زيارة ترامب ماذا تحمل لأهل السودان؟

محمد الأمين عبد النبي

الزيارة المرتقبة للرئيس الأمريكي يوم الإثنين للمنطقة، لا شك أنها زيارة تاريخية ولها دلالاتها وسيكون لها ما بعدها، لا سيما وانها تمثل اول زيارة خارجية بعد إعادة انتخابه لتعزيز العلاقات من هذه الدول خاصة بعد الإعلان عن سياساته الإقتصادية التي كانت مفأجاة في لعدد من الدول الغربية.

تأتي الزيارة في ظل إحتدام التوتر في مناطق قوس الأزمات والتي تضم الي جانب الشرق الاوسط منطقة غرب المحيط الهندي ومنطقة القرن الإفريقي، ورغم أن دوافع الزيارة المعلنة تؤطيد العلاقات ولكنها لا تنفصل عن صراع النفوذ الدولي حول المصالح. ومن المؤكد أن التوترات والحروب ستكون عنواناً بارزاً في كيفية توحيد المواقف وتبادل الأدوار وتبادل المنافع وإنتاج صيغة للتعامل مع تطورات الأوضاع في المنطقة بحثاً عن رؤية مشتركة للاستقرار والفرص والاحترام المتبادل.

ومن نافلة القول أن السودان في قلب منطقة قوس الأزمات وضمن معادلة التنافس الدولي وبالتالي سيكون حاضراً خاصة بعد تطورات حرب المسيرات في بورتسودان والتي تهدد الملاحة البحرية في البحر الأحمر، عطفاً على تأثير الحرب وتمددها بصورة تمثل خطر على مستقبل استقرار الإقليم بأسره، خاصة البحر الأحمر والقرن الإفريقي ومنطقة الساحل والصحراء وحوض النيل.

الملاحظ تراجع الدور الامريكي في السودان كثيراً خلال الفترة الرئاسية الثانية للرئيس ترامب، مقارنة بالنشاط الكثيف للإدارة السابقة، مما أثار الشكوك حول تبني سياسة انكفائية لإدارة ترامب، او ترك الأمر للحلفاء الإقليميين، ولكن كل المؤشرات تؤكد بأن الشأن السوداني سيكون حاضراً سوى ضمن ملفات المصالح او الصراعات، عطفاً على أن حرب السودان ما عادت تحتمل التعامل معها وفق نظرية إدارة الصراع وتجنب فضه، بل ان تداعيات الحرب الوخيمة ومآلاتها الكارثية التي تنذر بإنهيار الدولة وتقسيم البلاد وأصبحت مهدد حقيقي وقد تتناثر نيرانها لتحرق المنطقة ضمن صراع المحاور إذا لم يتم إيقافها، ومن المتوقع ان تجد حرب السودان طريقها لاجندة مباحثات ترامب، وربما تمثل العودة لمنبر جدة الذي رعته الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية منصة يمكن البناء عليها، او ان يكون إتفاق المنامة الذي شارك فيه حلفاء الولايات المتحدة في المنطقة وثيقة قابلة للتطوير والتوسعة، وعليه فإن مباحثات الرئيس ترامب في الرياض والدوحة وابوظبي لن تبدأ من الصفر وإنما تبنى على الجهود السابقة، خاصة وأن  للدول الثلاث شواغل ترتبط بأمن البحر الأحمر لدى السعودية والصراع حكومة بورتسودان مع الأمارات او تأطير الدور القطري في تسهيل المفاوضات والضغط على دعاة إستمرار الحرب بإعادة النظر في مشروع عودة النظام المباد على فوهة البندقية، ولا شك ان هذه الشواغل ستكون محل إهتمام الولايات المتحدة، والأرجح أن لا تذهب المباحثات في اتجاه دعم إستمرار الحرب بل البحث عن مبادرة تفضي لانعقاد منبر للتفاوض والحل السياسي عبر هندسة جديدة تخاطب تطورات وتحولات الحرب ميدانياً وانسانياً وسياسياً.

صحيح ان الأوضاع في السودان تعقدت جداً بعد دخول الحرب عامها الثالث وزيادة كلفتها، وصحيح ايضا تعثر المبادرات والجهود الإقليمية والدولية، فقد ظهر تباين المواقف وتضارب المصالح بصورة اوضح في مؤتمر لندن الأخير، ولكن إمكانية التنسيق والتعاون بين الفواعل الإقليمية والدولية متوفرة، فقط تحتاج إلي مقاربة شاملة بضمانات أكبر تحقق المصالح وتتلافي المخاطر ضمن الاجابة على سؤال اليوم التالي.

