سلماه.. ارتباط الإنسان بالمكان رغم قسوة الطبيعة
تاريخ النشر: 10th, May 2025 GMT
بعيدًا عن الأنظار في قلب تلال بنية اللون تقع عند سفوح جبال الحجر الشرقية، يختفي كهف مجلس الجن الذي يُعد واحدًا من أعظم وأجمل العجائب الطبيعية، ويُعد ثالث أكبر الكهوف الجوفية في العالم، وفوق تجويف الكهف سكن أهالي سلماه منذ عشرات السنين كحراس للكهف.
ورغم قساوة التضاريس يظل الإنسان مجبولًا على الانتماء للمكان الذي نشأ فيه، إذ قُدَّ العُماني من صلابة الجبال وشموخها الذي يُطاول السماء، ولا غرابة إذن في استطاعة العُماني تطويع التضاريس الصلدة ليشق في جبالها طرقًا تكون شرايين تنقّلاته وتفاعلاته الحياتية، ويبني فوق قممها بيوت سكناه.
فريق جريدة "عمان" خاض مغامرة صعود الطرق الوعرة ذات المنحدرات الحادة للوصول إلى سلماه التي تجاور كهفًا مساحة أرضيته 58 ألف متر مربع وسعته 4 ملايين متر مكعب، وبطول يصل إلى 310 أمتار وبعرض 225 مترًا، ورغم ضخامة حجم كهف مجلس الجن إلا أنه من الصعوبة اكتشاف الكهف في هذه المساحة الشاسعة من النجد الجبلي الذي يتسم بكثرة تصدعاته وأخاديده، وكل ما يدل على وجوده من الخارج هو مجرد ثلاث فتحات تبدو غير ذات أهمية للناظر إليها.
وتفتح جريدة "عمان" ملف أولى حلقات "التنمية لا تعيق عزيمتها التضاريس الصلدة"، حيث محطتنا الأولى "سلماه" حيث المكان جزء لا يتجزأ من كيان الإنسان العُماني في سفوح الجبال، فهو مستودع ذكريات أيام الطفولة البريئة للقاطنين فيها، مستمدين التطلعات من شموخ الجبال، وتقف "سلماه" اليوم على موعد مع مشاريع تنموية خدمية منها وسياحية، استهلتها وزارة الإسكان والتخطيط العمراني بقرار نقل القاطنين فوق التجويف الصخري لكهف مجلس الجن إلى مخطط سكني متكامل لا يبعد سوى عشرات الأمتار من سكناهم الحالية، ويتضمن المخطط السكني المتكامل قيد التنفيذ حاليًا 24 قطعة أرض سكنية، يتم بناء 14 قطعة منها كوحدات سكنية، بالإضافة إلى بناء مجلس ومسجد ومحلات تجارية، ويمثل إيصال معدات ومواد البناء تحديًا كبيرًا في مثل هذه التضاريس التي ذُللت من أجل تنمية الإنسان في قمم جبال الحجر الشرقي.
قاطنو سلماه
وصف محمد بن عزان بن صباح الغداني العيش في سلماه بالصعبة، إلا أنه ارتبط بها منذ زمن طويل جدًّا بعد جد، ما تزال الطريق تمثل تحديًا كبيرًا للخروج والدخول للمنطقة، وقال: رغم ذلك سمعنا عن نية وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات شق طريق لقرى الجبل الأبيض، وهو نبأ يُثلج الصدر، إذ يُعزز هذا المشروع من التواصل بين قرى الجبل والقرى الأخرى، ونتمنى أن يبدأ الطريق من فنس باتجاه الجبل الأبيض.. مضيفًا: إن تربية الماشية هي مهنتنا منذ القدم، واختار الأجداد هذا الموقع نظرًا لارتفاعه وبعده عن التجمعات السكانية، وقد وصلتنا الكهرباء تقريبًا في عام 2014م.
وبيَّن سالم بن محمد الغداني، أن التنقل قديمًا ما بين سلماه وفنس كان يستغرق نحو 4 ساعات، ومع وجود طريق ترابي، ورغم وعورته، إلا أنه قلَّل مدة التنقل إلى ساعة واحدة، وإذا ما وُجد طريق مرصوف سيتيح التنقل أسهل ما بين سلماه و فنس، وكذلك سهولة التنقل بين قرى الجبل الأبيض، كما نرى أن تُراعى مسألة استدامة الطريق أثناء الأنواء المناخية لضمان استمرار ذهاب الطلبة لمدارسهم.
