396 مليونا عام 2023 بفعل العقوبات الصارمة التي فُرضت خلال الحرب.
وفي ختام زيارة الرئيس السوري، صرّح وزير الخارجية أسعد الشيباني بأنها تشكّل "نقطة تحوّل" نحو رفع العقوبات وتعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهيئة بيئة مواتية للاستثمار التجاري.
ويُشير الخبير الاقتصادي يحيى السيد عمر -في حديث للجزيرة نت- إلى إمكانية إحياء العلاقات التجارية الأوروبية السورية تدريجياً، خاصة القطاعات الزراعية والصناعية، إذا ما تم تخفيف العقوبات وتسهيل التبادل.
إعلانوفي المقابل، يرى الباحث الدكتور خالد تركاوي الباحث في مركز جسور للدراسات -في تصريح للجزيرة نت- أن العودة إلى أرقام التبادل السابقة أمر غير واقعي في المدى القريب، ويُرجع ذلك إلى عاملين:
أولاً: فقدان القدرة على تصدير النفط السوري لأسباب تقنية وسياسية. ثانياً: ضعف القوة الشرائية للمواطن السوري مما يجعل المنتجات الأوروبية بعيدة المنال مقارنة بالواردات الصينية.كما يؤكد تقرير منشور في موقع الجزيرة نت أن سوريا تحتفظ بإمكانات قوية في الصناعات النسيجية والزراعية، وقد تستعيد مكانتها إذا توفرت معايير التصدير المناسبة.
سوريا منفذ تجاري للأوروبيينويعزّز الموقع الجغرافي لسوريا من جدوى هذه العودة، حيث تُمثّل معبراً إستراتيجياً يربط أوروبا بآسيا ودول الخليج، مما يمنحها مرونة لوجستية عالية.
وبحسب تقرير الجزيرة نت، فإن سوريا قد تلعب دوراً محورياً في الربط البري عبر ممرات تجارية، خصوصاً مع إعادة تأهيل البنية التحتية.
ويرى السيد عمر أن سوريا تُشكّل بوابة طبيعية بين أوروبا والشرق الأوسط. فشبكات النقل والبنية التحتية، حال إعادة تأهيلها، يمكن أن تُتيح مرور التجارة الأوروبية نحو الأردن والعراق والخليج العربي، عبر مسارات برية أسرع وأقلّ تكلفة من النقل البحري.
ويشكل هذا التحوّل -حسب الخبير الاقتصادي- مصلحة أوروبية مباشرة، كما يمنح سوريا مصدر دخل من خلال رسوم تجارة الترانزيت.
ويرى أن دول الاتحاد الأوروبي تنظر من زاوية المصالح الإستراتيجية، وهي تدرك أن سوريا تملك موقعًا حيويًّا بالشرق الأوسط، وأن تجاهلها يعني خسارة أوروبية إضافية خاصةً مع تراجع النفوذ الأوروبي في أفريقيا، والخسائر الجيوسياسية شرق أوروبا.
ومن جانب آخر، تشير منصة الطاقة المتخصصة إلى أن مشروع الهيدروجين الأخضر السعودي قد يمر عبر الأراضي السورية في طريقه إلى أوروبا، مما يمنح دمشق أهمية جيوسياسية مضاعفة وفرصاً لجني رسوم عبور.
يرى مراقبون أن إعادة دمج سوريا ضمن إطار الشراكة الأورو متوسطية (المعروفة باسم اتفاقية برشلونة) قد توفر فرصة لتوسيع التبادل التجاري وجذب الاستثمارات، مع إمكانية الاستفادة من تخفيض الرسوم الجمركية والحصول على دعم فني ومؤسسي من العاصمة الأوروبية بروكسل.
إعلانويُبرز الدكتور تركاوي أهمية تشكيل لجان متابعة متخصصة لإعادة طرح ملف الشراكة، مؤكداً أن بروكسل قد تقدّم لدمشق منحاً وتدريبات، فضلاً عن دعم مالي مباشر إذا تم تفعيل الاتفاق مجدداً.
أما فيما يخص إعادة الإعمار، فتُقدّر تكلفته بأكثر من 300 مليار دولار، مما يجعل من المشروع أحد أكبر فرص الاستثمار في المنطقة.
ويؤكد السيد عمر أن أوروبا قد تنخرط في هذا الملف، عبر شركاتها أو عبر تمويل مباشر، في حين يشير تركاوي إلى أن التعاون بين القطاع الخاص السوري والأوروبي قد يكون مفتاح الانتعاش الاقتصادي الحقيقي، نظراً لما يوفّره من فرص عمل وتحريك للقطاعات الإنتاجية.
وتتقاطع المؤشرات السياسية والاقتصادية لتشير إلى احتمال عودة تدريجية لسوريا إلى الساحة الاقتصادية الأوروبية، مدفوعة بالتحركات الدبلوماسية والقرارات الأوروبية الأخيرة بتخفيف العقوبات. ومع توفر بنية إستراتيجية وموقع جغرافي متميز، تبدو سوريا مؤهلة للعب دور مهم كممر تجاري واستثماري، بشرط الحفاظ على مسار الإصلاح والانفتاح.