تكتسب زيارة ترامب أهمية كبيرة، وربما أكبر لدى السودانيون الذين يبحثون عن بصيص آمل، وقد تحمل الزيارة هذا الأمل بفتح مسار الحل السياسي ووقف إطلاق النار والعدائيات توصيل المساعدات الإنسانية وحماية المدنيين ودعم عملية سياسية مملوكة للسودانيين تضع مشروعاً حداً للمعاناة والمأساة وتمهد الطريق للحكم المدني الديمقراطي.

تفاءلوا بالخير تجدوه.

الوسومأفريقيا السودان الشرق الأوسط دونالد ترامب مؤتمر لندن محمد الأمين عبد النبي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أفريقيا السودان الشرق الأوسط دونالد ترامب مؤتمر لندن

إقرأ أيضاً:

ترامب يزور الشرق الأوسط وعينه على بعض من السياسة وكثير من المصالح

11 مايو، 2025

بغداد/المسلة: يتوجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاثنين الى الشرق الأوسط في زيارة تشمل السعودية وقطر والامارات، ويأمل خلالها في أن يبرم على الأقل صفقات تجارية كبرى، في ظل الصعوبات التي تواجه تحقيق تسويات للنزاعات الاقليمية.

وأكد البيت الأبيض أن ترامب يتطلع لـ”عودة تاريخية” الى المنطقة، في أبرز زيارة خارجية يجريها منذ عودته الى البيت الأبيض مطلع العام الحالي، وستطغى عليها الحرب في غزة والمباحثات النووية مع إيران.

في مطلع ولايته الأولى قبل ثمانية أعوام، اختار ترامب الرياض محطة خارجية أولى له في زيارة طبعتها صورة له وللملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، يضعون أيديهم على بلورة متوهجة.

ويؤشر قرار ترامب مجددا تخطي الحلفاء الغربيين التقليديين واختيار دول الخليج كمحطة خارجية أولى له (باستثناء زيارته الفاتيكان للمشاركة في تشييع البابا فرنسيس)، الدور الجيوسياسي المتزايد الذي تحظى به هذه البلدان الثرية، إضافة الى مصالحه التجارية الخاصة في المنطقة.

ويقول مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية جون ألتمان “يصعب علي أن أتجنّب فكرة بأن الرئيس ترامب يزور الخليج لمجرد أنه يشعر بالسعادة في هذه المنطقة”.

ويتابع “سيكون مستقبلوه كرماء ومضيافين. سيتطلعون لعقد صفقات. سيكيلون له المديح ولن ينتقدونه، وسيعاملون أفراد عائلته على أنهم شركاء تجاريون في الماضي والمستقبل”.

“عودة تاريخية”
ويتوقع أن تقدم الرياض وأبوظبي والدوحة أفضل ما لديها لاستقبال الرئيس الجمهوري البالغ 78 عاما.

وإضافة الى الترحيب الحار والمراسم الاحتفالية بالزائر الأميركي، يتوقع أن تبرم الدول الثلاث صفقات مع إدارة ترامب تشمل مجالات الدفاع والنقل الجوي والطاقة والذكاء الاصطناعي.

وأكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت الجمعة أن “الرئيس يتطلع لبدء عودته التاريخية الى الشرق الأوسط”، وذلك للترويج لرؤية سياسية “يهزم فيها التطرف لصالح التبادلات التجارية والثقافية”.

على رغم ذلك، لن يكون في مقدور ترامب تجنّب القائمة الطويلة من الأزمات الاقليمية، بما في ذلك الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة، والتوتر مع المتمردين الحوثيين في اليمن، والمرحلة الانتقالية في سوريا عقب الاطاحة بالرئيس بشار الأسد.

وأدت دول الخليج أدوارا جيوسياسية متزايدة في الولاية الثانية لترامب، اذ تشارك قطر في جهود الوساطة بين إسرائيل وحماس بشأن غزة، بينما استضافت السعودية مباحثات متعددة الأطراف بشأن الحرب في أوكرانيا.

وتقول الباحثة في معهد دول الخليج العربي في واشنطن آنا جايكوبز “يأتي ترامب الى الخليج أولا لأن المنطقة أصبحت مركز ثقل جيوسياسي ومالي”.

وسيلتقي ترامب في الرياض قادة الدول الست لمجلس التعاون الخليجي.

الا أن جدول الزيارة الاقليمية لا يشمل إسرائيل، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط.

وأثار استبعاد الدولة العبرية تساؤلات بشأن توتر محتمل بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنامين نتانياهو.

وجعلت إسرائيل من موعد الزيارة مهلة لمساعي التوصل الى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حماس في غزة، ملوّحة في حال فشل ذلك بتوسيع عملياتها العسكرية في القطاع تمهيدا “للسيطرة” عليه.

ويبدو أن ترامب يعتمد بشكل متزايد أسلوب عدم التدخل في هذه المسألة، على رغم إعلان السفير الأميركي لدى إسرائيل هذا الأسبوع، أن بلاده تعدّ خطة لإيصال المساعدات الى غزة من دون مشاركة الدولة العبرية التي أطبقت حصارها على غزة مطلع آذار/مارس.

ويتوقع أن مساعي ترامب منذ ولايته الأولى لابرام اتفاق تطبيع بين السعودية وإسرائيل، ستبقى على نار هادئة طالما أن الرياض تشدد على تحقيق تقدم نحو إقامة دولة فلسطينية قبل أي اتفاق مع الدولة العبرية.

في المقابل، سيكون الملف النووي الإيراني في مرتبة متقدمة على جدول أعمال الزيارة، خصوصا أن واشنطن وطهران ستعقدان في مسقط الأحد، جولة رابعة من المباحثات بهذا الشأن.

الا أن الجمهورية الإسلامية حذرت الرئيس الأميركي من مغبة تغيير التسمية الرسمية للخليج، بعدما أفادت تقارير صحافية بأنّه يعتزم إطلاق اسم “الخليج العربي” أو “خليج العرب” على المسطح المائي الذي تعتبره إيران “الخليج الفارسي” منذ قرون عدة.

“سخافة”
وتثير زيارة ترامب تساؤلات بشأن تضارب المصالح بين استثماراته الخاصة والعلاقات السياسية مع دول ثرية.

وفي حين شدد البيت الأبيض على أن الأعمال التجارية لترامب وعائلته لن تكون موضع بحث خلال زيارة الرئيس الأميركي، الا أن بعض الاتفاقات المبرمة في الآونة الأخيرة تترك مجالا للتساؤل.

ووقعت “مؤسسة ترامب” في آذار/مارس أول اتفاق تطوير عقاري لها في قطر، تضمّن بناء ملعب غولف وفلل سكنية. كما أطلقت المؤسسة تفاصيل بشأن مشروع بناء ناطحة سحاب في دبي بكلفة مليارات الدولارات، يمكن استخدام العملات الرقمية في شراء شقق فيها.

وعلى رغم حضور نجل ترامب إريك الى الدوحة ودبي للترويج لهذه الصفقات، وتأكيد شقيقه دونالد جونيور ضرورة تحقيق إيرادات من شعار “لنجعل أميركا عظيمة مجددا” الذي يرفعه الرئيس الأميركي، يصرّ البيت الأبيض على الفصل بين السياسة والمصالح التجارية.

وقالت ليفيت “من السخافة بمكان أن يلمّح أي كان فعلا الى أن الرئيس ترامب يقوم بأي شيء لمصلحته الخاصة”.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • ترامب يزور الشرق الأوسط وعينه على بعض من السياسة وكثير من المصالح
  • مستشار أممي: زيارة الرئيس السيسي لروسيا تحمل رسائل اقتصادية وسياسية
  • السودانيون في كينيا.. محاولة اندماج تواجه صعوبات
  • صحف عالمية: شركات الشحن مترددة بالعودة للبحر الأحمر
  • السودانيون في كينيا.. محاولة اندماج لا تخلو من صعوبات
  • هآرتس: ما مخاوف إسرائيل من زيارة ترامب الشرق أوسطية وهل سيتخلى عن طموحاته بالتطبيع الإسرائيلي السعودي؟ (ترجمة خاصة)
  • ريزيلينس مهمة يابانية خاصة تستعد للهبوط على القمر
  • ترامب يشعر بالملل من الحرب في اليمن.. هل فقد صبره تجاه مطالب إسرائيل خصوصاً؟ (ترجمة خاصة)
  • حرب المسيرات وخطر التدخل الخارجي