وأوضح أن المخطط السكني المتكامل الذي تنفذه وزارة الإسكان والتخطيط العمراني سوف يستوعب كل الأسر في سلماه بما فيها الأسر المركبة، بالإضافة إلى إنشاء مسجد ومجلس ومحلات تجارية، وكل المشاريع الخدمية والسياحية المُزمع البدء فيها بالمنطقة ستُسهم في تعزيز السياحة في سلماه خلال الفترة القادمة.
بينما أكد سعيد بن عزان الغداني أن الأبناء منتظمون دراسيًا بالمدارس الحكومية في قرية فنس بقريات، إذ تتحرك يوميًا 3 مركبات تحمل الطلبة صباحًا، ومركبتان أخريان ظهرًا، وتستغرق المسافة ما بين سلماه إلى المدرسة يوميًا نحو ساعة ذهابًا ومثلها إيابًا، ونتزود بالمياه من منطقة السليل من خلال استخدام ناقلات المياه.
وذكر أن كهف مجلس الجن، رغم أنه مجاور لسلماه، إلا أن 3 أشخاص فقط من القاطنين فيها استطاعوا النزول إلى الكهف، ورغم الحركة السياحية النشطة لزيارة الكهف، إلا أنه بالنسبة لنا لا نزال نجهل مكنونات هذا الموقع الذي تُشد إليه الرحال من أصقاع العالم.
مخطط سكني متكامل
والتقت جريدة "عمان"، خلال زيارتها لمنطقة سلماه، المهندس ماجد بن محمد الأخزمي، مدير مشروع المخطط السكني المتكامل بسلماه، ومهندس مشاريع بالمديرية العامة للإسكان الاجتماعي والمشاريع بوزارة الإسكان والتخطيط العمراني، الذي قال: إن المشروع يشمل إنشاء 14 وحدة سكنية متكاملة مكوّنة من طابق واحد، تضم كل وحدة 3 غرف نوم، ومجلسًا، ومرافق خدمية، إلى جانب مسجد يتكون من مُصلى للرجال وآخر للنساء، وغرفة للإمام، بالإضافة إلى محلات تجارية تخدم سكان المنطقة، وتبلغ المساحة الإجمالية لبناء كل وحدة سكنية حوالي 189 مترًا مربعًا، وبلغت التكلفة الإجمالية للمشروع مليونًا و277 ألفًا و745 ريالًا عمانيًا، ويقع المخطط في منطقة سلماه بولاية قريات، ويستهدف المشروع السكان القاطنين بالقرب من المدخل الرئيسي لكهف مجلس الجن، إذ يشمل المخطط الأساسي 24 قطعة أرض سكنية، ويجري حاليًا تنفيذ بناء لـ14 وحدة سكنية منها، وفقًا لخطة التنفيذ المعتمدة.
وأوضح أن المدة الزمنية المقدرة لإنجاز المشروع هي سنة ونصف، أي 18 شهرًا، ما يعادل تقريبًا 540 يومًا، حيث تم البدء في تنفيذ المشروع بتاريخ 15 أكتوبر 2024.
وأكد أن المخطط العام يضم 24 قطعة أرض، إذ لا توجد في الوقت الحالي خطط لإضافة وحدات سكنية جديدة، وغطى المشروع احتياجات جميع الأسر القاطنة في المنطقة، بما في ذلك الأسر المركبة، ويُترك تنفيذ ما تبقى من القطع حسب الحاجة المستقبلية.
الطبيعة الجبلية الصخرية
وبيَّن أن المشروع واجه العديد من التحديات، أهمها الطبيعة الجبلية الصخرية للمنطقة، ما جعل عمليات الحفر والتهيئة صعبة ومكلفة، وعدم وجود طريق مُمهد للوصول إلى الموقع، إذ يبعد عن أقرب طريق معبدة بمسافة تُقدَّر بحوالي 25 كيلومترًا، وكذلك افتقار المنطقة إلى مصادر المياه والكهرباء، مما تطلَّب توفير حلول مؤقتة لتشغيل الموقع، وصعوبة نقل المعدات ومواد البناء نظرًا لوعورة الطريق المؤدي إلى الموقع، بالإضافة إلى تأثر سير العمل بتقلُّبات الطقس، خاصة الرياح الشديدة بسبب ارتفاع الموقع، ورغبة الأهالي في البناء بنفس الموقع وعدم الانتقال إلى أماكن أخرى، ما تطلَّب تجاوبًا خاصًا من الجهات المعنية لتلبية مطالبهم في بيئتهم الأصلية.
وأضاف: من حيث اختيار الموقع، رُوعي في اختياره عدة معايير تخطيطية، من بينها ضمان سهولة الدخول والخروج من المنطقة رغم التضاريس، واختيار مواقع قريبة نسبيًا من مصادر الخدمات قدر الإمكان، بالإضافة إلى مراعاة استقرار التربة وسلامة الموقع من الناحية الجيولوجية، والحفاظ على تماسك النسيج الاجتماعي للسكان ضمن مخطط موحد ومنظم.
مضيفًا: إن الوزارة حرصت على الاستجابة لمطالبات السكان دون الإخلال بجوانبهم الاجتماعية والبيئية، وتم تصميم الوحدات بمساحات ملائمة، ضمن بيئة عمرانية تراعي عادات المجتمع المحلي، وقد أسهم المشروع في ضمان بقاء الأهالي بالقرب من مواقع أنشطتهم اليومية، دون الحاجة إلى الانتقال إلى مناطق أخرى بعيدة عن بيئتهم الأصلية، وقد تم إقرار نقل القاطنين في سلماه بناءً على عزم الحكومة تطوير المنطقة سياحيًا.
شريان مرصوف قيد التخطيط
وقال المهندس يوسف بن عبدالله المجيني، مدير عام الطرق والنقل البري بوزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات: طرحت وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات المناقصة الاستشارية لتحديد مسار طريق الجبل الأبيض، إذ تم إسناد المشروع لأحد الاستشاريين المتخصصين في مثل هذه الأعمال، للقيام بدراسة وتحديد مسار طريق الجبل الأبيض من عدة مواقع.
وأكد أن أعمال التصميم في مراحلها النهائية لتربط هذه المسارات قرى الجبل الأبيض ببعضها، ويأتي هذا المشروع لتعزيز سهولة تنقل المواطنين، وليكون الجبل الأبيض مزارًا سياحيًا لما لهذا الجبل من طبيعة ومواقع تجذب السياحة وغيرها.
تطوير الكهف سياحيًا
وقال سلطان بن سليمان الخضوري، مدير الأصول بمجموعة "عُمران": تطوير كهف مجلس الجن يأتي ضمن جهود الجهات المعنية، بالتعاون مع مجموعة عُمران، لتعزيز مكانة سلطنة عُمان كوجهة رائدة في سياحة المغامرات، من خلال استثمار مقوماتها الطبيعية الفريدة وتقديم تجارب نوعية في مجالات السياحة الجيولوجية والبيئية.
وأوضح، أن مجموعة عُمران تعمل على تطوير الموقع بما يراعي خصوصيته ويُسهم في خلق تجربة سياحية متكاملة ومستدامة، تُعزز من قيمته الاقتصادية والتنموية، ويتضمن المشروع تشغيل الكهف والحفاظ على بيئته الطبيعية بالتعاون مع مشغلين متخصصين، إلى جانب تنفيذ خطة مستدامة لتنظيم برامج المغامرات.
وكانت مجموعة عُمران قد وقعت العام المنصرم اتفاقية عقد حق انتفاع مع وزارة التراث والسياحة لتطوير كهف مجلس الجن، لإقامة مشروع سياحي بيئي وتفعيل جوانب الموقع الضرورية مثل معدات الحماية الخاصة بسياحة المغامرات والخدمات التشغيلية، وبموجب العقد تتكفل مجموعة عُمران بالجوانب التشغيلية، بما في ذلك تعيين وتدريب المدربين والحفاظ على الحياة الفطرية داخل الكهف والبيئة المحيطة به، والتعاون مع مشغلين متخصصين لتطوير خطة مستدامة وطويلة الأمد لتفعيل الموقع، ويتضمن العقد في مرحلته الأولى قيام "عُمران" بتفعيل وتنظيم برامج المغامرات لزيارة كهف مجلس الجن، بينما سيتم في المرحلة الثانية إنشاء مركز للمعلومات، ومركز استقبال، ونُزُل بيئية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: مجموعة ع مران الجبل الأبیض بالإضافة إلى إلا أنه إلا أن
إقرأ أيضاً:
جامعة الخليج العربي تُوقع عقد استكمال مشروع مدينة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الطبية
المنامة – جمال الياقوت
وقع معالي رئيس جامعة الخليج العربي الدكتور سعد بن سعود آل فهيد والرئيس التنفيذي بمجموعة ناس السيد مازن مطر عقد استكمال مشروع مدينة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الطبية، أحد أبرز المشاريع الصحية والتنموية في مملكة البحرين ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، بتكلفة تبلغ نحو نصف مليار ريال سعودي، في حفل حضره معالي الفريق طبيب الشيخ محمد بن عبدالله آل خليفة، رئيس المجلس الأعلى للصحة بمملكة البحرين، ومعالي وزير التعليم بالمملكة العربية السعودية يوسف بن عبدالله البنيان ووزير التربية والتعليم رئيس مجلس أمناء مجلس التعليم العالي بمملكة البحرين الدكتور محمد بن مبارك جمعة، والرئيس التنفيذي للصندوق السعودي للتنمية سلطان بن عبدالرحمن المرشد وعددٌ من كبار المسؤولين في القطاع الطبي والتعليمي من البلدين.
ويعدّ مشروع مدينة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الطبية أحد المشاريع التنموية الرئيسية التي تعكس عمق العلاقات الأخوية بين المملكة العربية السعودية ومملكة البحرين، حيث تكرّمت حكومة المملكة العربية السعودية بتمويلِ المشروع بدعم سخي بمبلغ 1.2 مليار ريال سعودي، فيما خُصصت أرضٌ بمساحة مليون متر مربع بمنحةٍ كريمةٍ من جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك البحرين لتنفيذ المشروع الذي يمثّل نموذجًا متميزًا للتعاون الخليجي في المجال الصحي والأكاديمي، ويهدف إلى سد الفجوات في الرعاية الصحية التخصصية في البحرين ودول الخليج، ما يعزز من تكامله مع التعليم والبحث العلمي.
وقال وزير التربية والتعليم رئيس مجلس أمناء مجلس التعليم العالي بمملكة البحرين الدكتور محمد بن مبارك جمعة: “تم اليوم توقيع عقد استكمال إنشاء مدينة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الطبية في مملكة البحرين، في خطوة تُجسّدُ عمق العلاقات الأخوية المتميزة بين مملكة البحرين والمملكة العربية السعودية، وتؤكد على مسيرة التعاون والتكامل الثنائي المشترك في المجالات الصحية والتعليمية، مشيدًا بدور وتوجيهات القيادة الرشيدة في البلدين الشقيقين في دفع مسيرة التعاون إلى آفاق أرحب.
وأكد أن هذا المشروع الحيوي يحظى بدعم مجلس التنسيق البحريني السعودي بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بالمملكة العربية السعودية وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء بمملكة البحرين، مثمناً الجهود المباركة التي يبذلها الصندوق السعودي للتنمية والدعم المتواصل للمشاريع التنموية في البحرين، ومن بينها هذا المشروع الإستراتيجي الذي يعزز منظومة التعليم الطبي ويرتقي بالقطاع الصحي في المملكة، معبراً عن تقديره لجامعة الخليج العربي لالتزامها بأعلى معايير الجودة في تنفيذ هذا المشروع.
من جهته، أشار الرئيس التنفيذي للصندوق السعودي للتنمية سلطان بن عبدالرحمن المرشد إلى أن مشروع مدينة الملك عبد الله بن عبد العزيز الطبية في مملكة البحرين يُعد نموذجًا رائدًا للتعاون التنموي في المجال الصحي، إذ يسهم في تمكين الكوادر الطبية وتأهيل الطلبة، وتوفير رعاية صحية متكاملة وفق أرقى المعايير العالمية، من خلال إنشاء مرافق طبية متخصصة بطاقة استيعابية تتجاوز 275 سريرًا، بما يعزز منظومة الخدمات الصحية ويواكب أهداف التنمية المستدامة.
كما رفع معالي رئيس جامعة الخليج العربي الدكتور سعد آل فهيد من جانبه أسمى آيات الشكر إلى مقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود -حفظهما الله-، وإلى مقام صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة ملك مملكة البحرين وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة -حفظهما الله-، على دعمهم لهذا المشروع الذي يعكس الرؤية الإستراتيجية المشتركة بين البلدين الشقيقين، مقدراً كل الجهود التي يبذلها الصندوق السعودي للتنمية خلال جميع مراحل تنفيذ المشروع.
وقال إن هذا اليوم يُشكل مرحلة مهمة في مشروع مدينة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الطبية الذي يمثل صرحاً طبياً تعليمياً يُعزز من موقع البحرين كمركز للابتكار الطبي والبحث العلمي في المنطقة.
اقرأ أيضاًالمجتمع“الشؤون الدينية” تطلق مبادرة “الإثرائي الميداني” بعدة لغات
وأضاف: “نحن في جامعة الخليج العربي نولي هذا المشروع اهتماماً بالغاً ليخرج وفق أعلى المعايير العالمية، وفاءً للعطاء السخيّ من المغفور له بإذن الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود طيب الله ثراه، ودعماً لرؤية جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، الساعية دوماً للارتقاء بمستقبل القطاع الصحي في مملكة البحرين”، مشيراً إلى أنه أحد المشاريع التي تجسّد التعاون الأخوي الوثيق بين البلدين الشقيقين.
وأوضح الدكتور آل فهيد أنه باستكمال المشروع بإذن الله سيحقق العديد من الأهداف منها تلك المتعلقة بتقديم خدمات طبية وفقاً لأعلى المعايير والمواصفات الطبية العالمية، وأضاف قائلاً: “إن هذا الإنجاز يأتي في إطار جهود الجامعة الرامية إلى الارتقاء بمنظومة الرعاية الصحية والتعليم الطبي والبحثي، وبما ينسجم مع تطلعات قيادتي البلدين الشقيقين نحو تحقيق تنمية شاملة ومستدامة في مختلف المجالات”، مؤكداً حرص جامعة الخليج العربي على تنفيذ هذا المشروع الحيوي وفق أعلى معايير الجودة العالمية، ليكون مركزاً خليجياً وإقليمياً متقدماً في تقديم الخدمات الطبية، إلى جانب تعزيز الابتكار والبحث العلمي في القطاع الصحي على مستوى الخليج العربي.
من جانبه، أشار عضو مجلس إدارة مجموعة ناس بشار سمير ناس إلى أن المشروع سيسهم في تحقيق نقلة نوعية في مستوى الخدمات الصحية والتعليم الطبي في الخليج، وقال: “إن العمل يجري حالياً بوتيرة متسارعة للانتهاء من مراحل المشروع وفق الجداول الزمنية المحددة ووفق أعلى مستويات الجودة، لتوفر المدينة بيئة طبية وتعليمية متقدمة ومرافق متطورة تخدم ليس فقط البحرين، بل جميع دول الخليج، بما يعكس رؤية جامعة الخليج العربي كجامعة خليجية عريقة تسعى إلى التطور دائماً”.
يذكر أن المدينة تُعد أحد أكبر المشاريع التي تموَّل بتبرع إنساني كريم، وقد جرى تصميمها لتضمّ مستشفى تعليميًّا متكاملاً، ومراكز تخصصية، ومرافق بحثية متطورة، وتنفيذ تطبيقات التطبيب عن بعد، وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، والتحول الرقمي لتعزيز تقديم الرعاية الصحية، لتكون منصةً متكاملةً تجمع بين تقديم العلاج، والتدريب، والتعليم، والبحث.
وتنظرُ جامعة الخليج العربي إلى مشروع المدينة الطبية بوصفه نموذجًا في مجال الرعاية الصحية المبتكرة والتدريب والأبحاث التحويلية، وتأمل أن يصبح مركزًا طبيًا أكاديميًا رائدًا في منطقة الشرق الأوسط، إذ يحتوي المشروع على مستشفى جامعي يضم 300 غرفة، ومبنى الخدمات الإكلينيكية، ومبنى العيادات الخارجية، فيما تستوعب موافق السيارات 513 سيارة، وتقدم الخدمات الميكانيكية على مساحة 5,510 متر مربع، كما يضم المشروع مجموعة متكاملة من 77 عيادة خارجية، و15 غرفة مخصصة للعمليات الجراحية والعمليات البسيطة، و37 غرفة للعناية الفائقة وست غرف للعزل، إلى جانب مركز تعليم طبيّ، كما سيُلحق بالمستشفى مراكزُ تميّزٍ للأبحاث الإكلينيكية التي تُعنى بالتصدي للقضايا الصحية السائدة بدول الخليج مثل أمراض السكر والسمنة، والسرطان وأمراض القلب والشرايين.