العدوان الأمريكي في مرمى الاعتراف: تقرير أمريكي يكشف استنزافًا فادحًا وخسائر ميدانية موجعة في حرب فاشلة ضد صنعاء
تاريخ النشر: 8th, May 2025 GMT
يمانيون../
في واحدة من أبرز لحظات الاعتراف التي نادراً ما تُفصح عنها واشنطن، فجّرت شبكة “إن بي سي” الأمريكية مفاجأة مدوّية من خلال تقرير يستند إلى إفادات مباشرة من مسؤولين في وزارة الدفاع، كشفوا فيه عن فشلٍ ذريع وتكلفة باهظة للحرب التي تخوضها الولايات المتحدة ضد صنعاء منذ مارس الماضي. هذا التقرير لا يوثق فقط حجم النزيف المالي والعسكري الذي يعتصر الترسانة الأمريكية، بل يفضح كذلك الارتباك الاستراتيجي للإدارة الأمريكية في مواجهة قوة محلية نجحت في فرض معادلات جديدة في المنطقة.
أرقام تفضح العجز
بحسب التقرير، فإن تكاليف العدوان الأمريكي على اليمن تجاوزت حاجز المليار دولار خلال الأشهر القليلة الماضية فقط، وهو رقم يعكس حجم الاستنزاف المتسارع لقدرات واشنطن العسكرية والمالية. ما يقرب من ألفي قنبلة وصاروخ أطلقتها القوات الأمريكية على مواقع مفترضة لصنعاء، معظمها صواريخ دقيقة التوجيه، بلغت كلفتها نحو 775 مليون دولار. ومع ذلك، لم تحقق هذه الترسانة الغاشمة ما يمكن وصفه بـ”النجاح العسكري”، إذ لم تُسجّل تغييرات ميدانية جوهرية على الأرض.
ولعل الأكثر إحراجًا للبنتاغون هو الإقرار بخسارة سبع طائرات مسيرة أمريكية في سماء اليمن، إضافة إلى غرق مقاتلتين أمريكيتين في ظروف وصفت بأنها “مرتبطة مباشرة بمسرح العمليات”. هذه الأرقام تعني أن الحرب لم تكن فقط بلا جدوى، بل إنها حملت بصمات الفشل منذ اللحظة الأولى.
حملة بلا تقييم.. وضربات بلا نتائج
الأخطر في مضمون التقرير ليس فقط الخسائر، بل غياب القدرة على التقييم والتقدير العملياتي. فقد نقلت الشبكة عن مسؤول أمريكي قوله إن “الإدارة كانت تبحث منذ البداية عن مخرج لهذه الحملة”، في إشارة إلى إدراك مبكر من قبل صناع القرار الأمريكيين بأن العمليات لن تؤتي أُكلها، وأن الضربات الجوية لم تكن إلا عملاً استعراضيًا لا يستند إلى معلومات ميدانية موثوقة.
واعترف مسؤول آخر بأنه “يصعب قياس النجاح، لأن المسيرات التي أُرسلت لتقييم نتائج القصف كانت تُسقطها دفاعات صنعاء”. وهذا الاعتراف، في جوهره، يعني أن الحملة الأمريكية مضت بلا بوصلة، بلا عين على الأرض، وبلا أدوات استخباراتية فعالة.
فشل استخباراتي وتخبط استراتيجي
يشير التقرير إلى أن الولايات المتحدة تخوض هذه الحرب دون وجود قوات لها على الأرض في اليمن، ما يجعل عملية التقييم العملياتي ضربًا من التخمين. وبحسب نفس المصدر، فإن عدم وجود أي بنية عسكرية أو استخباراتية أمريكية مباشرة داخل الأراضي اليمنية يعمّق من عجز واشنطن عن فهم طبيعة المعركة، أو حتى متابعة نتائج الضربات الجوية.
هذا الخلل الاستخباراتي هو ما يفسر، بحسب التحليل، حالة التخبط التي يعيشها البنتاغون، حيث يتم إطلاق آلاف الذخائر من دون القدرة على تحديد مدى دقة أو فاعلية هذه الضربات. ويزداد المشهد تعقيدًا عندما يكشف التقرير عن أن كل هذه الجهود، خاصة في عهد إدارة ترامب، جاءت بتكلفة باهظة، أُنفقت من المخزونات العسكرية الاستراتيجية للولايات المتحدة، دون تحقيق أي مكسب عسكري حقيقي.
