استقرار انخفاض سعر صرف الدولار باتجاه المستهدف: تكييف ام تكيف؟
تاريخ النشر: 9th, May 2025 GMT
اتضح في المدة من نيسان الماض يحتى أيار الحالي، ان سعر صرف الدولار في العراق اخذ يستقرعند الانخفاض باتجاه مستوى المستهدف (الرسمي)، لذا رب سؤال يثار في هذا السياق:هل ان هذا الاستقرار ناتج "تكييف"أم "تكيف" ؟
وللإجابة عن هذا السؤال نلجأ الى تفحص واقع إجراءات السياسة النقدية التي عززت من استجابة إشارة الصرف الأجنبي نحو الانخفاض والتي يمكن وصفها في الآتي من الفقرات:
1ـ اتباع البنك المركزي لسياسة تقييدية من الرقابة على بيع الدولار للبنوك عبر إجراءات من الشفافية للتحويلات غير الواضحة المصدر باتجاه مكافحة التهريب.
مما زاد من المعروض الرسمي وخفف الضغط على سعر الصرف.
2ـ فاعلية السياسة النقدية في تمويل التجارة الخارجية عبر البنوك المراسلة ذات التصنيف العالي، ضمن حزمة شروط وزارة الخزانة الأميركية وبنك الاحتياطي الفيدرالي .فضلا عن التوجه نحو التسديد بعملات اليورو واليوان والدرهم الاماراتي مما سهل من عمليات التحويل، في تجارتنا مع الصين وتركيا والامارات العربية المتحدة.
3ـ يضاف له انخفاض الطلب على الدولار بسبب ارتفاع درجة الامتثال المصرفي للشروط الدولية على تحويلات الدولار لمنع تهريبه إلى إيران وسوريا وتركيا عبر العراق. نتيجة لذلكقلّت عمليات التحويل المشبوهة، وانخفض الطلب غير الشرعي على الدولار، مما ساهم في استقرار سعر صرف الدولار.
4ـ فاعلية أدارة الاحتياطيات الأجنبية من البنك المركزيللتعويض عن انحسار العرض الدولاري في السوق الموازي ومنه كبح سعر الصرف نحو المستهدف.
5ـ فاعلية سياسة استهداف التضخم أدت الى تباطؤ ارتفاع المستوى العام للأسعار (التضخم) في العراق مما حد من ظاهرة الدولرة ورفع من القيمة الحقيقية للدينار .
6ـ تراجع المضاربة في السوق الموازي، فبعد اجراءات الرقابة انخفض نشاط الصرافين غير المرخصين والمضاربين الذين كانوا يرفعون السعر بشكل مصطنع.
7ـ فاعلية تمويل المسافرين بالدولار عبر السعر الرسمي ببطاقات الدفع بكلف مخفضة وبسعر الصرف الرسمي عند 1320 دينار للدولار الواحد ، مضاف اليها تحصيل الدولار النقدي عبر مطارات العراق ، بمبلغ 3000 دولار عند السعر الرسمي لكل مسافر شهريا مع حمل بطاقة الدفع الالكترونية.
8ـ عوامل خارجية دولية تتعلق بضعف عام في القوة الشرائية في الأسواق العالمية وهبوط الأسهم مما سبب هبوطا في قيمة الدولار وارتفاع الذهب ،ادى الى انخفاض الطلب عليه عالميا ومنه محليا.
ومن ملاحظة الأسباب آنفة الذكر نجد استقرار سعر الصرف وعلى الرغم من أهمية بلوغه كهدف قصير الاجل للسياسة النقدية، فانه بلوغه كان عن "تكيف"، أي اتجاه تعديل سعري قصير الاجل ناتج عن إجراءات ومعالجات قصيرة أو متوسطة الأجل لتذبذب سعر الصرف كان الهدف منها استعادة التوازن الاقتصادي المؤقت دون تغيير في البنية الأساسية للاقتصاد ومن دون سياسات راسخة معمقة طويلة الاجل، مما يقلل من فاعلية استهداف سعر الصرف عند المستوى المستهدف طويل الاجل، بينما كان من الممكن ان يحدث الاستقرار ناتجًا عن "تكييف" هيكلي طويل الأجل من خلال اتباع سياسات طويلة الاجل كما في الآتي:
1ـ انخفاض الطلب على الدولار بسبب توفر إيرادات الناتج المحلي الزراعي أو الصناعي معوضا عن الاستيراد.
2ـ تحسن ميزان المدفوعات بفضل الصادرات الزراعية والصناعية غير نفطية.
3ـ اصلاح النظام المصرفي هيكليا، وتفعيل دور الأدوات النقدية وعلى راسها هيكل أسعار الفائدة بشكل يعيد بناء التوازن الكلي الى وضعه الطبيعي دون الانفصام بين ماهو حقيقي وماهو نقدي.
4ـ الحد من الريعية من خلال تنويع الاقتصاد عبر تخصيص الموارد اعتمادا على التجارة الخارجية في توليد فائض القيمة الوطني. والنتيجة: استقرار أكثر استدامة ، لأن الاقتصاد أصبح أقل اعتمادًا على العوامل الخارجية.
واذا ما استمر التوازن والحال كما هي عليه فان كمية المعروض من الدولار لاتزال معرضة للاستنزاف خلال سنة من الاستيراد فيما إذا توقف تصدير النفط بسبب اجواء الحروب والتهديدات مثلا او تعرض الاقتصاد الى صدمات خارجية مماثلة، فضلا عن ان الاعتماد على إدارة الاحتياطيات والإجراءات الأخرى الصارمة سوف لن تكفي لضمان استقرار طويل الاجل لسعر الصرف.
ختاما وبلحاظ أهمية اقتراب استقرار سعر الصرف عند مستواه المستهدف إنجازا مهما للسياسة النقدية فان مع غياب الإصلاحات الهيكلية وتنويع الاقتصاد وتحسين بيئة الأعمال ومكافحة الفساد وغيرها ستجعل أي استقرار في سعر الصرف عرضة للانتكاس، خاصة مع تقلبات أسعار النفط أو الأزمات السياسية والصدمات الخارجية. ما يقتضي أهمية التخطيط للتكييف الهيكلي طويل الاجل على مستوى السياسة الاقتصادية الكلية.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام
المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز
كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار سعر الصرف
إقرأ أيضاً: