وتكتسب هذه القضية أهمية خاصة في ظل التطور التقني الهائل الذي شهدته صناعة السينما، والذي جعل الخط الفاصل بين الواقع والخيال أكثر ضبابية من أي وقت مضى، حيث باتت الاستوديوهات قادرة على إعادة إنتاج أي مكان في العالم بدقة مذهلة.

ومن خلال أمثلة حية ومقارنات، استعرض برنامج "عن السينما" في حلقة (2025/6/24) الخيارات الصعبة التي يواجهها المخرجون وفرق الإنتاج عند اتخاذ قرار مكان التصوير.

وتعود جذور هذا النقاش في الحركة الواقعية الإيطالية -التي ظهرت عام 1944 بعد الحرب العالمية الثانية- عندما قرر مجموعة من المخرجين الإيطاليين تصوير الواقع كما هو، بعيداً عن بريق هوليود ونجومها الوسيمين وقصص الحب الخيالية.

وقد سعت هذه الحركة إلى التعبير عن معاناة الحرب والبؤس الاجتماعي والفساد الأخلاقي من خلال تصوير الحياة اليومية للناس في أماكنها الطبيعية.

وظهر الفارق جلياً عند مقارنة فيلمين مقتبسين من نفس الرواية "رجل البريد يطرق الباب دائما مرتين" حيث تم إنتاج النسخة الإيطالية "أوسسيوني" عام 1943 في أماكن حقيقية بإضاءة طبيعية، مما منح المشاهد طابعاً وثائقياً يعكس الفقر وأثر الزمن، بينما النسخة الأميركية المنتجة عام 1946 في الاستوديو قدمت كل شيء مرتباً ونظيفاً ولامعاً على طريقة نجوم هوليود.

ورغم الواقعية التي يوفرها التصوير في الأماكن الحقيقية، يواجه صناع الأفلام تحديات جمة تبدأ بالحصول على تصاريح التصوير التي تتطلب إغلاق شوارع معينة وتعطيل حركة المرور.

وهذا ما يفسر لماذا نجد أغلب المشاهد المصورة في شوارع وسط القاهرة خالية من المارة، إذ لا تُمنح تصاريح التصوير إلا أيام الإجازات وتحديداً بعد الفجر.

خبراء الكاميرات

يضاف إلى ذلك مشكلة "خبراء" اكتشاف الكاميرا من المارة الذين يسعون للظهور أمامها، كما أوضح المخرج محمد خان أحد رواد الواقعية في السينما المصرية. وحتى لو أُخفيت الكاميرا، يبقى هناك من يكتشفها ويحدق فيها، مما يفسد اللقطة ويجعل المشهد غير مقنع.

إعلان

كما تشمل التحديات التقنية صعوبة التحكم في الصوت، حيث تتداخل أصوات فرامل السيارات والضوضاء وصراخ الناس مع الحوار المطلوب، بينما يوفر الاستوديو سيطرة كاملة على البيئة الصوتية.

ويفرض ضيق المساحات في الأماكن الحقيقية قيوداً على حركة الكاميرا ووضع الإضاءة، وهي مشكلة يحلها الاستوديو ببناء غرف بجدران متحركة.

ومن الناحية المالية، قد يكون التصوير في الشارع أكثر تكلفة من المتوقع، كما حدث عند تصوير مشهد عقاب سيرسي في مسلسل "صراع العروش" بشوارع مدينة ديبروفنيك الكرواتية، حيث اضطرت شركة "إتش بي أو" (HBO) لدفع آلاف الدولارات تعويضاً للسكان وأصحاب المحلات المغلقة لعدة أيام.

وعلى الجانب الآخر، تبرز عبقرية مهندسي الديكور مثل أنسي أبو سيف في السينما المصرية الذي بنى حارة فيلم "إبراهيم الأبيض" بميزانية قدرت بمبلغ 50 ألف جنيه في 5 أسابيع فقط.

وصمم أنسي البيوت بطريقة متقاربة ومتلاصقة لتسمح بمشاهد المطاردة والقفز، وجعل بيت الشخصية الرئيسية فوق جبل اصطناعي يطل على الحارة، مما يصعب تحقيقه في مكان حقيقي.

ولكن مع تقدم الزمن وتطور الصناعة والخبرة الفنية، أصبح الفارق بين الديكورات المصنوعة داخل الاستوديوهات والتصوير في الأماكن الحقيقية ضئيلاً جداً.

فهناك أفلام كثيرة تبدو شديدة الواقعية رغم تصويرها في الاستوديو، وأخرى صُورت في الشارع دون أن ننتبه لأي مشاكل تقنية.

الصادق البديري24/6/2025

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات التصویر فی

إقرأ أيضاً:

موعد صرف مرتبات شهر يوليو للعاملين بالدولة.. وقيمة الزيادة الجديدة

مرتبات شهر يوليو 2025.. يترقب عدد كبير من الموظفين والعاملين بالجهاز الإداري للدولة، موعد صرف مرتبات شهر يوليو 2025، خاصة مع تطبيق الزيادة الجديدة التي أقرتها الحكومة ضمن حزمة الإصلاحات الاجتماعية لتحسين دخل الأفراد.

ويستعرض موقع «الأسبوع» للزوار والمتابعين في السطور التالية، كل التفاصيل المتعلقة بـ مرتبات شهر يوليو 2025، ضمن خدمة يقدمها الموقع في مختلف المجالات، ويمكنكم المتابعة بالضغط هنـــــا.

موعد صرف مرتبات شهر يوليو

تبدأ عملية صرف مرتبات شهر يوليو 2025، في الفترة من 22 إلى 26 يونيو 2025، بالزيادة الجديدة للعاملين بالوزارات والمصالح الحكومية والهيئات العامة والاقتصادية، من خلال البنوك العاملة في القطاع المصرفي المصري، وفقًا للجدول الزمني المعتمد.

مرتبات شهر يوليو 2025 الحد الأدنى للأجور

يتضمن الحد الأدنى للأجور 2025 زيادات متفاوتة تصل إلى 1600 جنيه لبعض الدرجات الوظيفية، حيث تتراوح نسبة الزيادة في الحد الأدنى للأجور لموظفي الجهاز الإداري للدولة 13%، للدرجات العليا وإلى 18% لموظفي الدرجة السادسة، ما يعكس توجه الدولة لتعزيز العدالة الاجتماعية وتخفيف الأعباء المعيشية على الموظفين والعمال.

مرتبات شهر يوليو 2025 قيمة مرتبات شهر يوليو 2025 بعد تطبيق الزيادة

- مرتبات شهر يوليو للدرجة الممتازة تصل إلى 13.800 جنيه، بدلا من 12.200 جنيه.

- مرتبات شهر يوليو للدرجة العالية أو ما يعادلها تصل إلى 11.800 بدلا من 10200 جنيه.

- مرتبات شهر يوليو لدرجة مدير عام أو ما يُعادلها تصل إلى 10.300 جنيه بدلا من 8700 جنيه.

- مرتبات شهر يوليو للدرجة الأولى أو ما يُعادلها تصل إلى 9.800 جنيه بدلا من 8200 جنيه.

- مرتبات شهر يوليو للدرجة الثانية أو ما يُعادلها تصل إلى 8.500 جنيه بدلا من 7200 جنيه.

- مرتبات شهر يوليو للدرجة الثالثة أو ما يُعادلها تصل إلى 8000 جنيه بدلا من 6700 جنيه.

- مرتبات شهر يوليو للدرجة الرابعة أو ما يُعادلها تصل إلى 7300 جنيه بدلا من 6200 جنيه.

- مرتبات شهر يوليو للدرجة الخامسة أو ما يُعادلها تصل إلى 7100 جنيه بدلا من 6000 جنيه.

- مرتبات شهر يوليو للدرجة السادسة أو ما يُعادلها تصل إلى 7100 جنيه بدلا من 6000 جنيه.

اقرأ أيضاًموعد صرف معاشات شهر يوليو 2025 بالزيادة الجديدة

للعاملين بالقطاع الخاص.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية وذكرى 30 يونيو 2025

مقالات مشابهة

  • ختام صناع القرار بمناقشات حول سبل توطين الاستثمارات الأجنبية المباشرة
  • تونس في عدسة الكاميرا 1920.. معرض يوثّق الذاكرة البصرية للمدينة العتيقة
  • موعد صرف مرتبات شهر يوليو للعاملين بالدولة.. وقيمة الزيادة الجديدة
  • د.حماد عبدالله يكتب: وسائل النقل العام (هى الحل!!)
  • مسؤول أميركي: ترامب يفضل الصفقة على الحرب ويعتزم إبلاغ نتنياهو
  • في تعز.. مواقد الحطب تشتعل بدلاً من الغاز والجوع يُحاصر البيوت (تقرير خاص)
  • البابا عن ضرب المنشآت النووية الإيرانية: دعوا الدبلوماسية تتحدث بدلاً من الأسلحة
  • صلاح أبو سيف في ذكراه.. رائد الواقعية الذي نقل المرأة والشارع إلى شاشة السينما
  • اليوم.. ذكرى رحيل صلاح أبو سيف رائد السينما الواقعية في مصر