كما أن استمرار الضربات اليمنية على المصالح الأمريكية في البحر الأحمر وخليج عدن، ونجاحها في تعطيل حركة الملاحة وإرغام شركات عملاقة على تغيير مساراتها، يعطي مؤشراً آخر على أن المعركة لا تسير في صالح واشنطن، بل تسحبها تدريجياً إلى مستنقع استنزاف طويل الأمد.
رسائل ما وراء السطور
التقرير الأمريكي، رغم ما فيه من لغة تقنية وعسكرية، يحمل بين سطوره رسالة سياسية واضحة: الولايات المتحدة فشلت في كسر إرادة صنعاء، وفشلت في تحويل عدوانها إلى ورقة ضغط فعالة. بل إن هذه الحملة، كما تشير المعطيات، ارتدت عليها كابوسًا من الخسائر المالية والعسكرية، وخلقت نقاشًا داخليًا متصاعدًا بشأن جدوى الانخراط الأمريكي في ساحة معركة لم تعد قابلة للتحكم.
خلاصة: حين يُهزم الكبار من دون حرب برية
المفارقة اللافتة في هذا السياق أن واشنطن، صاحبة أضخم آلة عسكرية في العالم، تخوض هذه المواجهة من الجو فقط، دون تجرؤ على الدخول البري في اليمن. ويعني هذا أن صنعاء، برغم الحصار والتصعيد، نجحت في شل حركة قوة عظمى، ودفعتها إلى الاعتراف – ولو مواربًا – بأنها لم تحرز شيئًا يُذكر.
في خضم هذا المشهد، يتأكد أن صنعاء باتت لاعباً لا يمكن تجاوزه، وأنها أعادت رسم قواعد الاشتباك، وفرضت على القوة الأمريكية أن تحسب خطواتها جيدًا، في معركة لا يبدو أن فيها منتصرًا إلا من يملك الإرادة والقدرة على الصمود.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
أبو الهول: ضربات أمريكية موجعة للحوثيين وتدمير لميناء الحديدة ومطار صنعاء
أكد الكاتب الصحفي والخبير السياسي أشرف أبو الهول أن الضربات الأمريكية الأخيرة على مواقع الحوثيين في اليمن كانت قوية ومؤثرة، وألحقت بالجماعة خسائر فادحة على الصعيدين الاقتصادي والعسكري. وخلال مداخلة هاتفية مع برنامج "حديث القاهرة"، أوضح أبو الهول أن الضربات خلال اليومين الماضيين أسفرت عن تدمير ميناء الحديدة الحيوي ومطار صنعاء، بالإضافة إلى تدمير ست طائرات تابعة للحوثيين (ثلاث بشكل جزئي وثلاث بشكل كلي).
وأشار أبو الهول إلى أن حجم الخسائر دفع سلطنة عمان للتدخل كوسيط لإنهاء العمليات العسكرية ووقف الضربات الأمريكية. وتوقع أن أي اتفاق لوقف إطلاق النار لن يلزم الحوثيين بوقف استهداف إسرائيل وسيétend ليشمل جميع السفن. وقلل من تأثير هجمات الحوثيين على إسرائيل، مؤكدًا أنها دعائية ولم تحقق نتائج فعلية.
سلطنة عمان تعلن التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين أمريكا والحوثيين
في تطور لاحق، أعلنت سلطنة عمان عن نجاح جهودها في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة وجماعة الحوثي اليمنية. وصرح ناطق باسم وزارة الخارجية العمانية بأن الاتفاق يقضي بوقف استهداف أي من الطرفين للآخر، بما في ذلك السفن الأمريكية في البحر الأحمر وباب المندب، بهدف ضمان حرية الملاحة وانسيابية حركة الشحن التجاري الدولي.
أبو الهول: إيران تسعى لإنجاح مفاوضات النووي وتصرفات الحوثيين تخدم أجندتها
وفي سياق تحليله، لفت أبو الهول إلى أن إيران لديها مصلحة في إنجاح المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة، وهو ما قد يؤثر على مواقفها الإقليمية. وانتقد تصرفات الحوثيين، معتبرًا أنها تخدم "المخطط الإيراني في المنطقة دون النظر لمصلحة اليمن".
بهذا التطور، يبدو أن جهود الوساطة العمانية قد أثمرت عن تهدئة مؤقتة للتوترات في البحر الأحمر، مع ترقب لمستقبل هذا الاتفاق وتأثيره على الأوضاع الإقليمية.